(كَبُرٍّ ابْتَلَّ) وَإِنْ تَعَذَّرَ تَجْفِيفُهُ؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ بَلْ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عِنْدَ تَعَذُّرِ تَجْفِيفِهِ عَلَى بَيْعِهِ وَجَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا مَكَانَهُ.
(وَصَحَّ رَهْنٌ مُعَارٍ بِإِذْنٍ) مِنْ مَالِكِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّوْثِقَةُ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِهِ (وَتَعَلَّقَ بِهِ) لَا بِذِمَّةِ الْمُعِيرِ (الدَّيْنُ فَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِهِ) أَيْ الدَّيْنِ (، وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ) كَحُلُولٍ وَتَأْجِيلٍ وَصِحَّةٍ وَتَكْسِيرٍ (وَمُرْتَهِنٍ) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ وَإِذَا عَيَّنَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَجُزْ مُخَالَفَتُهُ نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ قَدْرًا فَرَهَنَ بِدُونِهِ جَازَ (وَبَعْدَ قَبْضِهِ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ الْمُعَارَ (لَا رُجُوعَ فِيهِ) لِمَالِكِهِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الرَّهْنِ مَعْنَى أَمَّا قَبْلَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ (وَلَا ضَمَانَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُرْتَهِنِ لَا يَبْطُلُ بِاحْتِيَاجِهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ حَقَّ الْمُشْتَرِي يَبْطُلُ نَعَمْ إنْ رَهَنَهُ بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ قَبْلَ جُذَاذِهِ وَلَمْ يَشْرِطْ الْقَطْعَ وَلَا عَدَمَهُ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْإِبْقَاءُ إلَى الْجُذَاذِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ رَهَنَ شَيْئًا عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهُ عِنْدَ الْمَحَلِّ إلَّا بَعْدَ أَيَّامٍ وَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى مَصَالِحِهَا مِنْ نَحْوِ سَقْيٍ وَجُذَاذٍ وَتَجْفِيفٍ وَلِكُلٍّ الْمَنْعُ مِنْ الْقَطْعِ قَبْلَ الْجُذَاذِ لَا بَعْدَهُ وَمَا يُخْشَى اخْتِلَاطُهُ بِالْحَادِثِ كَاَلَّذِي يُسْرِعُ فَسَادُهُ وَرَهْنُ مَا اشْتَدَّ حَبُّهُ كَبَيْعِهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ طُرُوُّ مَا عَرَّضَهُ لَهُ) مِثْلُ هَذَا مَا لَوْ مَرِضَ الْحَيَوَانُ مَرَضًا مَخُوفًا فَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى بَيْعِهِ وَيَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا ذَكَرَهُ فِي الْقُوتِ قَالَ فَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ أَنَا أَبْذُلُ الْقِيمَةَ لِيَكُونَ رَهْنًا وَلَا أَبِيعُ فَالظَّاهِرُ إجَابَتُهُ اهـ. سم
(قَوْلُهُ: كَبُرٍّ ابْتَلَّ) قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ هَذَا مِثَالٌ لِلْمَرْهُونِ الَّذِي طَرَأَ عَلَيْهِ مَا عَرَّضَهُ لِلْفَسَادِ لَا لِلسَّبَبِ فَلَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى كَابْتِلَالِ بُرٍّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ) أَلَا تَرَى أَنَّ بَيْعَ الْآبِقِ بَاطِلٌ وَلَوْ أَبَقَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَنْفَسِخْ شَرْحُ م ر اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: عَلَى بَيْعِهِ) أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ وَخَرَجَ بِهَذَا الْقَيْدِ قَبْلَهُ فَلَا يُبَاعُ قَهْرًا عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ غَيْرُ لَازِمٍ حِينَئِذٍ وَهَلْ يَبِيعُهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ لَهُ فِي بَيْعِهِ وَيَكُونُ؛ إذْنُهُ هَذَا مُسْتَلْزِمًا لِتَقْدِيرِ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ عَنْ الرَّهْنِ فَيَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا أَوْ لَا يُبَاعُ لَا نَظَرَ لِإِذْنِهِ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ لُزُومِ الرَّهْنِ الْمُقْتَضِي لِتَسْلِيطِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى بَيْعِهِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَيَأْتِي قُبَيْلَ الرُّكْنِ الثَّانِي مَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا ارْهَنْ عَبْدَك هَذَا مِنْ فُلَانٍ بِدَيْنِهِ عَلَيَّ مُتَضَمِّنًا لِقَبْضِهِ فَكَذَا؛ إذْنُهُ فِي بَيْعِهِ هُنَا بَلْ قَدْ يُقَالُ هَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ وَجْهَ عَقْدِ الرَّهْنِ الْمُسْتَدْعِي لُزُومَهُ إلَى تَقْدِيرِ الْقَبْضِ وَلَا كَذَلِكَ ثَمَّ وَعَلَى الثَّانِي فَهَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ عَنْ الرَّاهِنِ وَيَكُونُ وَكِيلًا عَنْهُ بِإِذْنِهِ لَهُ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي ثَمَنِهِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي بَيْعِهِ مُطْلَقًا بَلْ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ الَّذِي يَلْزَمُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَجَعَلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا مَكَانَهُ) هَلْ يَكُونُ رَهْنًا بِدُونِ جُعْلٍ اهـ. سم وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي الْبَدَلِ لِوُجُوبِ جَعْلِهِ مَكَانَهُ ثُمَّ رَأَيْته فِي الْإِيعَابِ جَزَمَ بِأَنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ رَهْنًا مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّ رَهْنٌ مُعَارٍ) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَرْهُونِ مِلْكًا لِلرَّاهِنِ بَلْ يَصِحُّ وَلَوْ مُعَارًا اهـ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمُعِيرُ رَبَّ الدَّيْنِ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِعَدَمِ انْطِبَاقِ ضَابِطِ الرَّهْنِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَأَنَّهُ رَهَنَ مَالَهُ مِنْهُ عَلَى مَالِهِ وَلَا مَعْنَى لَهُ.
