بَابٌ: فِي مُعَامَلَةِ الْعَبْدِ وَمِثْلُهُ الْأَمَةُ (الْعَبْدُ إنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِحَقِّ السَّيِّدِ.
وَالثَّانِي يَصِحُّ لِتَعَلُّقِ الثَّمَنِ بِالذِّمَّةِ وَلَا حَجْرَ لِلسَّيِّدِ فِيهَا وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ (وَيَسْتَرِدُّهُ) أَيْ الْمَبِيعَ عَلَى الْأَوَّلِ (الْبَائِعُ سَوَاءً كَانَ فِي يَدِ الْعَبْدِ أَوْ) يَدِ (سَيِّدِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ (فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ) أَيْ فِي يَدِ الْعَبْدِ (تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِذِمَّتِهِ) فَيُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ (أَوْ فِي يَدِ السَّيِّدِ فَلِلْبَائِعِ تَضْمِينُهُ) لِوَضْعِ يَدِهِ (وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْعَبْدِ) أَيْضًا لِذَلِكَ لَكِنْ (بَعْدَ الْعِتْقِ وَاقْتِرَاضِهِ كَشِرَائِهِ) فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ تَصَرَّفَ بِحَسَبِ الْإِذْنِ فَإِنْ أَذِنَ) لَهُ (فِي نَوْعٍ لَمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــS [بَابٌ فِي مُعَامَلَةِ الْعَبْدِ وَمِثْلُهُ الْأَمَةُ]
بَابٌ فِي مُعَامَلَةِ الْعَبْدِ وَلَوْ قَالَ الرَّقِيقُ لَكَانَ أَوْلَى، وَلَمَّا احْتَاجَ لِقَوْلِهِ وَمِثْلُهُ الْأَمَةُ، وَلَعَلَّهُ لِمُوَافَقَةِ الْمُصَنِّفِ مَعَ أَنَّ ابْنَ حَزْمٍ ادَّعَى شُمُولَ لَفْظِ الْعَبْدِ لَهُمَا، وَتَأْخِيرُ هَذَا الْبَابِ عَمَّا قَبْلَهُ لِعَدَمِ تَأَتِّي التَّحَالُفِ فِيهِ فِي الْوَارِثِ لِلْعَبْدِ وَالْوَلِيُّ وَالْوَكِيلُ أَنْسَبُ مِنْ تَقْدِيمِهِ. نَظَرًا لِوُجُودِ التَّحَالُفِ فِي الْعَبْدِ وَأَنْسَبُ مِنْ ذِكْرِهِ عَقِبَ الْقِرَاضِ نَظَرًا لِلرِّبْحِ فِيهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (الْعَبْدُ) أَيْ الَّذِي يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لَوْ كَانَ حُرًّا وَتَصَرُّفَاتُ الرَّقِيقِ مُطْلَقًا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مَا لَا يَنْفُذُ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ كَالْوِلَايَاتِ وَالشَّهَادَاتِ، وَمَا يَنْفُذُ وَإِنْ مَنَعَهُ السَّيِّدُ كَالْعِبَادَاتِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ، وَيَدْخُلُ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ قَهْرًا عَلَيْهِ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ غَالِبًا وَهَذَا ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ حَيْثُ التَّعَلُّقُ فَمَا وَجَبَ بِغَيْرِ رِضَا مُسْتَحِقِّهِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، سَوَاءٌ أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ أَوْ لَا كَجِنَايَةٍ وَإِتْلَافِ مَالٍ وَمِنْهُ مَا لَوْ تَبَايَعَ رَقِيقَانِ بِمَالِ سَيِّدِهِمَا بِلَا إذْنٍ، وَمِنْهُ مُعَامَلَتُهُ لِغَيْرِ كَامِلٍ كَصَبِيٍّ لِأَنَّ رِضَاهُ هُنَا كَعَدَمِهِ وَمَا وَجَبَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ الْكَامِلِ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ السَّيِّدُ وَإِلَّا تَعَلَّقَ بِهَا وَبِكَسْبِهِ وَتِجَارَتِهِ. قَوْلُهُ: (لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ) وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَاءِ، كَالِاخْتِصَاصِ وَمَنْ قَيَّدَ بِالْمَالِيَّةِ نَظَرَ لِلْأَغْلَبِ، أَوْ مُرَادُهُ الْعُقُودُ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْمَالِ وَالْمُرَادُ شِرَاءُ مُعَيَّنٍ وَلَوْ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ، فَاحْتَاجَ إلَى التَّقَيُّدِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ نَعَمْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ صِحَّةَ شِرَائِهِ مَا تَمَسُّ حَاجَتَهُ إلَيْهِ كَنَفَقَتِهِ عِنْدَ امْتِنَاعِ سَيِّدِهِ عَنْهَا، وَتَعَذَّرَ مُوَاجِهَةُ حَاكِمٍ أَوْ لِغَيْبَةِ سَيِّدِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ عَنْ سَيِّدِهِ مَعَ تَعَذُّرِ مَا ذُكِرَ أَوْ أَذِنَهُ فِي حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ مَعَ سُكُوتِهِ عَنْهَا، قَالَ شَيْخُنَا: وَعَلَى هَذَا هَلْ يَصِحُّ وَلَوْ بِعَيْنِ مَالِ سَيِّدِهِ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ فَقَطْ وَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ أَيْضًا حَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِ) مُسْتَدْرَكٌ أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ عُمُومِ الْأَقَلِّ فِي التِّجَارَةِ نَفْيُ خُصُوصِهِ فِي فَرَدٍّ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (سَيِّدِهِ) أَيْ الْكَامِلِ أَوْ وَلِيِّهِ وَإِنْ تَعَدَّدَ فَلَا بُدَّ فِي الْمُشْتَرَكِ مِنْ إذْنِ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ وَإِنْ كَانَ التَّصَرُّفُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَفِي الْمُهَايَأَةِ يُعْتَبَرُ إذْنُ صَاحِبِ النَّوْبَةِ وَالْمُبَعَّضُ فِي نَوْبَتِهِ كَالْحُرِّ وَفِي غَيْرِهَا كَالرَّقِيقِ إنْ تَصَرَّفَ لِغَيْرِهِ فَإِنْ تَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ بِمَا لَهُ صَحَّ وَلَوْ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَرَقِيقُ الْمُبَعَّضِ مِثْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الطَّبَلَاوِيُّ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ إلَخْ) فَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِالْمَذْهَبِ جَرْيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَسْتَرِدُّهُ إلَخْ) أَيْ يَجِبُ رَدُّهُ عَلَى مَالِكِهِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ رَدَّهُ، فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ وَتَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ عَلَى الْقَاعِدَةِ. قَوْلُهُ: (بِذِمَّتِهِ) أَيْ إنْ كَانَ التَّصَرُّفُ مَعَ رَشِيدٍ وَإِلَّا فَبِرَقَبَتِهِ وَلَا يَضْمَنُ السَّيِّدُ بِإِقْرَارِهِ الْعَيْنَ فِي يَدِ الْعَبْدِ لِرِضَا الْمَالِكِ وَبِهَذَا فَارَقَتْ اللُّقَطَةَ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْعِتْقِ) أَيْ لِجَمِيعِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَا فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَابُ الْعَبْدِ إنْ لَمْ يُؤْذَنْ إلَخْ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ إلَخْ) عَلَّلَ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لَهُ وَلَا لِسَيِّدِهِ بِعِوَضٍ فِي ذِمَّتِهِ لِعَدَمِ رِضَاهُ وَلَا فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ لِمَا فِيهِ مِنْ حُصُولِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ لِغَيْرِ مَنْ يَلْزَمُهُ الْآخَرُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ) اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ قِيَاسًا عَلَى الْمُفْلِسِ قَالَ لِأَنَّا لَا نَقُولُ أَنَّ تَعَلُّقَ الْمَالِ بِذِمَّتِهِ عَيْبٌ بِخِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ بِذَلِكَ وَالْعَجَبُ أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ صَحَّحَ شِرَاءَهُ، قَالَ: وَمَنْ قَالَ: بِصِحَّةِ قَبُولِ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ يَلْزَمُ أَنْ يَقُولَ هُنَا بِالصِّحَّةِ ثُمَّ هَذَا الْوَجْهُ نُسِبَ لِلْجُمْهُورِ وَالظَّاهِرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ شِرَاءَهُ يَقَعُ لِلسَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (وَلَا حَجْرَ لِلسَّيِّدِ إلَخْ) وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ لَا احْتِكَامَ لِلسَّادَاتِ عَلَى ذِمَمِ عَبِيدِهِمْ، وَلَا يَمْلِكُونَ إلْزَامَ ذِمَمِهِمْ مَالًا حَتَّى لَوْ أَجْبَرَهُ عَلَى الضَّمَانِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ مَحَلُّ الدُّيُونِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَشِرَائِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