لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ (وَلَوْ قَالَ بِعْتُكَهُ بِكَذَا فَقَالَ بَلْ وَهَبْتنِيهِ فَلَا تَحَالُفَ) إذْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى عَقْدٍ (بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ فَإِذَا حَلَفَا رَدَّهُ مُدَّعِي الْهِبَةِ بِزَوَائِدِهِ) أَيْ لَزِمَهُ ذَلِكَ
(وَلَوْ ادَّعَى صِحَّةَ الْبَيْعِ وَالْآخَرُ فَسَادَهُ) كَأَنْ ادَّعَى اشْتِمَالَهُ عَلَى شَرْطٍ مُفْسِدٍ (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ. وَالثَّانِي تَصْدِيقُ مُدَّعِي الْفَسَادِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ
(وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا) وَقَبَضَهُ (فَجَاءَ بِعَبْدٍ مَعِيبٍ لِيَرُدَّهُ فَقَالَ الْبَائِعٌ لَيْسَ هَذَا الْمَبِيعَ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ مُضِيُّ الْعَقْدِ عَلَى السَّلَامَةِ (وَفِي) مِثْلِهِ فِي (السَّلَمِ) وَهُوَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُسْلِمُ الْمُؤَدَّى عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ ثُمَّ يَأْتِي بِمَعِيبٍ فَيَقُولُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لَيْسَ هَذَا الْمَقْبُوضَ (يُصَدَّقُ) الْمُسْلِمُ (فِي الْأَصَحِّ) بِيَمِينِهِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَقْبُوضُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ شَغْلِ ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِيَمِينِهِ كَالْبَائِعِ وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ إذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الْمُؤَدَّى عَنْهُ ثُمَّ جَاءَ بِمَعِيبٍ هَلْ يُصَدَّقُ هُوَ أَوْ الْمُشْتَرِي بِالْيَمِينِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمِائَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (عَلَى عَقْدٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِزَوَائِدِهِ) مُنْفَصِلَةً أَوْ مِنْ غَيْرِ عَيْنِ الْمَبِيعِ نَحْوَ كَسْبِ الْعَبْدِ فَإِنْ تَلِفَتْ لَزِمَهُ بَدَلُهَا كَالْمَبِيعِ، وَلَا أُجْرَةَ لَهَا لَوْ اسْتَعْمَلَهَا لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى عَدَمِهَا وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ. قَالُوا: وَإِنَّمَا وَجَبَ رَدُّهَا مَعَ اتِّفَاقِهِمَا أَنَّهَا لِمُدَّعِي الْهِبَةِ بِدَعْوَاهُمَا لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَتْ دَعْوَاهُمَا رُجِعَ إلَى أَصْلِ اسْتِصْحَابِ الْمِلْكِ.
فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: كَابْنِ حَجّ لَوْ اشْتَرَى شَجَرًا وَاسْتَغَلَّهُ سِنِينَ، ثُمَّ طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ فَأَنْكَرَ الشِّرَاءَ حَلَّفَهُ عَلَيْهِ. ثُمَّ رَدَّ الْمَبِيعَ وَلَا يُغَرِّمُهُ الْبَائِعُ مَا اسْتَغَلَّهُ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ بِالْمِلْكِ، وَإِنَّمَا يَدَّعِي الثَّمَنَ وَقَدْ تَعَذَّرَ بِحَلِفِهِ، وَلِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ فَسْخُ الْبَيْعِ الَّذِي اعْتَرَفَ بِهِ وَفَارَقَ مَا فِي الْمَتْنِ بِأَنَّهُ هُنَا انْتَقَلَ مِلْكُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوجَدَ رَافِعٌ بِزَعْمِهِ اهـ. فَانْظُرْهُ وَحَرِّرْهُ.
قَوْلُهُ: (فَسَادُهُ) كَعَدَمِ الرُّؤْيَةِ أَوْ لِصِبًا أَوْ جُنُونٍ، وَأَمْكَنَ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَمِنْهُ دَعْوَى الزَّوْجِ أَنَّ الْعَقْدَ بِوَلِيٍّ وَشُهُودٍ مَعَ إنْكَارِهَا ذَلِكَ، وَكَذَا دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ بِشَرْطِ رَهْنِ الثَّمَنِ، وَإِنْكَارِ الرَّاهِنِ ذَلِكَ، وَكَذَا دَعْوَى الْمُكَاتَبِ تَعَدُّدَ النُّجُومِ فِي الْعَقْدِ وَإِنْكَارُ السَّيِّدِ ذَلِكَ، فَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ) وَرُجِّحَ الْأَوَّلَ بِاعْتِضَادِهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ.
تَنْبِيهٌ: قَدْ يُصَدَّقُ مُدَّعِي الْفَسَادِ فِي مَسَائِلَ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا هَلْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ أَوْ إقْرَارٍ لِأَنَّ الْإِنْكَارَ أَقْوَى لِمُوَافَقَتِهِ لِأَصْلِ الْعَدَمِ، وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي بَيْعِ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضٍ فَادَّعَى الْبَائِعُ تَعَيُّنَهُ لِيُبْطِلَ الْبَيْعَ فَيُصَدَّقُ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِإِرَادَتِهِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى السَّيِّدُ صِبَاهُ أَوْ جُنُونَهُ حَالَ الْكِتَابَةِ وَأَمْكَنَ وَأَنْكَرَ الْعَبْدُ فَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ.
قَوْلُهُ: (عَبْدًا) أَيْ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ أَوْ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ فِي زَمَنِ خِيَارِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ كَالتَّوَابِعِ فِي الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْبَائِعُ) وَكَذَا كُلُّ مُعَيَّنٍ فِي مِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي الثَّمَنِ) كَمَا فِي الذِّمَّةِ وَكَالثَّمَنِ كُلُّ مَا فِي الذِّمَّةِ.
فَرْعٌ: اشْتَرَى مِقْدَارًا وَادَّعَى نَقْصَهُ كَيْلًا أَوْ غَيْرَهُ، فَإِنْ كَانَ بِقَدْرِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ مَثَلًا صُدِّقَ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَلَفِهِ صُدِّقَ الْبَائِعُ مُطْلَقًا وَلَوْ صَبَّ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي فَوَجَدَ فِيهِ فَأْرَةً مَيِّتَةً، وَادَّعَى الْبَائِعٌ أَنَّهَا كَانَتْ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي، وَخَالَفَهُ الْمُشْتَرِي فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ذِكْرِ الْبَدَلِ فَالْمُصَدَّقُ الْآخِذُ فِي دَفْعِ الدَّيْنِ وَلَوْ فِيمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ دَيْنِهِ عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي النَّفْيِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (بِزَوَائِدِهِ) أَيْ الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (صِحَّةُ الْبَيْعِ) مِثْلُهُ غَيْرُهُ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ) مِنْ صُوَرِ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك بِأَلْفٍ فَيَقُولَ بَلْ بِزِقِّ خَمْرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، قَالَ الْقَاضِي: إذَا صَدَّقْنَا الْبَائِعَ لَا يُمَكِّنُنَا قَبُولُ قَوْلِهِ فِي الثَّمَنِ، بَلْ يُحْبَسُ الْمُشْتَرِي حَتَّى يُبَيِّنَ مَا يَكُونُ ثَمَنًا فَإِنْ وَافَقَ الْبَائِعُ فِيمَا بَيْنَهُ وَإِلَّا تَحَالَفَا.