(وَيُوَجَّهُ) لِلْقِبْلَةِ (وُجُوبًا) تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْمُصَلِّي فَلَوْ وُجِّهَ لِغَيْرِهَا نُبِشَ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ لَهَا عَلَى يَسَارِهِ كُرِهَ وَلَمْ يُنْبَشْ وَالتَّصْرِيحُ بِالْوُجُوبِ مِنْ زِيَادَتِي
(وَ) أَنْ (يُسْنَدَ وَجْهُهُ) وَرِجْلَاهُ (إلَى جِدَارِهِ) أَيْ الْقَبْرِ (وَظَهْرُهُ بِنَحْوِ لَبِنَةٍ) كَحَجَرٍ حَتَّى لَا يَنْكَبَّ وَلَا يَسْتَلْقِيَ وَيُرْفَعُ رَأْسُهُ بِنَحْوِ لَبِنَةٍ وَيُفْضَى بِخَدِّهِ الْأَيْمَنِ إلَيْهِ وَإِلَى التُّرَابِ (وَ) أَنْ (يُسَدَّ فَتْحُهُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ التَّاءِ (بِنَحْوِ لَبِنٍ) كَطِينٍ بِأَنْ يُبْنَى بِذَلِكَ ثُمَّ تَسُدُّ فُرَجُهُ بِكِسَرِ لَبِنٍ وَطِينٍ أَوْ نَحْوِهِمَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغَ فِي صِيَانَةِ الْمَيِّتِ مِنْ النَّبْشِ وَمِنْ مَنْعِ التُّرَابِ وَالْهَوَامِّ، وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي
(وَكُرِهَ) أَنْ يُجْعَلَ لَهُ (فُرُشٌ وَمِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (وَصُنْدُوقٌ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ) لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إضَاعَةَ مَالٍ أَمَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَى صُنْدُوقٍ لِنَدَاوَةٍ وَنَحْوِهَا كَرَخَاوَةٍ فِي الْأَرْضِ فَلَا يُكْرَهُ وَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ بِهِ إلَّا حِينَئِذٍ.
(وَجَازَ) بِلَا كَرَاهَةٍ (دَفْنُهُ لَيْلًا) مُطْلَقًا (وَوَقْتَ كَرَاهَةِ صَلَاةٍ لَمْ يَتَحَرَّهُ) بِالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَحَرَّاهُ فَلَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ «عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ أُدْخِلُهُ مُسْتَعِينًا بِاسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ وَمَاتَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ أَوْ أَدْفِنُهُ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَسُنَّ زِيَادَةُ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَمَا فِي الْمُنَاوِيِّ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ مُنَاسِبَةٌ لِلْمَقَامِ وَيُسَنُّ أَنْ يَزِيدَ مِنْ الدُّعَاءِ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ كَاللَّهُمَّ افْتَحْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَوَسِّعْ لَهُ فِي قَبْرِهِ فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ مَنْ قِيلَ ذَلِكَ عِنْدَ دَفْنِهِ رَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ الْعَذَابَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ح ف.
(قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ لِلْقِبْلَةِ وُجُوبًا) أَيْ فِي الْمُسْلِمِ وَيُوَجَّهُ الْكَافِرُ لِأَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ وَقَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ بِالرَّفْعِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وُجُوبًا إذْ لَوْ قُرِئَ بِالنَّصْبِ لَكَانَ التَّقْدِيرُ وَسُنَّ أَنْ يُوَجَّهَ وُجُوبًا وَهُوَ فَاسِدٌ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ حِكْمَةُ حَذْفِ أَنْ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةُ الْمُصَلِّي) يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ وُجُوبِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِالْكُفَّارِ عَلَيْنَا وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ اسْتِقْبَالُهُمْ وَاسْتِدْبَارُهُمْ نَعَمْ لَوْ مَاتَتْ ذِمِّيَّةٌ وَفِي جَوْفِهَا جَنِينٌ مُسْلِمٌ بَلَغَ أَوَانَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ جُعِلَ ظَهْرُهَا لِلْقِبْلَةِ وُجُوبًا لِيَتَوَجَّهَ الْجَنِينُ لِلْقِبْلَةِ حَيْثُ وَجَبَ دَفْنُهُ لَوْ كَانَ مُنْفَصِلًا إذْ وَجْهُ الْجَنِينِ لِظَهْرِ أُمِّهِ وَتُدْفَنُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ شَرْحُ م ر، أَمَّا الْمُسْلِمَةُ فَتُرَاعَى هِيَ لَا مَا فِي بَطْنِهَا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَلَوْ وُجِّهَ لِغَيْرِهَا) أَيْ وَلَوْ إلَى السَّمَاءِ فَيَشْمَلُ الْمُسْتَلْقِيَ وَلَوْ رُفِعَتْ رَأْسُهُ فَلَا قُصُورَ فِي عِبَارَتِهِ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ م ر فَإِنْ دُفِنَ مُسْتَدْبَرًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا نُبِشَ حَتْمًا إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَإِلَّا فَلَا
(قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يَنْكَبَّ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَأَنْ يُسْنَدَ وَجْهُهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَلْقِيَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَظَهْرُهُ إلَخْ وَلَا يَجِبُ نَبْشُهُ لَوْ انْكَبَّ أَوْ اسْتَلْقَى بَعْدَ الدَّفْنِ وَكَذَا لَوْ انْهَارَ الْقَبْرُ أَوْ التُّرَابُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ نَبْشُهُ وَإِصْلَاحُهُ أَوْ نَقْلُهُ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ نَعَمْ لَوْ انْهَارَ عَلَيْهِ التُّرَابُ قَبْلَ تَسْوِيَةِ الْقَبْرِ وَقَبْلَ سَدِّهِ وَجَبَ إصْلَاحُهُ ق ل وَبِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِخَدِّهِ الْأَيْمَنِ) أَيْ بَعْدَ إزَالَةِ الْكَفَنِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي إظْهَارِ الذُّلِّ وَقَوْلُهُ: إلَيْهِ أَيْ إلَى نَحْوِ اللَّبِنَةِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَسُدَّ فَتْحَهُ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ مِنْ اسْتِحْبَابِ السَّدِّ جَوَازُ إهَالَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ سَدٍّ وَذَهَبَ جَمْعٌ إلَى وُجُوبِ السَّدِّ وَحُرْمَةِ إهَالَةِ التُّرَابِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِزْرَاءِ بِالْمَيِّتِ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ز ي أَنَّ السَّدَّ إنْ لَزِمَ عَلَى عَدَمِهِ إهَالَةُ التُّرَابِ عَلَى الْمَيِّتِ وَجَبَ وَإِلَّا نُدِبَ وَعَلَى كُلٍّ يُحْمَلُ كَلَامُ جَمْعٍ ح ل وَم ر. (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ لَبِنٍ) أَيْ نَدْبًا وَكَانَ عَدَدُ لَبِنَاتِ لَحْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعُ لَبِنَاتٍ كَمَا فِي مُسْلِمٍ ق ل. (قَوْلُهُ: بِكِسَرِ لَبِنٍ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِهَا شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَطِينٍ) نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ اللَّبِنَ وَحْدَهُ لَا يَكْفِي وَلَا يُنْدَبُ الْأَذَانُ عِنْدَ سَدِّهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَمِخَدَّةٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ) وَجَمْعُهَا مَخَادُّ بِفَتْحِ الْمِيمِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِوَضْعِ الْخَدِّ عَلَيْهَا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ) أَيْ الصُّنْدُوقِ فَالتَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ فِيهِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ، أَمَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إضَاعَةَ مَالٍ) أَيْ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ تَعْظِيمُ الْمَيِّتِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ لِأَنَّ الْإِضَاعَةَ إنَّمَا تَكُونُ مُحَرَّمَةً إذَا لَمْ تَكُنْ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَى صُنْدُوقٍ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ بَقَاءَ الْمَيِّتِ مَطْلُوبٌ وَأَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي لَا تَبْلِيهِ سَرِيعًا أَوْلَى مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي تَبْلِيهِ سَرِيعًا عَكْسُ مَا يُتَوَهَّمُ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ مَطْلُوبٌ لِأَنَّ تَنَعُّمَ الرُّوحِ مَعَ الْبَدَنِ أَلَذُّ مِنْ تَنَعُّمِهَا وَحْدَهَا
(قَوْلُهُ: وَجَازَ دَفْنُهُ لَيْلًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُفِنَ لَيْلًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ كَذَلِكَ بَلْ فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا نَعَمْ يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ مَنْعُ الْكُفَّارِ مِنْ الدَّفْنِ نَهَارًا إنْ أَظْهَرُوهُ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ تَحَرَّاهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ) أَيْ جَوَازُ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ إذْ الْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ تَنْزِيهًا وَهَذَا فِي غَيْرِ حَرَمِ مَكَّةَ، أَمَّا فِيهِ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا كَرَاهَةَ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ فِيهِ ح ل وَز ي قَالَ الشَّوْبَرِيُّ رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ الْأَوْجَهَ تَحْرِيمُ الدَّفْنِ عِنْدَ تَحَرِّي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فِي الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ وَإِنْ لَمْ تَحْرُمْ الصَّلَاةُ فِيهِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ اهـ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الصَّلَاةَ يُضَاعَفُ ثَوَابُهَا فَاغْتُفِرَ فِعْلُهَا بِذَلِكَ وَلَا كَذَلِكَ الدَّفْنُ وَأَيْضًا لِلنَّصِّ عَلَيْهَا فِي حَدِيثِ " يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ " إلَخْ اهـ بِحُرُوفِهِ.