هَذَا (إذَا تَيَقَّنَ مَوْتَهُ) بِظُهُورِ أَمَارَاتِهِ كَاسْتِرْخَاءِ قَدَمٍ وَامْتِدَادِ جِلْدَةِ وَجْهٍ، وَمَيْلِ أَنْفٍ وَانْخِلَاعِ كَفٍّ فَإِنْ شَكَّ فِي مَوْتِهِ أَخَّرَ ذَلِكَ حَتَّى يَتَيَقَّنَ بِتَغْيِيرِ رَائِحَةٍ أَوْ غَيْرِهِ.

(وَتَجْهِيزُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ بِغَسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَحَمْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ وَلَوْ قَاتِلَ نَفْسَهُ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) بِالْإِجْمَاعِ فِي غَيْرِ الْقَاتِلِ، وَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ فِي الْقَاتِلِ أَمَّا الْكَافِرُ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ وَأَمَّا الشَّهِيدُ فَكَغَيْرِهِ إلَّا فِي الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا.

(وَأَقَلُّ غُسْلِهِ) وَلَوْ جُنُبًا أَوْ نَحْوَهُ (تَعْمِيمُ بَدَنِهِ) بِالْمَاءِ مَرَّةً فَلَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ إزَالَةِ نَجَسٍ عَنْهُ كَمَا يُلَوِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَقَوْلُ الْأَصْلِ بَعْدَ إزَالَةِ النَّجَسِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَيِّ أَنَّ الْغَسْلَةَ لَا تَكْفِيهِ عَنْ النَّجَسِ وَالْحَدَثِ لَكِنْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّهَا تَكْفِيهِ وَكَأَنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِدْرَاكَ هُنَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ ذَاكَ أَوْ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَصِلُ إلَى مَحَلِّ النَّجَسِ مِنْ الْمَيِّتِ إلَّا بَعْدَ إزَالَتِهِ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْغَاسِلِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ النَّظَافَةُ وَهِيَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ (فَيَكْفِي غُسْلُ كَافِرٍ) بِنَاءً عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا (لَا غَرَقٌ) لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِغُسْلِهِ فَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنَّا إلَّا بِفِعْلِنَا حَتَّى لَوْ شَاهَدْنَا الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنَّا

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْمُعَامَلَةِ الْفَاسِدَةِ وَقَبَضَ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَقْدِ، فَفِي الدُّنْيَا يَجِبُ عَلَى كُلٍّ أَنْ يَرُدَّ مَا قَبَضَهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا وَلَا مُطَالَبَةَ لِأَحَدٍ مِنْهُمَا فِي الْآخِرَةِ لِحُصُولِ الْقَبْضِ بِالتَّرَاضِي، نَعَمْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا إثْمُ الْإِقْدَامِ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: قَوْلُهُ: غُمِّضَ إلَى هُنَا وَهِيَ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فَقَوْلُهُ: إذَا تَيَقَّنَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِهَا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَامْتِدَادِ جِلْدَةِ وَجْهٍ) عِبَارَةُ م ر وَانْخِفَاضُ صُدْغِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَكَّ فِي مَوْتِهِ أَخَّرَ ذَلِكَ) أَيْ: وُجُوبًا لِاحْتِمَالِ إغْمَاءٍ وَنَحْوِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ الَّذِي يَجِبُ تَأْخِيرُهُ هُوَ الدَّفْنُ دُونَ الْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ فَإِنَّهُمَا بِتَقْدِيرِ حَيَاتِهِ لَا ضَرَرَ فِيهِمَا نَعَمْ إنْ خِيفَ مِنْهُمَا ضَرَرٌ بِتَقْدِيرِ حَيَاتِهِ حَقِيقَةً اُمْتُنِعَ فِعْلُهُمَا ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَاتِلَ نَفْسِهِ) هِيَ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ تَجْهِيزِ قَاتِلِ نَفْسِهِ بَلْ يَقُولُ إنَّهُ سُنَّةٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَهِيَ لِلرَّدِّ أَيْضًا عَلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ الْقَائِلِ بِأَنَّ هَذَا لَا يَجِبُ فِيهِ غُسْلٌ وَلَا صَلَاةٌ وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ: وَقَاتِلُ نَفْسِهِ كَغَيْرِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَرْضُ كِفَايَةٍ) وَإِنْ تَكَرَّرَ مَوْتُهُ بَعْدَ حَيَاتِهِ حَقِيقَةً وَيَحْرُمُ تَرْكُهُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهِ وَلَوْ غَيْرَ قَرِيبٍ وَإِنْ جَارًا قَصَّرَ فِي عِلْمِهِ بِعَدَمِ الْبَحْثِ قَالَ فِي بَسْطِ الْأَنْوَارِ: لَوْ وُلِدَ شَخْصَانِ مَعًا مُلْتَصِقَانِ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَإِنْ أَمْكَنَ فَصْلُهُ مِنْ الْحَيِّ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَلْحَقُ الْحَيَّ وَجَبَ غُسْلُهُ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ وَإِلَّا وَجَبَ أَنْ يُفْعَلَ بِالْمَيِّتِ الْمُمْكِنُ مِنْ الْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ وَالصَّلَاةِ وَامْتَنَعَ دَفْنُهُ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ وَيُنْتَظَرُ سُقُوطُهُ فَإِنْ سَقَطَ وَجَبَ دَفْنُهُ وَإِنْ مَاتَا مَعًا وَكَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى وَأَمْكَنَ فَصْلُهُمَا فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْفَصْلِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلْنَا مَا أَمْكَنَ فِعْلُهُ وَيُرَاعَى الذَّكَرُ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ بِاخْتِصَارٍ.

(قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ: فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْغُسْلَ فِيهِ قَوْلٌ بِالسُّنِّيَّةِ وَهُوَ قَوْلٌ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ شَيْخِنَا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ جُنُبًا) غَايَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ بِأَنَّهُ يَجِبُ غُسْلَانِ أَحَدُهُمَا لِلْجَنَابَةِ، وَالْآخَرُ لِلْمَوْتِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: تَعْمِيمُ بَدَنِهِ) أَيْ: حَتَّى مَا يَظْهَرُ مِنْ فَرْجِ الثَّيِّبِ عِنْدَ جُلُوسِهَا عَلَى قَدَمَيْهَا وَمَا تَحْتَ قُلْفَةِ الْأَقْلَفِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ غَسْلُهُ فَإِنْ كَانَ مَا تَحْتَهَا طَاهِرًا يَمَّمَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ نَجِسًا كَانَ كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ أَيْ: فَيُدْفَنُ بَعْدَ غَسْلِ بَقِيَّةِ بَدَنِهِ بِلَا صَلَاةٍ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي ح ل.

(قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ) أَيْ النَّوَوِيَّ تَرَكَ الِاسْتِدْرَاكَ أَيْ: عَلَى الرَّافِعِيِّ أَيْ: تَعَقَّبَهُ بِأَنْ يَقُولَ قُلْت الْأَصَحُّ أَنَّ الْغَسْلَةَ تَكْفِي لَهُمَا أَيْ: لِلْحَدَثِ وَالنَّجَسِ كَمَا قَالَهُ فِي الْغُسْلِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ ذَاكَ أَيْ: فَالْحُكْمَانِ مُتَّحِدَانِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّ الْغَالِبَ إلَخْ) لِأَنَّ النَّجَسَ يَيْبَسُ عَلَى الْمَيِّتِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَيِّتَ يُخَالِفُ الْحَيَّ فَلَوْ فُرِضَ زَوَالُ النَّجَسِ بِالْغَسْلَةِ الْأُولَى لَا يَكْتَفِي بِهَا عَنْ الْحَدَثِ تَأَمَّلْ ح ل (قَوْلُهُ: وَبِمَا ذَكَرَ) أَيْ: بِقَوْلِهِ وَأَقَلُّ غُسْلِهِ تَعْمِيمُ بَدَنِهِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ بِنِيَّةٍ. اهـ. ح ف. وَقَوْلُهُ: عُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْغَاسِلِ أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ وَمُقَابِلُهُ تَجِبُ لِأَنَّهُ غُسْلٌ وَاجِبٌ فَافْتَقَرَ إلَى نِيَّةٍ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ كَمَا ذَكَرَهُ م ر فِي شَرْحِهِ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَانْظُرْ حُكْمَ نِيَّةِ تَيَمُّمِهِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ وُجُوبُهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ بَدَلًا عَمَّا لَا نِيَّةَ لَهُ أُعْطِيَ حُكْمَهُ اهـ وَجَزَمَ حَجّ بِعَدَمِ وُجُوبِ النِّيَّةِ فِيهِ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: نِيَّةُ الْغَاسِلِ وَلَا مَنْ يُيَمِّمُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ كَغُسْلًا الْجُمُعَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا النَّظَافَةُ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مُتَعَاطِيَ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِتَتَمَيَّزَ عِبَادَتُهُ عَنْ عَادَتِهِ وَالْمَيِّتُ لَا عَادَةَ لَهُ يُطْلَبُ التَّمَيُّزُ عَنْهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مُتَعَاطِي الْغُسْلِ بِنَفْسِهِ وَمُتَعَاطِيهِ عَنْ غَيْرِهِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَيَكْفِي غُسْلُ كَافِرٍ) مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنَّا إلَّا بِفِعْلِنَا) أَيْ: مُعَاشِرِ الْمُكَلَّفِينَ فَدَخَلَ الْجِنُّ فَيُكْتَفَى بِتَغْسِيلِهِمْ، وَالْمُرَادُ جِنْسُ الْمُكَلَّفِينَ فَيَدْخُلُ الصِّبْيَانُ وَالْمَجَانِينُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَلَوْ غَسَّلَ الْمَيِّتُ نَفْسَهُ كَرَامَةً اكْتَفَى بِذَلِكَ وَلَا يُقَالُ الْمُخَاطَبُ بِالْفَرْضِ غَيْرُهُ لِجَوَازِ أَنَّهُ إنَّمَا خُوطِبَ غَيْرُهُ بِذَلِكَ لِعَجْزِهِ فَإِنْ أَتَى بِذَلِكَ كَرَامَةً كَفَى. اهـ. ح ل وع ش عَلَى م ر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015