وَلَوْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْيَمِينِ وَرُدَّتْ عَلَى الْآخَرِ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ.
(وَيَثْبُتُ هُوَ) أَيْ الرَّضَاعُ (وَالْإِقْرَارُ بِهِ بِمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ) مِنْ أَنَّ الرَّضَاعَ يَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ وَبِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ لِاخْتِصَاصِ النِّسَاءِ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ غَالِبًا كَالْوِلَادَةِ وَأَنَّ الْإِقْرَارِ بِهِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مُرْضِعَةٍ لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً) لِلرَّضَاعِ (، وَإِنْ ذَكَرَتْ فِعْلَهَا) كَأَنْ قَالَتْ أَرْضَعْتهمَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّهَمَةٍ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْوِلَادَةِ؛ إذْ يَتَعَلَّقُ بِهَا النَّفَقَةُ وَالْمِيرَاثُ وَسُقُوطُ الْقَوَدِ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ هُنَا فِي الْحَقِيقَةِ شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ، وَهُوَ الرَّضِيعُ أَمَّا إذَا طَلَبَتْ الْأُجْرَةَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا لِاتِّهَامِهِ بِذَلِكَ وَلَا يَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ أَنْ يُقَالَ بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي شُرُوطِ التَّحْرِيمِ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِي (وَشَرْطُ الشَّهَادَةِ ذِكْرُ وَقْتٍ) لِلرَّضَاعِ احْتِرَازًا عَمَّا بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فِي الرَّضِيعِ وَعَمَّا قَبْلَ تِسْعِ سِنِينَ فِي الْمُرْضِعَةِ وَعَمَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فِيهِمَا (وَعَدَدٌ) لِلرَّضَعَاتِ احْتِرَازًا عَمَّا دُونَ خَمْسٍ (وَتَفْرِقَةٌ) لَهَا احْتِرَازًا عَنْ إطْلَاقِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ فَالرَّجُلُ يَحْلِفُ تَارَةً عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَأُخْرَى عَلَى الْإِثْبَاتِ، وَالْمَرْأَةُ كَذَلِكَ فَالصُّوَرُ أَرْبَعَةٌ، وَصُورَةُ حَلِفِهِ عَلَى الْبَتِّ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ هُوَ، وَصُورَةُ حَلِفِهِ عَلَى النَّفْيِ ذَكَرَهَا الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ: أَوْ عَكْسُهُ حَلَفَ إلَخْ وَصُورَةُ حَلِفِهَا عَلَى الْبَتِّ ذَكَرَهَا الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ: وَإِلَّا حَلَفَتْ، وَعَلَى النَّفْيِ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَلَهُ تَحْلِيفُهَا قَبْلَ وَطْءٍ، وَكَذَا بَعْدَهُ إلَخْ فَظَهَرَ أَنَّ الصُّوَرَ الْأَرْبَعَةَ فِي الشَّارِحِ وَالْمَتْنِ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِاسْتِشْكَالِ الْحَلَبِيِّ تَصْوِيرَ حَلِفِ الزَّوْجِ عَلَى الْبَتِّ فِي الْإِثْبَاتِ فَإِنْ كَانَ وَجْهُهُ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ لَيْسَتْ فِي الْمَتْنِ، وَكَلَامُهُ مَعَ الْمَتْنِ فَقَطْ، وَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَشْكِلَ أَيْضًا تَصْوِيرَ حَلِفِهَا عَلَى النَّفْيِ فَإِنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ لَيْسَتْ فِي الْمَتْنِ بَلْ فِي الشَّرْحِ كَمَا عَلِمْت.
وَعِبَارَةُ ح ل.
