(ثُمَّ قَالَ: كَانَ) ذَلِكَ (فَاسِدًا وَأَقْرَرْت لِظَنِّي الصِّحَّةَ لَمْ يُقْبَلْ) فِي قَوْلِهِ بِفَسَادِهِ. (وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ لَهُ) أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَاسِدًا، (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْحَلِفِ (حَلَفَ الْمُقِرُّ) أَنَّهُ كَانَ فَاسِدًا، (وَبَرِئَ) مِنْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ. وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَحُكِمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، (وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرٍو، أَوْ غَصَبْتهَا مِنْ زَيْدٍ، بَلْ مِنْ عَمْرٍو سُلِّمَتْ لِزَيْدٍ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُقِرَّ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا لِعَمْرٍو) ؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا (بِالْإِقْرَارِ) الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي لَا يَغْرَمُ لَهُ لِمُصَادَفَةِ الْإِقْرَارِ بِهَا لَهُ مِلْكَ الْغَيْرِ

(وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ إنْ اتَّصَلَ وَلَمْ يُسْتَغْرَقْ) الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ نَحْوُ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً، بِخِلَافِ إلَّا عَشَرَةً فَلَا يَصِحُّ، وَتَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ، وَلَوْ سَكَتَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ اسْتَثْنَى لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَهُوَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ، وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ. (فَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً، إلَّا ثَمَانِيَةً، وَجَبَ تِسْعَةٌ)

ـــــــــــــــــــــــــــــSمُحْتَرَزُ مَا مَرَّ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ جَاءَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَإِقْبَاضٍ فِيهَا) أَيْ الْهِبَةِ، فَلَوْ سَكَتَ عَنْ الْإِقْبَاضِ قُبِلَ عَدَمُهُ. وَلَوْ قَالَ: مَلَكَهَا، أَوْ خَرَجَتْ إلَيْهِ عَنْهَا لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِالْإِقْبَاضِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ مِمَّنْ يُقْطَعُ بِصِدْقِهِ كَبَدْوِيٍّ حَلَفَ، صُدِّقَ فِي دَعْوَى الْفَسَادِ، أَوْ كَانَ فَقِيهًا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ بِوَجْهٍ أَنَّ مِلْكَهَا بِالْقَبْضِ، أَوْ كَانَتْ بِيَدِ الْمُقَرِّ لَهُ، فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْقَبْضِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ) الْمُرَادُ مِنْهَا التَّرْتِيبُ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إلَخْ) هِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُوصَفُ بِالْبَرَاءَةِ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُهْدَةِ، أَوْ مِنْ الدَّعْوَى كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (بَلْ لِعَمْرٍو) وَالْفَاءُ وَثُمَّ مِثْلُ بَلْ وَسَوَاءٌ قَالَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا، وَلَوْ بَعْدَ طُولِ الزَّمَنِ. قَوْلُهُ: (بَلْ مِنْ عَمْرٍو) أَوْ غَصَبْتهَا مِنْ زَيْدٍ، وَهُوَ غَصَبَهَا مِنْ عَمْرٍو فَلَوْ قَالَ: غَصَبْتهَا مِنْ زَيْدٍ وَالْمِلْكُ فِيهَا لِعَمْرٍو، سُلِّمَتْ لِزَيْدٍ لِاحْتِمَالِ إجَارَتِهِ وَلَا غُرْمَ، كَمَا لَا غُرْمَ فِيمَا لَوْ قَالَ فِي عَيْنٍ مِنْ تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِ: هَذِهِ لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرٍو لِعَدَمِ كَمَالِ اطِّلَاعِهِ.

