لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَّا تِسْعَةً لَا تَلْزَمُ، إلَّا ثَمَانِيَةً تَلْزَمُ، فَتَلْزَمُ الثَّمَانِيَةُ وَالْوَاحِدُ الْبَاقِي مِنْ الْعَشَرَةِ. (وَيَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَأَلْفٍ إلَّا ثَوْبًا، وَيُبَيَّنُ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ دُونَ أَلْفٍ) ، فَإِنْ بُيِّنَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَالْبَيَانُ لَغْوٌ، وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّهُ بَيَّنَ مَا أَرَادَ بِهِ، فَكَأَنَّهُ تَلَفَّظَ بِهِ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ فَيُبَيِّنُهُ بِغَيْرِ مُسْتَغْرِقٍ، (وَ) يَصِحُّ (مِنْ الْمُعَيَّنِ كَهَذِهِ الدَّارِ لَهُ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ، أَوْ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ لَهُ إلَّا هَذَا الدِّرْهَمَ) ، أَوْ هَذَا الْقَطِيعُ لَهُ إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ، (وَفِي الْمُعَيَّنِ وَجْهٌ شَاذٌّ) أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ، وَالْمُعْتَادُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْمُطْلَقِ. (قُلْت:) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ. (لَوْ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ لَهُ إلَّا وَاحِدًا قُبِلَ، وَرُجِعَ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ، فَإِنْ مَاتُوا إلَّا وَاحِدًا وَزَعَمَ أَنَّهُ الْمُسْتَثْنَى صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَنَّهُ الَّذِي أَرَادَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ (عَلَى الصَّحِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَالثَّانِي لَا يُصَدَّقُ لِلتُّهْمَةِ.

فَصْلٌ: إذَا (أَقَرَّ بِنَسَبٍ إنْ أَلْحَقَهُ بِنَفْسِهِ) بِأَنْ قَالَ: هَذَا ابْنِي (اُشْتُرِطَ لِصِحَّتِهِ) أَيْ الْإِلْحَاقِ، (أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الْحِسُّ) وَتَكْذِيبُهُ بِأَنْ يَكُونَ فِي سِنٍّ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ أَبًا لِلْمُسْتَلْحَقِ (وَلَا الشَّرْعُ) ، وَتَكْذِيبُهُ (بِأَنْ يَكُونَ) أَيْ الْمُسْتَلْحَقُ (مَعْرُوفَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُسْتَلْحَقُ إنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّصْدِيقِ) بِأَنْ كَانَ عَاقِلًا بَالِغًا؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي نَسَبِهِ. (فَإِنْ كَانَ بَالِغًا فَكَذَّبَهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَخْ) هَذَا الْمَعْنَى أَحَدُ الطُّرُقِ فِي بَيَانِهِ، وَمِنْهَا: أَنْ يُسْقِطَ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّا قَبْلَهُ مُبْتَدَأً مِنْ الْآخَرِ، كَأَنْ يُسْقِطَ فِي هَذَا الثَّمَانِيَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ التِّسْعَةِ قَبْلَهَا فَيَبْقَى وَاحِدٌ، فَيَسْقُطَ مِنْ الْعَشَرَةِ قَبْلَهَا يَبْقَى تِسْعَةٌ وَهِيَ الْوَاجِبُ: وَمِنْهَا: أَنْ يَجْمَعَ الْمُثْبَتَ وَحْدَهُ سَوَاءٌ انْفَرَدَ أَوْ تَعَدَّدَ، وَالْمَنْفِيُّ وَحْدَهُ كَذَلِكَ، وَيَسْقُطُ الْمَنْفِيُّ مِنْ الْمُثْبَتِ فَالْبَاقِي هُوَ الْوَاجِبُ، كَأَنْ يَجْمَعَ هُنَا الْعَشَرَةَ وَالثَّمَانِيَةَ؛ لِأَنَّهُمَا مَنْفِيَّانِ، وَيُلْغِيَ مِنْهَا التِّسْعَةَ؛ لِأَنَّهَا مَنْفِيَّةٌ فَيَبْقَى تِسْعَةٌ كَمَا مَرَّ، وَيَظْهَرُ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً إلَّا سَبْعَةً، وَهَكَذَا إلَى الْوَاحِدِ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي بُطْلَانِهِ مُطْلَقًا، وَلِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي بُطْلَانِهِ فِي غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ.

قَوْلُهُ: (الْمُعَيَّنِ) وَمِنْهُ هَذَا الثَّوْبُ لَهُ إلَّا كُمَّهُ هَذَا، وَلَوْ أَقَرَّ بِثِيَابِ بَدَنِهِ دَخَلَ جَمِيعُ مَلْبُوسِهِ وَلَوْ فَرْوَةً وَخُفًّا. قَوْلُهُ: (وَرُجِعَ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ) وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ وَيَخْلُفُهُ وَارِثُهُ فِيهِ لَوْ مَاتَ.

