غير خطبه بل في مقام التعليم وإلى هذا مال النووي. والمصنف ذكر وجهين آخرين كلاهما ضعيف أما الال وهو الاحتقار في جانب الخطيب الذي نقله عن عز الدين ابن عبد السلام فهو راجع إلى أن وجه النهي المحافظة على دين الخطيب من الطعن فيكون وجه ذمة أنه لم يعرف واجب التوقي مما يجر إلى العطن أو اللمز وهذا من أهم وظائف الخطباء وقد أشار عياض في الإكمال إلى مثل هذا الجواب بإجمال ويضعفه أن الخطيب من جهة أخرى لا يتلقى كلامه بالقبول ما لم يوافق الدليل فلا يوهم كلامه المساواة أما كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيوهمها فربما كان كلامه مما يجزئ أمثال هذا الخطيب على الاعتذار بمثله. وأما الجواب الذي ذكره عن بعض الفضلاء ففاسد لأنا لم نعهد في الاستعمال أن توحيد الجملة يسوغ الإضمار وتكريرها يوجب الإظهار لأن المقام للإضمار متى علم المعاد في الكلام سواء تكررت الجملة أم انفردت والعدول عن الظاهر يحتاج إلى نكتة في الأمرين كما يعرف من البلغة. وإذا لم يغن الجوابان في دفع الإشكال شيئاً فقد تعين علينا أن ندفعه وذلك بأن العدول عن الجمع بالضمير إلى العطف مؤذن بغرض يستلفت المتكلم إليه ذهن المخاطب كما في العدول عن التثنية إلى العطف في قول الفرزدق يرثي محمد بن يوسف الثقف أخا الحجاج ومحمد بن الحجاج وقد ماتا في يوم احد.

إن الرزية لا رزية مثلها ... فقدان مثل محمد ومحمد

ومن شأن الخطيب اللبيب أن يتنبه لأمثال هاته الدقائق فكان من حقه أن يقول ومن يعص الله ورسوله لينبه على أن معصية الله هي العظمى وأن معصية الرسول إن كانت في التشريع فهي مثلها لأنها معصية الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015