الْقَوْلَيْنِ فِيهِ، وَلَا وُثُوقَ بِهَذَا النَّقْلِ، وَتَعَقَّبَهُ الْمُصَنِّفُ بِتَصْرِيحِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَالْمَحَامِلِيِّ وَآخَرِينَ بِجَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ.
(وَلَوْ وُجِدَ مَاءٌ لَا يَكْفِيهِ فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ اسْتِعْمَالِهِ) فِي بَعْضِ أَعْضَائِهِ مُحْدِثًا كَانَ أَوْ جُنُبًا وَنَحْوَهُ. (وَيَكُونُ قَبْلَ التَّيَمُّمِ) عَنْ الْبَاقِي لِئَلَّا يَتَيَمَّمَ وَمَعَهُ مَاءٌ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ، وَيَعْدِلُ إلَى التَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِهِ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ تُرَابًا وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ قَطْعًا. وَقِيلَ فِيهِ الْقَوْلَانِ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا تُرَابًا لَا يَكْفِيهِ لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ قَطْعًا، وَقِيلَ فِيهِ الْقَوْلَانِ.
(وَيَجِبُ شِرَاؤُهُ) أَيْ الْمَاءِ لِلطَّهَارَةِ (بِثَمَنِ مِثْلِهِ) فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَلَا يَجِبُ الشِّرَاءُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَإِنْ قَلَّتْ: (إلَّا أَنْ يُحْتَاجَ إلَيْهِ) أَيْ الثَّمَنُ (لِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ أَوْ مُؤْنَةِ سَفَرِهِ) فِي ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ (أَوْ نَفَقَةِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ) مَعَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيَجِبُ تَرْكُ الْآدَابِ لِضِيقِ الْمَاءِ أَوْ الْوَقْتِ أَوْ إدْرَاكِ الْجُمُعَةِ.
قَوْلُهُ (وَلَوْ وُجِدَ مَاءٌ) وَهُوَ مَمْدُودٌ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَالْمُرَادُ بِوُجُودِهِ أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِحَفْرٍ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لَا يَكْفِيهِ) أَيْ لِلْوَاجِبِ وَقِيلَ لَهُ مَعَ الْمَنْدُوبِ. قَوْلُهُ: (فِي بَعْضِ أَعْضَائِهِ) وَيَجِبُ التَّرْتِيبُ فِي الْأَصْغَرِ، وَيُنْدَبُ تَقْدِيمُ مَا يُطْلَبُ تَقْدِيمُهُ فِي الْغُسْلِ فِي الْأَكْبَرِ، وَيَجِبُ تَقْدِيمُ إزَالَةِ نَجَاسَةٍ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبٍ تَعَذَّرَ نَزْعُهُ عَلَى التَّيَمُّمِ لِتَوَقُّفِ صِحَّتِهِ عَلَى إزَالَتِهَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُقِيمُ وَالْمُسَافِرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ وُجُوبِ اسْتِعْمَالِ ثَلْجٍ أَوْ بَرَدٍ لَا يَذُوبُ.
قَالَ شَيْخُنَا إنْ كَانَ فِي الرَّأْسِ بَعْدَ غَسْلِ مَا قَبْلَهَا فَصَحِيحٌ وَإِلَّا فَغَيْرُ مُعْتَمَدٍ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْبَاقِي) يُفِيدُ أَنَّهُ يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ بَقِيَّةِ أَعْضَائِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَا بُدَّ لِهَذَا التَّيَمُّمِ مِنْ نِيَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ، وَلَا يَكْفِي عَنْهُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ قَبْلَهُ لِأَنَّ نِيَّتَهُ مَعَ النَّقْلِ وَهُوَ مَسْحٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ يَجِدْ تُرَابًا إلَى آخِرِهِ) قَيْدٌ لِنَوْعِ الْخِلَافِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا تُرَابًا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَاءِ وَمِثْلُهُ التُّرَابُ، وَلَوْ جُعِلَتْ مَا مَوْصُولَةً لَشَمِلَتْهُمَا مَعًا.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ شِرَاؤُهُ) وَكَذَا اسْتِئْجَارُهُ.
قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَاءِ) وَكَذَا التُّرَابُ وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ هُمَا مَعًا وَلَوْ بِمَحَلٍّ يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ، وَلَوْ وُجِدَ مَاءٌ لَا يَكْفِيهِ وَتُرَابًا يَكْفِيهِ قُدِّمَ التُّرَابُ لِكَمَالِ الطَّهَارَةِ فِيهِ، كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ قَرِيبًا، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ، وَكَالْمَاءِ آلَةُ اسْتِقَاءٍ كَالدَّلْوِ وَالرِّشَاءِ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ. قَوْلُهُ: (بِثَمَنِ مِثْلِهِ) أَوْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ وَمِنْهُ مُؤَجَّلٌ بِزِيَادَةٍ عَلَى الْحَالِ تَلِيقُ بِالْأَجَلِ فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهِ. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ) أَيْ عَلَى الْعَادَةِ فَلَا عِبْرَةَ بِحَالَةِ الِاضْطِرَارِ فَقَدْ تُسَاوِي الشَّرْبَةُ فِيهَا دَنَانِيرَ كَثِيرَةً. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ الشِّرَاءُ بِزِيَادَةٍ) بَلْ يُسَنُّ إنْ قَدَرَ، وَلَا يَجِبُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَإِنْ اسْتَغْرَقَهُ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَبِ، بَلْ يُسَنُّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قُلْت) وَلَوْ تَافِهَةً. نَعَمْ يَجِبُ شِرَاءُ الْآلَةِ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ بِقَدْرِ ثَمَنِ الْمَاءِ لَوْ اشْتَرَاهُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ مُعْتَمَدٌ.
(فَرْعٌ) يَجِبُ قَطْعُ ثَوْبِهِ مَثَلًا لِيَجْعَلَهُ رِشَاءً إنْ لَمْ يَزِدْ نَقْصُهُ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ أَوْ أُجْرَتِهِ. قَوْلُهُ: (لِدَيْنٍ) أَيْ يَلْزَمُهُ وَفَاؤُهُ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالذِّمَّةِ حَالًّا كَانَ أَوْ مُؤَجَّلًا إلَّا إنْ امْتَدَّ الْأَجَلُ إلَى مَحَلٍّ يَجِدُ فِيهِ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ. قَوْلُهُ: (مُسْتَغْرِقٍ) هُوَ مُسْتَدْرِكٌ لِأَنَّ الزَّائِدَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لَهُ وَأَجَابَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مُؤْنَةِ) مِنْهَا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالْمَسْكَنُ وَالْخَادِمُ وَالْمَرْكُوبُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَائِقًا بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَجِّ لِوُجُودِ الْبَدَلِ هُنَا. قَوْلُهُ: (سَفَرِهِ) أَيْ الَّذِي يُرِيدُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ عِنْدَ شِدَّةِ الْحَرِّ مُحَافَظَةً عَلَى الْخُشُوعِ الْمَسْنُونِ، فَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ مُحَافَظَةٌ عَلَى الْوُضُوءِ الْمَفْرُوضِ أَوْلَى، وَالْفَرْقُ لَائِحٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا بِالْوُضُوءِ) اعْتَرَضَهُ أَيْضًا بِأَنَّ الْفَرْضَ هُوَ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَمْ تَشْمَلْهُ فَضِيلَةُ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ وَمُدْرَكُ الْقَائِلِ بِالتَّأْخِيرِ أَدَاءُ الْفَرْضِ بِالْمَاءِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (إنَّ الرُّويَانِيَّ نَقَلَهُ أَيْضًا عَنْ الْأَصْحَابِ) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ نَقَلَهُ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِيه) الْأَحْسَنُ قِرَاءَتُهُ بِالْمَدِّ وَالْهَمْزُ لِيُحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ وَجَدَ شَيْئًا يَصْلُحُ لِلْمَسْحِ خَاصَّةً كَبَرْدٍ أَوْ ثَلْجٍ لَا يَذُوبُ، فَإِنَّ التَّيَمُّمَ يَكْفِيه وَيَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى الْحَاضِرِ دُونَ الْمُسَافِرِ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.
(فَرْعٌ) لَوْ كَانَ جُنُبًا وَعَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ وَوَجَدَ مَاءً يَكْفِي أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ لِلنَّجَاسَةِ فَيَغْسِلُهَا ثُمَّ يَتَيَمَّمُ، وَلَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ غَسْلِهَا جَازَ فِي الْأَصَحِّ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّانِي لَا يَجِبُ) أَيْ كَمَا لَوْ وَجَدَ بَعْضَ الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ وَجَوَابُهُ ظَاهِرٌ ثُمَّ تَصْوِيرِهِمْ يَشْعُرُ بِالْجَوَازِ جَزْمًا حَتَّى إذَا اسْتَعْمَلَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْبَاقِي فَيُكْمِلُ، كَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِثَمَنِ مِثْلِهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَظْهَرُهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ الْمِقْدَارُ الَّذِي تَنْتَهِي إلَيْهِ الرَّغَبَاتُ فِي الْمَوْضِعِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَالثَّانِي كَالْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْتَبِرُ تِلْكَ الْحَالَةَ بَلْ غَالِبَ الْحَالَاتِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَا يَجِبُ الشِّرَاءُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ وَإِنْ قَلَّتْ) مِثْلُ ذَلِكَ آلَةُ