حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِمَوْتِهِ، أَوْ يَحْكُمَ قَاضٍ بِهِ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ) مِنْ وِلَادَتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ لَا يُقْسَمُ مَالُهُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ حَالُهُ، وَأَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَعِيشُ فِيهَا قُسِمَ مَالُهُ وَهَذِهِ الْمُدَّةُ لَيْسَتْ مُقَدَّرَةً عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ تَتَقَدَّرُ بِسَبْعِينَ سَنَةً وَيَكْفِي مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَبْقَى إلَيْهَا وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْهَا عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَذَا الْقَطْعِ غَلَبَةُ الظَّنِّ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِالْحَاكِمِ فَقِسْمَتُهُ تَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِالْمَوْتِ، وَإِنْ اقْتَسَمُوا بِأَنْفُسِهِمْ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي اعْتِبَارِ حُكْمِهِ مُخْتَلِفٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: فِيهِ خِلَافٌ إنْ اعْتَبَرْنَا الْقَطْعَ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْحُكْمِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ وَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ الْمُعْتَبَرَةُ وَقُسِمَ مَالُهُ فَهَلْ لِزَوْجَتِهِ أَنْ تَتَزَوَّجَ؟
مَفْهُومُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ دَلَالَةً وَصَرِيحًا أَنَّ لَهَا ذَلِكَ وَأَنَّ الْمَنْعَ عَلَى الْجَدِيدِ مَخْصُوصٌ بِمَا قَبْلَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ رَدُّوا عَلَى الْقَدِيمِ حَيْثُ قَالُوا: إذَا لَمْ يَجُزْ الْحُكْمُ بِمَوْتِهِ فِي قِسْمَةِ مَالِهِ وَعِتْقِ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ لَمْ يَجُزْ الْحُكْمُ فِي فِرَاقِ زَوْجَتِهِ فَأَشْعَرَ بِأَنَّهُمْ رَأَوْا الْحُكْمَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ وَعَلَى هَذَا فَالْعَبْدُ الْمُنْقَطِعُ الْخَبَرِ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ لَا تَجِبُ فِطْرَتُهُ وَلَا يُجْزِئُ عَنْ الْكَفَّارَةِ بِلَا خِلَافٍ وَمَوْضِعُ الْقَوْلَيْنِ مَا قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ إنَّا نَنْظُرُ إلَى مَنْ يَرِثُهُ حِينَ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِمَوْتِهِ وَلَا نُوَرِّثُ مِنْهُ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَوْتُ الْمَفْقُودِ بَيْنَ مَوْتِهِ وَبَيْنَ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَأَشَارَ الْعَبَّادِيُّ فِي الرَّقْمِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقَعَ حُكْمُ الْحَاكِمِ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَقَالَ يَضْرِبُ الْحَاكِمُ مُدَّةً لَا يَعِيشُ فِي الْغَالِبِ أَكْثَرَ مِنْهَا فَإِذَا انْتَهَتْ فَكَأَنَّهُ مَاتَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي تَوْرِيثِ الْمَفْقُودِ فَإِذَا مَاتَ لَهُ قَرِيبٌ قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ نُظِرَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ إلَّا الْمَفْقُودَ تَوَقَّفْنَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ مَوْتِ الْقَرِيبِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، وَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُ الْمَفْقُودِ تَوَقَّفْنَا فِي نَصِيبِ الْمَفْقُودِ وَأَخَذْنَا فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَاضِرِينَ بِالْأَسْوَأِ فَمَنْ يَسْقُطُ مِنْهُمْ بِالْمَفْقُودِ لَا يُعْطَى شَيْئًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُهُ وَمَنْ يَنْقُصُ حَقُّهُ بِحَيَاتِهِ يُقَدَّرُ فِي حَقِّهِ حَيَاتُهُ وَمَنْ يَنْقُصُ حَقُّهُ بِمَوْتِهِ يُقَدَّرُ فِي حَقِّهِ مَوْتُهُ وَمَنْ لَا يَخْتَلِفُ نَصِيبُهُ بِحَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ يُعْطَى نَصِيبَهُ، مِثَالُهُ: زَوْجٌ مَفْقُودٌ، وَأُخْتَانِ لِأَبٍ، وَعَمٌّ حَاضِرُونَ فَإِنْ كَانَ حَيًّا فَلِلْأُخْتَيْنِ أَرْبَعَةٌ مِنْ سَبْعَةٍ وَلَا شَيْءَ لِلْعَمِّ، وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَلَهُمَا اثْنَانِ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّهِمْ حَيَاتُهُ. أَخٌ لِأَبٍ مَفْقُودٌ، وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ وَجَدٌّ حَاضِرَانِ فَإِنْ كَانَ حَيًّا فَلِلْأَخِ الثُّلُثَانِ وَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ، وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّ الْجَدِّ حَيَاتُهُ، وَفِي حَقِّ الْأَخِ مَوْتُهُ. أَخٌ لِأَبَوَيْنِ مَفْقُودٌ وَأُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ وَزَوْجٌ حَاضِرُونَ فَإِنْ كَانَ حَيًّا فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ فَيَكُونُ لِلْأُخْتَيْنِ الرُّبُعُ.
وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ مِنْ سَبْعَةٍ وَلِلْأُخْتَيْنِ أَرْبَعَةٌ مِنْ سَبْعَةٍ فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ مَوْتُهُ، وَفِي حَقِّ الْأُخْتَيْنِ حَيَاتُهُ. ابْنٌ مَفْقُودٌ وَبِنْتٌ وَزَوْجٌ لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ بِكُلِّ حَالٍ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي كُلِّ الصُّوَرِ هُوَ الصَّحِيحُ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَفِي وَجْهٍ يُقَدَّرُ مَوْتُهُ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْحَاضِرِينَ مَعْلُومٌ وَاسْتِحْقَاقَهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَإِنْ ظَهَرَ بِخِلَافِهِ غَيَّرْنَا الْحُكْمَ، وَفِي وَجْهٍ آخَرَ تُقَدَّرُ حَيَاتُهُ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ حَيَاتُهُ فَإِنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ غَيَّرْنَا الْحُكْمَ انْتَهَتْ بِالْحَرْفِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِمَوْتِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ الَّتِي تُعْتَبَرُ فِي الْحُكْمِ وَلَا بُدَّ فِي الْبَيِّنَةِ مِنْ نَحْوِ قَبُولِ بَيِّنَةِ الْقَاضِي لَهَا لِأَنَّهَا بِمُجَرَّدِهَا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا كَذَا فِي حَوَاشِي الشِّهَابِ سم عَلَى شَرْحِ التُّحْفَةِ اهـ رَشِيدِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: أَيْ حِينَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ، أَوْ الْحُكْمِ هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ مَعَ الْبَيِّنَةِ إلَى حُكْمٍ فَيَكُونُ قَوْلُهُ " فَيَجْتَهِدُ الْقَاضِي وَيَحْكُمُ " خَاصًّا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ لَكِنْ لَا بُدَّ فِي الْبَيِّنَةِ مِنْ نَحْوِ قَبُولِ الْقَاضِي لِأَنَّهَا بِمُجَرَّدِهَا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا اهـ سم انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِمَوْتِهِ إلَخْ) أَيْ وَلَا يُكْتَفَى بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَحْدَهَا بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ الْحُكْمِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ: لَوْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْعَبْدِ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ لَا تَجِبُ فِطْرَتُهُ وَلَا يُجْزِئُ عَنْ الْكَفَّارَةِ اتِّفَاقًا وَلَمْ يَذْكُرُوا الْحُكْمَ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا أَمْرٌ كُلِّيٌّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَصَالِحُ وَمَفَاسِدُ فَاحْتِيطَ لَهُ أَكْثَرَ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ يَحْكُمَ قَاضٍ) أَيْ صَرِيحًا أَوْ ضِمْنًا كَقِسْمَةِ مَالِهِ بَعْدَ الرَّفْعِ إلَيْهِ وَلَا عِبْرَةَ بِقِسْمَتِهِ قَبْلَ الرَّفْعِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ بِغَيْرِ رَفْعٍ لَيْسَ حُكْمًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهِ الْمُحَكَّمُ) فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ حُكْمِهِ رِضَا الْخَصْمَيْنِ، وَالْمَفْقُودُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ رِضًا حَتَّى لَوْ تَعَذَّرَ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي، أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْحُكْمِ إلَّا بِدَرَاهِمَ وَلَمْ تَدْفَعْهَا الْمَرْأَةُ وَلَا غَيْرُهَا لَمْ يَجُزْ لَهَا التَّزَوُّجُ قَبْلَ الْحُكْمِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: بِمُضِيِّ مُدَّةٍ) وَهِيَ غَيْرُ