وَالثَّالِثُ كَعَرَقِهِ. وَالْقَائِلُ بِالنَّجَاسَةِ يَقُولُ الثَّالِثُ مُتَوَلَّدٌ مِنْ مَحَلِّهَا يُنَجِّسُ ذَكَرَ الْمُجَامِعِ، وَيُلْحِقُ الْأَوَّلَيْنِ بِالدَّمِ إذْ الْعَلَقَةُ دَمٌ غَلِيظٌ، وَالْمُضْغَةُ عَلَقَةٌ جَمَدَتْ فَصَارَتْ كَقِطْعَةِ لَحْمٍ قَدْرَ مَا يُمْضَغُ وَالثَّلَاثَةُ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ أَوْلَى بِالنَّجَاسَةِ. وَيَنْبَنِي عَلَيْهَا فِي الثَّالِثِ تَنَجُّسُ الْبِيضِ
(وَلَا يَطْهُرُ نَجَسُ الْعَيْنِ إلَّا خَمْرًا تَخَلَّلَتْ) أَيْ صَارَتْ خَلًّا مِنْ غَيْرِ طَرْحِ شَيْءٍ فِيهَا فَتَطْهُرُ. (وَكَذَا إنْ نُقِلَتْ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ وَعَكْسُهُ) تَطْهُرُ (فِي الْأَصَحِّ فَإِنْ خُلِّلَتْ بِطَرْحِ شَيْءٍ) فِيهَا كَالْبَصَلِ وَالْخُبْزِ الْحَارِّ (فَلَا) تَطْهُرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَيَلْزَمُ عَلَى تَقْيِيدِهِ سُكُوتَهُ عَنْهُمَا. نَعَمْ يَحْرُمُ أَكْلُهُمَا بِخِلَافِ الْجَنِينِ مِنْ الْمَأْكُولِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ) وَهُوَ رُطُوبَةُ الْفَرْجِ وَإِنْ انْفَصَلَتْ عَنْهُ وَهِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ مِمَّا بَيْنَ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ، وَآخِرُ مَا يَصِلُهُ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ الْمُعْتَدِلِ، فَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ نَجِسٌ قَطْعًا، وَمَا قَبْلَهُ طَاهِرٌ قَطْعًا. وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ فِي فَرْجِ الْآدَمِيِّ لَا فِي فَرْجِ الْبَهِيمَةِ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْمُشَاهَدُ، ثُمَّ رَأَيْت عَنْ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَهِيمَةِ إلَّا مَنْفَذٌ وَاحِدٌ لِلْبَوْلِ وَالْجِمَاعِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (تَنَجُّسُ الْبَيْضِ) إنْ اتَّحِدْ الْمَخْرَجُ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْمُشَاهَدُ، وَيُعْفَى عَنْهُ.
وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إنَّ مَخْرَجَ الْبِيضِ مُسْتَقِلٌّ، وَتَقَدَّمَ رَدُّهُ.
