لِأَنَّهُ كَالْمُقَاتِلِينَ كُلِّهِمْ نُصْرَةً وَشَجَاعَةً بَلْ أَعْظَمُ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى مَا يَأْتِي.

(الْفَيْءُ نَحْوُ مَالٍ) كَكَلْبٍ يَنْفَعُ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ " مَالٌ " (حَصَلَ) لَنَا (مِنْ كُفَّارٍ) مِمَّا هُوَ لَهُمْ (بِلَا إيجَافٍ) أَيْ إسْرَاعِ خَيْلٍ، أَوْ إبِلٍ، أَوْ بِغَالٍ، أَوْ سُفُنٍ، أَوْ رَجَّالَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إيجَافِ خَيْلٍ وَرِكَابٍ لِمَا عُرِفَ وَلِدَفْعِ إيرَادِ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ دَارِهِمْ سَرِقَةً، أَوْ لُقَطَةً غَنِيمَةٌ لَا فَيْءٌ مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ فَيْءٌ فَتَأَمَّلْ لَكِنْ قَدْ يَرِدُ مَا أَهْدَاهُ الْكَافِرُ لَنَا فِي غَيْرِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِفَيْءٍ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِغَنِيمَةٍ مَعَ صِدْقِ تَعْرِيفِ الْفَيْءِ عَلَيْهِ (كَجِزْيَةٍ وَعُشْرِ تِجَارَةٍ وَمَا جَلَوْا) أَيْ تَفَرَّقُوا (عَنْهُ) وَلَوْ لِغَيْرِ خَوْفٍ كَضُرٍّ أَصَابَهُمْ، وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ خِلَافَهُ (وَتَرَكَهُ مُرْتَدٌّ وَكَافِرٌ مَعْصُومٌ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَذِمِّيٌّ (لَا وَارِثَ لَهُ) وَكَذَا الْفَاضِلُ عَنْ وَارِثٍ لَهُ غَيْرِ حَائِزٍ.

(فَيُخَمَّسُ) خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَخْمِيسٌ فَإِنَّهُ مَذْكُورٌ فِي آيَةِ الْغَنِيمَةِ فَحُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي شَرَائِعِهِمْ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا كَشَرْعِنَا مَعَ أَنَّهُ فِي شَرْعِنَا قَدْ يَجُوزُ حَرْقُ الْحَيَوَانِ كَمَا فِي النَّمْلِ أَوْ الْقَمْلِ إذَا تَعَذَّرَ دَفْعُهُ إلَّا بِالْحَرْقِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْإِشْكَالَ سَاقِطٌ مِنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ الْحَرْقَ هُنَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْبَشَرِ وَلِلَّهِ أَنْ يَفْعَلَ فِي خَلْقِهِ مَا يَشَاءُ فَتَأَمَّلْ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: كَانَ مَنْ قَبْلَهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الْجِهَادِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَغَانِمُ وَمِنْهُمْ مَنْ أُذِنَ لَهُمْ فِيهِ لَكِنْ كَانُوا إذَا غَنِمُوا شَيْئًا لَمْ يَحِلَّ لَهُمْ أَكْلُهُ وَجَاءَتْ نَارٌ فَأَحْرَقَتْهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَالْمُقَاتِلِينَ كُلِّهِمْ) هَذَا حِكْمَةٌ لَا عِلَّةٌ، وَإِلَّا لَاقْتَضَتْ الْمُشَارَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ لِاخْتِصَاصِهِ بِهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: لِأَنَّ النُّصْرَةَ لَيْسَتْ إلَّا بِهِ وَحْدَهُ.

