إنْ وُضِعَتْ عَلَى طُهْرٍ لَمْ يَجِبْ الْقَضَاءُ أَوْ عَلَى حَدَثٍ وَجَبَ. (فَإِذَا تَيَمَّمَ) الْمَذْكُورُ (لِفَرْضٍ ثَانٍ) بِأَنْ أَدَّى بِطَهَارَتِهِ فَرْضًا إذْ التَّيَمُّمُ وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهِ غَسْلُ الصَّحِيحِ لَا يُؤَدَّى بِهِ غَيْرُ فَرْضٍ وَنَوَافِلَ كَمَا سَيَأْتِي.

(وَلَمْ يُحْدِثْ لَمْ يُعِدْ الْجُنُبُ غَسْلًا) لِمَا غَسَلَهُ (وَيُعِيدُ الْمُحْدِثُ) غَسْلَ (مَا بَعْدَ عَلِيلِهِ) حَيْثُ كَانَ رِعَايَةً لِلتَّرْتِيبِ (وَقِيلَ يَسْتَأْنِفَانِ) الْغَسْلَ وَالْوُضُوءَ وَيَأْتِي الْمُحْدِثُ بِالتَّيَمُّمِ فِي مَحَلِّهِ، وَهَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلٍ قُدِّمَ فِي مَاسِحِ الْخُفِّ أَنَّهُ إذَا نَزَعَهُ أَوْ انْتَهَتْ الْمُدَّةُ، وَهُوَ بِطُهْرِ الْمَسْحِ تَوَضَّأَ، وَجْهُ التَّخْرِيجِ أَنَّ الطَّهَارَةَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ أَصْلٍ وَبَدَلٍ، وَقَدْ بَطَلَ الْأَصْلُ بِبُطْلَانِ الْبَدَلِ هُنَاكَ فَكَذَا هُنَا. (وَقِيلَ: الْمُحْدِثُ كَجُنُبٍ) فَلَا يُعِيدُ غَسْلَ مَا بَعْدَ عَلِيلِهِ لِبَقَاءِ طَهَارَتِهِ إذْ يَتَنَفَّلُ بِهَا، وَإِنَّمَا يُعِيدُ التَّيَمُّمَ لِضَعْفِهِ عَنْ أَدَاءِ الْفَرْضِ. (قُلْت: هَذَا الثَّالِثُ أَصَحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا ذُكِرَ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُحْدِثْ عَمَّا إذَا أَحْدَثَ، فَإِنَّهُ كَمَا سَبَقَ يَغْسِلُ الصَّحِيحَ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَيَتَيَمَّمُ عَنْ الْعَلِيلِ مِنْهَا وَقْتَ غُسْلِهِ، وَيَمْسَحُ الْجَبِيرَةَ بِالْمَاءِ إنْ كَانَتْ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ تَيَمَّمَ الْجُنُبُ مَعَ الْوُضُوءِ لِلْجَنَابَةِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــSعَنْ الْجُزْءِ الزَّائِدِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ بَلْ إنْ قَدَرَ عَلَى نَزْعِ السَّاتِرِ عَنْهُ وَغَسَلَهُ فَذَاكَ وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى عَدَمِ الطَّهَارَةِ فَصَلَاتُهُ مَعَهُ كَصَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فَوُجُوبُ الْقَضَاءِ لِذَلِكَ لَا لِعَدَمِ وَضْعِ الْجَبِيرَةِ عَلَى طُهْرٍ فَتِلْكَ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَسَيَأْتِي إلَخْ.

(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ عَنْ الْعَلِيلِ فَقَطْ، وَأَنَّ الْمَسْحَ بَدَلٌ عَمَّهُ تَحْتَ الْجَبِيرَةِ مِنْ الصَّحِيحِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَحْدَهُ أَوْ مَا زَادَ عَلَيْهِ عَلَى مَا مَرَّ وَأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا سَقَطَ الْمَسْحُ، وَأَنَّ الْمَسْحَ رَافِعٌ كَالْغَسْلِ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ مَسْحُهَا بِالتُّرَابِ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ مَسْحُ مَا وَقَعَ مِنْهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْوَاجِبِ، وَأَنَّهُ إذَا سَقَطَ التَّرْتِيبُ لِعُمُومِ الْعِلَّةِ وَلِأَعْضَاءٍ مُتَوَالِيَةٍ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ كَفَى عَنْهَا تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ عَمَّتْ الْجَبِيرَةُ الرَّأْسَ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِمَّا يُجْزِئُ عَنْ الْوَاجِبِ شَيْءٌ وَجَبَ التَّيَمُّمُ عَنْ الْوَاجِبِ أَوْ عَنْ كُلِّهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْوَاجِبِ، وَسَقَطَ الْمَسْحُ وَلَا يُكْتَفَى بِهِ عَنْ التَّيَمُّمِ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْوَاجِبِ شَيْءٌ بِقَدْرِ اسْتِمْسَاكِ الْجَبِيرَةِ وَجَبَ الْمَسْحُ، وَلَا بُدَّ مِنْ مَسْحِ كُلِّ الْجَبِيرَةِ وَإِنْ كَانَ مَا تَحْتَهَا أَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ لِأَنَّ مَسْحَ كُلِّهَا شَرْطٌ فِي الِاعْتِدَادِ بِمَسْحِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا، وَسَقَطَ التَّيَمُّمُ بَلْ لَا يُكْتَفَى بِهِ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا، وَالْمَسْحُ أَفْضَلُ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَكْمَلُ، وَلَوْ امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي بَعْضِ الْوَجْهِ أَوْ بَعْضِ الْيَدَيْنِ أَوْ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا تَعَدَّدَ التَّيَمُّمُ فِي الثَّالِثَةِ وَوَجَبَ مَسْحُ مَحَلِّ الْعِلَّةِ بِالتُّرَابِ فِي الْكُلِّ إنْ لَمْ يَكُنْ سَاتِرٌ، وَنُدِبَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ، وَلَوْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ أَوْ أَعْضَاءَ التَّيَمُّمِ وَعَمَّتْ الْجَبِيرَةُ أَعْضَاءَ التَّيَمُّمِ سَقَطَ الْمَسْحُ.

