يَوْمِ الْقِسْمَةِ) لَهُ وَ (لِمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) لِأَنَّهُ مُوسِرٌ فِي أَوَّلِهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَسُكْنَى ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ غَيْرُهُ

(وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَنْ يَكْتَسِبَ أَوْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ) قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] حَكَمَ بِإِنْظَارِهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْكَسْبِ (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ إجَارَةِ أُمِّ وَلَدِهِ وَالْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ) لِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ كَالْعَيْنِ فَيَصْرِفُ بَدَلَهَا لِلدَّيْنِ. وَالثَّانِي يَقُولُ: الْمَنْفَعَةُ لَا تُعَدُّ مَالًا حَاصِلًا وَعَلَى الْأَوَّلِ يُؤَجِّرُ مَا ذَكَرَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إلَى أَنْ يَقْضِيَ الدَّيْنَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَضِيَّةُ هَذَا إدَامَةُ الْحَجْرِ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ وَهُوَ كَالْمُسْتَبْعَدِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إجَارَةِ الْوَقْفِ مَا لَمْ يَظْهَرْ تَفَاوُتٌ بِسَبَبِ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ إلَى حَدٍّ لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ فِي غَرَضِ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَالتَّخَلُّصِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ

(وَإِذَا ادَّعَى) الْمَدِينُ (أَنَّهُ مُعْسِرٌ أَوْ قَسَّمَ مَالَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَأَنْكَرُوا فَإِنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ فِي مُعَامَلَةِ مَالٍ كَشِرَاءٍ أَوْ قَرْضٍ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ) كَمَا لَوْ ادَّعَى هَلَاكَ الْمَالِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ فِي غَيْرِ مُعَامَلَةٍ (فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ، وَالثَّانِي لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSمَالَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْقِسْمَةِ) أَيْ بِلَيْلَتِهِ نَعَمْ إنْ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ مَالِهِ حَقٌّ كَرَهْنٍ، لَمْ يُتْرَكْ لَهُ شَيْءٌ وَلَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الدَّيْنُ كَمَا مَرَّ وَإِنْ لَزِمَهُ مِنْ حَيْثُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ لَوْ عَصَى بِهِ، وَمِنْهُ وُجُوبُ التَّزْوِيجِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَبِهَذَا عُلِمَ كَذِبَ مَا قِيلَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أَنَّهُ يُبَاعُ الْحُرُّ فِي دَيْنِهِ. قَوْلُهُ: (الْمَوْقُوفَةُ عَلَيْهِ) وَكَذَا الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا حَيْثُ جَازَ لَهُ إيجَارُهُمَا لَا نَحْوُ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى السُّكْنَى، أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِأَنْ يَسْكُنَهَا. قَوْلُهُ: (فَيَصْرِفُ بَدَلَهَا) أَيْ مَا فَضَلَ مِنْهُ عَنْ مُؤْنَةِ مُمَوَّنِهِ كَمَا مَرَّ. وَلَا يَصْرِفُ الْقَاضِي لِلْغُرَمَاءِ إلَّا أُجْرَةً اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (إدَامَةُ الْحَجْرِ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ بَلْ وَيَسْتَمِرُّ بَعْدَ قَضَائِهِ إلَى أَنْ يَفُكَّهُ الْقَاضِي، لَا الْغُرَمَاءُ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي فَكُّهُ قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ، وَلَوْ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَالْمُوصَى بِهِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ لَهُ الْفَكُّ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (يُجْبَرُ عَلَى إجَارَةِ الْوَقْفِ) هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الْوُجُوبِ وَسَكَتَ عَنْ أُمِّ الْوَلَدِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَذَلِكَ، وَغَيْرُ الْأَرْضِ مِثْلُهَا كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُ هُنَا.

