الْمَرْهُونِ أَوْ زَوَائِدِهِ (لِلْمُرْتَهِنِ بَطَلَ الشَّرْطُ، وَكَذَا الرَّهْنُ فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ، وَالثَّانِي يَقُولُ الرَّهْنُ تَبَرُّعٌ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِفَسَادِ الشَّرْطِ.
(وَلَوْ شَرَطَ أَنْ تَحْدُثَ زَوَائِدُهُ) كَثِمَارِ الشَّجَرِ وَنِتَاجِ الشِّيَاهِ (مَرْهُونَةً فَالْأَظْهَرُ فَسَادُ الشَّرْطِ) لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ مَعْدُومَةٌ، وَالثَّانِي يَتَسَمَّحُ فِي ذَلِكَ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ مَتَى فَسَدَ) الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ (فَسَدَ الْعَقْدُ) يَعْنِي أَنَّهُ يَفْسُدُ بِفَسَادِ الشَّرْطِ لِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ
(وَشَرْطُ الْعَاقِدِ) مِنْ رَاهِنٍ أَوْ مُرْتَهِنٍ (كَوْنُهُ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فَلَا يَرْهَنُ الْوَلِيُّ مَالَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَلَا يَرْتَهِنُ لَهُمَا إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ) فَيَجُوزُ لَهُ الرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَمْ جَدًّا أَمْ وَصِيًّا أَمْ حَاكِمًا أَمْ أَمِينَهُ، مِثَالُهُمَا لِلضَّرُورَةِ أَنْ يَرْهَنَ عَلَى مَا يُقْتَرَضُ لِحَاجَةِ النَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَةِ لِيُوَفِّيَ مَا يَنْتَظِرُ مِنْ حُلُولِ دَيْنٍ أَوْ نِفَاقِ مَتَاعٍ كَاسِدٍ وَأَنْ يَرْتَهِنَ عَلَى مَا يُقْرِضُهُ أَوْ يَبِيعُهُ مُؤَجَّلًا لِضَرُورَةِ نَهْبٍ، وَمِثَالُهُمَا لِلْغِبْطَةِ أَنْ يَرْهَنَ مَا يُسَاوِي مِائَةً عَلَى ثَمَنِ مَا اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ نَسِيئَةً وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ، وَأَنْ يَرْهَنَ عَلَى ثَمَنِ مَا يَبِيعُهُ نَسِيئَةً بِغِبْطَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــSنَعَمْ لَوْ قَيَّدَ الْمَنْفَعَةَ بِسَنَةٍ مَثَلًا وَكَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فَهُوَ جَمَعَ بَيْنَ بَيْعٍ فِي بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ فَيَصِحَّانِ اهـ قَالَ شَيْخُنَا: وَسَكَتَ عَنْ اشْتِمَالِهِ عَلَى عَقْدِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ الْمَشْرُوطَ فِي الْبَيْعِ يَحْتَاجُ إلَى عَقْدٍ جَدِيدٍ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَمْزُوجِ بِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْمَشْرُوطَ عَلَيْهِ قَدْ لَا يَفِي بِالشَّرْطِ، وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ: إنْ اسْتَحَقَّ الْمَنْفَعَةَ بِالْعَقْدِ، كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ فَلَيْسَ مِنْ إجَارَةِ مَرْهُونٍ، وَإِلَّا فَلَا جَمْعَ لِتَوَقُّفِ الْإِجَارَةِ عَلَى وُجُودِ الرَّهْنِ، وَلَمْ يُوجَدْ فَهِيَ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ اتِّصَالِ الْمَنْفَعَةِ بِالْعَقْدِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ إنَّ الشَّرْطَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَزْجِ حَيْثُ قَالَ: مَا نَصُّهُ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك أَوْ زَوَّجْتُك أَوْ آجَرْتُك بِكَذَا عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي كَذَا، فَقَالَ الْآخَرُ: اشْتَرَيْت أَوْ تَزَوَّجْت أَوْ اسْتَأْجَرْت وَرَهَنْت صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْآخَرُ بَعْدَهُ: قَبِلْت أَوْ ارْتَهَنْت لَتَضَمَّنَ هَذَا الشَّرْطُ الِاسْتِيجَابَ اهـ وَعَلَى هَذَا فَلْيَنْظُرْ مَا صُورَةُ الشَّرْطِ الْمُحْتَاجِ إلَى عَقْدٍ رَهَنَ بَعْدَهُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِمْ السَّابِقِ فَتَأَمَّلْهُ وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ بَيَانٍ.
