بَابِ الْحَجْرِ.
(وَشَرْطُ الرَّهْنِ) أَيْ الْمَرْهُونِ (كَوْنُهُ عَيْنًا فِي الْأَصَحِّ) فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ رَهْنُهُ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْعَيْنِ، وَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمَنْفَعَةِ كَأَنْ يَرْهَنَ سُكْنَى دَارِهِ مُدَّةً لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَتْلَفُ، فَلَا يَحْصُلُ بِهَا اسْتِيثَاقٌ.
(وَيَصِحُّ رَهْنُ الْمَشَاعِ) مِنْ الشَّرِيكِ وَغَيْرِهِ وَيُقْبَضُ بِتَسْلِيمِ كُلِّهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُنْقَلُ خَلَّى الرَّاهِنُ بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ وَبَيْنَهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُنْقَلُ لَمْ يَحْصُلْ قَبْضُهُ إلَّا بِالنَّقْلِ، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ فَإِنْ أَذِنَ قَبَضَ وَإِنْ امْتَنَعَ فَإِنْ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِكَوْنِهِ فِي يَدِ الشَّرِيكِ جَازَ وَنَابَ عَنْهُ فِي الْقَبْضِ، وَإِنْ تَنَازَعَا نَصَّبَ الْحَاكِمُ عَدْلًا يَكُونُ فِي يَدِهِ لَهُمَا.
(وَ) يَصِحُّ رَهْنُ (الْأُمِّ) مِنْ الْإِمَاءِ (دُونَ وَلَدِهَا) الصَّغِيرِ (وَعَكْسُهُ) أَيْ رَهْنُهُ دُونَهَا (وَعِنْدَ الْحَاجَةِ) إلَى تَوْفِيَةِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ (يُبَاعَانِ) مَعًا حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ (وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ) عَلَيْهِمَا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ.
(وَالْأَصَحُّ) أَيْ فِي صُورَةِ رَهْنِ الْأُمِّ (أَنْ تَقُومَ الْأُمُّ وَحْدَهَا ثُمَّ مَعَ الْوَلَدِ فَالزَّائِدُ) عَلَى قِيمَتِهَا (قِيمَتُهُ) وَالثَّانِي يَقُومُ الْوَلَدُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSلَمْ يَصِحَّ الرَّهْنُ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَرْهَنَ) نَعَمْ لَا يَرْهَنُ إنْ خِيفَ تَلَفَ الْمَرْهُونِ لِئَلَّا يَرْفَعَهُ إلَى حَاكِمٍ يَرَى سُقُوطَ الدَّيْنِ بِتَلَفِهِ. قَوْلُهُ: (مِمَّا يَنْتَظِرُ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَا يَنْتَظِرُهُ بَاعَ مَا يَرْهَنُهُ كَمَا فِي الْعُبَابِ. قَوْلُهُ: (يُسَاوِي مِائَتَيْنِ) شَمَلَ حَالَّةً وَمُؤَجَّلَةً بِمِثْلِ ذَلِكَ الْأَجَلِ، وَتَمْثِيلُهُمْ بِالْحَالِّ لَعَلَّهُ لَيْسَ قَيْدًا.
تَنْبِيهٌ: الْمُكَاتَبُ وَالْمَأْذُونُ كَالْوَلِيِّ فِيمَا ذَكَرَ بِلَا إذْنِ السَّيِّدِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى إذْنِهِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الْكِتَابَةِ، نَعَمْ لَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِمَأْذُونِهِ مَعَ سَيِّدِهِ، أَوْ عَلَى مَا يُؤَدِّي بِهِ النَّجْمَ الْأَخِيرَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْعِتْقِ.
قَوْلُهُ: (عَيْنًا) وَلَوْ مَوْصُوفَةً فِي الذِّمَّةِ أَوْ مَشْغُولَةً بِنَحْوِ زَرْعٍ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ صِحَّةِ رَهْنِ الْمَشْغُولَةِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمَرْئِيَّةِ وَسَيَأْتِي مَا يُعْلَمُ مِنْهُ شَرْطُ كَوْنِ الْعَيْنِ مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهَا. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الدَّيْنِ) وَلَوْ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ بَيْعَهُ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَمَحَلُّ مَنْعِهِ فِي الدَّيْنِ إنْ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ كَانَ تِرْكَةً أَوْ بَدَلَ مَرْهُونٍ أُتْلِفَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمَنْفَعَةِ) وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ ابْتِدَاءً أَيْضًا فَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ كَانَتْ تَرِكَةً
قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ رَهْنُ الْمَشَاعِ) فَلَوْ رَهَنَ حِصَّتَهُ مِنْ بَيْتٍ مُعَيَّنٍ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ فَقُسِّمَتْ إفْرَازًا فَوَقَعَ الْبَيْعُ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ لَزِمَهُ قِيمَتُهَا رَهْنًا مَكَانَهَا لِأَنَّهُ يُعَدُّ إتْلَافًا لَهَا. قَوْلُهُ: (خَلَّى الرَّاهِنِ إلَخْ) وَلَا بُدَّ مِنْ التَّفْرِيعِ وَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا مَرَّ فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ، وَالْمُرْتَهِنُ هُنَا يَقُومُ مَقَامَ الْمُشْتَرِي هُنَاكَ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِالنَّقْلِ) أَيْ مَعَ التَّفْرِيعِ إنْ كَانَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ) أَيْ فَيَحْرُمُ وَيَحْصُلُ الْقَبْضُ بِهِ، وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ) وَلَوْ أَجْنَبِيًّا بِكَوْنِهِ فِي يَدِ الشَّرِيكِ وَلَوْ مُهَايَأَةً جَازَ وَنَابَ عَنْهُ فِي الْقَبْضِ قَالَ شَيْخُنَا، وَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ فِي الْمَنْقُولِ إلَى نَقْلٍ وَاعْتَمَدَهُ.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْإِمَاءِ) قَيَّدَ بِهِ لِاعْتِبَارِهِمْ الْحَضَانَةَ فِي التَّقْوِيمِ، وَهُوَ لَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْإِمَاءِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ لَا يَخْتَلِفُ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ الْآتِيَةِ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِالْأُمِّ أَيْضًا، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (يُبَاعَانِ) إنْ تَعَيَّنَ الْبَيْعُ أَوْ أَرَادَهُ فَلَا يَرِدُ جَوَازُ ذَبْحِ الْوَلَدِ الْمَأْكُولِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ.
قَوْلُهُ: (أَيْ فِي صُورَةِ رَهْنِ الْأُمِّ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَقْوِيمُ غَيْرِ الْمَرْهُونِ وَحْدَهُ ابْتِدَاءً وَلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ) أَيْ نَقْدًا هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ فَلْيُتَأَمَّلْ
. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ) إيضَاحُهُ قَوْلُ غَيْرِهِ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَقَبْضُ الْمُرْتَهِنِ لَهُ هُنَا لَا يُصَادِفُ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ فَرْعٌ عَنْ أَخْذِ الْمَالِكِ لَهُ، وَإِذَا أَخَذَهُ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا وَقَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمَنْفَعَةِ أَخَّرَهُ عَنْ حِكَايَةِ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ فَهُوَ وَارِدٌ عَلَى الْكِتَابِ وَأَمَّا الْحُكْمُ عَلَى بَدَلِ الْمَرْهُونِ بِالرَّهْنِيَّةِ فِي حَالَةِ ثُبُوتِهِ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرِدَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ عَلَى مَلِيءٍ.
[رَهْنُ الْمَشَاعِ]
قَوْلُهُ: (بِتَسْلِيمِ كُلِّهِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (وَنَابَ عَنْهُ) يُحْتَمَلُ حِينَئِذٍ عَدَمَ اشْتِرَاطِ تَحْوِيلِهِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَقَدْ قَالُوا فِي رَهْنِ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ إذَا قُلْنَا بِصِحَّتِهِ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضٍ حَقِيقِيٍّ نَظَرًا لِذَلِكَ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْعَيْنَ إذَا كَانَتْ فِي يَدِ شَخْصٍ ثُمَّ ارْتَهَنَهَا كَفَى مُضِيُّ الزَّمَنِ كَمَا سَيَأْتِي.
[رَهْنُ الْأُمِّ مِنْ الْإِمَاءِ]
قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَزُلْ بِالرَّهْنِ. قَوْلُهُ: (يُبَاعَانِ) أَيْ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَقَدْ الْتَزَمَ بِالرَّهْنِ بَيْعَ الْأُمِّ، فَجُعِلَ مُلْتَزِمًا لِمَا هُوَ مِنْ لَوَازِمِهِ وَهُوَ بَيْعُ الْوَلَدِ مَعَهَا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَحْدَهَا) أَيْ بِصِفَةِ كَوْنِهَا حَاضِنَةً أَعْنِي مُصَاحِبَةً لِلْوَلَدِ إذْ لَوْ كَانَ كَبِيرًا فَلَيْسَ هُنَاكَ سِوَى مُجَرَّدِ الْمُصَاحَبَةِ وَإِنَّمَا