(فَرْعٌ) لَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالرَّاهِنُ فِي الْإِذْنِ لَهُ فِي وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَرَهْنِهِ وَعَدَمِهِ فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ لَهُ فِي الْقَبْضِ وَعَلَيْهِ فَإِذَا تَلِفَ الْمَرْهُونُ ضَمِنَ بِأَقْصَى الْقِيَمِ اهـ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ وَصَحَّ رَهْنٌ مُعَارٌ بِإِذْنٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ ضِمْنِيَّةً كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ ارْهَنْ عَبْدَك عَلَى دَيْنِي فَفَعَلَ فَإِنَّهُ كَمَا لَوْ قَبَضَهُ وَرَهَنَهُ وَشَمَلَ كَلَامُهُمْ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ فَتَصِحُّ إعَارَتُهَا لِذَلِكَ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ وَأَلْحَقَ بِذَلِكَ مَا لَوْ أَعَارَهُمَا لِذَلِكَ وَصَرَّحَ بِالتَّزْيِينِ بِهِمَا أَوْ لِلضَّرْبِ عَلَى صُورَتِهِمَا وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ إعَارَتُهُمَا فِي ذَلِكَ اسْتِقْلَالًا وَلَوْ قَالَ لَهُ الْمَالِكُ ضَمِنْت مَا لِفُلَانٍ عَلَيْك فِي رَقَبَةِ عَبْدِي مِنْ غَيْرِ قَبُولِ الْمَضْمُونِ لَهُ كَفَى وَكَانَ كَالْإِعَارَةِ لِلرَّهْنِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَا بِذِمَّةِ الْمُعِيرِ) حَتَّى لَوْ مَاتَ الْمُعِيرُ لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ وَلَوْ تَلِفَ الْمَرْهُونُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِهِ إلَخْ) وَعِلْمُ الْمُعِيرِ بِالدَّيْنِ مُغَنٍّ عَنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْأُمُورِ كَمَا فِي الْإِيعَابِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ:، وَقَدْرُهُ) ذَكَرَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ ارْهَنْ عَبْدِي بِمَا شِئْت صَحَّ أَنْ يَرْهَنَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ مِنْ صِحَّةٍ لِتَنْتَفِعَ بِهِ مَا شِئْت وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الدَّيْنِ. اهـ. م ر اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: وَصِفَتُهُ) وَمِنْ ذَلِكَ كَوْنُهُ عَنْ دَيْنِ الْقَرْضِ أَوْ غَيْرِهِ فِيمَا لَوْ كَانَا عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ اهـ. حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ قَدْرًا إلَخْ) وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ عَيَّنَ لَهُ أَجَلًا فَرَهَنَ بِأَقَلَّ مِنْهُ جَازَ وَنَازَعَ فِيهِ شَيْخُنَا وَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ قَدْ يَقْدِرُ عَلَى تَخْلِيصِهِ بِفَكِّهِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي عَيَّنَهُ دُونَ غَيْرِهِ وَلَوْ عَيَّنَ لَهُ زَيْدًا فَرَهَنَ مِنْ وَكِيلِهِ أَوْ عَكْسِهِ لَمْ يَجُزْ وَكَذَا لَوْ عَيَّنَ لَهُ وَلِيُّ مَحْجُورٍ فَرَهَنَ مِنْ الْمَحْجُورِ بَعْدَ كَمَالِهِ وَزَوَالِ الْحَجْرِ وَلَوْ عَيَّنَ قَدْرًا فَزَادَ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ لَا فِي الزَّائِدِ فَقَطْ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ: وَبَعْدَ قَبْضِهِ إلَخْ) الْبَعْدِيَّةُ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَهَا فَيَخْرُجُ بِهَا مَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ وَيَضْمَنُهُ الرَّاهِنُ إنْ تَلِفَ (قَوْلُهُ: وَلَا ضَمَانَ لَوْ تَلِفَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ بِهِ الْإِذْنُ لِلرَّاهِنِ فِي وَضْعِ الْمَرْهُونِ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ اهـ. حَلَبِيٌّ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ بَطَلَ الْخُصُوصُ وَهُوَ التَّوَثُّقُ لَا يَبْطُلُ الْعُمُومُ وَهُوَ