فَتَكُونُ الْأُولَى مِنْ الثَّلَاثِ بِهِ هِيَ الْمُسْقِطَةُ لِلْوَاجِبِ وَيُلَيِّنُ مَفَاصِلَهُ بَعْدَ الْغُسْلِ ثُمَّ يُنَشِّفُ تَنْشِيفًا بَلِيغًا لِئَلَّا تَبْتَلَّ أَكْفَانُهُ فَيُسْرِعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ.

وَالْأَصْلُ فِيمَا ذُكِرَ خَبَرُ الشَّيْخَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِغَاسِلَاتِ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا وَاغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الْأَخِيرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ مِنْهُنَّ فَمَشَطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ وَفِي رِوَايَةٍ فَضَفَرْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ وَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا» وَقَوْلُهُ أَوْ خَمْسًا إلَى آخِرِهِ هُوَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ فِي النَّظَافَةِ إلَى زِيَادَةٍ عَلَى الثَّلَاثِ مَعَ رِعَايَةِ الْوِتْرِ لَا لِلتَّخْيِيرِ وَقَوْلُهُ إنْ رَأَيْتُنَّ أَيْ احْتَجْتُنَّ فَمَشَطْنَا وَضَفَرْنَا بِالتَّخْفِيفِ، وَقُرُونٍ أَيْ ضَفَائِرُ وَقَوْلِي كَذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِي مَعَ أَنَّ عِبَارَتِي أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَتِهِ فِي إفَادَةِ الْغَرَضِ كَمَا لَا يَخْفَى.

(وَلَوْ خَرَجَ بَعْدَهُ) أَيْ الْغُسْلِ (نَجَسٌ وَجَبَ إزَالَتُهُ فَقَطْ) وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِمَا وُجِدَ

(وَ) أَنْ (لَا يَنْظُرَ غَاسِلٌ مِنْ غَيْرِ عَوْرَتِهِ إلَّا قَدْرَ حَاجَةٍ) بِأَنْ يُرِيدَ مَعْرِفَةَ الْمَغْسُولِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَنْظُرَ الْمُعِينُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَمَّا عَوْرَتُهُ فَيَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهَا وَسُنَّ أَنْ يُغَطِّيَ وَجْهَهُ بِخِرْقَةٍ مِنْ أَوَّلِ وَضْعِهِ عَلَى الْمُغْتَسَلِ، وَأَنْ لَا يَمَسَّ شَيْئًا مِنْ عَوْرَتِهِ إلَّا بِخِرْقَةٍ (وَ) أَنْ (يَكُونَ أَمِينًا) ؛ لِيُوثَقَ بِهِ فِي تَكْمِيلِ الْغُسْلِ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ رَأَى خَيْرًا سُنَّ ذِكْرُهُ) لِيَكُونَ أَدْعَى لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ، وَلِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ «اُذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ» (أَوْ ضِدَّهُ حَرُمَ) ذِكْرُهُ لِأَنَّهُ غِيبَةٌ وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ (إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) كَبِدْعَةٍ ظَاهِرَةٍ فَيَذْكُرُهُ لِيَنْزَجِرَ النَّاسُ عَنْهُ وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ ذِكْرِ الْخَيْرِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَمَنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ) لِفَقْدِ مَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ كَاحْتِرَاقٍ وَلَوْ غُسِّلَ تَهَرَّى (يُمِّمَ) كَمَا فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَلَوْ كَانَ بِهِ قُرُوحٌ وَخِيفَ مِنْ غُسْلِهِ تَسَارُعُ الْبِلَى إلَيْهِ بَعْدَ الدَّفْنِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَتَكُونُ الْأُولَى مِنْ الثَّلَاثِ) أَيْ: الْأُولَى الْكَائِنَةُ مِنْ الثَّلَاثِ الَّتِي بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ هِيَ الْمُسْقِطَةُ لِلْوَاجِبِ لِأَنَّ الْغَسَلَاتِ ثَلَاثَةٌ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ثَلَاثِ غَسَلَاتٍ، وَأَخِيرَةُ كُلٍّ مِنْهَا بِمَاءٍ قَرَاحٍ فَغَسَلَاتُ الْمَاءِ الْقَرَاحِ ثَلَاثَةٌ وَالْأُولَى مِنْهَا أَيْ: مِنْ ثَلَاثَةِ الْمَاءِ الْقَرَاحِ هِيَ الْمُسْقِطَةُ لِلْوَاجِبِ فَالْمَجْمُوعُ تِسْعُ غَسَلَاتٍ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: لِئَلَّا تَبْتَلَّ أَكْفَانُهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي لَا تَبْلَى أَصْلًا أَوْ لَا تَبْلَى سَرِيعًا أَفْضَلُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّارِعَ نَظَرَ إلَى عَدَمِ الْإِسْرَاعِ إلَى الْبِلَى لِأَنَّ تَنَعُّمَ الرُّوحِ مَعَ الْبَدَنِ أَكْمَلُ مِنْ تَنَعُّمِهَا دُونَهُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: ابْنَتِهِ زَيْنَبَ) هِيَ أَكْبَرُ أَوْلَادِهِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكِ) بِكَسْرِ الْكَافِ؛ لِأَنَّهُ خِطَابٌ لِأُمِّ عَطِيَّةَ وَاسْمُ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ ذَلِكِ عَائِدٌ إلَى الْمَذْكُورِ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَوْ الْخَمْسَةِ أَوْ السَّبْعَةِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: إنْ رَأَيْتُنَّ) بِضَمِّ التَّاءِ خِطَابٌ لِلْغَاسِلَاتِ وَلِأُمِّ عَطِيَّةَ وَخَاطَبَهَا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ تَعْظِيمًا لَهَا وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ ابْدَأْنَ ح ل وَيَصِحُّ كَسْرُ التَّاءِ خِطَابًا لِأُمِّ عَطِيَّةَ وَحِينَئِذٍ يُنَاسِبُ قَوْلَهُ: ذَلِكِ وَإِنَّمَا خَصَّ أُمَّ عَطِيَّةَ بِالْخِطَابِ لِأَنَّهَا الْقَيِّمَةُ عَلَيْهِنَّ أَيْ: فَغَيْرُهَا تَبَعٌ لَهَا فَلَمْ يَحْتَجْ لِخِطَابِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَيْئًا) شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي ز ي (قَوْلُهُ: وَضَفَرْنَا بِالتَّخْفِيفِ) لَعَلَّ حِكْمَةَ التَّعْبِيرِ بِالتَّخْفِيفِ أَنَّهُ الْوَاقِعُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَنْبَغِي الْمُبَالَغَةُ فِي تَسْرِيحِهِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ التَّشْدِيدُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ ع ش عَلَى م ر.

