لَكِنْ لَا كَفَّارَةَ فِي مُحَرَّمَةٍ كَرَجْعِيَّةٍ وَأُخْتٍ بِخِلَافِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالصَّائِمَةِ وَفِي وُجُوبِهَا فِي زَوْجَةٍ مُحَرَّمَةٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ عَنْ شُبْهَةٍ أَوْ أَمَةٍ مُعْتَدَّةٍ أَوْ مُرْتَدَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ أَوْ مُزَوَّجَةٍ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا لَا، فَإِنْ نَوَى فِي مَسْأَلَةِ الْأَمَةِ عِتْقًا ثَبَتَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوْ طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا لَغَا إذْ لَا مَجَالَ لَهُ فِي الْأَمَةِ.
(وَلَوْ حَرَّمَ غَيْرَ مَا مَرَّ) كَأَنْ قَالَ هَذَا الثَّوْبُ حَرَامٌ عَلَيَّ (فَلَغْوٌ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى تَحْرِيمِهِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ، فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَحْرِيمِهِمَا بِالطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ (كَإِشَارَةِ نَاطِقٍ بِطَلَاقٍ) كَأَنْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ اذْهَبِي، فَإِنَّهَا لَغْوٌ؛ لِأَنَّ عُدُولَهُ إلَيْهَا عَنْ الْعِبَارَةِ يُفْهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ قَاصِدٍ لِلطَّلَاقِ، وَإِنْ قَصَدَهُ بِهَا فَهِيَ لَا تُقْصَدُ لِلْإِفْهَامِ إلَّا نَادِرًا وَلَا هِيَ مَوْضُوعَةٌ لَهُ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ، فَإِنَّهَا حُرُوفٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْإِفْهَامِ كَالْعِبَارَةِ.
(وَيُعْتَدُّ بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ) ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْكِتَابَةِ فِي طَلَاقٍ وَغَيْرِهِ كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ وَإِقْرَارٍ وَدَعْوَى وَعِتْقٍ لِلضَّرُورَةِ (لَا فِي صَلَاةٍ) فَلَا تَبْطُلُ بِهَا (وَ) لَا فِي (شَهَادَةٍ) فَلَا تَصِحُّ بِهَا (وَ) لَا فِي (حِنْثٍ) فَلَا يَحْصُلُ بِهَا فِي الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الْكَلَامِ وَقَوْلِي لَا فِي صَلَاةٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي فَعُلِمَ أَنَّ إطْلَاقِي مَا قَبْلَهُ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهُ بِالْعُقُودِ وَالْحُلُولِ (، فَإِنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ وَإِلَّا) بِأَنْ اخْتَصَّ بِفَهْمِهَا فَطِنُونَ (فَكِنَايَةٌ) تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَتَعْبِيرِي بِفَهْمِهَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فَهِمَ طَلَاقَهُ.
(وَمِنْهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ (كِتَابَةٌ) مِنْ نَاطِقٍ أَوْ أَخْرَسَ، وَإِنْ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ عَلَى النَّاطِقِ، فَإِنْ نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ وَقَعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَجِدْهَا وَكَانَتْ قَدْ خَرَجَتْ إلَى بَيْتِ أَبِيهَا فَدَعَا أَمَتَهُ مَارِيَةَ إلَيْهِ فَأَتَتْ حَفْصَةُ وَعَرَفَتْ الْحَالَ فَغَضِبَتْ وَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي وَعَلَى فِرَاشِي فَقَالَ لَهَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَسْتَرْضِيهَا إنِّي أُسِرُّ إلَيْك سِرًّا فَاكْتُمِيهِ هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ» فَوَرَدَتْ الْآيَاتُ اهـ ع ش عَلَى م ر وَهَلْ كَفَّرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مُقَاتِلٌ نَعَمْ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَقَالَ الْحَسَنُ لَمْ يُكَفِّرْ؛ لِأَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا كَفَّارَةَ فِي مُحَرَّمَةٍ) أَيْ زَوْجَةٍ كَانَتْ أَوْ أَمَةٍ فَهَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى صُورَتَيْ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ وَلِذَلِكَ مَثَّلَ لِلْأُولَى بِالرَّجْعِيَّةِ وَلِلثَّانِيَةِ بِالْأُخْتِ وَقَوْلُهُ وَأُخْتٌ بِأَنْ كَانَتْ أَمَةً هُوَ مَالِكٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَوَطِئَ الْأُولَى أَوْ كَانَتْ أُخْتَ السَّيِّدِ فَقَالَ لَهَا ذَلِكَ اهـ ع ش وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ حَرَّمَ مَا هُوَ حَلَالٌ لَهُ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ حَرَّمَ مَا هُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ فَلَا تَجِبُ اهـ مَدَابِغِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا لَا) مُعْتَمَدٌ فِي غَيْرِ الْأُولَى، فَإِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهَا لُزُومُ الْكَفَّارَةِ.
وَعِبَارَةُ م ر وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْأَمَةَ الْمُحَرَّمَةَ وَالصَّائِمَةَ وَالْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ بِخِلَافِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ وَالْمُرْتَدَّةِ وَالْمُحَرَّمَةِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا عَلَى أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: ثَبَتَ) أَيْ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ وَقَوْلُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَيْ مِنْ أَنَّ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ فِي الْعِتْقِ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَرَّمَ غَيْرَ مَا مَرَّ فَلَغْوٌ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَوْ حَرَّمَ الشَّخْصُ غَيْرَ الْأَبْضَاعِ كَأَنْ قَالَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الطَّعَامُ حَرَامٌ عَلَيَّ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأَبْضَاعِ لِاخْتِصَاصِهَا بِالِاحْتِيَاطِ وَلِشِدَّةِ قَبُولِهَا التَّحْرِيمَ بِدَلِيلِ تَأْثِيرِ الظِّهَارِ فِيهَا دُونَ الْأَمْوَالِ وَكَالْأَمْوَالِ فِيمَا يَظْهَرُ قَوْلُ الشَّخْصِ لِآخَرَ لَيْسَ بِزَوْجَةٍ وَلَا أَمَةٍ لَهُ أَنْت حَرَامٌ عَلَيَّ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى تَحْرِيمِهِ) فِيهِ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ بِالْبَيْعِ مَثَلًا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُ قَادِرٍ أَيْ اسْتِقْلَالًا وَنَحْوُ الْبَيْعِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ وَيُرَدُّ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَنَّهُ قَادِرٌ اسْتِقْلَالًا عَلَى تَحْرِيمِهِ بِالْوَقْفِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَإِشَارَةِ نَاطِقٍ بِطَلَاقٍ) نَعَمْ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَهَذِهِ مُشِيرًا إلَى زَوْجَةٍ لَهُ أُخْرَى طَلُقَتْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إشَارَةٌ مَحْضَةٌ هَذَا إنْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ مَعَ احْتِمَالِهِ لِغَيْرِهِ احْتِمَالًا قَرِيبًا أَيْ وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ بِطَلَاقٍ خَرَجَ بِالطَّلَاقِ غَيْرُهُ فَقَدْ تَكُونُ إشَارَتُهُ كَعِبَارَتِهِ كَهِيَ بِالْأَمَانِ وَكَذَا الْإِفْتَاءُ وَنَحْوُهُ فَلَوْ قِيلَ لَهُ أَيَجُوزُ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ مَثَلًا أَيْ نَعَمْ جَازَ الْعَمَلُ بِهِ وَنُقِلَ عَنْهُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِطَلَاقٍ) وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ الْأَبْوَابِ فَهِيَ لَغْوٌ إلَّا فِي الْأَمَانِ وَالْفُتْيَا وَالْإِجَازَةِ فَإِشَارَتُهُ كَعِبَارَتِهِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كَمَا أَنَّ إشَارَةَ الْأَخْرَسِ مُعْتَدٍ بِهَا إلَّا فِي ثَلَاثٍ تَأْتِي فِي الْمَتْنِ
