وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ وُجُوبِ تَعْرِيفِ مَا لُقِطَ لِلْحِفْظِ هُوَ مَا اخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاقْتَصَرَ فِي الْأَصْلِ عَلَى نَقْلِ عَدَمِ وُجُوبِهِ عَنْ الْأَكْثَرِ قَالُوا لِأَنَّ التَّعْرِيفَ إنَّمَا يَجِبُ لِتَحْقِيقِ شَرْطِ التَّمَلُّكِ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا أَوْ يَخْتَصَّ بِهَا أَوْ لَقَطَهَا لِلتَّمَلُّكِ أَوْ لِلِاخْتِصَاصِ وَجَبَ تَعْرِيفُهَا جَزْمًا وَيَمْتَنِعُ التَّعْرِيفُ عَلَى مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ سُلْطَانًا يَأْخُذُهَا بَلْ تَكُونُ أَمَانَةً بِيَدِهِ أَبَدًا كَمَا فِي نُكَتِ النَّوَوِيِّ وَغَيْرِهَا وَفِيهَا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ أَيْضًا حِينَئِذٍ (أَوْ) أَخْذُهَا (لَهَا) أَيْ لِلْخِيَانَةِ (فَضَامِنٌ) كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ (وَلَيْسَ لَهُ) بَعْدَ ذَلِكَ (تَعْرِيفُهَا لِتَمَلُّكٍ) أَوْ اخْتِصَاصٍ لِخِيَانَتِهِ.

(وَلَوْ دَفَعَ لُقَطَةً) (لِقَاضٍ لَزِمَهُ قَبُولُهَا) وَإِنْ لَقَطَهَا لِتَمَلُّكٍ حِفْظًا لَهَا عَلَى مَالِكِهَا بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا لِقُدْرَتِهِ عَلَى رَدِّهَا عَلَى مَالِكِهَا، وَقَدْ الْتَزَمَ الْحِفْظَ لَهُ وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي فِي لَقْطِهَا لِغَيْرِ حِفْظٍ (وَيَعْرِفُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ اللَّاقِطُ وُجُوبًا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَنَدْبًا عَلَى مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (جِنْسَهَا) أَذَهَبٌ هِيَ أَمْ فِضَّةٌ أَمْ ثِيَابٌ (وَصِفَتَهَا) أَهَرَوِيَّةٌ أَمْ مَرْوِيَّةٌ (وَقَدْرَهَا) بِوَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ كَيْلٍ أَوْ ذَرْعٍ (وَعِفَاصَهَا) أَيْ وِعَاءَهَا مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرْقَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (وَوِكَاءَهَا) أَيْ خَيْطَهَا الْمَشْدُودَةَ بِهِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ زَيْدٍ السَّابِقِ وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ وَلِيَعْرِفَ صِدْقَ وَاصِفِهَا (ثُمَّ يُعَرِّفُهَا) بِالتَّشْدِيدِ (فِي نَحْوِ سُوقٍ) كَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ عِنْدَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالْحَاصِلُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ التَّعْرِيفَ تَابِعٌ لِلْأَمَانَةِ وَالْخِيَانَةِ، فَإِنْ كَانَ أَمِينًا وَجَبَ، وَإِنْ كَانَ خَائِنًا امْتَنَعَ إنْ كَانَ لِلتَّمَلُّكِ أَوْ الِاخْتِصَاصِ، وَإِنْ كَانَ لِلْحِفْظِ فَهَلْ يَجِبُ أَيْضًا أَوْ يَجُوزُ يُحَرَّرُ (قَوْلُهُ قَالُوا لِأَنَّ التَّعْرِيفَ إلَخْ) صِيغَةُ تَبَرٍّ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ قَدْ يَمْنَعُ ذَلِكَ وَيُقَالُ بَلْ وَجَبَ لِيَظْهَرَ الْمَالِكُ وَلَا يَكُونُ الْمُلْتَقِطُ كَاتِمًا فَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الْكِتْمَانِ اهـ. عَمِيرَةُ اهـ. زي.