فَرْعٌ: أَقَرَّ لِوَرَثَةِ أَبِيهِ بِشَيْءٍ، وَهُوَ مِنْهُمْ لَمْ يَدْخُلْ لِعَدَمِ دُخُولِ الْمُتَكَلِّمِ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ، وَإِنْ نَصَّ عَلَى نَفْسِهِ دَخَلَ.

فَائِدَةٌ: عَلَيْهِ أَلْفٌ لِشَخْصٍ وَلَهُ عَلَيْهِ قِيمَةٌ نَحْوُ عَبْدٍ أَوْ قَدْرٍ مَعْلُومٍ وَيَخْشَى أَنْ يُقِرَّ بِأَلْفٍ فَيَجْحَدَ الْآخَرُ مَا عَلَيْهِ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا كَذَا بِقَدْرِ الَّذِي لَهُ، وَلَهُ الْحَلِفُ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ سُرَاقَةَ.

تَنْبِيهٌ: الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ.

فَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ

وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الصَّادِقِ وَحَرَامٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ كُفْرٌ يُرَادُ بِهِ كُفْرَانُ النِّعْمَةِ أَوْ لِمَنْ اسْتَحَلَّهُ. قَوْلُهُ: (إذَا أَقَرَّ) أَيْ ذَكَرٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ غَيْرُ مَمْسُوحٍ مُخْتَارٌ وَلَوْ سَفِيهًا، أَوْ كَانَ رَقِيقًا أَوْ كَافِرًا. قَوْلُهُ: (هَذَا ابْنِي) وَمِثْلُهُ أَنَا أَبُوهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِلْإِضَافَةِ إلَى الْمُقِرِّ، لَا هَذَا أَبِي خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِلْحَاقِ بِالْغَيْرِ، وَهُوَ الْجَدُّ: وَشَرْحُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ كَابْنِ حَجَرٍ أَوَّلًا وَمُخَالِفٌ لَهُ آخِرًا فِي الْإِلْحَاقِ بِالْغَيْرِ، وَلَعَلَّهُ تَبِعَهُ فِي الْأَوَّلِ غَافِلًا عَمَّا يَأْتِي بَعْدَهُ، وَلَا هَذِهِ أُمِّي لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ كَمَا لَوْ قَالَتْ: هَذَا ابْنِي وَخَرَجَ نَحْوُ يَدِهِ أَوْ رَأْسِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فِي الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (اُشْتُرِطَ لِصِحَّتِهِ) أَيْ الْإِلْحَاقِ أَيْ مِنْ حَيْثُ النَّسَبُ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَيَنْفُذُ مُطْلَقًا مَا لَمْ يُكَذِّبْهُ الْحِسُّ سَوَاءٌ كَذَّبَهُ الشَّرْعُ أَوْ لَا، ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَلَا يُحْكَمُ بِكُفْرِ مَنْ اسْتَلْحَقَهُ الْكَافِرُ إلَّا إنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِبَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ: (فِي سِنٍّ) لَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ عَدَمُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQفَائِدَةٌ: ذَكَرَهَا ابْنُ سُرَاقَةَ عَلَيْهِ أَلْفٌ لِرَجُلٍ، وَلَهُ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مَثَلًا، وَيَخْشَى أَنْ يَقُولَهُ بِأَلْفٍ فَيَجْحَدَ الَّذِي لَهُ، فَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا كَذَا، وَيُقَوَّمُ الَّذِي عِنْدَهُ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (تَلَفَّظَ بِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِمَا مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يُبَيِّنُ مَا إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمِنْ الْمُعَيَّنِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ صَحِيحٌ لَيْسَ بِمُحَالٍ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ، وَهَذَا الْبَيْتُ مِنْهَا لِي، أَوْ قَالَ لِعَمْرٍو بَدَلَ نَفْسِهِ قُبِلَ أَيْضًا خِلَافًا لِلْقَاضِي فِي الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ: (لِلتُّهْمَةِ) عُلِّلَ أَيْضًا بِنُدْرَةِ هَذَا الِاتِّفَاقِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ نَقَلَهُ.

فَرْعٌ: لَوْ مَاتَ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ. خَاتِمَةٌ: لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ فِيمَا أَظُنُّ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ.

[فَصْل أَقَرَّ بِنَسَبٍ لِنَفْسِهِ]

فَصْلٌ: أَقَرَّ بِنَسَبٍ

مِنْهُ أَنْ يَقُولَ: هَذَا أَبِي وَيُصَدِّقُهُ، فَلَوْ كَذَّبَهُ لَمْ يَثْبُتْ، لَكِنْ يَجْرِي بَيْنَهُمَا الْأَيْمَانُ كَعَكْسِهِ. وَقَوْلُهُ: أَنْتَ أَبِي أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَا ابْنُك، وَقَوْلُ الْأَبِ، أَنْتَ ابْنِي أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَا أَبُوك، وَكُلٌّ صَحِيحٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ كَانَ أَهْلًا) أَيْ فَالشَّرْطَانِ الْأَوَّلَانِ يَعُمَّانِ الْأَهْلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015