(وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ) بِقَتْلِهِ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ «لَيْسَ لِلْقَاتِلِ شَيْءٌ» أَيْ مِنْ الْمِيرَاثِ وَلِتُهْمَةِ اسْتِعْجَالِ قَتْلِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَسَدًّا لِلْبَابِ فِي الْبَاقِي وَلِأَنَّ الْإِرْثَ لِلْمُوَالَاةِ، وَالْقَاتِلُ قَطَعَهَا، وَأَمَّا الْمَقْتُولُ فَقَدْ يَرِثُ الْقَاتِلَ بِأَنْ يَجْرَحَهُ، أَوْ يَضْرِبَهُ ثُمَّ يَمُوتَ هُوَ قَبْلَهُ وَمِنْ الْمَوَانِعِ الدَّوْرُ الْحُكْمِيُّ وَهُوَ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ تَوْرِيثِ شَخْصٍ عَدَمُ تَوْرِيثِهِ كَأَخٍ أَقَرَّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ فَيَثْبُتُ نَسَبُ الِابْنِ وَلَا يَرِثُ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ وَأَمَّا اسْتِبْهَامُ تَارِيخِ الْمَوْتِ الْمَذْكُورُ فَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّهُ مَانِعًا وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ لِمَا يَأْتِي وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْهَائِمِ فِي شَرْحِ كِفَايَتِهِ: الْمَوَانِعُ الْحَقِيقِيَّةُ أَرْبَعَةٌ؛ الْقَتْلُ وَالرِّقُّ وَاخْتِلَافُ الدِّينِ وَالدَّوْرُ الْحُكْمِيُّ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا فَتَسْمِيَتُهُ مَانِعًا مَجَازٌ، وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ فِي غَيْرِهِ إنَّهَا سِتَّةٌ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ وَالرِّدَّةُ وَاخْتِلَافُ الْعَهْدِ وَأَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهَا مَجَازٌ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْإِرْثِ مَعَهُ لَا لِأَنَّهُ مَانِعٌ بَلْ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ كَمَا فِي جَهْلِ التَّارِيخِ، أَوْ السَّبَبِ كَمَا فِي انْتِفَاءِ النَّسَبِ.
(وَمَنْ فُقِدَ) بِأَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ (وُقِفَ مَالُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يُنْتِجُ لَهُ مَا بَحَثَهُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْتَرِطُوا تَسْمِيَتَهُ قَاتِلًا بَلْ أَنْ يَكُونَ لَهُ دَخْلٌ فِي الْقَتْلِ بِمُبَاشَرَةٍ، أَوْ سَبَبٍ، أَوْ شَرْطٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْوَطْءَ كَذَلِكَ بَلْ كَلَامُهُمْ الَّذِي فِي الرَّهْنِ مُصَرِّحٌ بِأَنَّهُ يُسَمَّى قَاتِلًا وَبِأَنَّ الْوَطْءَ يُفْضِي لِلْهَلَاكِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِاحْتِمَالِ طُرُوُّ مَهْلِكٍ، وَبِأَنَّ الشَّارِعَ قَطَعَ نِسْبَةَ الْوَلَدِ لِلزَّانِي فَلَمْ يَضْمَنْ الْمَزْنِيَّ بِهَا.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُمْ مُصَرِّحُونَ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي مَنْعِ مَا لَهُ دَخْلٌ فِي الْقَتْلِ بَيْنَ الدَّاخِلِ الْقَرِيبِ، وَالْبَعِيدِ كَتَزْكِيَةِ مُزَكِّي الشَّاهِدِ بِإِحْصَانِ الْمُوَرِّثِ الزَّانِي فَتَأَمَّلْ بَعْدَ هَذَا الدَّخْلَ مَعَ مَنْعِهِ الْإِرْثَ فَبَطَلَ جَمِيعُ مَا وَجَّهَ بِهِ بَحْثَهُ الَّذِي أَفَادَهُ بِذِكْرِهِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُمْ فِي الرَّهْنِ أَنَّهُ - أَعْنِي