وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا، وَذَكَرَ وَقْتَ الِاسْتِوَاءِ وَالطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ» (وَالسُّنَّةُ) لِلدَّفْنِ (غَيْرُهُمَا) أَيْ غَيْرُ اللَّيْلِ وَغَيْرُ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَتَعْبِيرِي بِهَذَا الْمُوَافِقِ لِعِبَارَةِ الرَّوْضَةِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَغَيْرُهُمَا أَفْضَلُ وَإِنْ أُوِّلَ أَفْضَلُ بِمَعْنَى فَاضِلٍ

(وَدَفْنٌ بِمَقْبَرَةٍ أَفْضَلُ) مِنْهُ بِغَيْرِهَا لِيَنَالَ الْمَيِّتُ دُعَاءَ الْمَارِّينَ وَالزَّائِرِينَ (وَكُرِهَ مَبِيتٌ بِهَا) لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَحْشَةِ

(وَدَفْنُ اثْنَيْنِ مِنْ جِنْسٍ) ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ ابْتِدَاءً (بِقَبْرٍ) بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) كَكَثْرَةِ الْمَوْتَى لِوَبَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَيُقَدَّمُ) فِي دَفْنِهِمَا إلَى جِدَارِ الْقَبْرِ (أَفْضَلُهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ أَيُّهُمَا أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ فَإِذَا أُشِيرَ إلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ» (لَا فَرْعٌ) فَلَا يُقَدَّمُ (عَلَى أَصْلٍ) مِنْ جِنْسِهِ فَيُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ وَالْأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ وَإِنْ كَانَتْ أَفْضَلَ مِنْهَا لِحُرْمَةِ الْأُمُومَةِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْأُنُوثَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَيُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى أُمِّهِ لِفَضِيلَةِ الذُّكُورَةِ (وَلَا صَبِيٌّ عَلَى رَجُلٍ) بَلْ يُقَدَّمُ الرَّجُلُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ وَالتَّصْرِيحُ بِكَرَاهَةِ الدَّفْنِ مَعَ قَوْلِي مِنْ جِنْسٍ وَقَوْلِي لَا فَرْعٌ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِالْجِنْسِ مَا لَوْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ حَقِيقَةً كَذَكَرٍ وَأُنْثَى أَوْ احْتِمَالًا كَخُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ أَوْ زَوْجِيَّةٌ أَوْ سَيِّدِيَّةٌ كُرِهَ دَفْنُهُمَا بِقَبْرٍ وَإِلَّا حَرُمَ بِلَا تَأَكُّدِ ضَرُورَةٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَنْ نَقْبُرَ) بَابُهُ ضَرَبَ وَنَصَرَ أَيْ نَدْفِنَ وَأَمَّا ضَبْطُهُ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْبَاءِ مِنْ أَقْبَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21] فَغَلَطٌ لِأَنَّ مَعْنَى أَقْبَرَهُ فِي الْآيَةِ صَيَّرَ لَهُ قَبْرًا وَأَمَّا الَّذِي فِي الْحَدِيثِ فَمَاضِيهِ قَبَرَ بِمَعْنَى دَفَنَ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ وَقْتَ إلَخْ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَفْظُ ذَكَرَ إمَّا مِنْ الرَّاوِي أَوْ مِنْ الشَّارِحِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَقْتَ الِاسْتِوَاءِ) هِيَ الْأَوْقَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالزَّمَنِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَقْتَ الْمُتَعَلِّقَ بِالْفِعْلِ كَوَقْتَيْ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ لَيْسَ كَذَلِكَ وَبِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ لَهُ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الصَّوَابُ التَّعْمِيمُ وَهُوَ كَمَا قَالَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَغَيْرُهُمَا أَفْضَلُ) أَيْ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ تَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَهُمَا فِيهِ فَضْلٌ إنْ جُعِلَ عَلَى بَابِهِ وَإِنْ أُوِّلَ فَمَا لَا تَأْوِيلَ فِيهِ أَوْلَى

