أَوْ نَحْوِهِ وَلَا بِأَكْلٍ الْعُودِ أَوْ شَدِّهِ فِي ثَوْبِهِ لِأَنَّ التَّطَيُّبَ بِهِ إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّبَخُّرِ بِهِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ جَاهِلًا بِكَوْنِهِ طِيبًا أَوْ ظَانًّا أَنَّهُ يَابِسٌ لَا يَعْلَقُ بِهِ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ وَلَا فِدْيَةَ فِي ذَلِكَ وَلَا فِيمَا إذَا أَلْقَتْ عَلَيْهِ الرِّيحُ الطِّيبَ لَكِنْ يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى إزَالَتِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفِيمَا قَبْلَهَا عِنْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ، فَإِنْ أَخَّرَ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ كَمَا تَجِبُ فِي اسْتِعْمَالِهِ الْمُحَرَّمَ، وَتَجِبُ فِيهِ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْإِزَالَةِ أَيْضًا. (وَدَهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ اللِّحْيَةِ) بِدُهْنٍ غَيْرِهِ مُطَيِّبٍ كَالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَالزُّبْدِ وَدُهْنِ اللَّوْزِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّزَيُّنِ الْمُنَافِي لِحَدِيثِ الْمُحْرِمُ، أَشْعَثُ أَغْبَرُ أَيْ شَأْنُهُ الْمَأْمُورُ بِهِ ذَلِكَ فَفِي مُخَالَفَتِهِ بِالدَّهْنِ الْمَذْكُورِ الْفِدْيَةُ وَفِي دَهْنِ الرَّأْسِ الْمَحْلُوقِ الْفِدْيَةُ فِي الْأَصَحِّ لِتَأْثِيرِهِ فِي تَحْسِينِ الشَّعْرِ الَّذِي يَنْبُتُ بَعْدَهُ، وَلَا فِدْيَةَ فِي دَهْنِ رَأْسِ الْأَقْرَعِ وَالْأَصْلَعِ وَذَقَنِ الْأَمْرَدِ، وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ هَذَا الدُّهْنِ فِي سَائِرِ الْبَدَنِ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ تَزْيِينَهُ وَيَجُوزُ أَكْلُهُ.
(وَلَا يُكْرَهُ غَسْلُ بَدَنِهِ وَرَأْسِهِ بِخَطْمِيٍّ) أَوْ سِدْرٍ أَيْ يَجُوزُ ذَلِكَ لَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ لَا يَفْعَلَ وَحَكَى قَدِيمٌ بِكَرَاهَتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّزْيِينِ، وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَفَارَقَهُ دَهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ بِأَنَّ فِيهِ مَعَ التَّزْيِينِ التَّنْمِيَةَ.
(الثَّالِثُ) مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ (إزَالَةُ الشَّعْرِ) مِنْ الرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهِ حَلْقًا أَوْ غَيْرَهُ (أَوْ الظُّفْرِ) مِنْ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ قَلْمًا أَوْ غَيْرَهُ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] وَقِيسَ عَلَى شَعْرِ الرَّأْسِ شَعْرُ بَاقِي الْجَسَدِ وَعَلَى الْحَلْقِ غَيْرُهُ وَعَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــSيَدُوسَ إلَخْ) أَيْ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ طِيبٌ، وَأَنَّهُ يَعْلَقُ بِنَعْلِهِ وَعَلِقَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ إلَّا فِيمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا) أَيْ النَّعْلُ مَلْبُوسُهُ. وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِثَوْبِهِ فِيمَا مَرَّ مُطْلَقُ مَلْبُوسِهِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ ثَوْبًا. قَوْلُهُ: (فَلَا اسْتِعْمَالَ بِشَمِّ مَاءِ الْوَرْدِ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الرَّيَاحِينِ وَلَوْ بِوَضْعِهِ أَمَامَهُ. قَوْلُهُ: (جَاهِلًا بِكَوْنِهِ طِيبًا) أَوْ بِأَنَّهُ يَعْلَقُ بِهِ نَعَمْ إنْ عَلِمَ الْحُرْمَةَ وَجَهِلَ الْفِدْيَةَ أَوْ ظَنَّهُ نَوْعًا لَيْسَ مِنْ الطِّيبِ فَبَانَ مِنْهُ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (أَلْقَتْهُ عَلَيْهِ الرِّيحُ) وَكَذَا لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ طَيَّبَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَعَجَزَ عَنْ دَفْعِهِ عَنْهُ وَالْفِدْيَةُ فِيهِ عَلَى الْفَاعِلِ إلَّا إنْ اسْتَدَامَهُ فَعَلَيْهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فِي هَذِهِ) وَهِيَ لِقَاءُ الرِّيحِ. قَوْلُهُ: (وَفِيمَا قَبْلَهَا) وَهِيَ صُوَرُ الْجَهْلِ وَظَنُّ الْيُبْسِ وَعَدَمُ كَوْنِهِ يَعْلَقُ وَنِسْيَانُهُ لِلْإِحْرَامِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ) بِقُدْرَتِهِ عَلَى إزَالَتِهِ وَعِلْمِهِ وَتَذَكُّرِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَخَّرَ) أَيْ الْإِزَالَةَ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ الْمَذْكُورِ وَجَبَ الْفِدْيَةُ. قَوْلُهُ: (وَدَهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ اللِّحْيَةِ) وَلَوْ شَعْرَةً أَوْ بَعْضَهَا وَبَقِيَّةُ شُعُورِ الْوَجْهِ كَاللِّحْيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَسَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَدُهْنُ اللَّوْزِ) وَالشَّيْرَجِ وَغَيْرِهِمَا وَلَوْ مِنْ حَيَوَانٍ كَشَحْمٍ مُذَابٍ. قَوْلُهُ: (وَذَقَنُ الْأَمْرَدِ) لَا فِدْيَةَ فِي دُهْنِهِ إلَّا فِي زَمَنِ نَبَاتِ شَعْرِهِ كَمَا فِي الرَّأْسِ الْمَحْلُوقِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ أَكْلُهُ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَمَسُّ شَيْئًا مِنْ شَعْرِ وَجْهِهِ كَمَا مَرَّ، وَيَجُوزُ الِاكْتِحَالُ بِالْإِثْمِدِ بِلَا طِيبٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِخِلَافِ التُّوتْيَا، وَلَا كَرَاهَةَ لِعَدَمِ الزِّينَةِ وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ الدُّهْنَ غَيْرَ الْمُطَيِّبِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ لَا يُفْعَلَ) الْغُسْلُ بِالْخِطْمِيِّ فَهُوَ مُبَاحٌ.
