يَعْنِي مُتَفَرِّعَاتٍ مِنْ إخْوَتِهِنَّ قَالَ تَعَالَى فِي الْبَنَاتِ {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11] وَفِي الْأُخْتَيْنِ {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 176] نَزَلَتْ فِي جَابِرٍ مَاتَ عَنْ أَخَوَاتٍ فَدَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا الْأُخْتَانِ فَصَاعِدًا وَالْبِنْتَانِ وَمِثْلُهُمَا بِنْتَا الِابْنِ مَقِيسَتَانِ عَلَى الْأُخْتَيْنِ وَبَنَاتُ الِابْنِ مَقِيسَاتٌ عَلَى بَنَاتِ الصُّلْبِ.

(وَالثُّلُثُ فَرْضُ أُمٍّ لَيْسَ لِمَيِّتِهَا وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابْنٍ وَلَا اثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ) قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11] وَوَلَدُ الِابْنِ مُلْحَقٌ بِالْوَلَدِ فِي ذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِالْإِخْوَةِ الِاثْنَانِ فَصَاعِدًا وَالْأُنْثَى كَالذَّكَرِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ، (وَفَرْضُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ) قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12] الْمُرَادُ أَوْلَادُ الْأُمِّ قَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ، وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ الْأُمِّ (وَقَدْ يُفْرَضُ) الثُّلُثُ (لِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ) كَمَا سَيَأْتِي فِي فَصْلِهِ (وَالسُّدُسُ فَرْضُ سَبْعَةٍ أَبٍ وَجَدٍّ لِمَيِّتِهَا وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ) قَالَ تَعَالَى: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 11] إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ وَأُلْحِقَ بِهِ وَلَدُ الِابْنِ وَقِيسَ الْجَدُّ عَلَى الْأَبِ. (وَأَمٍّ لِمَيِّتِهَا وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ أَوْ اثْنَانِ مِنْ إخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَتَيْنِ. (وَجَدَّةٍ) لِأُمٍّ وَلِأَبٍ رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ الْمُغِيرَةِ، أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْطَى الْجَدَّةَ السُّدُسَ» وَسَيَأْتِي أَنَّ لِلْجَدَّاتِ السُّدُسَ (وَلِبِنْتِ ابْنٍ مَعَ بِنْتِ صُلْبٍ) لِقَضَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَسَيَأْتِي أَنَّ لِبَنَاتِ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ السُّدُسَ (وَلِأُخْتٍ) لِأَبٍ (أَوْ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ مَعَ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ) كَمَا فِي بَنَاتِ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ (وَلِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ) لِمَا تَقَدَّمَ.

ـــــــــــــــــــــــــــــSلَشَمِلَ ذَلِكَ وَشَمِلَ مَا لَوْ زِدْنَ عَلَى أَرْبَعٍ كَمَا فِي نِكَاحِ نَحْوِ الْمَجُوسِ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي إلَخْ) هُوَ إيرَادٌ أَوْ دَلِيلُ تَأْوِيلٍ بِأَنْ يُرَادَ زَوْجَةٌ وَلَوْ فِيمَا مَضَى: قَوْلُهُ: (فَرْضُ بِنْتَيْنِ إلَخْ) لَوْ قَالَ فَرْضُ مَنْ تَعَدَّدَ مِنْ أَصْحَابِ النِّصْفِ لَكَانَ أَخْصَرَ. قَوْلُهُ: (عَنْ إخْوَتِهِنَّ) فِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (نَزَلَتْ فِي جَابِرٍ) أَيْ نَزَلَتْ فِي بَيَانِ حَالِهِ حِينَ مَرِضَ وَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كَيْفِيَّةِ إرْثِ أَخَوَاتِهِ مِنْهُ إذَا مَاتَ فَقَوْلُهُ. مَاتَ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِأَنَّ جَابِرًا عَاشَ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَمَنًا طَوِيلًا وَقِيلَ الْمُرَادُ مِنْهُ إفَادَةُ دَلِيلٍ آخَرَ هُوَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ جَابِرٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (عَنْ أَخَوَاتٍ) أَيْ سَبْعٍ. قَوْلُهُ: (وَالْبِنْتَانِ إلَخْ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لَفْظَ فَوْقَ فِي الْقُرْآنِ غَيْرُ صِلَةٍ وَإِلَّا فَهُوَ نَصٌّ لَا قِيَاسٌ. قَوْلُهُ: (مُلْحَقٌ) هُوَ بِمَعْنَى مَقِيسٍ كَمَا ذَكَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْوَلَدِ لَيْسَ حَقِيقَةً فِي وَلَدِ الْوَلَدِ، وَإِلَّا كَمَا قِيلَ بِهِ فَهُوَ نَصٌّ لَا قِيَاسٌ وَكَذَا إنْ قُلْنَا إنَّ اللَّفْظَ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ مَعًا، كَمَا يَقُولُ بِهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِالْإِخْوَةِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْأَخَوَاتِ كَمَا هُوَ الْمُرَادُ فِي الْقُرْآنِ خِلَافًا لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأُنْثَى) وَكَذَا الْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (لِمَا