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَ بَعْدَهُ نَجَسٌ) أَيْ: وَلَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَ الدَّفْنِ وَخَرَجَ مَنِيُّهُ الطَّاهِرُ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ وَلَمْ تَجِبْ إزَالَتُهُ وَلَا يَصِيرُ الْمَيِّتُ جُنُبًا بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا مُحْدِثًا بِمَسٍّ أَوْ غَيْرِهِ لِانْتِفَاءِ تَكْلِيفِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَجَبَ إزَالَتُهُ) أَيْ: قَبْلَ الصَّلَاةِ لِمَنْعِهِ مِنْ صِحَّتِهَا عَلَيْهِ وَعَنْ شَيْخِنَا م ر وُجُوبُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ الْخَارِجِ صَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ حَشْوِهِ وَعَصْبِهِ كَالْحَيِّ السَّلِسِ ق ل، وَالضَّابِطُ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ تَجِبُ إزَالَتُهُ مَا لَمْ يُدْفَنْ م ر فَتَجِبُ إذَا خَرَجَ بَعْدَ الصَّلَاةِ ح ف وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: فَرْعٌ لَوْ لَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ الدَّمِ الْخَارِجِ مِنْ الْمَيِّتِ بِغُسْلِهِ صَحَّ غُسْلُهُ وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَالْحَيِّ السَّلِسِ وَهُوَ تَصِحُّ صَلَاتُهُ فَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ م ر سم.

وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ بِالسَّلِسِ وُجُوبُ حَشْوِ مَحَلِّ الدَّمِ بِنَحْوِ قُطْنٍ وَعَصْبِهِ عَقِبَ الْغُسْلِ وَالْمُبَادَرَةِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ بَعْدَهُ حَتَّى لَوْ أُخِّرَ لَا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ وَجَبَ إعَادَةُ مَا ذَكَرَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْمَصْلَحَةِ كَثْرَةَ الْمُصَلِّينَ كَمَا فِي تَأْخِيرِ السَّلِسِ بِإِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ) أَيْ: لِعَدَمِ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِهِ كَمَا لَا يَجْنُبُ بِالْوَطْءِ ق ل.

. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَنْظُرَ غَاسِلٌ) فَإِنْ نَظَرَ كَانَ مَكْرُوهًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ وَالْمُصَنِّفُ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَإِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ وَضْعِهِ عَلَى الْمُغْتَسَلِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَقْتَضِي أَنَّهُ يُسْتَدَامُ تَغْطِيَتُهُ إلَى آخِرِ الْغُسْلِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَوَّلُ وَضْعِهِ عَلَى الْمُغْتَسَلِ بِإِسْقَاطِ مِنْ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ التَّغْطِيَةَ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَأَى خَيْرًا) كَاسْتِنَارَةِ وَجْهِهِ وَطِيبِ رَائِحَتِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ ضِدُّهُ كَسَوَادٍ وَتَغَيُّرِ رَائِحَةٍ وَانْقِلَابِ صُورَةٍ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: سُنَّ ذِكْرُهُ) هَذَا وَاضِحٌ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْخَيْرِ فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْفِسْقِ لَمْ يَذْكُرْهُ فَقَوْلُهُ: إلَّا لِمَصْلَحَةٍ رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ز ي، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الشَّارِحَ لَا يُسَاعِدُ عَلَيْهِ. اهـ. ح ل وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ م ر هُوَ مَا قَرَّرَهُ ز ي (قَوْلُهُ: إلَّا لِمَصْلَحَةٍ كَبِدْعَةٍ ظَاهِرَةٍ فَيَذْكُرُهُ) لَوْ قَالَ: عَقِبَهُ أَوْ يَسْكُتُ كَانَ أَوْلَى لِيَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعًا لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا.

. (قَوْلُهُ: يُمِّمَ) وَلَا يَجِبُ فِي هَذَا التَّيَمُّمِ نِيَّةٌ إلْحَاقًا بِأَصْلِهِ، وَمُحَلُّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015