قَوْلُهُ: إزَالَةُ الشَّعْرِ وَلَوْ مِنْ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ بِخِلَافِ نَحْوِ الطِّيبِ لِأَنَّهُ تَرَفُّهٌ، وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ كَحَجْمٍ وَحَكٍّ بِنَحْوِ ظُفْرٍ كَتَحْرِيكِ رِجْلِ رَاكِبٍ عَلَى بَرْذَعَةٍ أَوْ قَتَبٍ وَامْتِشَاطٍ فَيَحْرُمُ ذَلِكَ إنْ عَلِمَ إزَالَتَهُ بِهِ وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ، وَإِلَّا فَيُكْرَهُ وَلَا فِدْيَةَ وَمَنَعَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ الِامْتِشَاطَ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (مِنْ الرَّأْسِ) وَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْبَدَنِ وَلَوْ مِمَّا تُطْلَبُ إزَالَتُهُ كَشَعْرِ الْعَانَةِ وَدَاخِلِ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ، نَعَمْ لَا فِدْيَةَ فِي إزَالَةِ مَا غَطَّى عَيْنَهُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ أَوْ حَاجِبِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالسُّبْكِيّ: عَبَّرَ فِي التَّنْبِيهِ بِشَمِّ الرَّيَاحِينِ وَقَضِيَّتُهُ الِاكْتِفَاءُ فِيهَا بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِلشَّمِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ غَرَضُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مَعَ لُصُوقِ الْبَدَنِ مِنْ الشَّمِّ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ شَمَّهَا مِنْ الشَّجَرِ لَا شَيْءَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ فِيهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلِاسْتِعْمَالِ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا يَجِبُ فِي اسْتِعْمَالِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَدَهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ) وَلَوْ بِالشَّمْعِ الذَّائِبِ ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ جَمَعَ فِي هَذَا النَّوْعِ الثَّانِي بَيْنَ الطِّيبِ، وَالدُّهْنِ وَلَمْ يَجْعَلْ الْأَدْهَانَ نَوْعًا مُسْتَقِلًّا لِتَقَارُبِهِمَا يَعْنِي مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَرَفُّهٌ، وَلَيْسَ فِيهِ إزَالَةُ عَيْنٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ اللِّحْيَةِ) وَلَوْ لِامْرَأَةٍ. قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ الْمُحْرِمُ إلَخْ) نَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ إخْبَارٌ وَلَوْ كَانَ لِلنَّهْيِ لَحَرُمَ إزَالَةُ الشَّعَثِ وَالْغُبَارِ اهـ.
وَالْجَوَابُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَيْ شَأْنُهُ الْمَأْمُورُ بِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَفَارَقَ دَهْنَ شَعْرِ الرَّأْسِ بِأَنَّ فِيهِ مَعَ التَّزْيِينِ التَّنْمِيَةَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ دَالٌّ عَلَى الْأَمْرِ، وَأَنَّهُ اسْتَنْبَطَ مِنْهُ مَعْنًى خَصَّصَهُ. قَوْلُهُ: (وَذَقَنِ الْأَمْرَدِ) وَحَرَّمَ مَالِكٌ نَظَرَهُ لِوَجْهِهِ فِي الْمِرْآةِ بِخِلَافِ الْمَاءِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (إزَالَةُ الشَّعْرِ) أَيْ مِنْ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهِ) يُكْرَهُ مَشْطُ الشَّعْرِ وَحَكُّهُ بِالظُّفْرِ. قَوْلُهُ: (فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى) لَا يُقَالُ هَذَا التَّوْجِيهُ لَا يَشْمَلُ الثَّلَاثَ شَعَرَاتٍ إذَا أُزِيلَتْ لِعُذْرٍ، لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا مِنْ جِهَةِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ الْمَنْصُوصِ لِقَوْلِهِ: