اسْتَأْنَفَتْ لِلْوَطْءِ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ، وَدَخَلَ فِيهَا مَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَالْقُرْءُ الْأَوَّلُ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَاقِعٌ عَنْ الْعِدَّتَيْنِ فَيُرَاجَعُ فِيهِ وَالْأَخِيرَانِ مُتَمَحِّضَانِ لِعِدَّةِ الْوَطْءِ فَلَا رَجْعَةَ فِيهِمَا وَتَعْبِيرِي بِعِدَّةٍ بِلَا حَمْلٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَقْرَاءِ لِشُمُولِهَا مَا لَوْ كَانَتْ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِي وَاسْتَأْنَفَتْ مَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا وَبِقَوْلِي بِلَا حَمْلٍ مَا لَوْ أَحْبَلَهَا بِالْوَطْءِ فَإِنَّهُ يُرَاجِعُهَا فِيهِمَا مَا لَمْ تَضَعْ لِوُقُوعِ عِدَّةِ الْحَمْلِ عَنْ الْجِهَتَيْنِ كَالْبَاقِي مِنْ الْأَقْرَاءِ وَالْأَشْهُرِ.
(وَحَرُمَ) عَلَيْهِ (تَمَتُّعٌ بِهَا) أَيْ بِالرَّجْعِيَّةِ بِوَطْءٍ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا مُفَارِقَةٌ كَالْبَائِنِ (وَعُزِّرَ مُعْتَقِدُ تَحْرِيمِهِ) لِإِقْدَامِهِ عَلَى مَعْصِيَةٍ عِنْدَهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِوَطْءٍ لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي حُصُولِ الرَّجْعَةِ بِهِ وَذِكْرُ التَّعْزِيرِ فِي غَيْرِ الْوَطْءِ مِنْ زِيَادَتِي هُنَا (وَعَلَيْهِ بِوَطْءٍ مَهْرُ مِثْلٍ) وَإِنْ رَاجَعَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهَا فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ كَالْبَائِنِ فَكَذَا فِي الْمَهْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي الرِّدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُزِيلُ أَثَرَ الرِّدَّةِ وَالرَّجْعَةُ لَا تُزِيلُ أَثَرَ الطَّلَاقِ.
(وَصَحَّ ظِهَارٌ وَإِيلَاءٌ وَلِعَانٌ) مِنْهَا لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا بِمِلْكِ الرَّجْعَةِ لَكِنْ لَا حُكْمَ لِلْأَوَّلَيْنِ حَتَّى يُرَاجِعَ بَعْدَهُمَا كَمَا سَيَأْتِيَانِ فِي بَابَيْهِمَا، وَتَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهَا وَأَنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ، وَالْأَصْلُ كَغَيْرِهِ جَمَعَ الْمَسَائِلَ الْخَمْسَ هُنَا، وَإِنْ ذَكَرُوا تَيْنِكَ فِي الطَّلَاقِ أَيْضًا لِلْإِشَارَةِ إلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ آيَةُ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ.
(وَلَوْ ادَّعَى رَجْعَةً وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ) وَأَنْكَرَتْ (حَلَفَ) فَيُصَدَّقُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إنْشَائِهَا (أَوْ) ادَّعَى رَجْعَةً فِيهَا وَهِيَ (مُنْقَضِيَةٌ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (وَلَمْ تُنْكَحْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ بِوَطْءٍ وَغَيْرِهِ) كَالنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ الْخَطِيبِ أَنَّهُ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهَا بِغَيْرِ شَهْوَةٍ قَالَ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ تَبِعَ الرَّافِعِيَّ اهـ ح ل (قَوْلُهُ بِوَطْءٍ وَغَيْرِهِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ صَغِيرَةً لَا كَبِيرَةً اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ لِإِقْدَامِهِ عَلَى مَعْصِيَةٍ عِنْدَهُ) فِيهِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ لَا الْخَصْمِ فَحِينَئِذٍ الْحَنَفِيُّ لَا يُعَزِّرُ الشَّافِعِيَّ فِيهِ وَإِنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ، وَالشَّافِعِيُّ يُعَزِّرُ الْحَنَفِيَّ إذَا رُفِعَ لَهُ وَإِنْ اعْتَقَدَ حِلَّهُ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ فَكَيْفَ مَعَ ذَلِكَ يَصِحُّ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فَلْيُقَيَّدْ بِمَا لَوْ رُفِعَ لِمُعْتَقِدِ تَحْرِيمِهِ أَيْضًا اهـ شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ فَحِينَئِذٍ الْحَنَفِيُّ لَا يَعْذُرُ الشَّافِعِيَّ فِيهِ هَذَا فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعْزِيرُ مَنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ مِنْ أَتْبَاعِ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ مَالِكٍ وَتَعْزِيرُ حَنَفِيٍّ صَلَّى بِوُضُوءٍ لَا نِيَّةَ فِيهِ أَوْ وَقَدْ مَسَّ فَرْجَهُ وَمَالِكِيٍّ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ قَلِيلٍ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَمْ تُغَيِّرْهُ أَوْ بِمُسْتَعْمَلٍ أَوْ تَرَكَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ وَمَا أَظُنُّ أَحَدًا يَقُولُهُ، وَأَمَّا الْقَاعِدَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا فَعَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ الْأَصْحَابَ صَرَّحُوا بِهَا فَيَتَعَيَّنُ فَرْضُهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَأَمْثَالِهِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْوَجْهُ الْأَخْذُ بِمَا أَفَادَتْهُ عِبَارَتُهُمْ هُنَا مِنْ أَنَّ مُعْتَقِدَ الْحِلِّ كَالْحَنَفِيِّ لَا يُعَزَّرُ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَيْهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ فَلْيُقَيَّدْ بِمَا لَوْ رُفِعَ إلَخْ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَاطِئِ وَالْحَاكِمِ يَعْتَقِدُ التَّحْرِيمَ وَلَا يُفِيدُ مَقْصُودُهُ مِنْ أَنَّ الْحَنَفِيَّ يُعَزِّرُهُ الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَتُهُ وَمِنْ ثَمَّ أَطَالَ سم عَلَى حَجّ فِي مَنْعِ كَوْنِ الشَّافِعِيِّ يُعَزِّرُ الْحَنَفِيُّ بِمَا يَنْبَغِي الْوُقُوفُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ فَالْوَجْهُ الْأَخْذُ إلَخْ اهـ وَنُقِلَ عَنْ التَّعَقُّبَاتِ لِابْنِ الْعِمَادِ التَّصْرِيحُ بِمَا قَالَهُ سم وَفَرَّقَ بَيْنَ حَدِّ الْحَنَفِيِّ إذَا شَرِبَ النَّبِيذَ وَبَيْنَ عَدَمِ تَعْزِيرِهِ عَلَى وَطْءِ الْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا بِأَنَّ الْوَطْءَ عِنْدَهُ رَجْعَةٌ فَلَا يُعَزَّرُ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا نَكَحَ بِلَا وَلِيٍّ وَرُفِعَ لِلشَّافِعِيِّ لَا يَحُدُّهُ وَلَا يُعَزِّرُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ بِوَطْءٍ مَهْرُ مِثْلٍ) وَظَاهِرُهُ وَإِنْ عَلِمْت التَّحْرِيمَ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهَا زَوْجَةً؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِتَزَلْزُلِ الْعَقْدِ بِالطَّلَاقِ وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ مَا لَمْ يَدْفَعْ مَهْرَ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْوَطْءِ الثَّانِي اهـ ح ل. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ بِوَطْءٍ مَهْرُ مِثْلٍ) فِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ عَقْدٌ وَاحِدٌ أَوْجَبَ مَهْرَيْنِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُوجِبَ مُخْتَلِفٌ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلْأَوَّلِ نَفْسُ الْعَقْدِ وَالْمُوجِبَ لِلثَّانِي وَطْءُ الشُّبْهَةِ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ م ر لَا يُقَالُ الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ فَإِيجَابُ مَهْرٍ ثَانٍ يَسْتَلْزِمُ إيجَابَ عَقْدِ النِّكَاحِ بِمَهْرَيْنِ وَذَلِكَ مُحَالٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَتْ زَوْجَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِتَزَلْزُلِ الْعَقْدِ بِالطَّلَاقِ فَكَانَ مُوجِبُهُ الشُّبْهَةَ لَا الْعَقْدَ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ مَهْرُ مِثْلٍ) أَيْ مَهْرُ بِكْرٍ لِبِكْرٍ وَمَهْرُ ثَيِّبٍ لِثَيِّبٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ رَاجَعَ بَعْدَهُ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ إنْ رَاجَعَ بَعْدَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُزِيلُ أَثَرَ الرِّدَّةِ) وَهُوَ عَلَى الْبَيْنُونَةِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِهِمَا فَكَانَ الْفِرَاشُ بَاقٍ بِحَالِهِ وَلَمْ يَخْتَلَّ فَلَا مَهْرَ وَقَوْلُهُ أَثَرُ الطَّلَاقِ أَيْ وَهُوَ حُسْبَانُ مَا وَقَعَ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثُ بَلْ هُوَ مَحْسُوبٌ مِنْهَا فَالْفِرَاشُ اخْتَلَّ حَقِيقَةً بِالطَّلَاقِ وَصَارَتْ كَالْأَجْنَبِيَّةِ فَوَجَبَ لَهَا الْمَهْرُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ إلَخْ) أَيْ بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الْخَمْسِ آيَاتٍ لِلزَّوْجَةِ وَالرَّجْعِيَّةِ فَإِنَّ حُكْمَهَا شَامِلٌ لَهُمَا وَالْأُولَى مِنْ الْخَمْسِ هِيَ قَوْله تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] الْآيَةَ وَالثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: 12] وَالثَّالِثَةُ قَوْلُهُ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] الْآيَةَ وَالرَّابِعَةُ قَوْلُهُ {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] وَالْخَامِسَةُ قَوْلُهُ {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [البقرة: 231] فَإِنَّ هَذِهِ الْخَمْسَ آيَاتٍ تَشْمَلُ الزَّوْجَةَ وَالرَّجْعِيَّةَ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ) ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ فِي سِتَّةَ عَشْرَ آيَةً وَبَيَّنَهَا م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ ادَّعَى رَجْعَةً إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَشْمَلُ مَا لَوْ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ رَاجَعَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَحِينَئِذٍ لَا مَهْرَ، وَقَدْ يُقَالُ يُصَدَّقُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمَهْرِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ) جُمْلَةٌ خَالِيَةٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إنْشَائِهَا) وَهَلْ دَعْوَاهُ إنْشَاءٌ لَهَا أَوْ إقْرَارٌ بِهَا وَجْهَانِ، رَجَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ الْأَوَّلَ وَالْأَذْرَعِيِّ الثَّانِيَ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ إنْشَاءً وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ أَيْ فَيَكُونُ إقْرَارًا وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ كَاذِبًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ بَاطِنًا