يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا، فَلَيْسَ بِمَوَاتٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرِّكَازَ مَمْلُوكٌ جَاهِلِيٌّ يُمْلَكُ فَكَذَلِكَ هَذَا وَلَوْ كَانَ الْمَعْمُورُ الْمَذْكُورُ بِبِلَادِ الْكُفَّارِ، وَلَمْ يُعْرَفْ مَالِكُهُ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ. (وَلَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ حَرِيمُ الْمَعْمُورِ) أَيْ لَا يَمْلِكُهُ غَيْرُ مَالِكِ الْمَعْمُورِ، وَيَمْلِكُهُ مَالِكُ الْمَعْمُورِ بِالتَّبَعِيَّةِ لَهُ. (وَهُوَ) أَيْ حَرِيمُ الْمَعْمُورِ (مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ لِتَمَامِ الِانْتِفَاعِ) بِالْمَعْمُورِ (فَحَرِيمُ الْقَرْيَةِ) الْمُحْيَاةِ (النَّادِي) وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْقَوْمِ لِلْحَدِيثِ (وَمُرْتَكَضُ الْخَيْلِ) لِلْخَيَّالَةِ (وَمُنَاخُ الْإِبِلِ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُنَاخُ فِيهِ. (وَمَطْرَحُ الرَّمَادِ) وَالسِّرْجِينُ (وَنَحْوُهَا) كَمَرَاحِ الْغَنَمِ (وَحَرِيمِ الْبِئْرِ) الْمَحْفُورَةِ (فِي الْمَوَاتِ مَوْقِفُ النَّازِحِ) مِنْهَا (وَالْحَوْضُ) الَّذِي يَصُبُّ فِيهِ النَّازِحُ الْمَاءَ أَيْ مَوْضِعُهُ، وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ بِمَصَبِّ الْمَاءِ. (وَالدُّولَابُ) بِضَمِّ الدَّالِ أَيْ مَوْضِعُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. (وَمُجْتَمَعُ الْمَاءِ) أَيْ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ لِسَقْيِ الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ مِنْ حَوْضٍ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَفِي الْمُحَرَّرِ وَنَحْوِهِ. (وَمُتَرَدَّدِ الدَّابَّةِ) وَذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ) نَعَمْ إنْ كَانَ بِبِلَادِهِمْ وَذَبُّونَا عَنْهُ، وَقَدْ صُولِحُوا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ كَمَا مَرَّ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْإِحْيَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ الْمَعْمُورُ إلَخْ) فَالرَّاجِحُ أَنَّهُ كَمَوَاتِ بِلَادِهِمْ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ، وَلَوْ عُرِفَ مَالِكُهُ فَكَالْمَعْمُورِ.

تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ مَا بَنَاهُ الْمُسْلِمُونَ كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ، أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ كَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ، أَوْ فُتِحَ عَنْوَةً كَخَيْبَرِ وَمِصْرَ وَسَوَادِ الْعِرَاقِ أَوْ صُلْحًا، وَالْأَرْضُ لَنَا وَهُمْ يَدْفَعُونَ الْجِزْيَةَ، وَفِي هَذِهِ عِمَارَتُهَا فَيْءٌ وَمَوَاتُهَا مُتَحَجِّرٌ لِأَهْلِ الْفَيْءِ، وَحِفْظُهُ عَلَى الْإِمَامِ وَإِنْ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ، فَمَوَاتُهَا مُتَحَجِّرٌ لَهُمْ وَمَعْمُورُهَا مِلْكٌ لَهُمْ.

فَرْعٌ: لَوْ رَكِبَ الْأَرْضَ مَاءٌ أَوْ رَمْلٌ أَوْ طِينٌ فَهِيَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ مِلْكٍ، وَوَقْفٍ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّمْلُ مَثَلًا مَمْلُوكًا فَلِمَالِكِهِ أَخْذُهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْحَسِرْ عَنْهَا وَلَوْ انْحَسَرَ مَاءُ النَّهْرِ عَنْ جَانِبٍ مِنْهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ، وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ إقْطَاعُهُ لِأَحَدٍ كَالنَّهْرِ وَحَرِيمِهِ وَلَوْ زَرَعَهُ أَحَدٌ لَزِمَهُ أُجْرَتُهُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ قَدْرُ حِصَّتِهِ إنْ كَانَ لَهُ حِصَّةٌ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ، نَعَمْ لِلْإِمَامِ دَفْعُهُ لِمَنْ يَرْتَفِقُ بِهِ بِمَا لَا يَضُرُّ الْمُسْلِمِينَ، وَمِثْلُهُ مَا يَنْحَسِرُ عَنْهُ الْمَاءُ مِنْ الْجَزَائِرِ فِي الْبَحْرِ وَيَجُوزُ زَرْعُهُ، وَنَحْوُهُ لِمَنْ لَمْ يَقْصِدْ إحْيَاءَهُ، وَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْبِنَاءُ وَلَا الْغِرَاسُ وَلَا مَا يَضُرُّ الْمُسْلِمِينَ، هَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا م ر وَبَالَغَ فِي الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ ذَكَرَ شَيْئًا مِمَّا يُخَالِفُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (حَرِيمَ الْمَعْمُورِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحُرْمَةِ التَّصَرُّفِ فِيهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَيَمْلِكُهُ مِلْكَ الْمَعْمُورِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ إحْيَائِهِ، بِجَعْلِهِ دَارًا مَثَلًا، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ غَيْرِهِ مِنْ الْمُرُورِ فِيهِ، وَلَا مِنْ رَعْيِ كَلَأٍ فِيهِ وَلَا الِاسْتِقَاءُ مِنْ مَاءٍ فِيهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَهَكَذَا يُقَالُ فِي حَرِيمِ الْقَرْيَةِ وَغَيْرِهِ مِمَّا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (مُرْتَكَضُ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَآخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ مَحَلُّ سُوقِ الْخَيْلِ لِنَحْوِ السِّبَاقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ خَيْلٌ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهَا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (كَمَرَاحِ الْغَنَمِ) وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ وَمَسِيلِ الْمِيَاهِ وَالطُّرُقَاتِ، وَكَذَا الْمَرْعَى وَالْمُحْتَطَبُ وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِالْقَرِيبَيْنِ قَالَ وَأَمَّا الْبَعِيدَانِ فَإِنْ تَعَيَّنَّ بُعْدُهُمَا بِحَيْثُ لَا يُعَدَّانِ مِنْ مَرَافِقِهَا فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَكَالْقَرِيبَيْنِ. قَوْلُهُ: (الْبِئْرِ) أَيْ الْمُعَيَّنَةِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (الْمَحْفُورَةِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَّا أَنَّ الْحَفْرَ صِفَةٌ لِلْبِئْرِ لَا حَالٌ لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِهِ فِيهِ، فَلَامُ الْبِئْرِ لِلْجِنْسِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَبْنِيَّةِ الْآتِي.

