احْتِرَامًا لَهُ

(وَحَرُمَ نَقْلُهُ) قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ مَحَلِّ مَوْتِهِ (إلَى) مَحَلٍّ (أَبْعَدَ مِنْ مَقْبَرَةِ مَحَلِّ مَوْتِهِ) لِيُدْفَنَ فِيهِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَيَحْرُمُ نَقْلُهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ (إلَّا مَنْ بِقُرْبِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَإِيلِيَاءَ) أَيْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَا يَحْرُمُ نَقْلُهُ إلَيْهَا بَلْ يُخْتَارُ لِفَضْلِ الدَّفْنِ فِيهَا.

(وَ) حَرُمَ (نَبْشُهُ) قَبْلَ الْبَلَاءِ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِتِلْكَ الْأَرْضِ (بَعْدَ دَفْنِهِ) لِنَقْلٍ وَغَيْرِهِ كَتَكْفِينٍ وَصَلَاةٍ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِيهِ هَتْكًا لِحُرْمَتِهِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ كَدَفْنٍ بِلَا طُهْرٍ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَيِّتِ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ فَإِنْ كَانَ مُجَرَّدُ التَّجَبُّرِ وَالظُّلْمِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهِ لَمْ يُحْتَرَمْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يُطْلَبْ الْإِبْعَادُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ خَيْرٍ وَعَدْلٍ اُحْتُرِمَ وَطَلَبُ الْإِبْعَادِ بِحَسَبِ الْحَالِ م ر قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ مَعَهُ الْبُعْدَ وَقَدْ أَوْصَى بِالْقُرْبِ مِنْهُ قَرُبَ مِنْهُ لِأَنَّهُ حَقُّهُ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَيَاةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ سم (قَوْلُهُ: احْتِرَامًا لَهُ) وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا كَرَاهَةُ مَا عَلَيْهِ عَامَّةُ زُوَّارِ الْأَوْلِيَاءِ مِنْ دَقِّهِمْ التَّوَابِيتَ وَتَعَلُّقِهِمْ بِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالسُّنَّةُ فِي حَقِّهِمْ التَّأَدُّبُ فِي زِيَارَتِهِمْ وَعَدَمُ رَفْعِ الصَّوْتِ عِنْدَهُمْ وَالْبَعْدُ عَنْهُمْ قَدْرَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زِيَارَتِهِمْ فِي الْحَيَاةِ تَعْظِيمًا لَهُمْ وَإِكْرَامًا قَالَ حَجّ وَالْتِزَامُ الْقَبْرِ أَوْ مَا عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ تَابُوتٍ وَلَوْ قَبَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَحْوِ يَدِهِ وَتَقْبِيلُهُ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ قَبِيحَةٌ وَأَفْتَى م ر بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ قَصَدَ بِتَقْبِيلِهِمَا التَّبَرُّكَ ز ي.

