وَفِي رِوَايَةٍ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ أَيْ مَقْطُوعُ الْبَرَكَةِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَحَسَّنَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ
وَجَمَعْت بَيْنَ الِابْتِدَاءَيْنِ عَمَلًا بِالرِّوَايَتَيْنِ وَإِشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا إذْ الِابْتِدَاءُ حَقِيقِيٌّ وَإِضَافِيٌّ فَالْحَقِيقِيُّ حَصَلَ بِالْبَسْمَلَةِ وَالْإِضَافِيُّ حَصَلَ بِالْحَمْدَلَةِ وَقَدَّمْت الْبَسْمَلَةَ عَمَلًا بِالْكِتَابِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْحَمْدُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَكْلِ مَثَلًا مَعَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ الْإِتْيَانُ بِهَا عِنْدَ الِاخْتِتَامِ اهـ ح ف.
لَكِنْ قَوْلُهُ خَاصٌّ بِالْأَقْوَالِ يَرِدُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ كَمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ ابْتِدَاؤُهُ بِالْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ) هُوَ بِالرَّفْعِ أَيْ بِهَذَا اللَّفْظِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ عَلَيْهِ التَّعَارُضُ وَأَمَّا لَوْ قُرِئَ بِالْجَرِّ كَانَ بِمَعْنَى رِوَايَةِ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ وَلَا تَعَارُضَ عَلَيْهَا لِأَنَّ مَعْنَاهَا بِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ الْمَدَابِغِيِّ عَلَى الْخَطِيبِ قَوْلُهُ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ هُوَ بِالرَّفْعِ فَإِنَّ التَّعَارُضَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ: رَفْعِ الْحَمْدُ وَتَسَاوِي الرِّوَايَتَيْنِ وَكَوْنِ رِوَايَةِ الْبَسْمَلَةِ بِبَاءَيْنِ وَكَوْنِ الْبَاءِ صِلَةَ يُبْدَأُ وَأَنْ يُرَادَ بِالِابْتِدَاءِ فِيهِمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَهُوَ أَجْذَمُ) جُمْلَةٌ صُغْرًى مُرَكَّبَةٌ مِنْ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ كُلُّ وَالْعَائِدُ هُوَ مِنْ قَوْلِهِ فَهُوَ وَجُمْلَةُ الْحَدِيثِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ كُبْرَى لِوُقُوعِ الْخَبَرِ فِيهَا جُمْلَةً فَلَا مَحَلَّ لَهَا مِنْ الْإِعْرَابِ لِاسْتِئْنَافِهَا اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَهُوَ أَجْذَمُ أَيْضًا) عِبَارَةُ الْقَامُوسِ الْأَجْذَمُ الْمَقْطُوعُ الْيَدُ أَوْ الذَّاهِبُ الْأَنَامِلُ وَالْجُذَامُ كَغُرَابٍ عِلَّةٌ تَحْدُثُ مِنْ انْتِشَارِ السَّوَادِ فِي الْبَدَنِ كُلِّهِ اهـ وَهَذَا التَّرْكِيبُ وَنَحْوُهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ بِحَذْفِ الْأَدَاةِ وَالْأَصْلُ هُوَ كَالْأَجْذَمِ فِي عَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ الِاسْتِعَارَةِ وَلَا يَضُرُّ الْجَمْعُ فِيهِ بَيْنَ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَمْتَنِعُ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ يُنْبِئُ عَنْ التَّشْبِيهِ لَا مُطْلَقًا لِلتَّصْرِيحِ بِكَوْنِهِ اسْتِعَارَةً فِي نَحْوِ قَدْ زَرَّ أَزْرَارَهُ عَلَى الْقَمَرِ عَلَى أَنَّ الْمُشَبَّهَ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ مَحْذُوفٌ وَالْأَصْلُ هُوَ نَاقِصٌ كَالْأَجْذَمِ فَحَذَفَ الْمُشَبَّهَ وَهُوَ النَّاقِصُ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِاسْمِ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَصَارَ الْمُرَادُ مِنْ الْأَجْذَمِ النَّاقِصِ وَعَلَيْهِ فَلَا جَمْعَ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ بَلْ الْمَذْكُورُ اسْمُ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَقَطْ اهـ ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ إنَّمَا يَمْتَنِعُ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا هُنَا مِنْ قَبِيلِ الْجَمْعِ الَّذِي يُنْبِئُ عَنْ التَّشْبِيهِ لِأَنَّ ضَابِطَهُ أَنْ يَكُونَ الْمُشَبَّهُ بِهِ خَبَرًا عَنْ الْمُشَبَّهِ أَوْ صِفَةً لَهُ أَوْ حَالًا مِنْهُ وَمَا هُنَا مِنْ قَبِيلِ الْأَوَّلِ فَكَلَامُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ.
