عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ وَلِأَنَّهُ أَمْسَكُ لِلْبَدَنِ (وَيُسَرِّحَهُمَا) أَيْ شَعْرَهُمَا إنْ تَلَبَّدَ (بِمُشْطٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الشِّينِ وَبِضَمِّهِمَا (وَاسِعِ الْأَسْنَانِ بِرِفْقٍ) لِيَقِلَّ الِانْتِتَافُ (وَيَرُدَّ السَّاقِطَ) مِنْ شَعْرِهِمَا وَكَذَا مِنْ شَعْرِ غَيْرِهِمَا (إلَيْهِ) بِوَضْعِهِ مَعَهُ فِي كَفَنِهِ وَتَعْبِيرِي بِالسَّاقِطِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمُنْتَتَفِ (ثُمَّ يَغْسِلَ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَيَغْسِلَ (شِقَّهُ الْأَيْمَنَ ثُمَّ الْأَيْسَرَ) الْمُقْبِلَيْنِ مِنْ عُنُقِهِ إلَى قَدَمِهِ (ثُمَّ يُحَرِّفَهُ) بِالتَّشْدِيدِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ (فَيَغْسِلَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ مِمَّا يَلِي قَفَاهُ) وَظَهْرَهُ إلَى قَدَمِهِ (ثُمَّ) يُحَرِّفَهُ (إلَى) شِقِّهِ (الْأَيْمَنِ فَيَغْسِلَ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ) أَيْ مِمَّا يَلِي قَفَاهُ وَظَهْرَهُ إلَى قَدَمِهِ (مُسْتَعِينًا فِي ذَلِكَ) كُلِّهِ (بِنَحْوِ سِدْرٍ ثُمَّ يُزِيلَهُ بِمَاءٍ مِنْ فَرْقِهِ إلَى قَدَمِهِ ثُمَّ يَعُمَّهُ) كَذَلِكَ (بِمَاءٍ قَرَاحٍ) أَيْ خَالِصٍ (فِيهِ قَلِيلُ كَافُورٍ) بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ الْمَاءَ؛ لِأَنَّ رَائِحَتَهُ تَطْرُدُ الْهَوَامَّ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَخَرَجَ بِقَلِيلِهِ كَثِيرُهُ فَقَدْ يُغَيِّرُ الْمَاءَ تَغَيُّرًا كَثِيرًا إلَّا أَنْ يَكُونَ صُلْبًا فَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا (فَهَذِهِ) الْأَغْسَالُ الْمَذْكُورَةُ (غَسْلَةٌ وَسُنَّ ثَانِيَةٌ وَثَالِثَةٌ كَذَلِكَ) أَيْ أُولَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِسِدْرٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَالثَّانِيَةُ مُزِيلَةٌ لَهُ وَالثَّالِثَةُ بِمَاءٍ قَرَاحٍ فِيهِ قَلِيلُ كَافُورٍ وَهُوَ فِي الْأَخِيرَةِ آكَدُ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ التَّنْظِيفُ بِالْغَسَلَاتِ الْمَذْكُورَةِ زِيدَ عَلَيْهَا؛ حَتَّى يَحْصُلَ فَإِنْ حَصَلَ بِشَفْعٍ سُنَّ الْإِيتَارُ بِوَاحِدَةٍ وَلَا تُحْسَبُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ مِنْ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ لِتَغَيُّرِ الْمَاءِ بِمَا مَعَهُ تَغَيُّرًا كَثِيرًا وَإِنَّمَا تُحْسَبُ مِنْهَا غَسْلَةُ الْمَاءِ الْقَرَاحِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالسِّدْرُ وَرَقُ النَّبْقِ وَالْخِطْمِيُّ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّهَا وَحُكِيَ فَتْحُهَا بَزْرُ وَرَقٍ يُشْبِهُ الْخَبِيزَ. وَقَالَ ع ش: هُوَ نَبَاتٌ مُحَلِّلٌ مُنْضِجٌ مُلَيِّنٌ نَافِعٌ لِعُسْرِ الْبَوْلِ وَالْحَصَا (قَوْلُهُ: وَيُسَرِّحَهُمَا بِمُشْطٍ) أَيْ: لِأَجْلِ إزَالَةِ مَا فِيهِمَا مِنْ سِدْرٍ وَوَسَخٍ كَمَا فِي الْحَيِّ وَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ تَسْرِيحِ الرَّأْسِ عَلَى اللِّحْيَةِ تَبَعًا لِلْغُسْلِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَالْمُرَادُ يُسَرِّحُهُمَا بَعْدَ غَسْلِهِمَا جَمِيعًا وَيَظْهَرُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَكْمَلُ فَلَوْ غَسَلَ رَأْسَهُ ثُمَّ سَرَّحَهَا وَفَعَلَ هَكَذَا فِي اللِّحْيَةِ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَيْهِ وَمَحَلُّ التَّسْرِيحِ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر وق ل.
