لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَلَا بَأْسَ بِتَسْمِيَتِهِ قَبْلَهُ بَلْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ يُسَنُّ تَسْمِيَتُهُ يَوْمَ السَّابِعِ أَوْ يَوْمَ الْوِلَادَةِ وَاسْتَدَلَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ وَحَمَلَ الْبُخَارِيُّ أَخْبَارَ يَوْمِ الْوِلَادَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يُرِدْ الْعَقَّ وَأَخْبَارَ يَوْمِ السَّابِعِ عَلَى مَنْ أَرَادَهُ.
(وَ) أَنْ (يَحْلِقَ) فِيهِ (رَأْسَهُ) لِمَا مَرَّ (بَعْدَ ذَبْحِهَا) كَمَا فِي الْحَاجِّ (وَ) أَنْ (يَتَصَدَّقَ بِزِنَتِهِ) أَيْ شَعْرِ رَأْسِهِ (ذَهَبًا) فَإِنْ لَمْ يُرِدْ (فَفِضَّةً) ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فَاطِمَةَ فَقَالَ زِنِي شَعَرَ الْحُسَيْنِ وَتَصَدَّقِي بِزِنَتِهِ فِضَّةً وَأَعْطَى الْقَابِلَةَ رِجْلَ الْعَقِيقَةِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَقِيسَ بِالْفِضَّةِ الذَّهَبُ وَبِالذَّكَرِ غَيْرُهُ، وَذِكْرُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ زِيَادَتِي وَهُوَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ.
وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً.
ـــــــــــــــــــــــــــــQجَمَّةٌ وَتُكْرَهُ بِقَبِيحٍ كَحَرْبٍ وَمُرَّةٍ وَمَا يُتَطَيَّرُ بِنَفْيِهِ كَيَسَارٍ وَنَافِعٍ وَبَرَكَةٍ وَتَحْرُمُ بِمَلِكِ الْمُلُوكِ إذْ لَا يَصْلُحُ لِغَيْرِهِ تَعَالَى وَكَذَا عَبْدُ الْكَعْبَةِ أَوْ النَّارِ أَوْ عَلِيٍّ أَوْ الْحُسَيْنِ لِإِيهَامِ التَّشْرِيكِ وَمِثْلُهُ عَبْدُ النَّبِيِّ عَلَى مَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ لَا سِيَّمَا عِنْدَ إرَادَةِ النِّسْبَةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ حُرْمَةُ التَّسْمِيَةِ بِجَارِ اللَّهِ وَرَفِيقِ اللَّهِ وَنَحْوِهِمَا لِإِيهَامِهِ الْمَحْذُورَ أَيْضًا وَحُرْمَةُ قَوْلِ بَعْضِ الْعَوَامّ إذَا حَمَلَ ثَقِيلًا الْحِمْلَةُ عَلَى اللَّهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمَعْنَى الْمُسْتَحِيلَ عَلَى اللَّهِ لِإِيهَامِهِ إيَّاهُ وَلَا بَأْسَ بِاللَّقَبِ الْحَسَنِ إلَّا مَا تَوَسَّعَ فِيهِ النَّاسُ حَتَّى سَمُّوا السَّفَلَةَ بِعَلَاءِ الدِّينِ وَيُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً بِنَحْوِ سِتِّ النَّاسِ أَوْ سِتِّ الْعَرَبِ أَوْ الْقُضَاةِ أَوْ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَقْبَحِ الْكَذِبِ بَلْ تَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ بِنَحْوِ عَرَبٍ وَنَاسٍ قُضَاةٍ وَعُلَمَاءَ بِدُونِ سِتٍّ وَيَحْرُمُ التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِمِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ فِي الْخُطْبَةِ وَيُنْدَبُ لِوَلَدِ الشَّخْصِ وَقِنِّهِ وَتِلْمِيذِهِ أَنْ لَا يُسَمِّيَهُ بِاسْمِهِ، وَلَوْ فِي مَكْتُوبٍ كَأَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ يَا سَيِّدِي وَالْوَلَدُ يَا وَالِدِي أَوْ يَا أَبِي وَالتِّلْمِيذُ يَا أُسْتَاذَنَا أَوْ يَا شَيْخَنَا وَيُنْدَبُ أَنْ يُكَنَّى أَهْلُ الْفَضْلِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَلَدٌ وَلَا يُكَنَّى كَافِرٌ وَفَاسِقٌ وَمُبْتَدِعٌ أَيْ لَا يَجُوزُ إلَّا لِخَوْفِ فِتْنَةٍ أَوْ تَعْرِيفٍ وَلَا بَأْسَ بِكُنْيَةِ الصَّغِيرِ، وَلَوْ أُنْثَى وَيُنْدَبُ تَكْنِيَةُ مَنْ لَهُ أَوْلَادٌ بِأَكْبَرِ أَوْلَادِهِ وَلَوْ أُنْثَى، وَالْأَدَبُ أَنْ لَا يُكَنِّيَ نَفْسَهُ فِي كِتَابٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا إنْ كَانَتْ أَشْهَرَ مِنْ الِاسْمِ أَوْ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهَا وَتَحْرُمُ تَكْنِيَتُهُ بِمَا يَكْرَهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إلَّا إذَا لَمْ يُعْرَفْ إلَّا بِهِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر مَعَ زِيَادَةِ ل ع ش عَلَيْهِ.
(فَائِدَةٌ)
نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ بَعْضِ حَنَابِلَةِ عَصْرِهِ أَنَّهُ أَفْتَى بِمَنْعِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ التَّسْمِيَةِ بِمُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَنَحْوِهَا وَأَنَّ بَعْضَ ضُعَفَاءِ الشَّافِعِيَّةِ تَبِعْهُ ثُمَّ قَالَ أَيْ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ النَّفْسُ تَمِيلُ إلَى الْمَنْعِ خَوْفَ السَّبِّ وَالسُّخْرِيَةِ، وَفِيهِ شَيْءٌ فَإِنَّ مِنْ الْيَهُودِ مِنْ يُسَمَّى بِعِيسَى وَمِنْ النَّصَارَى بِمُوسَى أَيْ وَهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ نُبُوَّتَهُمَا وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَى مَمَرِّ الزَّمَانِ، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ أَيْ مِنْ الْأَسْمَاءِ فَلَا أَدْرِي لَهُ وَجْهًا نَعَمْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ نَهَى نَصَارَى الشَّامِ أَنْ يُكَنُّوا بِكُنَى الْمُسْلِمِينَ وَيَقْوَى ذَلِكَ فِيمَا تَضَمَّنَ مَدْحًا وَشَرَفًا كَأَبِي الْفَضْلِ وَالْمَحَاسِنِ وَالْمَكَارِمِ وَأَنَّهُمْ يُسَمُّوا بِمُعَظَّمٍ عِنْدَنَا أَيْ وَنَهَاهُمْ أَنْ يُسَمُّوا إلَخْ فَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى نَحْوِ اسْتِهْزَائِهِمْ أَوْ اسْتِخْفَافٍ بِنَا مُنِعُوا وَإِنْ سَمَّوْا أَوْلَادَهُمْ فَلَا لِقَضَاءِ الْعَادَةِ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُسَمِّي وَلَدَهُ إلَّا بِمَا يُحِبُّ اهـ مُنَاوِيٌّ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا سَمَّيْتُمْ مُحَمَّدًا فَلَا تَضْرِبُوهُ وَلَا تَحْرِمُوهُ» اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَأَنْ يُسَمَّى فِيهِ) وَيَنْبَغِي أَنَّ التَّسْمِيَةَ - وَمِثْلُهَا التَّكْنِيَةُ - حَقُّ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ الْوِلَايَةُ مِنْ الْأَبِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ لِفَقْرِهِ ثُمَّ الْجَدِّ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ تَكُونَ التَّسْمِيَةُ قَبْلَ الْعَقِّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ) رَاجِعٌ لِلْجُمْلَتَيْنِ قَبْلَهُ وَالْمُرَادُ بِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ أَيْ قَوْلُهُ الْغُلَامُ مُرْتَهَنٌ إلَخْ أَيْ وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي لِمَا مَرَّ أَيْ لِلْحَدِيثِ الَّذِي مَرَّ فَهَذِهِ الْأَحْكَامُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ هُنَا مَذْكُورَةٌ فِي الْحَدِيثِ الْمَارِّ فَاسْتُدِلَّ عَلَيْهَا بِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَحَمَلَ الْبُخَارِيُّ إلَخْ) وَهَذَا الْحَمْلُ حَسَنٌ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ حَجّ اهـ سم.
(قَوْلُهُ وَأَنْ يَحْلِقَ فِيهِ رَأْسَهُ) فَلَوْ كَانَ أَصْلَعَ فَيُحْتَمَلُ اسْتِحْبَابُ إمْرَارِ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ اهـ عَمِيرَةُ قَالَ حَجّ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ يَتَقَيَّدُ بِالذَّكَرِ لِكَرَاهَةِ حَلْقِ رُءُوسِ الْإِنَاثِ يُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا حَلْقٌ فِيهِ مَصْلَحَةٌ مِنْ حَيْثُ التَّصَدُّقُ وَمِنْ حَيْثُ حُسْنُ الشَّعْرِ بَعْدَهُ وَعِلَّةُ الْكَرَاهَةِ مِنْ تَشْوِيه الْخِلْقَةِ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ هُنَا فَانْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ اهـ اهـ سم وَيُكْرَهُ لَطْخُهُ بِدَمِ الذَّبِيحَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ لِرِوَايَاتٍ ضَعِيفَةٍ بِهِ قَالَ بِهَا بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ، وَيُكْرَهُ الْقَرْعُ وَهُوَ حَلْقُ بَعْضِ الرَّأْسِ مِنْ مَحَلٍّ أَوْ مَحَالَّ وَمِنْهُ الشُّوشَةُ وَيُنْدَبُ لَطْخُهُ بِالْخُلُوقِ وَالزَّعْفَرَانِ بَعْدَ ذَبْحِهَا اهـ شَرْحُ م ر قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِحَلْقِ رَأْسِهِ وَالتَّصَدُّقِ بِزِنَتِهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ إذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ الْوَلِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُؤْمَرَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ شَعْرُ الْوِلَادَةِ بَاقِيًا وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِزِنَتِهِ يَوْمَ حَلَقَ فَإِنْ جَهِلَهَا احْتَاطَ وَأَخْرَجَ الْأَكْثَرَ كَمَا يَحْتَاطُ لِلْوَاجِبِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْإِيعَابِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ.
وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً) أَوْ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَدَأَ بِالْأَغْلَظِ تَكُونُ لِلتَّنْوِيعِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] الْآيَةَ بِخِلَافِ مَا إذَا بَدَأَ بِالْأَخَفِّ فَإِنَّهَا لِلتَّخْيِيرِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89]