(قَوْلُهُ لِتَحَقُّقِ شَرْطِ التَّمَلُّكِ) أَيْ وَلَا تَمَلُّكَ هُنَا إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَاقِطٌ لِلْحِفْظِ (قَوْلُهُ فَإِنْ بَدَا لَهُ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ أَيْ فَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَطْرَأْ لَهُ قَصْدُ التَّمَلُّكِ أَوْ الِاخْتِصَاصِ وَإِلَّا فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ التَّعْرِيفِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَلَوْ بَدَا لَهُ قَصْدُ التَّمَلُّكِ أَوْ الِاخْتِصَاصِ عَرَّفَهُ سَنَةً مِنْ حِينَئِذٍ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا عَرَّفَهُ قَبْلَهُ أَمَّا إذَا أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ أَوْ الِاخْتِصَاصِ فَيَلْزَمُهُ التَّعْرِيفُ جَزْمًا انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ عَرِّفْهَا سَنَةً مِنْ حِينَئِذٍ أَيْ وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ مِنْ الْآنَ ثُمَّ إنْ كَانَ افْتَرَضَ عَلَى مَالِكِهَا مُؤْنَةَ تَعْرِيفِ مَا مَضَى فَهَلْ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا افْتَرَضَ لِغَرَضِ الْمَالِكِ أَوَّلًا لِرُجُوعِهَا إلَيْهِ آخِرًا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَدُّوا بِتَعْرِيفِهِ السَّابِقِ وَلَمْ يُرَتِّبُوا الْحُكْمَ عَلَيْهِ مَعَ قَصْدِ التَّمَلُّكِ بَلْ أَوْجَبُوا اسْتِئْنَافَ التَّعْرِيفِ فَابْتِدَاءُ أَخْذِهِ لِلتَّمَلُّكِ كَأَنَّهُ مِنْ الْآنَ وَلَا نَظَرَ إلَى مَا قَبْلَهُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بَلْ تَكُونُ أَمَانَةً بِيَدِهِ) أَيْ وَلَا يَتَمَلَّكُهَا بَعْدَ السَّنَةِ، وَلَوْ أَيِسَ مِنْ مَالِكِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ حَيَوَانًا، وَانْظُرْ مَاذَا يَفْعَلُ فِي مُؤْنَتِهِ هَلْ تَكُونُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ هُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالْمَالِ الضَّائِعِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا قِيلَ فِي الْمَالِ الضَّائِعِ مِنْ أَنَّ أَمْرَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَيَدْفَعُهُ لَهُ لِيَحْفَظَهُ إنْ رَجَا مَعْرِفَةَ صَاحِبِهِ وَيَصْرِفُهُ مَصَارِفَ وَأَمْوَالَ بَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَرْجُ وَهَذَا إنْ كَانَ نَاظِرُ بَيْتِ الْمَالِ أَمِينًا وَإِلَّا دَفَعَهُ لِثِقَةٍ يَصْرِفُهُ مَصَارِفَ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَعْرِفْ الْمُلْتَقِطُ مَصَارِفَهُ وَإِلَّا صَرَفَهُ بِنَفْسِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ بَلْ تَكُونُ أَمَانَةً بِيَدِهِ وَهَلْ يُعْتَبَرُ أَنْ يَتَمَلَّكَ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ أَوْ يُعْتَبَرُ مُضِيُّ الْمُدَّةِ الَّتِي يُعَرِّفُ فِيهَا ثُمَّ يَتَمَلَّكُ؟ حَرِّرْ.