(فُرُوعٌ) سَائِرُ الْبُيُوضِ طَاهِرَةٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ وَإِنْ اسْتَحَالَتْ دَمًا بِحَيْثُ لَوْ حُضِنَتْ لَفَرَّخَتْ، وَلَكِنْ يَحْرُمُ أَكْلُ مَا يَضُرُّ كَبَيْضِ الْحَيَّاتِ، وَكُلُّهَا بِالضَّادِ إلَّا مِنْ النَّمْلِ فَبِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ. وَالرِّيشُ وَالْعِظَامُ وَالْوَبَرُ وَالشَّعْرُ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهَا وَإِنْ وُجِدَتْ مُلْقَاةً عَلَى الْمَزَابِلِ، وَكَذَا قِطَعُ الْجُلُودِ لَا قِطْعَةُ لَحْمٍ لِأَنَّ شَأْنَهُ أَنْ يُحْفَظَ، فَإِنْ كَانَتْ مَلْفُوفَةً فِي نَحْوِ خِرْقَةٍ أَوْ فِي إنَاءٍ فَطَاهِرَةٌ وَبِزْرُ الْقَزِّ طَاهِرٌ وَالْمِسْكُ التُّرْكِيُّ نَجِسٌ لِأَنَّهُ مِنْ دَمٍ خَرَجَ مِنْ فَرْجِ الْغَزَالِ كَالْحَيْضِ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ مِنْ حَيَوَانٍ غَيْرِ مَأْكُولٍ، وَأَمَّا الَّذِي مِنْ خَرَاجٍ مِنْ تَحْتِ سُرَّتِهِ فَطَاهِرٌ كَفَأْرَتِهِ إنْ انْفَصَلَ مِنْ حَيٍّ أَوْ مُذَكًّى أَوْ تَهَيَّأَ لِلْوُقُوعِ قَبْلَ الْمَوْتِ كَالْبِيضِ، وَالزَّبَادُ طَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَبَنُ سِنَّوْرٍ بَحْرِيٍّ، أَوْ عَرَقُ سِنَّوْرٍ بَرِّيٍّ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِ شَعْرٍ فِيهِ عُرْفًا فِي مَأْخُوذِ جَامِدٍ وَفِي مَأْخُوذٍ مِنْهُ مَائِعٌ، وَالْعَنْبَرُ طَاهِرٌ لِأَنَّهُ نَبَاتٌ بَحْرِيٌّ عَلَى الْأَصَحِّ.
نَعَمْ مَا يَبْتَلِعُهُ مِنْهُ حَيَوَانُ الْبَحْرِ ثُمَّ يُلْقِيهِ نَجَسٌ لِأَنَّهُ مِنْ الْقَيْءِ وَيُعْرَفُ بِسَوَادِهِ، وَعَسَلُ النَّحْلِ طَاهِرٌ وَهُوَ مِنْ فَمِ النَّحْلَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ مِنْ دُبُرِهَا، وَقِيلَ مِنْ ثَدْيٍ صَغِيرٍ لَهَا، وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ مُسْتَثْنًى، وَالنَّشَادِرُ نَجِسٌ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ دُخَانِ النَّجَاسَةِ، وَالسُّمُّ نَجَسٌ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِمَا ظَهَرَ مِنْهُ لَا بِمَا خَفِيَ كَاَلَّذِي مِنْ الْعَقْرَبِ لِأَنَّهُ فِي الدَّاخِلِ لِأَنَّهَا تَغْرِزُ إبْرَتَهَا فِي دَاخِلِ الْجِلْدِ، وَالنُّخَامَةُ بِالْمِيمِ أَوْ بِالْعَيْنِ وَقِيلَ الثَّانِي اسْمٌ لِمَا نَزَلَ مِنْ الرَّأْسِ نَجِسَةٌ إنْ كَانَتْ مِنْ الْمَعِدَةِ يَقِينًا وَإِلَّا فَطَاهِرَةٌ، وَيُعْفَى فِي الْأَوْلَى عَمَّا يَشُقُّ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ مِنْهَا، وَأَمَّا الْإِنْفَحَةُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا مَعَ تَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِهَا، وَقَدْ تُبْدَلُ الْهَمْزَةُ مِيمًا لِجِلْدَتِهَا وَتُسَمَّى إنْفَحَةً أَيْضًا طَاهِرَةٌ وَالْإِنْفَحَةُ الَّتِي فِي تِلْكَ الْجَلْدَةِ نَجِسَةٌ، وَيُعْفَى عَنْهَا فِي نَحْوِ الْجُبْنِ.
وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ وَالْخَطِيبُ بِطَهَارَةِ مَا فِيهَا إنْ انْفَصَلَتْ مِنْ حَيَوَانٍ لَمْ يَأْكُلْ غَيْرَ اللَّبَنِ وَلَوْ لَبَنَ مُغَلَّظٍ وَذُبِحَ حَالًا وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، أَوْ الْحَاجَةُ الَّتِي عَلَّلَ بِهَا لَا تُوجِبُ الطَّهَارَةَ، وَإِنَّمَا تُوجِبُ الْعَفْوَ، وَالْحَصَاةُ طَاهِرَةٌ مَا لَمْ يُخْبِرْ طَبِيبٌ عَدْلٌ أَنَّهَا انْعَقَدَتْ مِنْ الْبَوْلِ فِي الْمَثَانَةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَمِثْلُهَا الْخَرَزَةُ الْبَقَرِيَّةُ، وَالْجِرَّةُ بِكَسْرِ الْجِيمِ مَا يَجُرُّهُ الْبَعِيرُ نَجِسَةٌ، لَكِنْ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ مَا تَطَايَرَ مِنْهَا، وَلَا بِنَجَاسَةِ مَائِعٍ وَضَعَ فَمَه فِيهِ إلَّا إنْ انْفَصَلَتْ فِيهِ عَيْنُ نَجَاسَةٍ يَقِينًا، وَكَذَا يُعْفَى عَنْ مَنْفَذِ الْحَيَوَانِ وَفَمِهِ وَرِجْلِهِ الْمُتَيَقَّنِ بِنَجَاسَتِهِمَا، وَإِنْ وُضِعَ فِي مَائِعٍ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ فِيهِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ وَأَوْعِيَةُ الْفَضَلَاتِ كَجِلْدَةِ الْمَرَارَةِ طَاهِرَةٌ لَا مَا فِيهَا.
قَوْلُهُ: (إلَّا خَمْرٌ تَخَلَّلَتْ) كَدَنِّهَا وَلَوْ مِنْ عَسَلٍ أَوْ سُكَّرٍ أَوْ غَيْرِ مُحَرَّمَةٍ بِأَنْ عَصَرَهَا مَنْ يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ وَلَوْ سَكْرَانَ أَوْ كَافِرًا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، وَيَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ عَلَيْهَا بِتَغَيُّرِ الْقَصْدِ، وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا قَصْدَ الْمُوَكِّلِ وَبَعْضُهُمْ أَجْرَى هُنَا مَا فِي التَّمِيمَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (بِطَرْحٍ) الْمُرَادُ مِنْهُ مُصَاحَبَةُ عَيْنٍ لَهَا حَالَةُ التَّخَلُّلِ، فَإِنْ نُزِعَتْ قَبْلَهُ وَهِيَ طَاهِرَةٌ وَلَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهَا شَيْءٌ يَقِينًا طَهُرَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَمِنْ الْعَيْنِ الْمُضِرَّةِ تَلْوِيثُ مَا فَوْقَهَا مِنْ الدَّنِّ بِوَضْعِ الْعَيْنِ فِيهَا أَوْ بِغَيْرِهِ لَا ارْتِفَاعُهَا بِنَفْسِهَا، فَإِنْ وَضَعَ عَلَيْهَا فِي الْأَوَّلِ مَا يَصِلُ إلَى مَحَلِّ ارْتِفَاعِهَا مِمَّا يَأْتِي طَهُرَتْ كَوَضْعِ خَمْرٍ عَلَى خَمْرٍ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا كَنَبِيذٍ، وَكَوَضَعِ مَا يَتَخَلَّلُ مَعَهَا كَعَسَلٍ وَسُكَّرٍ، وَفِي شَرْحِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي مَنِيِّ غَيْرِهِ، وَالْخِلَافُ فِيهِ اهـ.
قَوْلُ الشَّارِحِ: (يَنْجُسُ ذَكَرُ الْمَجَامِعِ) أَيْ وَيَجِبُ غَسْلُ الْبَيْضَ، قَالَ فِي الشَّامِلِ: أَمَّا الْوَلَدُ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ إجْمَاعًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَوْلَى بِالنَّجَاسَةِ) أَيْ مِنْهَا فِي الْآدَمِيِّ أَيْ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ الطَّهَارَةُ فِي الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ. غَايَةُ الْأَمْرِ إنَّا إنْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ وَهُوَ النَّجَاسَةُ فِي الْآدَمِيِّ فَهُنَا أَوْلَى، وَهَذَا كَمَا تَرَى ظَاهِرٌ أَوْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَرَى أَنَّ