(قَوْلُهُ: الْفَيْءُ نَحْوُ مَالٍ إلَخْ) الْقُيُودُ أَرْبَعَةٌ اثْنَانِ فِي الْمَتْنِ وَالشَّارِحُ زَادَ الْآخَرَيْنِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: حَصَلَ لَنَا) خَرَجَ الْحَاصِلُ لِلذِّمِّيِّ فَيَسْتَقِلُّ بِهِ وَلَا يُخَمَّسُ اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ كُفَّارٍ) خَرَجَ مَا أُخِذَ مِنْ دَارِهِمْ وَلَمْ يَسْتَوْلُوا عَلَيْهِ كَصَيْدِ دَارِهِمْ وَحَشِيشِهِ فَإِنَّهُ كَمُبَاحِ دَارِنَا وَكَالْكُفَّارِ هُنَا وَفِي الْغَنِيمَةِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ رَجَّالَةٍ) فِي الْمِصْبَاحِ يُطْلَقُ الرَّجُلُ عَلَى الرَّاجِلِ وَهُوَ خِلَافُ الْفَارِسِ وَجَمْعُ الرَّاجِلِ رَجْلٌ مِثْلُ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ وَرَجَّالَةٌ وَرِجَالٌ أَيْضًا اهـ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إيجَافِ خَيْلٍ وَرِكَابٍ) يُجَابُ عَنْ الْأَصْلِ بِأَنَّهُ تَبَرُّكٌ بِذِكْرِ الْقُرْآنِ لَهُمَا فِي سُورَةِ الْحَشْرِ وَهَذِهِ أَوْلَوِيَّةُ عُمُومٍ وَإِيهَامٍ فَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ بِمَا عُرِفَ وَلِلثَّانِي بِقَوْلِهِ وَلِدَفْعِ إيرَادِ أَنَّ الْمَأْخُوذَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَرِكَابٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْكَافِ أَيْ الْإِبِلِ كَمَا فُسِّرَ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} [الحشر: 6] أَيْ مَرْكُوبٍ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي الْمُخْتَارِ الرَّكْبُ أَصْحَابُ الْإِبِلِ فِي السَّفَرِ دُونَ الدَّوَابِّ وَهُمْ الْعَشَرَةُ فَمَا فَوْقَهَا وَالرُّكْبَانُ الْجَمَاعَةُ مِنْهُمْ وَالرِّكَابُ الْإِبِلُ الَّتِي يُسَارُ عَلَيْهَا الْوَاحِدَةُ رَاحِلَةٌ وَلَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا وَالرُّكَّابُ جَمْعُ رَاكِبٍ مِثْلُ كَافِرٍ وَكُفَّارٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَتَأَمَّلْ) أَمْرٌ بِالتَّأَمُّلِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِيرَادَ يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِلَا إيجَافٍ شَامِلٌ لِلْمَأْخُوذِ سَرِقَةً أَوْ لُقَطَةً مَعَ أَنَّهُمَا غَنِيمَةٌ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا يَقْتَضِي أَنَّهُ فَيْءٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا الْمَأْخُوذُ فِيهِ إيجَافٌ حُكْمًا بِتَنْزِيلِ مُخَاطَرَتِهِ بِنَفْسِهِ وَدُخُولِهِ دَارَهُمْ لِلسَّرِقَةِ، أَوْ مَشْيِهِ بِدَارِهِمْ لِلُقَطَةٍ مَنْزِلَةَ الْإِيجَافِ الْحَقِيقِيِّ فَيَكُونُ غَنِيمَةً اهـ شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ م ر فَالْحَاصِلُ أَنَّ خُرُوجَهُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلِ الْإِيجَافِ الْمَنْفِيِّ بِالْحَقِيقِيِّ، أَوْ الْحُكْمِيِّ وَهَذَا فِيهِ إيجَافٌ حُكْمًا لِتَنْزِيلِ دُخُولِهِ دَارَهُمْ لِلسَّرِقَةِ أَوْ اللُّقَطَةِ مَنْزِلَةَ الْإِيجَافِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَدْ يَرِدُ إلَخْ) فِي تَعْبِيرِهِ بِقَدْ إشَارَةٌ إلَى إمْكَانِ عَدَمِ إيرَادِهِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ السِّيَاقِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُصُولِ لَنَا الْحُصُولُ قَهْرًا وَمَا فِي حُكْمِهِ، وَالْمُهْدَى الْمَذْكُورُ بِالِاخْتِيَارِ مِنْهُمْ حَقِيقَةً وَحُكْمًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَأُجِيبُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا حَصَلَ لَنَا بِلَا صُورَةِ عَقْدٍ فَلَا يَصْدُقُ تَعْرِيفُ الْفَيْءِ عَلَيْهَا فَلَا تَكُونُ فَيْئًا وَلَا غَنِيمَةً كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَيْسَ بِفَيْءٍ) أَيْ بَلْ هُوَ لِمَنْ أُهْدِيَ لَهُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَعُشْرِ تِجَارَةٍ) أَيْ الْمَأْخُوذِ مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَ عُشْرًا، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِمْ الْإِمَامُ أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُوا دَارَ الْإِسْلَامِ لِلتِّجَارَةِ إلَّا بِجُزْءٍ مِنْهَا وَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ خُصُوصًا فِي مِصْرَ فَإِنَّ هَذَا سَبَبُ الْمُكُوسِ، ثُمَّ طَرَدُوهَا فِي الْمُسْلِمِينَ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِغَيْرِ خَوْفٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مُحَاصَرَتِهِمْ، وَإِنْ حَصَلَ مِنْهُمْ مُقَاتَلَةٌ عِنْدَ مُحَاصَرَتِهِمْ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ خِلَافَهُ) لَمْ يَقُلْ أَفْهَمَ؛ لِأَنَّ تَقْيِيدَ الْأَصْلِ بِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَرَجَ مُخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ ح ل. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْفَاضِلُ عَنْ وَارِثٍ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ انْتَظَمَ بَيْتُ الْمَالِ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَنْتَظِمْ بَيْتُ الْمَالِ رُدَّ عَلَيْهِ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الْفُصُولِ: وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ الْقَوْلَ بِالرَّدِّ وَتَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ، وَالْكَافِرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: غَيْرُ جَائِزٍ) بِأَنْ كَانَ الْوَارِثُ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ كَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ رُدَّ عَلَيْهِ الْفَاضِلُ عَلَى الْأَوْجَهِ كَالْمُسْلِمِ اهـ شَرْحُ الْفُصُولِ لَكِنْ اعْتَمَدَ س ل عَدَمَ الرَّدِّ وَقَالَ: إنَّهُ خَاصٌّ بِالْمُسْلِمِينَ اهـ تَقْرِيرٌ.

(قَوْلُهُ: فَيُخَمَّسُ) أَيْ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فِي قَوْلِهِمْ يُصْرَفُ جَمِيعُهُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْغَنِيمَةِ الْمُخَمَّسَةِ بِالنَّصِّ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا رَاجِعٌ إلَيْنَا مِنْ الْكُفَّارِ وَاخْتِلَافُ السَّبَبِ بِالْقِتَالِ وَعَدَمِهِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَخْمِيسٌ) أَيْ ذِكْرُ التَّخْمِيسِ وَبَيَانُ أَنَّ الْأَقْسَامَ أَخْمَاسٌ، وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ مَذْكُورٌ أَيْ بِقَوْلِهِ {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] اهـ سم وَقَوْلُهُ: فَحَمْلُ الْمُطْلَقِ وَهُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015