بَحْثَهُ - مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ، وَوَجْهُ مُخَالَفَتِهِ مَا قَرَّرْته لَكِنْ صَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الزَّوْجَ يَرِثُ جَازِمًا بِهِ جَزْمَ الْمَذْهَبِ وَحِينَئِذٍ فَفِي جَرْيِهِ عَلَى قَوَاعِدِهِمْ دِقَّةٌ وَاَلَّذِي يَتَّضِحُ بِهِ جَرْيُهُ عَلَيْهَا أَنْ يُقَالَ لَا شَكَّ أَنَّ الْوَطْءَ مِنْ بَابِ التَّمَتُّعَاتِ وَهِيَ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ لَا يُقْصَدَ بِهَا قَتْلٌ وَلَا يُنْسَبَ إلَيْهَا، وَإِنَّمَا خَالَفُوهُ فِي الرَّهْنِ لِكَوْنِ الرَّاهِنِ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ بِهِ فِي الْمَرْهُونَةِ فَاقْتَضَى الِاحْتِيَاطُ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ مَنْعَ الرَّاهِنِ مِنْ الْوَطْءِ لِحُرْمَتِهِ وَنِسْبَتِهِ التَّفْوِيتَ إلَيْهِ بِوَاسِطَةِ نِسْبَةِ الْوَلَدِ إلَيْهِ لِيَغْرَمَ الْبَدَلَ، وَأَمَّا هُنَا فَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الشَّرْطِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا يُقْصَدُ بِهِ التَّفْوِيتُ، وَنِسْبَةُ الْقَتْلِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ التَّعَدِّي بِهِ لِبُعْدِ إضَافَةِ الْقَتْلِ إلَيْهِ فَمَا لَا تَعَدِّيَ بِهِ لَا يَمْنَعُ فَإِذَا كَانَ هَذَا لَا يَمْنَعُ فَأَوْلَى أَنَّ الشَّرْطَ مِنْ جِنْسِ مَا يُقْصَدُ وَلَا كَذَلِكَ الْوَطْءُ وَاللِّعَانُ اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ) رَدٌّ عَلَى الضَّعِيفِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَقِيلَ إنْ لَمْ يَضْمَنْ وَرِثَ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ بِحَقٍّ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلِتُهْمَةِ اسْتِعْجَالِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر: إذْ لَوْ وَرِثَ لَاسْتَعْجَلَ الْوَرَثَةُ قَتْلَ مُوَرِّثِهِمْ فَيُؤَدِّي إلَى خَرَابِ الْعَالَمِ فَاقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ مَنْعَ إرْثِهِ مُطْلَقًا نَظَرًا لِمَظِنَّةِ الِاسْتِعْجَالِ أَيْ بِاعْتِبَارِ السَّبَبِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ مَاتَ بِأَجَلِهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمَوَانِعِ الدَّوْرُ الْحُكْمِيُّ إلَخْ) وَهُوَ أَنْ يُوجِبَ شَيْءٌ حُكْمَيْنِ شَرْعِيَّيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ يَنْشَأُ الدَّوْرُ عَنْهُمَا وَالدَّوْرُ اللَّفْظِيُّ أَنْ يَنْشَأَ الدَّوْرُ مِنْ لَفْظِ اللَّافِظِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ السُّرَيْجِيَّةِ وَمَسْأَلَةِ تَعْلِيقِ الْعَزْلِ بِمَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَكَالَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ وَعِبَارَتُهُ هُنَا: قَوْلُهُ: الدَّوْرُ الْحُكْمِيُّ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الدَّوْرِ اللَّفْظِيِّ وَعَنْ الدَّوْرِ الْحِسَابِيِّ فَلَا يَمْنَعَانِ الْإِرْثَ وَهُمَا مُقَرَّرَانِ فِي مَوْضِعِهِمَا اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَلَوْ أَقَرَّ بِمَنْ يَحْجُبُهُ كَأَخٍ حَائِزٍ أَقَرَّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ ثَبَتَ النَّسَبُ لَا