(قَوْلُهُ: وَدَفْنٌ بِمَقْبَرَةٍ أَفْضَلُ) وَفِي أَفْضَلِ مَقْبَرَةٍ بِالْبَلَدِ أَوْلَى وَيُكْرَهُ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ إلَيْهِ حَاجَةٌ أَوْ مَصْلَحَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهٌ وَإِنَّمَا دُفِنَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي بَيْتِهِ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي مَدْفِنِهِ لِخَوْفِهِمْ مِنْ دَفْنِهِ بِالْمَقَابِرِ مِنْ التَّنَازُعِ وَلِأَنَّ مِنْ خَوَاصِّ الْأَنْبِيَاءِ دَفْنُهُمْ بِمَحَلِّ مَوْتِهِمْ أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَ الدَّفْنُ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نُقِلُوا كَأَنْ مَاتُوا عَلَى سَقْفٍ لَا يَتَأَتَّى الدَّفْنُ فِيهِ فَالظَّاهِرُ دَفْنُهُمْ تَحْتَ الْمَوْضِعِ الَّذِي مَاتُوا فِيهِ بِحَيْثُ يُحَاذِيهِ كَمَا فِي حَجّ وَع ش (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ مَبِيتٌ بِهَا) فِي كَلَامِهِ إشْعَارٌ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ الْمُنْفَرِدِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِصَحْرَاءَ أَوْ فِي بَيْتٍ مَسْكُونٍ اهـ وَالتَّفْرِقَةُ أَوْجَهُ بَلْ كَثِيرٌ مِنْ التُّرَبِ مَسْكُونَةٌ كَالْبُيُوتِ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِيهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ كَانَ مُنْفَرِدًا فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي زَمَنِنَا فِي الْمَبِيتِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ زِيَارَةٍ لَمْ يُكْرَهْ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ: وَدَفْنُ اثْنَيْنِ مِنْ جِنْسٍ) أَيْ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسٍ وَهُنَاكَ مَحْرَمِيَّةٌ فَمَدَارُ الْجَوَازِ عِنْدَهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ عَلَى اتِّحَادِ الْجِنْسِ أَوْ اخْتِلَافِهِ مَعَ الْمَحْرَمِيَّةِ وَنَحْوِهَا كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ: ابْتِدَاءً، أَمَّا دَوَامًا بِأَنْ يُفْتَحَ عَلَى الْمَيِّتِ وَيُوضَعَ عِنْدَهُ مَيِّتٌ آخَرُ فَيَحْرُمُ وَلَوْ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ أَوْ مَعَ مَحْرَمِيَّةٍ وَالْمُعْتَمَدُ التَّحْرِيمُ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ مُطْلَقًا ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مَحْرَمِيَّةٌ وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ التَّأَذِّي م ر وع ش وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالِاثْنَيْنِ وَاحِدٌ وَبَعْضُ بَدَنِ آخَرَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ (قَوْلُهُ: كَكَثْرَةِ الْمَوْتَى) أَيْ وَعُسْرِ إفْرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَبْرٍ. اهـ. م ر فَمَتَى سَهُلَ إفْرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَبْرٍ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِمَا اُعْتِيدَ الدَّفْنُ فِيهِ بَلْ حَيْثُ أَمْكَنَ وَلَوْ فِي غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ بَعِيدًا وَجَبَ حَيْثُ كَانَ يُعَدُّ مَقْبَرَةً لِلْبَلَدِ وَسَهُلَ زِيَارَتُهُ ع ش (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ أَفْضَلُهُمَا) وَهُوَ الْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ) قِيلَ الْمُرَادُ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ إذْ لَا يَجُوزُ تَجْرِيدُهُمَا بِحَيْثُ تَتَلَاقَى بَشَرَتُهُمَا بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ عَلَى كُلٍّ ثِيَابُهُ وَلَكِنَّهُ يُضْجَعُ بِجَنْبِ الْآخَرِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ وَهَذَا تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ كَانَ وَقْتَ عَجْزٍ وَحِينَئِذٍ فَبَعْضُ الثِّيَابِ الَّتِي وُجِدَتْ كَانَ فِيهِ سَعَةٌ بِحَيْثُ يَسَعُ اثْنَيْنِ يُدْرَجَانِ فِيهِ فَفَعَلَ فِيهِمَا ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَمَاسُّ عَوْرَتَيْهِمَا لِإِمْكَانِ أَنْ يَحْجِزَ بَيْنَهُمَا بِإِذْخِرٍ وَنَحْوِهِ شَرْحُ الْمِشْكَاةِ شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ حَفَرَ قَبْرًا فَوَجَدَ فِيهِ عَظْمَ مَيِّتٍ قَبْلَ فَرَاغِ الْحَفْرِ أَعَادَهُ وَلَمْ يَتِمَّ الْحَفْرُ وَإِنْ ظَهَرَ ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِهِ جَعَلَهُ فِي جَانِبٍ بَعْدَ حَفْرِهِ وَدَفَنَ الْمَيِّتَ بِجَانِبٍ آخَرَ فَإِنْ كَانَ لِلْقَبْرِ لَحْدَانِ وَدُفِنَ بِأَحَدِهِمَا مَيِّتٌ ثُمَّ أُرِيدَ دَفْنُ آخَرَ بِاللَّحْدِ الْآخَرِ لَمْ يَحْرُمْ نَبْشُ الْقَبْرِ حِينَئِذٍ حَيْثُ لَمْ تَظْهَرْ رَائِحَةٌ مِنْ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ ح ل وَز ي (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذِهِ إلَى الْمَفْهُومِ الْآتِي لِأَنَّهَا مِنْ صُورَةِ لَا مِنْ صُوَرِ الْمَنْطُوقِ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْجِنْسِ إلَخْ) هَلْ يُقَدَّمُ الْخُنْثَى عَلَى أُمِّهِ احْتِيَاطًا أَوْ هِيَ؟ قَالَ الشَّيْخُ فِيهِ نَظَرٌ. أَقُولُ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا لِأَنَّ جِهَةَ تَقْدِيمِهَا مُحَقَّقَةٌ بِخِلَافِ الْخُنْثَى شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: كُرِهَ) الْمُعْتَمَدُ تَحْرِيمُ الْجَمْعِ مُطْلَقًا إلَّا لِضَرُورَةٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015