عَمَلًا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَّهَا آيَةً مِنْهَا رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ وَيَكْفِي فِي ثُبُوتِهَا عَمَلًا الظَّنُّ. (وَتَجِبُ رِعَايَةُ حُرُوفِهَا) فَلَوْ أَتَى قَادِرٌ أَوْ مَنْ أَمْكَنَهُ التَّعْلِيمُ بَدَلَ حَرْفٍ مِنْهَا بِآخَرَ لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ لِتِلْكَ الْكَلِمَةِ لِتَغْيِيرِهِ النَّظْمَ، وَلَوْ نَطَقَ بِقَافِ الْعَرَبِ الْمُتَرَدِّدَةِ بَيْنَ الْكَافِ وَالْقَافِ صَحَّتْ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ أَبْدَلَ ضَادًا بِظَاءٍ لَمْ تَصِحَّ. (وَ) رِعَايَةُ. (تَشْدِيدَاتِهَا) الْأَرْبَعَ عَشْرَةَ لِأَنَّهَا هَيْئَاتٌ لِحُرُوفِهَا الْمُشَدَّدَةِ فَوُجُوبُهَا شَامِلٌ لِهَيْئَاتِهَا.
. (وَ) رِعَايَةُ. (تَرْتِيبِهَا) بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى نَظْمِهَا الْمَعْرُوفِ لِأَنَّهُ مَنَاطُ الْبَلَاغَةِ وَالْإِعْجَازِ فَلَوْ بَدَأَ بِنِصْفِهَا الثَّانِي لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ وَيَبْنِي عَلَى الْأَوَّلِ إنْ سَهَا بِتَأْخِيرِهِ، وَلَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ وَيَسْتَأْنِفُ إنْ تَعَمَّدَ أَوْ طَالَ الْفَصْلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ} [الفاتحة: 7] إلَخْ ع ش عَلَى م ر لِأَنَّ كُلَّ آيَةٍ مِمَّا ذُكِرَ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَامًّا وَالْمَالِكِيَّةُ يَجْعَلُونَ {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] آخِرَ آيَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَجْعَلُونَهَا سَبْعَ آيَاتٍ غَيْرَ الْبَسْمَلَةِ.
(قَوْلُهُ: عَمَلًا) أَيْ: حُكْمًا لَا اعْتِقَادًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ: عَمَلًا أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْعَمَلُ بِهِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْقُرْآنَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالتَّوَاتُرِ رُدَّ بِأَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا يَثْبُتُ قُرْآنًا قَطْعًا، أَمَّا مَا يَثْبُتُ قُرْآنًا حُكْمًا أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْعَمَلُ بِهِ كَالْبَسْمَلَةِ فَيَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ. لَا يُقَالُ لَوْ كَانَتْ قُرْآنًا مِنْ كُلِّ سُورَةٍ لَكَفُرَ جَاحِدُهَا. لِأَنَّا نَقُولُ: لَوْ لَمْ تَكُنْ قُرْآنًا لَكَفُرَ مُثْبِتُهَا وَأَيْضًا التَّكْفِيرُ لَا يَكُونُ بِالظَّنِّيَّاتِ. اهـ. ز يَ وَح ف، وَهِيَ أَوَّلُهَا وَأَوَّلُ كُلِّ سُورَةٍ مَا عَدَا بَرَاءَةَ فَتُكْرَهُ فِي أَوَّلِهَا وَتُنْدَبُ فِي أَثْنَائِهَا عِنْدَ م ر وَعِنْدَ حَجّ تَحْرُمُ فِي أَوَّلِهَا وَتُكْرَهُ فِي أَثْنَائِهَا، لِأَنَّ الْمَقَامَ لَا يُنَاسِبُ الرَّحْمَةَ وَلَيْسَتْ لِلْفَصْلِ، وَإِلَّا لَثَبَتَتْ أَوَّلَ بَرَاءَةَ وَسَقَطَتْ أَوَّلَ الْفَاتِحَةِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ كَوْنِهَا وَرَدَتْ آحَادًا مَعَ أَنَّ الْقُرْآنَ مُتَوَاتِرٌ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ) وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ وَغَيَّرَ الْمَعْنَى وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْقِرَاءَةِ إنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ، وَإِنْ لَحَنَ لَحْنًا لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى كَفَتْحِ دَالِ نَعْبُدُ وَكَسْرِهَا وَكَسْرِ بَائِهِ حَرُمَ تَعَمُّدُهُ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَقِرَاءَتُهُ وَقِيلَ تَبْطُلُ حَكَاهُ فِي التَّتِمَّةِ اهـ ابْنُ الْمُلَقِّنِ، أَمَّا إذَا كَانَ اللَّحْنُ يُخِلُّ بِالْمَعْنَى كَأَنْعَمْتُ بِضَمٍّ أَوْ كَسْرٍ لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْقِرَاءَةِ إنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ شَوْبَرِيٌّ، وَعِبَارَةُ ق ل قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ أَيْ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُ الْقِرَاءَةِ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إلَّا إنْ غَيَّرَ وَكَانَ عَامِدًا عَالِمًا اهـ وَنَقَلَهُ الْإِطْفِيحِيُّ عَنْ ع ش وَقَرَّرَهُ ح ف وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَتَى تَعَمَّدَ الْإِبْدَالَ ضَرَّ وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْكَلِمَةَ حِينَئِذٍ صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً كَمَا نَقَلَهُ س ل عَنْ م ر وَقَرَّرَهُ الْعَزِيزِيُّ، وَالْخِلَافُ فِي تَغْيِيرِ الْمَعْنَى وَعَدَمِهِ إنَّمَا هُوَ فِي اللَّحْنِ.