قَوْلُهُ: (يَغْرَمُ قِيمَتَهَا) وَلَوْ مِثْلِيَّةً أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا غُرْمُ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيَّةِ وَيُوَافِقُهُ عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ) سَوَاءٌ فِي الْخَبَرِ أَوْ الْإِنْشَاءِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِي الْأَمْرِ مَأْخُوذٌ مِنْ الشَّيْءِ، وَهُوَ الرُّجُوعُ لِرُجُوعِ الْمُقِرِّ عَنْ مُقْتَضَى لَفْظِهِ. وَلَوْ قَالَ: أَحُطُّ أَوْ أَسْتَثْنِي أَوْ أُخْرِجُ، فَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي قَوْلُهُ: (إنْ اتَّصَلَ وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ) وَتَلَفَّظَ بِهِ وَأَسْمَعَ نَفْسَهُ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ، وَنَوَاهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي جُزْءٍ مِنْ لَفْظِهِ، وَلَوْ مَعَ آخِرِهِ وَسَوَاءٌ قَدَّمَ الْمُسْتَثْنَى أَوْ أَخَّرَهُ، وَلَمْ يُجْمَعْ الْمُفَرَّقُ عِنْدَ الِاسْتِغْرَاقِ لَا فِي الْمُسْتَثْنَى وَلَا فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَلَا فِيهِمَا، فَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا وَدِرْهَمًا لَزِمَهُ دِرْهَمٌ، وَلَوْ جَمَعَ ثَلَاثَةً؛ لِأَنَّهُ مُسْتَغْرِقٌ. وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمَانِ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ، وَلَوْ جَمَعَ دِرْهَمٌ فَقَطْ. وَلَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ، وَلَوْ جَمَعَ فِيهَا لَزِمَهُ دِرْهَمٌ، وَفِي هَذَا رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ لِلْأَخِيرِ وَحْدَهُ، وَمَحَلُّهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، فَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ دِينَارٍ إلَّا خَمْسِينَ، رَجَعَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسَقَطَ مِنْ كُلٍّ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُهُ عَشَرَةُ) ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَغْرِقٌ فَيَلْغُو لَا إنْ أَلْحَقَهُ بِآخَرَ. فَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا عَشَرَةً إلَّا أَرْبَعَةً لَزِمَهُ الْأَرْبَعَةُ فَقَطْ، وَلَيْسَ مِنْ الْمُسْتَغْرِقِ لَهُ عَلَيَّ الشَّيْءُ إلَّا شَيْئًا أَوْ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ إلَّا شَيْئًا، أَوْ عَكْسُهُ أَوْ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ إلَّا مَالًا، أَوْ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ مَالٌ إلَّا عَشَرَةً أَوْ عَكْسُهُ، أَوْ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا دِرْهَمًا لِلْإِبْهَامِ فِي الْجَمِيعِ، وَيُرْجَعُ إلَى تَفْسِيرِهِ فَإِنْ بُيِّنَ بِمُسْتَغْرِقٍ لَغَا كَمَا سَيَأْتِي. وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا خَمْسَةً لَزِمَتْهُ، أَوْ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ عَشَرَةً إلَّا خَمْسَةً هُوَ خَمْسَةٌ. وَقَدْ تَسَلَّطَ النَّفْيُ عَلَيْهَا وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ الْوَصِيَّةَ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ فِيهَا صَحِيحٌ لِإِبْطَالِهِ مَا قَبْلَهُ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ وَأَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا إلَّا نِصْفَ الْمَالِ، أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْبُطْلَانَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَفْظٌ يُفِيدُ الرُّجُوعَ عَنْ الْوَصِيَّةِ، لَا مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَكَتَ) أَيْ لَا لِتَنَفُّسٍ أَوْ عِيٍّ وَيُصَدَّقُ إذَا ادَّعَاهُ. قَوْلُهُ: (بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ) نَعَمْ لَا يَضُرُّ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لَا غَيْرُهُ كَالْحَمْدِ لِلَّهِ، كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ.

قَوْلُهُ: (إلَّا ثَمَانِيَةً) أَيْ بِغَيْرِ عَطْفٍ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْعَطْفِ يَرْجِعُ الْجَمِيعُ لِلْأَوَّلِ، وَيَلْغُو مِنْهُ مَا حَصَلَ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ سَوَاءٌ ذَكَرَ إلَّا مَعَ الْعَطْفِ أَوْ سَكَتَ عَنْهَا. وَتُقَوَّلُ إلَّا مَقَامَ الْعَطْفِ إنْ لَمْ يَذْكُرْهُ. وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ ثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمًا إلَّا دِرْهَمًا لَزِمَهُ دِرْهَمٌ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً لَزِمَهُ أَرْبَعَةٌ لِطَرْحِ الشَّكِّ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَشَرَةٌ فِيمَا أَظُنُّ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ أَصْلًا.

ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرْعٌ: لَوْ أَقَرَّ بِالْقَبْضِ، ثُمَّ أَنْكَرَ قُبِلَ لِلتَّحْلِيفِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ أَقَرَّ وَلَمْ يَقْبِضْ فَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْقَبُولِ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ، وَفِي الْمُطْلَقِ أَنَّ كَلَامَ الْقَاضِي يُشْعِرُ بِأَنَّهُ الْمَنْصُوصُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُقْبَلْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الصَّحِيحِ.

تَنْبِيهٌ: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَا يَجْرِي فِيهِ خِلَافُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِأَنَّ قَبُولَهُ هُنَا يُؤَدِّي إلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ مَرَّتَيْنِ، أَيْ فِي الْإِقْرَارِ وَالْبَيْعِ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ هُنَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَحُكِمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ إلَخْ) هِيَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي عَيْنٍ، لَا فِي دَيْنٍ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَلْ مِنْ عَمْرٍو) مِثْلُهُ ثُمَّ لِعَمْرٍو. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ حَالَ إلَخْ) أَيْ وَالْحَيْلُولَةُ الْقَوْلِيَّةُ كَالْفِعْلِيَّةِ.

[الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِقْرَار]

قَوْلُهُ: (وَتَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِمَ لَا خَرَّجُوهُ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ مَا يَجُوزُ وَمَا لَا يَجُوزُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ) مَنَعَهُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُطْلَقًا، وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَلِذَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الثَّوْبَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015