مُخْتَصٌّ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَمَا أَفَادَتْهُ الْجُمْلَةُ سَوَاءٌ أَجُعِلَتْ أَلْ فِيهِ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَمْ لِلْجِنْسِ أَمْ لِلْعَهْدِ (وَالصَّلَاةُ) وَهِيَ مِنْ اللَّهِ رَحْمَةٌ وَمِنْ الْمَلَائِكَة اسْتِغْفَارٌ وَمِنْ الْآدَمِيِّينَ تَضَرُّعٌ وَدُعَاءٌ (وَالسَّلَامُ) بِمَعْنَى التَّسْلِيمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفِعْلِيُّ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ مُخْتَصٌّ بِاَللَّهِ) أَيْ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ كَمَا أَفَادَتْهُ الْجُمْلَةُ أَيْ لِلْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ الْمُبْتَدَأَ إذَا كَانَ مُعَرَّفًا بِأَلْ يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَى الْخَبَرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ الْمَالِكِيُّ بِقَوْلِهِ
مُبْتَدَأٌ فَاللَّامُ جِنْسٍ عُرِّفَا ... مُنْحَصِرٌ فِي مُخْبَرٍ بِهِ وَفَا
وَإِنْ عَرَى مِنْهَا وَعُرِّفَ الْخَبَرُ ... بِاللَّامِ مُطْلَقًا فَبِالْعَكْسِ اسْتَقَرَّ
وَقَدْ تُعُقِّبَ فِي قَوْلِهِ فَاللَّامُ جِنْسٍ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِهَا لَا يَصِحُّ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى تَعْرِيفِ الْمُبْتَدَأِ بِاللَّامِ مُطْلَقًا فَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ: سَوَاءٌ جُعِلَتْ أَلْ فِيهِ لِلِاسْتِغْرَاقِ إلَخْ وَفِي قَوْلِهِ كَمَا أَفَادَتْهُ الْجُمْلَةُ شَيْءٌ إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ اتِّحَادُ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ لِأَنَّ الْمَعْنَى كَالِاخْتِصَاصِ الَّذِي أَفَادَتْهُ الْجُمْلَةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مُخْتَصٌّ بِاَللَّهِ أَيْ فِي الْوَاقِعِ وَنَفْسِ الْأَمْرِ فَيَكُونُ الِاخْتِصَاصُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُشَبَّهًا بِالِاخْتِصَاصِ الَّذِي أَفَادَتْهُ الْجُمْلَةُ أَيْ بِالِاخْتِصَاصِ مِنْ حَيْثُ فَهِمَهُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ الْمَفْهُومُ مِنْهَا هُوَ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَالتَّغَايُرُ إنَّمَا هُوَ بِالِاعْتِبَارِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) قَرَنَ بَيْنَهُمَا خُرُوجًا مِنْ كَرَاهَةِ إفْرَادِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ فَإِنْ قُلْت قَدْ جَاءَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ غَيْرَ مَقْرُونَةٍ بِالتَّسْلِيمِ فِي آخِرِ التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ فَالْجَوَابُ أَنَّ السَّلَامَ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ اهـ شَرَحَ م ر.
وَقَوْلُهُ مِنْ كَرَاهَةِ إفْرَادِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ قَالَ حَجٌّ وَالْإِفْرَادُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ إنْ اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ أَوْ الْكِتَابُ اهـ بِحُرُوفِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
1 -
(قَوْلُهُ وَالصَّلَاةُ أَيْضًا إلَخْ) آثَرَ الْفَصْلَ بَيْنَ جُمْلَتَيْ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ تَنْبِيهًا عَلَى اسْتِقْلَالِ كُلٍّ بِالتَّأْدِيَةِ وَآثَرَ الْوَصْلَ فِي جُمْلَةِ الصَّلَاةِ تَنْبِيهًا عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَعَالَى بِالْمَتْبُوعِيَّةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَكَمَا أَنَّ لِلَّهِ عَلَيْنَا نِعَمًا لَا تُحْصَى كَذَلِكَ لِنَبِيِّنَا بِهِدَايَتِهِ لَنَا مِنَنٌ لَا تُسْتَقْصَى فَمِنْ ثَمَّ قَرَنَ الصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ عَلَيْهِ بِحَمْدِ اللَّهِ قَضَاءً لِبَعْضِ حَقِّهِ اهـ مُنَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْقَصْدُ بِذَلِكَ الدُّعَاءُ لِأَنَّ الْكَامِلَ يَقْبَلُ زِيَادَةَ التَّرَقِّي فَانْدَفَعَ مَا زَعَمَهُ جَمْعٌ مِنْ امْتِنَاعِ الدُّعَاءِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقِبَ نَحْوِ خَتْمِ الْقُرْآنِ بِاَللَّهُمِ اجْعَلْ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي شَرَفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّ جَمِيعَ أَعْمَالِ أُمَّتِهِ يَتَضَاعَفُ لَهُ نَظِيرُهَا لِأَنَّهُ السَّبَبُ فِيهَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً لَا تُحْصَى فَهِيَ زِيَادَةٌ فِي شَرَفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ ذَلِكَ فَسُؤَالُهُ تَصْرِيحٌ بِالْمَعْلُومِ وَقَدْ أَوْضَحْت ذَلِكَ وَبَيَّنْت دَلِيلَهُ مِنْ السُّنَّةِ فِيمَا عَلَّقْتُهُ مِنْ الْفَتَاوَى انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَهِيَ مِنْ اللَّهِ رَحْمَةٌ إلَخْ) هَذَا الْمَعْنَى لِلصَّلَاةِ لُغَوِيٌّ وَشَرْعِيٌّ كَمَا نَقَلَهُ فِي دَقَائِقِ الْمِنْهَاجِ وَكَمَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ حَيْثُ قَالَ هُنَاكَ: هِيَ لُغَةً مَا مَرَّ أَوَّلَ الْكِتَابِ وَاَلَّذِي مَرَّ هُوَ هَذَا اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارٌ) أَيْ بِلَفْظِهِ أَوْ بِمُرَادِفِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الِاسْتِغْفَارَ بِخُصُوصِ صِيغَتِهِ لِحَدِيثِ إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ اللَّهُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارٌ يُنْظَرُ مَا مَعْنَى اسْتِغْفَارِهِمْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ وَالِاسْتِغْفَارُ طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ وَهُوَ مَعْصُومٌ فَإِنْ قُلْت: الْمُرَادُ الِاسْتِغْفَارُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الَّذِي هُوَ طَلَبُ السِّتْرِ وَقَصْدُ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الذَّنْبِ فَيَرْجِعُ إلَى الْعِصْمَةِ قُلْت بَعْدَ تَسْلِيمِهِ: إنَّمَا يَظْهَرُ فِي اسْتِغْفَارِهِمْ لَهُ فِي حَيَاتِهِ أَمَّا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَا وَإِنْ كَانَ حَيًّا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي دَارِ تَكْلِيفٍ فَإِنْ قُلْت: الْمُرَادُ مِنْ اسْتِغْفَارِهِمْ لَهُ مُطْلَقُ الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ قُلْت: فَمَا حِكْمَةُ الْمُغَايَرَةِ فِي التَّعْبِيرِ بَيْنَ دُعَائِهِمْ وَدُعَاءِ الْمُؤْمِنِينَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ الْآدَمِيِّينَ تَضَرُّعٌ وَدُعَاءٌ) قَالَ شَيْخُنَا: كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَمِنْ غَيْرِهِمَا لِيَشْمَلَ الْجَمَادَ وَبَقِيَّةَ الْحَيَوَانَاتِ اهـ وَمِثْلُهُ لِلْعَلَّامَةِ الشَّنَوَانِيِّ فِي شَرْحِ الْبَسْمَلَةِ لَلْمُؤَلِّف وَنَقَلَ عَنْ شَرْحِ الْمِشْكَاةِ أَنَّهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْحَيَوَانَاتِ كَالْآدَمِيِّ وَأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ شَيْءٌ فِي الْجَمَادَاتِ اهـ أَقُولُ: بَلْ وَرَدَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْجَمَادَاتِ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ فِي سِيرَتِهِ فِي بَابِ ابْتِدَاءِ النُّبُوَّةِ حَيْثُ قَالَ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ حَاجَةَ الْإِنْسَانِ بَعُدَ عَنْ النَّاسِ حَتَّى لَا يَرَى شَيْئًا فَلَا يَمُرُّ بِحَجَرٍ وَلَا شَجَرٍ وَلَا مَدَرٍ إلَّا يَقُولُ: الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْآدَمِيِّ تَضَرُّعٌ وَدُعَاءٌ أَيْضًا) أَيْ بِلَفْظِ الصَّلَاةِ وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الدُّعَاءُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَفْظِ الرَّحْمَةِ فِي غَيْرِ الْوَارِدِ بَلْ يَحْرُمُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ وَذَلِكَ لِمَا فِي لَفْظِ الرَّحْمَةِ مِنْ الْإِشْعَارِ بِاسْتِحْقَاقِ الْعَذَابِ دُونَ لَفْظِ الصَّلَاةِ اهـ ع ش بِنَوْعِ تَصَرُّفٍ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى التَّسْلِيمِ) .