(قَوْلُهُ: إنْ تَلَبَّدَ) قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا ح ف خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: لَيْسَ قَيْدًا لِلْحُكْمِ وَقَالَ شَيْخُنَا م ر قَيْدٌ فِي طَلَبِ التَّسْرِيحِ مُطْلَقًا وَقَالَ: شَيْخُنَا قَيْدٌ فِي كَوْنِ الْمُشْطِ وَاسِعَ الْأَسْنَانِ اهـ. قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَبَلَّدْ لَا يُسَنُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا (قَوْلُهُ: بِوَضْعِهِ مَعَهُ فِي كَفَنِهِ) وَضْعُهُ مَعَهُ فِي كَفَنِهِ سُنَّةٌ وَأَمَّا أَصْلُ دَفْنِهِ فَوَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا وُجِدَ جُزْءُ مَيِّتٍ يَجِبُ دَفْنُهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا انْفَصَلَ مِنْ الْمَيِّتِ أَوْ مِنْ الْحَيِّ وَمَاتَ عَقِبَ انْفِصَالِهِ مِنْ شَعْرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ يَسِيرًا يَجِبُ دَفْنُهُ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ صَرُّهُ فِي كَفَنِهِ وَدَفْنُهُ مَعَهُ كَمَا أَفَادَهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: الْمُقْبِلَيْنِ مِنْ عُنُقِهِ إلَى قَدَمِهِ) وَقِيلَ يَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ مِنْ مُقَدَّمِهِ ثُمَّ مِنْ ظَهْرِهِ ثُمَّ يَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْسَرَ مِنْ مُقَدَّمِهِ ثُمَّ مِنْ ظَهْرِهِ وَكُلٌّ سَائِغٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِقِلَّةِ الْحَرَكَةِ فِيهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: مِنْ عُنُقِهِ) أَيْ: أَعْلَاهُ وَسَكَتَ عَنْ الْوَجْهِ وَلَوْ قَالَ: مِنْ مَنْبَتِ شَعْرِ رَأْسِهِ لَدَخَلَ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ غَسْلِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ عَادَةً غَسْلُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُحَرِّفُهُ) أَيْ: عَنْ ظَهْرِهِ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ وَيَحْرُمُ كَبُّهُ عَلَى وَجْهِهِ احْتِرَامًا لَهُ بِخِلَافِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فِي الْحَيَاةِ حَيْثُ كُرِهَ وَلَمْ يَحْرُمْ إذْ الْحَقُّ لَهُ فَلَهُ فِعْلُهُ م ر ق ل (قَوْلُهُ: مِمَّا يَلِي قَفَاهُ) يَقْتَضِي خُرُوجَ الْقَفَا فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ تَكْرِيرُ غَسْلِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: مِنْ أَوَّلِ قَفَاهُ لِيَدْخُلَ الْقَفَا. (قَوْلُهُ: وَظَهْرُهُ إلَى قَدَمِهِ) لَا حَاجَةَ لَهُ مَعَ قَوْلِهِ إلَى قَدَمِهِ لِشُمُولِ قَوْلِهِ مِمَّا يَلِي قَفَاهُ إلَى قَدَمِهِ لِلظَّهْرِ عَلَى أَنَّهُ مُضِرٌّ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ مِمَّا يَلِي قَفَاهُ وَيَلِي ظَهْرَهُ فَيَقْتَضِي خُرُوجَ الظَّهْرِ نَعَمْ يُمْكِنُ جَعْلُ الْوَاوِ لِلْمَعِيَّةِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ فَرْقِهِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ: وَسَطِ رَأْسِهِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ فَرْقِ الشَّعْرِ وَيُقَالُ لَهُ مَفْرَقٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَعُمُّهُ بِمَاءٍ قَرَاحٍ) وَهَلْ يُحَرِّفُهُ أَيْضًا فِي الْمُزِيلَةِ وَمَا بَعْدَهَا أَوْ هُوَ خَاصٌّ بِغَسْلَةِ السِّدْرِ؟ اُنْظُرْهُ ثُمَّ رَأَيْت حَجّ تَرَدَّدَ وَقَالَ: الْأَوْلَى التَّحْرِيفُ ح ل (قَوْلُهُ: قَرَاحٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وِزَانُ سَلَامٍ أَيْ: الَّذِي لَمْ يُخَالِطْهُ كَافُورٌ وَلَا حَنُوطٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: فِيهِ قَلِيلُ كَافُورٍ) وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ وَضْعُ الْكَافُورِ فِي مَاءِ غُسْلِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ صُلْبًا) بِضَمِّ الصَّادِ أَيْ: لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنَّمَا تَحْصُلُ مِنْهُ الرَّائِحَةُ ح ل. (قَوْلُهُ: فَهَذِهِ الْأَغْسَالُ) أَيْ: مِنْ عِنْدِ قَوْلِهِ ثُمَّ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ إلَخْ لَا مَا يَشْمَلُ غَسْلَ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ فَلَا يُنْدَبُ تَكْرَارُهُ كَذَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ ثُمَّ رَأَيْتُهُ صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ح ل (قَوْلُهُ: زِيدَ عَلَيْهَا حَتَّى يَحْصُلَ إلَخْ) هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي غَسْلَةِ السِّدْرِ وَمُزِيلَتِهِ بِأَنْ يُكَرَّرَا مَعًا وَيَكُونَ وِتْرًا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ زي زَادَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ بِخِلَافِ طَهَارَةِ الْحَيِّ لَا يَزِيدُ فِيهَا عَلَى الثَّلَاثِ وَالْفَرْقُ أَنَّ طَهَارَةَ الْحَيِّ مَحْضُ تَعَبُّدٍ وَهُنَا الْمَقْصُودُ النَّظَافَةُ وَلَا فَرْقَ فِي طَلَبِ الزِّيَادَةِ لِلنَّظَافَةِ بَيْنَ الْمَاءِ الْمَمْلُوكِ وَالْمُسَبَّلِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا تُحْسَبُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ) أَيْ: فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ وُجُوبًا وَنَدْبًا إذْ لَوْ حُسِبَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا لَمَا اُحْتِيجَ لِلزِّيَادَةِ عَلَى الْمَحْسُوبَةِ، وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُحْسَبُ مِنْهَا أَيْ: الثَّلَاثَةِ وَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ مِنْهُ أَيْ: مِنْ كُلٍّ وَقَوْلُهُ: بِهِ أَيْ: بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ.