تَضَرُّعٌ وَدُعَاءٌ.

(وَالسَّلَامُ) بِمَعْنَى التَّسْلِيمِ (عَلَى مُحَمَّدٍ) نَبِيِّنَا (وَآلِهِ) هُمْ مُؤْمِنُو بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ (وَصَحْبِهِ) هُوَ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ اسْمُ جَمْعٍ لِصَاحِبٍ بِمَعْنَى الصَّحَابِيِّ وَهُوَ مَنْ اجْتَمَعَ مُؤْمِنًا بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَطْفُ الصَّحْبِ عَلَى الْآلِ الشَّامِلِ لِبَعْضِهِمْ لِتَشْمَلَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَاقِيَهُمْ وَجُمْلَتَا الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ خَبَرِيَّتَانِ لَفْظًا إنْشَائِيَّتَانِ مَعْنًى وَاخْتَرْت اسْمِيَّتَهُمَا عَلَى فِعْلِيَّتِهِمَا لِلدَّلَالَةِ عَلَى الثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ (الْفَائِزِينَ مِنْ اللَّهِ بِعُلَاهُ) صِفَةٌ لِمَنْ ذُكِرَ.

(وَبَعْدُ) يُؤْتَى بِهَا لِلِانْتِقَالِ مِنْ أُسْلُوبٍ إلَى آخَرَ وَأَصْلُهَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَوْلَى وَمِنْ غَيْرِهِمَا لِيَشْمَلَ الْجِنَّ (قَوْلُهُ تَضَرُّعٌ) هُوَ السُّؤَالُ مَعَ خُضُوعٍ وَذِلَّةٍ وَالدُّعَاءُ أَعَمُّ مِنْهُ

(قَوْلُهُ بِمَعْنَى التَّسْلِيمِ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ السَّلَامَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ الْمُرَادُ فَدَفَعَهُ بِمَا ذَكَرَ؛ فَيَكُونُ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَصْدَرِ عَلَى الْمَصْدَرِ وَلَمْ يُؤَوِّلْ الصَّلَاةَ بِالْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ التَّصْلِيَةُ لِأَنَّهَا الْإِحْرَاقُ بِالنَّارِ أَوْ دُخُولِهَا وَذَلِكَ كُفْرٌ (قَوْلُهُ مُحَمَّدٍ) اسْتَنْبَطَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ مُحَمَّدٍ ثَلَاثَمِائَةٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ رَسُولًا فَقَالَ: فِيهِ ثَلَاثُ مِيمَاتٍ وَإِذَا بَسَطْتَ كُلًّا مِنْهَا قُلْتَ م وم وم عِدَّتُهَا بِحِسَابِ الْجُمَلِ الْكَبِيرِ تِسْعُونَ فَيَحْصُلُ مِنْهَا مِائَتَانِ وَسَبْعُونَ وَإِذَا بَسَطْت الْحَاءَ وَالدَّالَ قُلْت دَالٌ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ وَحَاءٌ بِتِسْعَةٍ فَالْجُمْلَةُ مَا ذَكَرَ فَفِي اسْمِهِ الْكَرِيمِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ جَمِيعَ الْكَمَالَاتِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْمُرْسَلِينَ مَوْجُودَةٌ فِيهِ شَيْخُنَا مَلَوِيٌّ (قَوْلُهُ نَبِيِّنَا) لَمَّا كَانَ لَفْظُ مُحَمَّدٍ مُشْتَرَكًا بَيْنَ نَبِيِّنَا وَغَيْرِهِ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ نَبِيِّنَا. ع ش (قَوْلُهُ مُؤْمِنُو بَنِي هَاشِمٍ) أَيْ: وَبَنَاتُهُ فَفِيهِ تَغْلِيبٌ وَكَذَا يُقَالُ مِثْلُهُ فِي بَنِي الْمُطَّلِبِ وَلَا يُشْكِلُ بِأَوْلَادِ بَنَاتِهِمْ حَيْثُ لَمْ يَكُونُوا مِنْ الْآلِ لِأَنَّهُمْ يُنْسَبُونَ لِآبَائِهِمْ ع ش (قَوْلُهُ اسْمُ جَمْعٍ لِصَاحِبِهِ) أَتَى بِالضَّمِيرِ احْتِرَازًا مِنْ صَاحِبِنَا فَإِنَّهُ مَنْ طَالَتْ عِشْرَتُهُ وَعِنْدَ الْأَخْفَشِ هُوَ جَمْعٌ لَهُ كَرَكْبٍ وَرَاكِبٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مُرَادُهُ الْجَمْعُ اللُّغَوِيُّ فَلَا مُخَالَفَةَ. (قَوْلُهُ بِمَعْنَى الصَّحَابِيِّ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ الصَّاحِبَ مَنْ طَالَتْ صُحْبَتُهُ وَالصَّحَابِيُّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ. ح ل (قَوْلُهُ مَنْ اجْتَمَعَ) أَيْ: اجْتِمَاعًا مُتَعَارَفًا بِأَنْ يَكُونَ بِالْأَبْدَانِ فِي عَالَمِ الدُّنْيَا ع ن فَيَشْمَلُ الْإِنْسَ وَالْجِنَّ وَالْمَلَائِكَةَ وَعِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مَرَّاتٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَهُوَ حَيٌّ، وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْأَنْبِيَاءِ فَلَمْ يَجْتَمِعْ إلَّا بِأَرْوَاحِهِمْ أُجْهُورِيٌّ.

(قَوْلُهُ بِنَبِيِّنَا) أَيْ: بَعْدَ رِسَالَتِهِ وَقَدْ تَنَازَعَهُ " اجْتَمَعَ " وَ " مُؤْمِنًا ". (قَوْلُهُ وَعَطَفَ الصَّحْبَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْعَطْفِ الْعَطْفُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ ذِكْرُ الشَّيْءِ بَعْدَ شَيْءٍ آخَرَ وَإِلَّا فَالْعَطْفُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْأَوَّلِ إذَا تَكَرَّرَتْ الْمَعْطُوفَاتُ عَلَى الصَّحِيحِ فَالْعَطْفُ عَلَى مُحَمَّدٍ لَا عَلَى الْآلِ أَوْ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ ع ش (قَوْلُهُ الشَّامِلِ) أَيْ: الْآلِ لِبَعْضِهِمْ أَيْ: الصَّحْبِ وَقَوْلُهُ بَاقِيهمْ أَيْ: بَاقِي الصَّحْبِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِآلٍ. شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ الْآلُ مِنْ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُو بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، وَأَمَّا إذَا بَنَيْنَا عَلَى أَنَّهُمْ مُؤْمِنُو أُمَّتِهِ فَفَائِدَةُ ذِكْرِهِمْ الِاهْتِمَامُ بِشَأْنِهِمْ لِزِيَادَةِ فَضْلِهِمْ فَيَكُونُ بَيْنَ الْآلِ وَالصَّحْبِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ عَلَى هَذَا وَوَجْهِي عَلَى الْأَوَّلِ وَالسِّرُّ فِي طَلَبِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى الْآلِ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ السَّبَبُ فِي حُصُولِ سَعَادَةِ الدَّارَيْنِ لِلْعِبَادِ لِأَنَّ السَّعَادَةَ مَنُوطَةٌ بِمَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ وَالْعَمَلِ بِهَا وَوُصُولُهَا إلَيْنَا إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ آلِهِ وَصَحْبِهِ.

(قَوْلُهُ خَبَرِيَّتَانِ إلَخْ) وَيَجُوزُ فِي جُمْلَةِ الْحَمْدِ أَنْ تَكُونَ خَبَرِيَّةً لَفْظًا وَمَعْنًى لِأَنَّ الْحَمْدَ لُغَةً: الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ وَالْإِخْبَارُ بِأَنَّهُ مَالِكٌ أَوْ مُسْتَحِقٌّ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ ثَنَاءٌ عَلَيْهِ جَلَّ وَعَلَا، وَأَمَّا جُمْلَةُ الصَّلَاةِ فَلَا يَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لُغَةً: الدُّعَاءُ وَالْإِخْبَارَ بِهَا لَيْسَ دُعَاءً وَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ فِيهَا أَيْضًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الْغَرَضُ مِنْهَا تَعْظِيمُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَذَلِكَ حَاصِلٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ التَّقْدِيرَيْنِ. (قَوْلُهُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ) أَيْ: عَلَى أَنَّ ثُبُوتَ الْحَمْدِ لِلَّهِ دَائِمٌ مُسْتَمِرٌّ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْحَامِدَ يُنْشِئُ الْحَمْدَ دَائِمًا وَعَطْفُ الدَّوَامِ عَلَى الثَّبَاتِ تَفْسِيرٌ يُقَالُ: ثَبَتَ الْأَمْرُ ثَبَاتًا أَيْ: دَامَ بِخِلَافِ الثُّبُوتِ فَإِنَّهُ أَعَمُّ. فَإِنْ قُلْت كَيْفَ ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَاهِرِ بِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ثُبُوتِ الِانْطِلَاقِ لِزَيْدٍ؟ قُلْت: أُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الشَّيْخَ إنَّمَا نَفَى دَلَالَةَ الِاسْمِيَّةِ فَلَا يُنَافِي اسْتِفَادَةَ الدَّوَامِ مِنْهَا بِوَاسِطَةِ الْعُدُولِ عَنْ الْفِعْلِيَّةِ إلَى الِاسْمِيَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ: وَاخْتَرْت إلَخْ أَوْ بِمَعُونَةِ الْمَقَامِ. (قَوْلُهُ بِعُلَاهُ) اسْمُ مَصْدَرٍ لِأَعْلَى أَيْ: بِإِعْلَائِهِ إيَّاهُمْ أَوْ جَمْعُ عُلْيَا وَيَكُونُ مَعْنَاهُ الرُّتَبُ الْعَلِيَّةُ

(قَوْلُهُ يُؤْتَى بِهَا لِلِانْتِقَالِ) أَيْ: إذَا جِيءَ بِهَا تَكُونُ لِلِانْتِقَالِ أَيْ: فَلَيْسَتْ مَوْضُوعَةً لَهُ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ الِانْتِقَالُ يَتَعَيَّنُ الْإِتْيَانُ بِهَا فَيُعَدُّ تَرْكُهَا عَيْبًا أَوْ خَطَأً لِأَنَّ الِانْتِقَالَ كَمَا يَحْصُلُ بِهَا يَحْصُلُ بِغَيْرِهَا كَ {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ} [ص: 55] وَاللَّامُ بِمَعْنَى عِنْدَ أَوْ الْمَعْنَى لِإِرَادَةِ الِانْتِقَالِ (قَوْلُهُ وَأَصْلُهَا) أَيْ: الثَّانِي أَيْ: مَا حَقُّ التَّرْكِيبِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فَالْأَصَالَةُ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْفِعْلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ شَيْئًا حُذِفَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015