قَوْلُهُ: (وَأَنْكَرُوا) وَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ إعْسَارَهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ، مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَعَنُّتٌ، وَكَذَا لَهُمْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِحُدُوثِ مَالٍ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَتَحْلِيفُهُ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمْ تَعَنُّتٌ، وَإِذَا رُدَّتْ الْيَمِينُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ حَلَفَ الْآخَرُ وَثَبَتَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فِي مُعَامَلَةِ مَالٍ) الْمُرَادُ مِنْهَا أَنْ يُعْرَفَ لَهُ مَالٌ وَلَوْ بِغَيْرِهَا. فَلَا يُقَالُ الْمَالُ الَّذِي عُرِفَ بِالْمُعَامَلَةِ قَدْ قُسِّمَ فَأَيُّ حَاجَةٍ إلَى يَمِينِهِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ) فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ أَيْ بِظَنِّهِ إعْسَارَهُ وَلَهُ الْحُكْمُ بِالْبَيِّنَةِ فِي غَيْبَةِ الْغُرَمَاءِ، حَيْثُ شَاعَ وَالْبَيِّنَةُ هُنَا رَجُلَانِ وَلَا يَحْتَاجُ مَعَهَا إلَى يَمِينٍ إنْ شَهِدَتْ بِتَلَفِ الْمَالِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَلِفِ مَعَهَا بِطَلَبِ الْخَصْمِ الْمُعَيَّنِ الْمُسْتَقِلِّ الْحَاضِرِ، وَإِلَّا حَلَفَ بِلَا طَلَبٍ وَلَوْ أَبْرَأَهُ الْغَرِيمُ لِظَنِّ إعْسَارِهِ فَبَانَ مُوسِرًا فَإِنْ قَيَّدَ إبْرَاءَهُ بِعَدَمِ الْمَالِ لَمْ يَبْرَأْ، وَإِلَّا بَرِئَ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُفْلِسُ بِالْمَالِ الَّذِي مَعَهُ لِمَجْهُولٍ لَمْ يُقْبَلْ، وَلِلْغُرَمَاءِ أَخْذُهُ أَوْ لِمُعَيَّنٍ غَائِبٍ انْتَظَرَ، أَوْ حَاضِرٍ فَكَذَّبَهُ أَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ أَوْ صَدَّقَهُ عَمِلَ بِإِقْرَارِهِ فَيَأْخُذُهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَلَا يَحْلِفُ هُوَ وَلَا الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى عَدَمِ الْمُوَاطَأَةِ، وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْمَالَ لِلْمُفْلِسِ كَمَا مَرَّ. وَلَوْ تَعَارَضَ بَيِّنَتَانِ بِيَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الْمَتْنِ: (قُوتُ يَوْمِ الْقِسْمَةِ) إنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ بَعْضَهُ مُتَأَخِّرٌ فَلَمْ يَشْمَلْهُ مَا مَرَّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَخْ) وَقَالَ الْفَرَاوِيُّ: عَلَيْهِ إنْ عَصَى بِسَبَبِهِ، وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّ التَّوْبَةَ وَاجِبَةٌ وَلَا تَحْصُلُ إلَّا بِرَدِّ الْمَظْلِمَةِ وَعُورِضَ، بِأَنَّ الْجَانِيَ تَصِحُّ تَوْبَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ نَفْسَهُ لِلْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ مُتَجَدِّدَةٌ، قَالَهُ فِي الْخَادِمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَلَامُهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا سِيَّمَا تَصْرِيحُهُمْ بِالْإِيجَارِ إلَى فِنَاءِ الدَّيْنِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ لَا يَمْنَعُ الْحَجْرَ، وَإِنْ كَانَ مَالُهُ مَعَهَا زَائِدًا عَلَى دُيُونِهِ. قَوْلُهُ: (ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ) هَذَا مِمَّا ذَكَرَهُ جَوَابًا لِسُؤَالٍ: هَلْ تُؤَجَّرُ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ مَعَ أَنَّ الْقَدْرَ يَنْقُصُ بِسَبَبِ التَّعْجِيلِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ) أَيْ فَتَشْهَدُ فِي الْأُولَى بِالْإِعْسَارِ، وَفِي الثَّانِيَةِ يَكْفِي شَهَادَتُهَا بِتَلَفِ الْمَالِ ثُمَّ فِيهَا إشْكَالٌ، وَهُوَ أَنَّ الْمَالَ قَدْ وُجِدَ وَقُسِّمَ، فَيَنْبَغِي إنْ تَصَوَّرَ بِمَا إذَا كَانَ حَالُ الْمُعَامَلَةِ يَزِيدُ عَلَى مَا وُجِدَ إلَّا فَلَا يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ.

فَرْعٌ: الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِتَلَفِ الْمَالِ لَا يَجِبُ مَعَهَا يَمِينٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الظَّاهِرَ) اعْتَرَضَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا التَّعْلِيلَ، بِأَنَّ مُقْتَضَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015