في الحقيقة وإن كان العصيان في غير التشريع وكان أمره جازماً فعصيانه من الجفاء والغواية ولا يذانه برقة الديانة وضعف احترام الرسول وهو لا ينطوي عليه قلب مليء إيماناً. وإن كان أمره إشارة على غير وجه جازم فلا ضير في عدم امتثاله ولذلك لما كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة لتراجع زوجها مغثيثاً قالت: أتأمرني يا رسول الله فقال بل أتشفع فقالت لا حاجة لي به ولم يلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمن ترك هذا التنبيه كان مذموماً لما فاته من الإشارة اللطيفة. أما حديث أحب غليه مما سواهما فإنما سوغه أن السواءية ليست أمراً متفاوتاً في جنب الله ورسوله بل هي متواطي فليس في العدول عن جمع الضمير إلى العطف فيه شيء زائد على ما في الإضمار فترجح الإضمار بكونه الاعتبار المناسب ولا مقتضى للعدول عنه هذا خلاصة ما لاح لي في الجواب، وبه تندفع التوقفات التي عرضت لذوي الألباب. فأبقت الأشكال بعد طول البحث وراء حجاب، وهذا الخطيب الذي جرى ذكره قيل هو ثابت بن قيس بن شماس الصحابي خطيب الأنصار. وقيل هو عدي بن حاتم الطاءي.
وعز الدين ابن عبد السلام هو عبد العزيز بن عبد السلام الشافعي الشامي ثم المصري ولد سنة 577 سبع وسبعين وخمسمائة وتوفي سنة 660 ستين وستمائة كان إماماً قدوة واسع العلم شديداً في الحق نشأ بالشام إلى أثناء أيام الصالح إسماعيل الملقب بابي الجيش فلما استغاث إسماعيل