وَقَالَ الْحَاكِمُ: إنَّهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَالتِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَالْمُعْتَبَرُ شَعْرٌ خَشِنٌ يَحْتَاجُ فِي إزَالَتِهِ إلَى حَلْقٍ وَدَفَعَ قِيَاسَ الْمُسْلِمِ بِأَنَّهُ رُبَّمَا اسْتَعْجَلَ نَبَاتَ الْعَانَةِ بِالْمُعَالَجَةِ دَفْعًا لِلْحَجْرِ، وَتَشَوُّفًا لِلْوِلَايَاتِ بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ يُفْضِي بِهِ إلَى الْقَتْلِ أَوْ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى مَنْبَتِ عَانَةِ مَنْ احْتَجْنَا إلَى مَعْرِفَةِ بُلُوغِهِ بِهَا لِلضَّرُورَةِ (وَتَزِيدُ الْمَرْأَةُ) عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ السِّنِّ وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ وَنَبَاتِ الْعَانَةِ الشَّامِلِ لَهَا (حَيْضًا) بِالْإِجْمَاعِ (وَحَبَلًا) لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِالْإِنْزَالِ لَكِنْ لَا يَتَيَقَّنُ الْوَلَدُ إلَّا بِالْوَضْعِ، فَإِذَا وَضَعَتْ حَكَمْنَا بِحُصُولِ الْبُلُوغِ قَبْلَ الْوَضْعِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَشَيْءٍ (وَالرُّشْدُ صَلَاحُ الدِّينِ وَالْمَالِ) كَمَا فُسِّرَ بِذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] (فَلَا يَفْعَلُ مُحَرَّمًا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ) مِنْ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ (وَلَا يُبَذِّرُ بِأَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ بِاحْتِمَالِ غَبْنٍ فَاحِشٍ فِي الْمُعَامَلَةِ) وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ. وَالْيَسِيرُ كَبَيْعِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِتِسْعَةٍ (أَوْ رَمْيِهِ فِي بَحْرٍ أَوْ إنْفَاقِهِ فِي مُحَرَّمٍ) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ جِنْسُ الْمَالِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ صَرْفَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَوُجُوهِ الْخَيْرِ وَالْمَطَاعِمِ وَالْمَلَابِسِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِحَالِهِ لَيْسَ بِتَبْذِيرٍ) لِأَنَّ الْمَالَ يُتَّخَذُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSشَعْرٌ خَشِنٌ) هُوَ شَامِلٌ لِلْمَرْأَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلسَّنْبَاطِيِّ. قَوْلُهُ: (وَتَشَوُّفًا) بِالْفَاءِ نَظَرًا وَبِالْقَافِ مَحَبَّةً. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْكَافِرِ) لَوْ ادَّعَى اسْتِعْجَالَهَا بِالْمُعَالَجَةِ صُدِّقَ لِدَفْعِ الْقَتْلِ لَا لِضَرْبِ الْجِزْيَةِ. قَوْلُهُ: (يَقْتَضِي إلَخْ) أَيْ غَالِبًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَتَزِيدُ الْمَرْأَةُ) أَيْ الْأُنْثَى يَقِينًا.