الْإِرْثُ لَهُ لِلدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ وَهُوَ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ إثْبَاتِ الشَّيْءِ نَفْيُهُ وَهُنَا يَلْزَمُ مِنْ إرْثِ الِابْنِ عَدَمُ إرْثِهِ فَإِنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَحَجَبَ الْأَخَ فَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا فَلَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: الْمَذْكُورُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَا مُتَوَارِثَانِ مَاتَا بِنَحْوِ غَرَقٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي أَيْ فِي قَوْلِهِ قَرِيبًا؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْإِرْثِ مَعَهُ لَا؛ لِأَنَّهُ مَانِعٌ بَلْ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مَجَازًا) أَيْ لِعَدَمِ صِدْقِ حَدِّ الْمَانِعِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْوَصْفُ الْوُجُودِيُّ الظَّاهِرُ الْمُنْضَبِطُ الْمُعَرِّفُ نَقِيضَ الْحُكْمِ اهـ شَرْحُ م ر فَهُوَ مَجَازٌ بِالِاسْتِعَارَةِ فَشَبَّهَ انْتِفَاءَ الشَّرْطِ بِالْمَانِعِ بِجَامِعِ مُنَافَاةِ كُلٍّ لِلْحُكْمِ وَأَطْلَقَ الثَّانِيَ عَلَى الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهَا) وَهُوَ اللِّعَانُ وَعَدَمُ تَحَقُّقِ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَ الْمَوْتِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي جَهْلِ التَّارِيخِ) أَيْ لِأَنَّ الشَّرْطَ تَحَقُّقُ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي انْتِفَاءِ النَّسَبِ) مَثَّلَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِمَا لَوْ تَدَاعَيَا مَجْهُولًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ مَوَانِعِ الْإِرْثِ بَلْ مِنْ أَسْبَابِ مَوَانِعِ صَرْفِ الْمِيرَاثِ حَالًا وَهُوَ الشَّكُّ فِي الْوُجُودِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَمَنْ فُقِدَ إلَخْ كَأَنْ يَدَّعِيَ اثْنَانِ وَلَدًا مَجْهُولَ النَّسَبِ صَغِيرًا، أَوْ مَجْنُونًا، ثُمَّ يَمُوتَ الْوَلَدُ قَبْلَ إلْحَاقِ الْقَائِفِ لَهُ بِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يُوقَفُ مِيرَاثُ كُلٍّ مِنْهُ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ حِينَئِذٍ وُقِفَ مِيرَاثُ الْوَلَدِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ فُقِدَ وُقِفَ مَالُهُ إلَخْ) قَدْ أَوْضَحَ هَذَا الْبَحْثَ فِي الرَّوْضَةِ فَقَالَ الْبَابُ السَّادِسُ فِي أَسْبَابٍ تَمْنَعُ صَرْفَ الْمَالِ إلَى الْوَارِثِ فِي الْحَالِ لِلشَّكِّ فِي اسْتِحْقَاقِهِ هِيَ أَرْبَعَةٌ:
الْأَوَّلُ: الشَّكُّ فِي الْوُجُودِ كَمَنْ فُقِدَ وَلَا تُعْلَمُ حَيَاتُهُ وَلَا مَوْتُهُ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا فِي التَّوْرِيثِ مِنْهُ فَالْمَفْقُودُ الَّذِي انْقَطَعَ خَبَرُهُ وَجُهِلَ حَالُهُ فِي سَفَرٍ، أَوْ حَضَرٍ فِي قِتَالٍ، أَوْ عِنْدَ انْكِسَارِ سَفِينَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا وَلَهُ مَالٌ، وَفِي مَعْنَاهُ الْأَسِيرُ الَّذِي انْقَطَعَ خَبَرُهُ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى مَوْتِهِ قُسِمَ مِيرَاثُهُ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي مَنْصُورٍ وَغَيْرِهِ