(قَوْلُهُ أَيْ مَقْطُوعُ الْبَرَكَةِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْجُذَامِ فِي الْقَطْعِ مَجَازٌ ثُمَّ إنْ كَانَتْ عَلَاقَتُهُ الْمُشَابَهَةَ بِأَنْ شَبَّهَ نَقْصَ الْبَرَكَةِ بِقَطْعِ الْعُضْوِ فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ تَصْرِيحِيَّةٌ تَحْقِيقِيَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ الْعَلَاقَةُ اسْتِعْمَالَ الْمَلْزُومِ فِي اللَّازِمِ وَهُوَ مُطْلَقُ الْقَطْعِ ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْهُ إلَى قَطْعِ الْبَرَكَةِ فَمَجَازٌ مُرْسَلٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَيْ مَقْطُوعُ الْبَرَكَةِ أَيْضًا) يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بَرَكَةَ فِيهِ أَصْلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ بَرَكَةً قَطْعًا إلَّا أَنَّهَا نَاقِصَةٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَنْفِيَّ الْبَرَكَةُ التَّامَّةُ أَيْ مَقْطُوعُ الْبَرَكَةِ التَّامَّةِ اهـ ح ف.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ قِيلَ: نَرَى كَثِيرًا مِنْ الْأُمُورِ يُبْدَأُ فِيهَا بِبَسْمِ اللَّهِ وَلَا تَتِمُّ وَكَثِيرًا بِعَكْسِ ذَلِكَ قُلْنَا: لَيْسَ الْمُرَادُ التَّمَامَ الْحِسِّيَّ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ مِنْ كَوْنِهِ نَاقِصًا أَنْ لَا يَكُونَ مُعْتَبَرًا فِي الشَّرْعِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي اُبْتُدِئَ فِيهِ بِغَيْرِ اسْمِ اللَّهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا وَإِنْ كَانَ تَامًّا حِسًّا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ عَمَلًا بِالرِّوَايَتَيْنِ) أَيْ وَاقْتِدَاءً بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَإِشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ إلَخْ) هَذَا السُّؤَالُ لَا يَرِدُ إلَّا إذَا قُلْنَا: إنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِبَسْمِ اللَّهِ وَقَوْلِهِ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ وَنَحْوِهِمَا صِلَةٌ لِيُبْدَأَ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ وَيُمْكِنُ جَعْلُهَا لِلِاسْتِعَانَةِ وَالِاسْتِعَانَةُ بِشَيْءٍ لَا تُنَافِي الِاسْتِعَانَةَ بِآخَرَ أَوْ لِلْمُلَابَسَةِ وَهِيَ تَصْدُقُ بِوُقُوعِ الِابْتِدَاءِ بِالشَّيْءِ عَلَى وَجْهِ الْجُزْئِيَّةِ وَبِذِكْرِهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الشَّيْءِ بِلَا فَصْلٍ فَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ أَحَدُهُمَا جُزْءًا مِنْ الْآخَرِ وَيُذْكَرُ الْآخَرُ قَبْلَهُ بِدُونِ فَصْلٍ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالِابْتِدَاءِ مِنْ التَّلَبُّسِ بِهِمَا عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّكِ بِالْفِعْلِ الْمَبْدُوءِ بِهِمَا لَا فِي ابْتِدَائِهِ فَقَطْ اهـ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ فِي حَاشِيَةِ الْعَقَائِدِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ إذْ الِابْتِدَاءُ حَقِيقِيٌّ إلَخْ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: حَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ دَفْعُ التَّعَارُضِ بِحَمْلِ الِابْتِدَاءِ فِي خَبَرِ الْبَسْمَلَةِ عَلَى الْحَقِيقِيِّ وَفِي خَبَرِ الْحَمْدَلَةِ عَلَى الْإِضَافِيِّ فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ التَّعَارُضَ كَمَا يَنْدَفِعُ بِهَذَا يَنْدَفِعُ بِعَكْسِهِ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى إيثَارِ هَذَا وَيُجَابُ بِأَنَّ الدَّلِيلَ عَلَيْهِ مُوَافَقَةُ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَإِلَى ذَلِكَ يُشِيرُ قَوْلُهُ وَقُدِّمَتْ الْبَسْمَلَةُ إلَخْ اهـ سم عَلَى الْبَهْجَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَالْإِضَافِيُّ بِالْحَمْدَلَةِ) الْمُرَادُ أَنَّ الْإِضَافِيَّ الَّذِي لَيْسَ بِحَقِيقِيٍّ حَصَلَ بِالْحَمْدَلَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الِابْتِدَاءَ بِالْبَسْمَلَةِ حَقِيقِيٌّ وَإِضَافِيٌّ لِأَنَّ الْحَقِيقِيَّ هُوَ الَّذِي لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَالْإِضَافِيُّ هُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ عَلَى غَيْرِهِ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ أَوْ لَا فَالْإِضَافِيُّ أَعَمُّ مِنْ الْحَقِيقِيِّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ عَمَلًا بِالْكِتَابِ وَالْإِجْمَاعِ) عَبَّرَ فِي جَانِبِ الْكِتَابِ أَوَّلًا بِالِاقْتِدَاءِ وَثَانِيًا بِالْعَمَلِ لَعَلَّهُ لِلتَّفَنُّنِ وَالْمُرَادُ بِالْإِجْمَاعِ الْإِجْمَاعُ