قَوْلُهُ: (مَوْقِفُ النَّازِحِ) مِنْ جَانِبٍ أَوْ أَكْثَرَ دَابَّةً كَانَ أَوْ غَيْرَهَا، وَمِنْهُ مَوْضِعُ دَوَرَانِهِ. قَوْلُهُ: (بِمَصَبِّ الْمَاءِ) فَالْمُرَادُ مَا يَسِيلُ فِيهِ الْمَاءُ إلَى مَحَلِّ الِاجْتِمَاعِ الْآتِي.

تَنْبِيهٌ: لَوْ حَفَرَ اثْنَانِ بِئْرًا عَلَى أَنَّهَا لِأَحَدِهِمَا فَحَرِيمُهَا لِمَالِكِهَا، وَلِلْآخَرِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ.

فَرْعٌ: حَرِيمُ النَّهْرِ كَالنِّيلِ مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ كَإِلْقَاءِ الْأَمْتِعَةِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهُ عِنْدَ حَفْرِهِ أَوْ تَنْظِيفِهِ، فَيَهْدِمُ مَا يَبْنِي فِيهِ وَلَوْ مَسْجِدًا كَمَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ، وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ النَّهْرُ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يَصِيرُ مُحْتَاجًا إلَيْهِ فِيهِ كَمَا مَرَّ وَكَذَا فِي الْقَرْيَةِ وَغَيْرِهَا، وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ مَنْعُ مَنْ يَتَعَاطَى بِنَاءً أَوْ نَحْوَهُ بِجَانِبِ النِّيلِ أَوْ الْخَلِيجِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَوَارِدِ الْمَاءِ وَمُصَلَّى الْأَعْيَادِ فِي الصَّحْرَاءِ وَنَحْوِهَا، وَأَمَّا الْأَبْنِيَةُ عَلَى ذَلِكَ الَّتِي لَمْ يُعْلَمْ حُدُوثُهَا، فَلَا يَتَعَرَّضُ لِأَهْلِهَا لِاحْتِمَالِ وَضْعِهَا بِحَقٍّ، وَلَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ بَيْتٍ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةً مِنْ جَالِسٍ بِجَانِبِهِ فِي حَرِيمٍ أَوْ شَارِعٍ، إلَّا إنْ كَانَتْ عَادَةً لَمْ يَعْلَمْ حُدُوثَهَا، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ الْمَعْمُورُ إلَخْ) إذَا نَظَرْت إلَى هَذَا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَهُوَ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ صَحَّ لَك مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كَلَامَهُ هُنَا شَامِلٌ لِلْإِسْلَامِيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ بِبِلَادِ الْكُفْرِ.

قَوْلُهُ (كَمَرَاحِ الْغَنَمِ) وَمَسِيلِ الْمَاءِ، وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ، وَأَمَّا الْمَرْعَى وَالْمُحْتَطَبُ فَنَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَعَنْ آخَرِينَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَوْقِفُ النَّازِحِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ كَانَ يُنْزَحُ بِالدَّابَّةِ فَحَرِيمُهَا قَدْرُ عُمْقِهَا مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمُتَرَدَّدُ الدَّابَّةِ) يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ أَيْضًا الْمَوْضِعُ الَّذِي حُفِرَ فِيهِ بِئْرٌ لِنَقْصِ مَاءِ هَذِهِ، فَإِنَّهُ فِي الْحَرِيمِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُحْيِي فِعْلُهُ، وَإِنْ سَاغَ نَظِيرُهُ فِي الْأَمْلَاكِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015