(قَوْلُهُ: وَيُعْتَدُّ بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ خَرَسُهُ خِلْقِيًّا أَوْ عَارِضًا وَقَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَيُعْتَدُّ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكِتَابَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ شَأْنُهُ الضَّرُورَةُ وَقَوْلُهُ لَا فِي صَلَاةٍ هَذَا لَا يُحْسِنُ اسْتِدْرَاكًا عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنَّمَا يَحْسُنُ عَلَى الْعِبَارَةِ الْقَائِلَةِ إشَارَتُهُ كَنُطْقِهِ وَقَوْلُهُ وَشَهَادَةٌ أَيْ أَدَاءُ وَيُعْتَدُّ بِهَا تَحَمُّلًا وَقَوْلُهُ: وَحَنِثَ بِأَنْ حَلَفَ وَهُوَ نَاطِقٌ عَلَى عَدَمِ الْكَلَامِ ثُمَّ خَرَسَ أَوْ حَلَفَ وَهُوَ أَخْرَسُ عَلَى عَدَم الْكَلَامِ فَأَشَارَ بِالْكَلَامِ لَا يَحْنَثُ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِإِشَارَتِهِ إذَا حَلَفَ وَهُوَ أَخْرَسُ بَلْ وَهُوَ نَاطِقٌ أَنْ لَا يُشِيرَ فَأَشَارَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ) أَصْلِيٌّ أَوْ طَارِئٌ وَمِنْهُ مِنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ وَلَمْ يَرْجُ بُرْؤُهُ، وَأَمَّا مَنْ رُجِيَ بُرْؤُهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ، وَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِهِ فِي اللِّعَانِ؛ لِأَنَّهُ يَضْطَرُّ إلَى اللِّعَانِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: فَصَرِيحَةٌ) أَيْ فِيمَا فَهِمَتْ فِيهِ، فَإِنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فِي الْبَيْعِ مَثَلًا دُونَ الطَّلَاقِ فَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَقَوْلُهُ أَعَمُّ إلَخْ الْعُمُومُ ظَاهِرٌ لَكِنَّ عِبَارَتَهُ صَادِقَةٌ بِأَنَّهَا لَوْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فِي الْبَيْعِ دُونَ الطَّلَاقِ كَانَتْ صَرِيحَةً فِيهِمَا وَلَيْسَ مُرَادًا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ) وَتُعْرَفُ نِيَّتُهُ فِيمَا إذَا أَتَى بِإِشَارَةٍ أَوْ كِنَايَةٍ أُخْرَى أَوْ كِتَابَةٍ وَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا تَعْرِيفَهُ بِهَا مَعَ أَنَّهَا كِنَايَةٌ وَلَا اطِّلَاعَ لَنَا بِهَا عَلَى نِيَّةِ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ فَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي وَيُعْتَبَرُ فِي الْأَخْرَسِ أَنْ يَكْتُبَ مَعَ لَفْظِ الطَّلَاقِ إنِّي قَصَدْت الطَّلَاقَ لَيْسَ بِقَيْدٍ اهـ بِالْحَرْفِ أَيْ بَلْ مِثْلُ الْكِتَابَةِ الْإِشَارَةُ اهـ (قَوْلُهُ: بِأَنْ اخْتَصَّ بِفَهْمِهَا فَطِنُونِ) الْجَمْعُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَيَكْفِي فِي كَوْنِهَا كِنَايَةً فَهْمُ وَاحِدٍ اهـ شَيْخُنَا عَنْ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَمِنْهَا كِتَابَةٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَتَبَ الصَّرِيحَ أَوْ الْكِنَايَةَ وَقَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ إلَخْ هَذَا شَرْطٌ لِلْحُكْمِ