تَنْبِيهٌ: يُعْتَبَرُ فِي الْخُنْثَى نَبَاتُ الْعَانَةِ عَلَى فَرْجَيْهِ جَمِيعًا كَمَا مَرَّ. وَلَا بُدَّ فِي الْمَنِيِّ مِنْ خُرُوجِهِ مِنْهُمَا أَيْضًا كَمَا مَرَّ. وَكَذَا لَوْ أَمْنَى وَحَاضَ مِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ أَوْ أَمْنَى مِنْ فَرْجِ الرِّجَالِ، وَحَاضَ بِالْآخَرِ فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافًا لِقَوْلِ الْإِمَامِ: بِالْحُكْمِ بِبُلُوغِهِ، وَإِنَّهُ إذَا ظَهَرَ خِلَافُهُ، كَأَنْ حَاضَ مِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ بَعْدَ الْإِمْنَاءِ مِنْ فَرْجِ الرِّجَالِ غَيَّرْنَا الْحُكْمَ، بِأَنْ نَحْكُمَ بِبُلُوغِهِ مِنْ الْآنَ، وَإِنَّ مَا قَبْلَهُ لَيْسَ بُلُوغًا فَيَتَبَيَّنُ فَسَادُ تَصَرُّفَاتِهِ فِيهِ، وَعَدَمُ وُجُوبِ قَضَاءِ صَلَاةٍ فَاتَتْ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ بِالْبُلُوغِ إنَّمَا هُوَ بِالْإِنْزَالِ لَا بِالْحَبَلِ. قَوْلُهُ: (سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَشَيْءٍ) أَيْ لَحْظَةَ هَذَا إنْ وَلَدَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ، وَإِلَّا حُكِمَ بِالْبُلُوغِ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِلَحْظَةٍ إنْ وَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ نَعَمْ. إنْ لَزِمَ أَنَّ أَوَّلَ الْمُدَّةِ قَبْلَ تَمَامِ التِّسْعِ، لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهَا مِنْهُ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ، وَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ كَمَا قَالُوا فِيمَا لَوْ أَتَتْ زَوْجَةُ صَبِيٍّ بِوَلَدٍ، أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ لُحُوقُهُ بِهِ ثَبَتَ النَّسَبُ، وَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَالرُّشْدُ) أَيْ ابْتِدَاءً لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ فِي الْأَثْنَاءِ يُعْتَبَرُ صَلَاحُ الْمَالِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (صَلَاحُ الدِّينِ) أَيْ فِي الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ بِاعْتِبَارِ مَا هُوَ شَرْعُهُمْ، وَاعْتَبَرَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ صَلَاحَ الْمَالِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (مُحَرَّمًا) أَيْ عَلَى الْمُكَلَّفِ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ صَبِيٌّ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُبْطِلْ الْعَدَالَةَ) بِخِلَافِ مَا يُبْطِلُ الْمُرُوءَةَ كَأَكْلٍ فِي سُوقٍ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ) بِخِلَافِ الِاخْتِصَاصِ. قَوْلُهُ: (فِي الْمُعَامَلَةِ) وَلَوْ فِي الْمَطَاعِمِ وَالْمَلَابِسِ مَعَ جَهْلِ الْقِيمَةِ فَالزِّيَادَةُ مَعَ الْعِلْمِ بِهَا مُحَابَاةٌ وَصَدَقَةٌ خَفِيَّةٌ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: التَّبْذِيرُ الْجَهْلُ بِمَوْضِعِ الْحُقُوقِ، وَالْإِسْرَافُ الْجَهْلُ بِمَقَادِيرِهَا، وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي تَرَادُفَهُمَا، وَالسَّرَفُ مَا لَا يُكْسِبْ حَمْدًا فِي الْعَاجِلِ، وَلَا أَجْرًا فِي الْآجِلِ. قَوْلُهُ: (أَوْ إنْفَاقِهِ) لَوْ قَالَ إضَاعَتِهِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ لِمَا فِي الطَّاعَةِ. قَوْلُهُ: (جِنْسُ الْمَالِ) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ نَحْوَ حَبَّةِ بُرٍّ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ بِتَبْذِيرٍ) فَلَا يَحْرُمُ إلَّا بِقَرْضٍ مِمَّنْ لَا يَرْجُو
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْأَصَحِّ) هُمَا مُفَرَّعَانِ عَلَى أَنَّ إنْبَاتَ الْكَافِرِ أَمَارَةٌ، أَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ بُلُوغٌ فَالْأَمْرُ هُنَا كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ النَّظَرِ) وَقِيلَ يَمْتَنِعُ وَسَبِيلُهُ أَنْ يَجُسَّ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَزِيدُ الْمَرْأَةُ) هُوَ يُفِيدُك أَنَّ مَا سَلَفَ مِنْ الْإِنْبَاتِ وَغَيْرِهِ عَامٌّ فِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (لَكِنْ لَا يَتَيَقَّنُ الْوَلَدُ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: الْحَمْلُ يُعْلَمُ وَالْجَوَابُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي هَذَا الشَّأْنِ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا وَضَعَتْ حَكَمْنَا بِحُصُولِ إلَخْ) مِنْ فَوَائِدِ هَذَا الْأَمْرِ بِقَضَاءِ الْعِبَادَاتِ مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يَفْعَلُ مُحَرَّمًا إلَخْ) . قَوْلُهُ: هَذَا تَفْسِيرُ الرُّشْدِ فِي الدِّينِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُبَذِّرُ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرُ الرُّشْدِ فِي الْمَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ إلَخْ) وَمَنْ يَشُحُّ عَنْ نَفْسِهِ جِدًّا مَعَ الْيَسَارِ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَعَلَى مُقَابِلِهِ عُقُودُهُ نَافِذَةٌ