قَامَ إلَخْ) هُوَ عِلَّةٌ لِمُسَاوَاةِ الْأُنْثَى لِلذَّكَرِ هُنَا، وَلِشُمُولِ جَمْعِ الذُّكُورِ لِلْإِنَاثِ قَبْلُ، وَاَلَّذِي قَامَ عِنْدَهُمْ هُوَ الْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ إدْلَاؤُهُمْ بِمَنْ لَا عُصُوبَةَ لَهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (مِنْ ذَلِكَ) أَيْ الْوَاحِدِ. قَوْلُهُ: (قَرَأَ إلَخْ) هُوَ دَلِيلٌ لِذَلِكَ الْمُرَادِ إذْ الْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْحُكْمِ بِهَا. قَوْلُهُ: (وَقَدْ يُفْرَضُ) فَهُوَ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ مِنْ حَيْثُ ثُبُوتُهُ بِالِاجْتِهَادِ لَا مِنْ حَيْثُ الْمِقْدَارُ وَالْمَخْرَجُ كَمَا عُلِمَ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (سَبْعَةً) صَرَّحَ بِالْعَدَدِ هُنَا وَفِي النِّصْفِ الْمُتَقَدِّمِ دُونَ مَا بَيْنَهُمَا لِدَفْعِ إيهَامِ أَنَّ الْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَبُ قِسْمٌ وَاحِدٌ هُنَاكَ عَلَى قِيَاسِ عَدِّهِمْ فِي الْمُجْمَعِ عَلَى إرْثِهِمْ، مَعَ الِاخْتِصَارِ كَمَا مَرَّ. وَأَنَّ الْجَدَّ وَالْأَبَ قِسْمٌ وَاحِدٌ هُنَا، كَقَوْلِهِمْ الْأَبُ وَإِنْ عَلَا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِمَيِّتِهَا وَلَدٌ إلَخْ) وَيُنْسَبُ الْحَجْبُ بِالْفِعْلِ لِلْوَلَدِ إذَا اجْتَمَعَ مَعَ الْإِخْوَةِ، لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (أَوْ اثْنَانِ) أَيْ يَقِينًا وَلَوْ حُكْمًا فَخَرَجَ بِالْأَوَّلِ مَا لَوْ تَعَاقَبَ رَجُلَانِ عَلَى امْرَأَةٍ بِشُبْهَةٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ وَمَاتَ قَبْلَ إلْحَاقِهِ بِأَحَدِهِمَا، وَلِأَحَدِهِمَا ابْنَانِ فَلِلْأُمِّ مِنْهُ الثُّلُثُ لِاحْتِمَالِ إلْحَاقِهِ مِمَّنْ لَا وَلَدَ لَهُ، وَدَخَلَ بِالثَّانِي مَا لَوْ كَانَا مُلْتَصِقَيْنِ وَأَعْضَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَامِلَةً حَتَّى الْفَرْجَيْنِ، فَلَهُمَا حُكْمُ اثْنَيْنِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ حَتَّى إنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَزَوَّجَ سَوَاءٌ كَانَا ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، فَإِنْ نَقَصَتْ أَعْضَاءُ أَحَدِهِمَا فَإِنْ عُلِمَ حَيَاةُ أَحَدِهِمَا اسْتِقْلَالًا كَنَوْمِ أَحَدِهِمَا وَيَقِظَةِ الْآخَرِ فَكَاثْنَيْنِ أَيْضًا وَإِلَّا فَكَوَاحِدٍ وَدَخَلَ أَيْضًا مَا لَوْ حُجِبَ الِاثْنَانِ بِالشَّخْصِ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي) هُوَ إيرَادٌ أَوْ مُرَادٌ بِأَنَّ الْجَدَّةَ لِلْجِنْسِ وَالْمُرَادُ جَدَّةٌ غَيْرُ سَاقِطَةٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي) فِيهِ مَا عَلِمْت. تَنْبِيهٌ عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ مَنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ وَلَوْ مَعَ التَّعْصِيبِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَرْبَعَةٌ مِنْ الذُّكُورِ الزَّوْجُ، وَالْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْأَخُ لِلْأُمِّ وَتِسْعَةٌ مِنْ الْإِنَاثِ غَيْرُ ذَاتِ الْوَلَاءِ، وَأَنَّ مَنْ يَرِثُ مِنْهُمْ بِالْفَرْضِ فَقَطْ سَبْعَةٌ، الزَّوْجَانِ وَالْجَدَّتَانِ وَالْأُمُّ وَوَلَدَاهَا وَأَنَّ مَنْ يَرِثُ مِنْهُمْ بِالْفَرْضِ تَارَةً وَبِالتَّعْصِيبِ تَارَةً وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، تَارَةً اثْنَانِ الْأُمُّ وَالْجَدُّ، وَأَنَّ مَنْ يَرِثُ مِنْهُمْ. كَذَلِكَ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ وَأَنَّ مَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ فَقَطْ اثْنَا عَشَرَ وَهُمْ مَنْ بَقِيَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَبٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَيْسَ لِمَيِّتِهَا إلَخْ) قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ أَيْضًا وَلَا زَوْجَةٌ أَوْ زَوْجٌ وَأَبٌ فَإِنَّ فَرْضَهَا مَعَ ذَلِكَ أَنْقَصُ مِنْ الثُّلُثِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ) إنَّمَا أُعْطُوا الثُّلُثَ وَالسُّدُسَ لِأَنَّهُمْ يُدْلُونَ بِالْأُمِّ. وَهُمَا فَرْضُهَا وَسَوَّى بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُ لَا تَعْصِيبَ فِيمَنْ أَدْلَوْا بِهِ بِخِلَافِ الْأَشِقَّاءِ لَمَّا كَانَ فِيهِمْ تَعْصِيبٌ جَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، كَالْأَوْلَادِ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَدْ يُفْرَضُ إلَخْ) مِثَالُهُ أَنْ يَنْقُصَ حَقُّهُ بِالْمُقَاسَمَةِ عَنْ الثُّلُثِ، كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَبٌ) نَعَمْ إذَا كَانَ مَعَهُ بِنْتٌ أَخَذَ السُّدُسَ فَرْضًا وَالْبَاقِيَ تَعْصِيبًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015