قَوْلُهُ: (أَوْ زَوَائِدِهِ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى مَنْفَعَتِهِ. قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ) قَالَ شَيْخُنَا: أَيْ لِمَا فِي الشَّرْطِ مِنْ تَغْيِيرِ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ الَّتِي هِيَ التَّوَثُّقُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ التَّوَثُّقَ بَاقٍ بِقَبْضِ الْمَرْهُونِ وَلَيْسَتْ الْمَنْفَعَةُ وَالزَّوَائِدُ مِمَّا يُتَوَثَّقُ بِهِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَرْهُونَةٍ، وَالْمَنْفَعَةُ يَسْتَوْفِيهَا الْمَالِكُ وَتَفُوتُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ فَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِقَضِيَّةِ الْعَقْدِ عَدَمُ تَبَعِيَّةِ الْمَنْفَعَةِ وَالزَّوَائِدِ لِأَصْلِهِمَا تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (أَنْ تَحْدُثَ زَوَائِدُهُ مَرْهُونَةً) أَيْ أَنْ تَكُونَ زَوَائِدُهُ مَرْهُونَةً حَالَ حُدُوثِهَا لَا أَنَّهَا تَحْدُثُ مَوْصُوفَةً بِالرَّهْنِ وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ رَهْنِ الْإِكْسَابِ وَالْمَنَافِعِ قَطْعًا مِمَّا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (الْمَذْكُورُ) أَيْ حُدُوثُ الزَّوَائِدِ مَرْهُونَةً وَذَكَرَهَا مَعَ أَنَّهَا مِنْ إفْرَادِ مَا يَنْفَعُ الْمُرْتَهِنَ لِلْخِلَافِ فِي فَسَادِ الشَّرْطِ فِيهَا، وَيَجُوزُ عَلَى بَعْدَ جَعْلِ الْمَذْكُورِ رَاجِعًا لِمَا يُخَالِفُ قَضِيَّةَ الْعَقْدِ لِتَكُونَ قَاعِدَةً عَامَّةً وَهُوَ مَا سَلَكَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ وَهُوَ أَفْيَدُ وَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ الْمَذْكُورِ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (فَسَدَ الْعَقْدُ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ أَيْ عَقْدُ الرَّهْنِ وَكَذَا عَقْدُ الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ بِخِلَافِ عَقْدِ الْقَرْضِ الْمُرَوَّضِ فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ فَاغْتُفِرَ انْتَهَى فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يَعْنِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الشَّرْطَ سَبَبٌ لِفَسَادِ الْجَوَابِ لَا مَا تُفِيدُهُ الْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ مِنْ تَرَتُّبِ الْجَوَابِ عَلَى الشَّرْطِ فِي الزَّمَانِ فَتَأَمَّلْ.
تَنْبِيهٌ: بَقِيَ مَا لَوْ ضَرَّهُمَا مَعًا أَوْ نَفَعَهُمَا كَذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِلْبُطْلَانِ فِيهِمَا وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ لِأَجْلِ التَّمْثِيلِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِهِ فَانْظُرْهُ.
قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ) أَيْ فِي الشَّرْطِ وَهُوَ كَوْنُ الزَّوَائِدِ مَجْهُولَةً مَعْدُومَةً عَلَى مَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: (مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ) أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِتَصَرُّفٍ دُونَ آخَرَ وَلَا بِحَالٍ دُونَ آخَرَ فَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِهِمْ: أَهْلُ تَبَرُّعٍ. وَقَوْلُهُمْ: الْوَلِيُّ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ مَعْنَاهُ جَوَازُ كُلِّ عَقْدٍ فِيهِ مَصْلَحَةٌ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (مَالَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) وَكَذَا السَّفِيهُ. قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ) هُوَ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوَاجِبِ وَهُوَ الْمُرَادُ. قَوْلُهُ: (أَمْ حَاكِمًا) كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ جَوَازَ الرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ لَهُ بِلَا ضَرُورَةٍ وَلَا غِبْطَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْقَرْضِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَرْهَنَ) أَيْ مِنْ أَمِينٍ آمِنٍ مُوسِرٍ مَعَ إشْهَادِ وَأَجَلٍ قَصِيرٍ عُرْفًا وَإِلَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَكَانَ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْقَرْضِ وَالْعِتْقِ.
. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَتَسَمَّحُ إلَخْ) عَلَّلَ بِأَنَّ الرَّهْنَ إنَّمَا لَمْ يَسِرْ إلَى الزَّوَائِدِ لِضَعْفِهِ فَجَازَ تَقْوِيَتُهُ بِالشَّرْطِ لِيَسْرِيَ إلَيْهَا وَخَرَجَ بِالزَّوَائِدِ الْأَكْسَابُ فَهِيَ بَاطِلَةٌ قَطْعًا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يَرْهَنُ) وَجْهُ مَنْعِهِ مِنْ الرَّهْنِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ كَوْنُ الرَّاهِنِ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَوَجْهُ عَدَمِ ارْتِهَانِهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُقْرِضُ وَلَا يَبِيعُ إلَّا بِحَالٍّ مَقْبُوضٍ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا ارْتِهَانَ، أَقُولُ قَدْ سَلَفَ أَنَّ الْقَاضِيَ يُقْرِضُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ الِارْتِهَانُ بَلْ يَجِبُ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمِنْهَاجِ فَلْيُتَأَمَّلْ.