(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ نَقْلُهُ) أَيْ وَإِنْ أَمِنَ التَّغَيُّرَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَأْخِيرِ دَفْنِهِ الْمَأْمُورِ بِتَعْجِيلِهِ وَتَعْرِيضِهِ لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: قَبْلَ دَفْنِهِ، أَمَّا بَعْدَ دَفْنِهِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَحَرُمَ نَبْشُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ مَقْبَرَةِ مَحَلِّ مَوْتِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ دَفْنَ أَهْلِ أُنْبَابَةَ مَوْتَاهُمْ فِي الْقَرَافَةِ لَيْسَ مِنْ النَّقْلِ الْمُحَرَّمِ لِأَنَّ الْقَرَافَةَ صَارَتْ مَقْبَرَةً لِأَهْلِ أُنْبَابَةَ فَالنَّقْلُ إلَيْهَا لَيْسَ نَقْلًا مِنْ مَقْبَرَةِ مَحَلِّ مَوْتِهِ وَهُوَ أُنْبَابَةُ م ر أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ اعْتَادَ الدَّفْنَ فِيهَا أَوْ فِي أُنْبَابَةَ فِيمَا يَظْهَرُ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ مَقَابِرُ مُتَعَدِّدَةٌ كَبَابِ النَّصْرِ وَالْقَرَافَةِ وَالْأَزْبَكِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ مِصْرَ فَلَهُ الدَّفْنُ فِي أَيُّهَا شَاءَ لِأَنَّهَا مَقْبَرَةُ بَلَدِهِ بَلْ لَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ سَاكِنًا بِقُرْبِ أَحَدِهَا جِدًّا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: إلَّا مَنْ بِقُرْبِ مَكَّةَ) الْمُرَادُ بِالْقُرْبِ مَسَافَةٌ لَا يَتَغَيَّرُ الْمَيِّتُ فِيهَا قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهَا وَالْمُرَادُ بِمَكَّةَ جَمِيعُ الْحَرَمِ لَا نَفْسُ الْبَلَدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ: وَلَا يَنْبَغِي التَّخْصِيصُ بِالثَّلَاثَةِ بَلْ لَوْ كَانَ بِقُرْبِ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْخَيْرِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّخْصَ يَقْصِدُ الْجَارَ الْحَسَنَ وَلَوْ أَوْصَى بِنَقْلِهِ مِنْ مَحَلِّ مَوْتِهِ إلَى مَحَلٍّ مِنْ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ نَفَذَتْ وَصِيَّتُهُ حَيْثُ قَرُبَ وَأُمِنَ التَّغَيُّرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِنَقْلِهِ مِنْ مَحَلِّ مَوْتِهِ إلَى مَحَلٍّ غَيْرِ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ فَيَحْرُمُ تَنْفِيذُهَا وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِهِ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ دَفْنِهِ إذَا أَوْصَى بِهِ وَوَافَقَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ هُوَ قَبْلَ التَّغَيُّرِ وَاجِبٌ هَذَا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ نَقْلِهِ بَعْدَ دَفْنِهِ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ فِي ع ب وَلَا أَثَرَ لِوَصِيَّتِهِ وَلَوْ تَعَارَضَ الْقُرْبُ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْمَذْكُورَةِ وَدَفْنُهُ بَيْنَ أَهْلِهِ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَإِيلِيَاءَ) بِوَزْنِ كِبْرِيَاءَ وَحُكِيَ قَصْرُ أَلِفِهِ وَتَشْدِيدُ الْيَاءِ أَيْضًا، وَقَالَ فِي الْمَطَالِعِ بِحَذْفِ الْيَاءِ الْأُولَى وَكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِالْمَدِّ وَيُقَالُ الْإِلْيَاءُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَهُوَ غَرِيبٌ وَمَعْنَاهُ بَيْتُ اللَّهِ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ نَقْلُهُ إلَيْهَا) مَحَلُّ جَوَازِهِ نَقْلُهُ بَعْدَ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِتَوَجُّهِ فَرْضِ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ مَحَلِّ مَوْتِهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ بِجَوَازِ نَقْلِهِ قَالَهُ ابْنُ شُهْبَةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ نَحْوُ السَّيْلِ يَعُمُّ مَقْبَرَةَ الْبَلَدِ وَيُفْسِدُهَا جَازَ لَهُمْ النَّقْلُ إلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: يَعُمُّ مَقْبَرَةَ الْبَلَدِ وَيُفْسِدُهَا أَيْ وَلَوْ فِي بَعْضِ فُصُولِ السَّنَةِ كَأَنْ كَانَ الْمَاءُ يُفْسِدُهَا زَمَنَ النِّيلِ دُونَ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ نَقْلُهُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَقَوْلُهُ: جَازَ لَهُمْ النَّقْلُ إلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ وَلَوْ لِبَلَدٍ آخَرَ لِيَسْلَمَ الْمَيِّتُ مِنْ الْفَسَادِ وَهَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ شَهِيدٍ، أَمَّا هُوَ فَلَا يُنْقَلُ أَيْ وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ أَحَدِ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُرَدُّوا إلَى مَصَارِعِهِمْ وَكَانُوا نُقِلُوا إلَى الْمَدِينَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَالرَّشِيدِيِّ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْبَلَاءِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ مَعَ الْقَصْرِ وَبِفَتْحِهَا مَعَ الْمَدِّ ح ف (قَوْلُهُ: إلَّا لِضَرُورَةٍ) وَلَيْسَ مِنْهَا مَا لَوْ كُفِّنَ فِي حَرِيرٍ فَلَا يَجُوزُ نَبْشُهُ لِتَجْرِيدِهِ عَنْهُ لِأَنَّ الْكَفَنَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: كَدَفْنٍ بِلَا طُهْرٍ) وَكَمَا لَوْ دُفِنَتْ امْرَأَةٌ حَامِلٌ بِجَنِينٍ تُرْجَى حَيَاتُهُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ فَيُشَقُّ جَوْفُهَا وَيُخْرَجُ إذْ شَقُّهُ لَازِمٌ قَبْلَ دَفْنِهَا أَيْضًا فَإِنْ لَمْ تُرْجَ حَيَاتُهُ فَلَا لَكِنْ يُتْرَكُ دَفْنُهَا إلَى مَوْتِهِ ثُمَّ تُدْفَنُ م ر وَقَوْلُهُ لَكِنْ يُتْرَكُ دَفْنُهَا إلَى مَوْتِهِ أَيْ لَوْ تَغَيَّرَتْ لِئَلَّا يُدْفَنَ الْحَمْلُ حَيًّا ع ش

طور بواسطة نورين ميديا © 2015