قَوْلُهُ: سَوَاءٌ فِيهِمَا الرَّجُلُ إلَخْ اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ فَإِنَّهُ إذَا ادَّعَى الرَّضَاعَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَا يَحْلِفُ فَإِنْ كَانَ يَدَّعِي حِسْبَةً عَلَى غَائِبٍ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ فُلَانَةَ رَضَاعًا مُحَرِّمًا فَالشَّاهِدُ حِسْبَةً لَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا يُصَوَّرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِالرَّضَاعِ وَأَنْكَرَتْ، وَكَانَ قَدْ دَخَلَ فَيَخْتَلِفَانِ فِي قَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ م ر وَحَلَفَ مُدَّعِيهِ عَلَى بَتٍّ، وَقَوْلُهُ الشَّارِحُ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً مُصَوَّرٌ فِي الرَّجُلِ بِمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ رَضَاعًا مُحَرِّمًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ فُلَانَةَ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَحَلَفَ مَعَهَا يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ فَتَكُونُ عَلَى الْبَتِّ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَلَ الْمُنْكِرُ أَوْ الْمُدَّعِي إلَخْ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا ادَّعَتْ مُزَوَّجَةٌ بِالْإِجْبَارِ ثُمَّ سَبَقَ مِنْهَا مُنَافٍ رَضَاعًا مُحَرِّمًا مَا فَهِيَ مُدَّعِيَةٌ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فَلَوْ نَكَلَتْ وَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الزَّوْجِ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ يَحْلِفُ مُنْكِرُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؛ إذْ مَحَلُّهُ فِي الْيَمِينِ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْيَمِينِ إلَخْ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَحَلَفَ مُنْكِرُ رَضَاعٍ عَلَى نَفْيِ عِلْمٍ أَيْ مَحَلُّ كَوْنِ الْمُنْكِرِ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ أَصْلِيَّةً أَمَّا إذَا كَانَتْ مَرْدُودَةً فَإِنَّهُ يَحْلِفُهَا عَلَى الْبَتِّ كَمَا صَرَّحَ بِهَذَا التَّقْيِيدِ م ر لَكِنَّ صُورَةَ حَلِفِ الزَّوْجِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ عَلَى الْبَتِّ فِيمَا إذَا كَانَ مُنْكِرًا لِلرَّضَاعِ تُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَإِلَّا حَلَفَتْ أَيْ فَلَوْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُهَا عَلَى الْبَتِّ مَعَ أَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلرَّضَاعِ، وَأَمَّا صُورَةُ حَلِفِهَا لِلْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ عَلَى الْبَتِّ وَهِيَ مُنْكِرَةٌ لِلرَّضَاعِ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ الْمَتْنِ، وَلَا مِنْ الشَّرْحِ؛ لِأَنَّ صُورَةَ حَلِفِهَا فِيمَا إذَا كَانَتْ مُنْكِرَةً لِلرَّضَاعِ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلَهُ تَحْلِيفُهَا قَبْلَ الْوَطْءِ إلَخْ وَذَكَرَ رَدَّهَا لِهَذِهِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ أَيْ الزَّوْجِ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ هُوَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مُدَّعٍ لِلرَّضَاعِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي الْحَلِفِ عَلَى الْإِثْبَاتِ؛ وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ م ر فِي تَصْوِيرِ حَلِفِ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ فِي النَّفْيِ عَلَى الْبَتِّ عَلَى حَلِفِ الزَّوْجِ الْيَمِينَ الَّتِي رَدَّتْهَا هِيَ عَلَيْهِ فِيمَا إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةَ لِلرَّضَاعِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ الرَّضَاعَ يَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ) أَيْ، وَإِنْ تَعَمَّدَا النَّظَرَ لِثَدْيِهَا لِغَيْرِ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ لَا يَضُرُّ إدْمَانُهَا حَيْثُ غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ عَلَى مَعَاصِيهِ اهـ شَرْحُ م ر وَلَا يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِمَا فَقْدُ النِّسَاءِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ فِيمَا يُقْبَلُونَ فِيهِ فَقْدُ الثَّانِي مِنْ الرَّجُلَيْنِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِاخْتِصَاصِ النِّسَاءِ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ غَالِبًا) وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ النِّزَاعُ فِي الشُّرْبِ مِنْ ظَرْفٍ لَمْ يُقْبَلْنَ؛ لِأَنَّ الرِّجَالَ يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ غَالِبًا نَعَمْ يُقْبَلْنَ فِي أَنَّ مَا فِي الظَّرْفِ لَبَنُ فُلَانَةَ؛ لِأَنَّ الرِّجَالَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى الْحَلْبِ غَالِبًا اهـ شَرْحُ م ر.
وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي الشَّهَادَاتِ (قَوْلُهُ: لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَفْصِيلُ الْمُقِرِّ، وَلَوْ عَامِّيًّا؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ، وَبِهِ فَارَقَ مَا يَأْتِي فِي الشَّاهِدِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَتْمِيمًا لِمَا يَثْبُتُ بِهِ الرَّضَاعُ فَلَا يُنَافِي ذِكْرَهَا فِي الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّهُ مَحَلُّهَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مُرْضِعَةٍ) أَيْ مَعَ ثَلَاثِ نِسْوَةٍ أَوْ مَعَ امْرَأَةٍ أُخْرَى وَرَجُلٍ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ وَحْدَهَا اهـ زي (قَوْلُهُ: لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً) أَيْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا طَلَبٌ أَصْلًا أَوْ سَبَقَ طَلَبُهَا وَأَخَذَتْهَا، وَلَوْ تَبَرُّعًا مِنْ الْمُعْطِي اهـ ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً أَيْ لَمْ تَذْكُرْ حَالَ شَهَادَتِهَا اسْتِحْقَاقَ الْأُجْرَةِ لَوْ كَانَتْ مُسْتَأْجَرَةً بِأَنْ سَكَتَتْ عَنْهَا وَلَا يَضُرُّ طَلَبُهَا لَهَا بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَلَا قَبْلَهَا اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْوِلَادَةِ) أَيْ فِيمَا إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْ وَشَهِدَتْ بِذَلِكَ مَعَ ثَلَاثَةٍ غَيْرِهَا، وَقَوْلُهُ: أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