وَفِي مَتْنِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْرِيفِ، وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ فِي الْأَوَّلِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ أَخْذِهَا لِلْخِيَانَةِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ وَلَوْ دَفَعَ لُقَطَةً لِقَاضٍ إلَخْ) وَمَعْلُومٌ عَدَمُ جَوَازِ دَفْعِ اللُّقَطَةِ لِقَاضٍ غَيْرِ أَمِينٍ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَأَنَّ الدَّفْعَ لَهُ يَضْمَنُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لَزِمَهَا قَبُولُهَا) أَيْ لَمْ يَلْتَقِطْهَا لِلْخِيَانَةِ وَإِلَّا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْقَبُولُ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ حِينَئِذٍ ضَامِنٌ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ وُجُوبًا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) ضَعِيفٌ وَاَلَّذِي انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ م ر فِي شَرْحِهِ أَنَّ هَذِهِ الْمَعْرِفَةَ مَنْدُوبَةٌ وَأَنَّ التَّعْرِيفَ الْآتِيَ وَاجِبٌ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَعْرِفَةِ عَقِبَ الْأَخْذِ أَمَّا عِنْدَ التَّمَلُّكِ فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ مَا يَرُدُّهُ لِمَالِكِهَا لَوْ ظَهَرَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَصِفَتُهَا) أَيْ الشَّامِلَةُ لِنَوْعِهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ أَهَرَوِيَّةٌ) رَاجِعٌ لِلثِّيَابِ وَالْهَرَوِيَّةُ نِسْبَةٌ لِهَرَاةَ مَدِينَةٌ بِخُرَاسَانَ وَمَرْوِيَّةٌ نِسْبَةٌ إلَى مَرْوَ قَرْيَةٌ بِالْعَجَمِ اهـ. عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَدْرُهَا) وَيُعَرِّفُ أَيْضًا مَحَلَّ الْتِقَاطِهَا وَيُسْتَحَبُّ تَقْيِيدُهَا بِالْكِتَابَةِ خَوْفَ النِّسْيَانِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَيْ وِعَاءَهَا) إطْلَاقُ الْعِفَاصِ عَلَى الْوِعَاءِ تَوَسُّعٌ إذْ أَصْلُهُ جِلْدٌ يُلْبَسُ رَأْسَ الْقَارُورَةِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ تَبَعًا لِلْخَطَّابِيِّ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْقَامُوسِ مُصَرِّحَةٌ بِكَوْنِهِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْوِعَاءِ الَّذِي فِيهِ النَّفَقَةُ جِلْدًا أَوْ خِرَقًا وَغِلَافِ الْقَارُورَةِ وَالْجِلْدِ الَّذِي يُغَطَّى بِهِ رَأْسُهَا اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَوِكَاءَهَا) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَبِالْمَدِّ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلْيَعْرِفْ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ صِدْقَ وَاصِفِهَا أَيْ كَوْنَهُ صَادِقًا أَوْ كَاذِبًا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَا ذَكَرَ وَجَاءَ لَهُ شَخْصٌ وَوَصَفَهَا لَمْ يَعْرِفْ صِدْقَهُ مِنْ كَذِبِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُعَرِّفُهَا إلَخْ) أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَلِّمَهَا لَهُ وَيَكُونُ الْمُعَرِّفُ عَاقِلًا غَيْرَ مَشْهُورٍ بِالْخَلَاعَةِ وَالْمُجُونِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنْ وَثِقَ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ اهـ م ر.

(قَوْلُهُ أَيْضًا ثُمَّ يُعَرِّفُهَا فِي نَحْوِ سُوقٍ سَنَةً) افْهَمْ قَوْلُهُ ثُمَّ عَدَمُ وُجُوبِ فَوْرِيَّةِ التَّعْرِيفِ، وَهُوَ مَا صَحَّحَاهُ لَكِنْ ذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَى وُجُوبِ الْفَوْرِيَّةِ وَاعْتَمَدَهُ الْغَزَالِيُّ قِيلَ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ جَوَازُ التَّعْرِيفِ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ كَعِشْرِينَ سَنَةً، وَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِذَلِكَ عَدَمُ الْفَوْرِيَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالِالْتِقَاطِ اهـ. وَالْأَوْجَهُ مَا تَوَسَّطَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِ تَأْخِيرِهِ عَنْ زَمَنٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015