وَالتَّيَمُّمُ كَالْغَسْلِ، كَمَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: إنَّ التُّرَابَ ضَعِيفٌ لَا يُؤَثِّرُ فَوْقَ حَائِلٍ فَيُصَلِّي كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَيُعِيدُ، وَعَنْ بَعْضِهِمْ وُجُوبُ الْمَسْحِ هُنَا، قَالَ: وَلَوْ عَمَّتْ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ وَجَبَ الْوُضُوءُ مَسْحًا، وَعَنْ بَعْضِهِمْ هُنَا وُجُوبُ التَّيَمُّمِ فَوْقَ الْجَبِيرَةِ، وَلَوْ بَقِيَ مِنْ عُضْوِ التَّيَمُّمِ شَيْءٌ صَحِيحٌ بِقَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ تَحْتَ الْجَبِيرَةِ وَجَبَ مَسْحُهَا، وَفِي التَّيَمُّمِ مَا عَلِمْت، وَعَنْ بَعْضِهِمْ نُدِبَ التَّيَمُّمُ هُنَا وَلَا يَجِبُ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يُعِيدُ التَّيَمُّمَ) وَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ فِي الْأَوَّلِ بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ سُقُوطُ التَّرْتِيبِ فِي التَّيَمُّمِ مَعَ تَعَدُّدِ مَحَالِّ الْعِلَّةِ، وَمِنْهُ جُنُبٌ بِهِ عِلَّةٌ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَعِلَّةٌ فِي غَيْرِهَا، فَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْهُمَا، وَلَهُ تَقْدِيمُهُ عَلَى غَسْلِ الصَّحِيحِ وَتَأْخِيرُهُ عَنْهُ وَتَوَسُّطُهُ، فَلَوْ أَحْدَثَ وَأَرَادَ فَرْضًا آخَرَ فَكَذَلِكَ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ الْمِقْدَارِ وَلَا نَظَرَ لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ، وَمِنْهُ جُنُبٌ فِي ظَهْرِهِ جَبِيرَةٌ فَغَسَلَ الصَّحِيحَ مِنْ بَدَنِهِ وَتَيَمَّمَ عَنْ الْعَلِيلِ وَمَسَحَهَا بِالْمَاءِ وَصَلَّى فَرْضًا، ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ جُرِحَتْ يَدُهُ، ثُمَّ أَرَادَ الصَّلَاةَ فَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ لِمَا مَرَّ، وَالْقَوْلُ بِلُزُومِ تَيَمُّمَيْنِ فِي ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ فِيهِ نَظَرٌ خُصُوصًا إذَا تَيَمَّمَ وَقْتَ غَسْلِ يَدِهِ.

قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ) لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ، وَلَهُ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ عَلَى الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَصْغَرُ تَبَعًا، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا تَقَدَّمَ، وَمَنْ أَحْدَثَ وَجَبَ عَلَيْهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQغَسْلُهُ وَلَكِنْ أَمْكَنَ مَسْحُهُ بِالْمَاءِ وَجَبَ أَيْضًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (عَلَى طُهْرٍ) أَيْ كَامِلٍ كَالْخُفِّ لَا طَهَارَةَ الْعُضْوِ فَقَطْ وَبَحَثَ فِي الْخَادِمِ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ لَوْ وَضَعَهَا فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ أَجْنَبَ فَهُوَ وَضْعٌ عَلَى طُهْرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُعِدْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَقَوْلُهُ غَسْلًا بِفَتْحِ أَوَّلِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (غَسْلُ) هُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (الْغُسْلُ وَالْوُضُوءُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ فِي كُلِّ الطُّرُقِ عَلَى أَنَّ اسْتِئْنَافَ الْغُسْلِ غَيْرُ وَاجِبٍ.

وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: فِيهِ خِلَافٌ كَمَا فِي الْوُضُوءِ، قَالَ: وَاَلَّذِي قَالَهُ ضَعِيفٌ أَوْ مَتْرُوكٌ انْتَهَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015