(قَوْلُهُ: بِقَافِ الْعَرَبِ) الْمُرَادُ بِالْعَرَبِ الْمَنْسُوبَةُ إلَيْهِمْ أَجْلَافُهُمْ الَّذِينَ لَا يُعْتَدُّ بِهِمْ وَلِذَا نَسَبَهَا بَعْضُ الْأَئِمَّةِ لِأَهْلِ الْغَرْبِ وَصَعِيدِ مِصْرَ حَجّ وَع ش، أَمَّا الْفُصَحَاءُ مِنْهُمْ فَلَا يَنْطِقُونَ بِذَلِكَ بَابِلِيٌّ. (قَوْلُهُ: صَحَّتْ) أَيْ: قِرَاءَتُهُ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ م ر وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْقَافِ الْخَالِصَةِ وَوَجْهُ الصِّحَّةِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِبْدَالِ حَرْفٍ بِآخَرَ بَلْ هِيَ قَافٌ غَيْرُ خَالِصَةٍ شَيْخُنَا ح ف خِلَافًا لحج فَإِنَّهُ قَالَ: لَوْ نَطَقَ بِقَافِ الْعَرَبِ الْمُتَرَدِّدَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكَافِ بَطَلَتْ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ التَّعَلُّمُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ. (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ إلَخْ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ قَائِلٌ بِالصِّحَّةِ فِيهَا لِتَقَارُبِ الْمَخْرَجِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْدَلَ الضَّادَ بِغَيْرِ الظَّاءِ فَإِنَّ قِرَاءَتَهُ لَمْ تَصِحَّ قَطْعًا وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يُرَاعِ هَذَا الْمَعْنَى لَكِنْ كَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ ضَادًا بِظَاءٍ كَعَادَتِهِ فِي الرَّدِّ عَلَى الْخِلَافِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
. (قَوْلُهُ: مَنَاطُ الْبَلَاغَةِ) أَيْ: مُتَعَلِّقُهَا وَالْبَلَاغَةُ مُطَابَقَةُ الْكَلَامِ لِمُقْتَضَى الْحَالِ مَعَ فَصَاحَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْإِعْجَازِ) عَطْفُ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) بَيْنَ فَرَاغِهِ أَيْ: النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَإِرَادَةِ التَّكْمِيلِ أَيْ: التَّكْمِيلِ عَلَى النِّصْفِ الْأَوَّلِ ز ي بِإِيضَاحٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ: وَإِرَادَةِ التَّكْمِيلِ وَالْبِنَاءِ أَوْ يَحْذِفُ: إرَادَةِ وَيَقُولُ: وَالتَّكْمِيلِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إرَادَةِ التَّكْمِيلِ التَّكْمِيلُ فَوْرًا مَعَ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ. (قَوْلُهُ: إنْ تَعَمَّدَ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا قَصَدَ التَّكْمِيلَ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ شَوْبَرِيٌّ فَإِذَا قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا يَسْتَأْنِفُ بَلْ يَبْنِي خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي الْإِطْلَاقِ. (قَوْلُهُ: أَوْ طَالَ الْفَصْلُ) أَيْ: بَيْنَ فَرَاغِهِ وَإِرَادَةِ التَّكْمِيلِ حَجّ أَيْ: بِأَنْ تَعَمَّدَ السُّكُوتَ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ سَهْوٌ لَا يَضُرُّ وَلَوْ مَعَ طُولِهِ ز ي
، وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: أَوْ طَالَ الْفَصْلُ وَلَوْ بِعُذْرٍ وَفَارَقَ مَا يَأْتِي فِي الْمُوَالَاةِ بِأَنَّ نَظَرَ الشَّارِعِ إلَى التَّرْتِيبِ أَكْمَلُ مِنْ نَظَرِهِ إلَى الْمُوَالَاةِ اهـ أَيْ: لِأَنَّهُ مَنَاطُ الْإِعْجَازِ فَاحْتِيطَ لَهُ أَكْثَرُ حَجّ.، وَالْحَاصِلُ أَنَّ صُوَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ صُورَةً؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَأْتِيَ بِالنِّصْفِ الثَّانِي عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا مَعَ قَصْدِ الِاسْتِئْنَافِ أَوْ الْإِطْلَاقِ أَوْ التَّكْمِيلِ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنْ الْفَاتِحَةِ