لِمُجَاوَزَتِهِ لِلْوَقْتِ الْمَضْرُوبِ لَهُ، وَعَلَى الْأَدَاءِ يَكُونُ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ وَقْتَ اخْتِيَارٍ كَوَقْتِ الِاخْتِيَارِ لِلصَّلَاةِ وَجُمْلَةُ الْأَيَّامِ فِي حُكْمِ الْوَقْتِ الْوَاحِدِ، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ رَمْيِ التَّدَارُكِ عَلَى الزَّوَالِ، وَيَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَمْيِ يَوْمِ التَّدَارُكِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَعَلَى الْقَضَاءِ لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا، وَيَجُوزُ التَّدَارُكُ بِاللَّيْلِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَتَأَقَّتُ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الرَّمْيَ عِبَادَةُ النَّهَارِ كَالصَّوْمِ، هَذَا جَمِيعُهُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ، وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَحَكَى فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَلَى الْقَضَاءِ وَجْهَيْنِ فِي التَّدَارُكِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ رَمْيُ قَضَاءٍ وَلَا أَدَاءً، قَالَ: وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي التَّدَارُكِ لَيْلًا، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ أَدَاءً فَفِيهِمَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَاللَّيْلِ الْخِلَافُ، قَالَ الْإِمَامُ: وَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ فَإِنَّ تَعَيُّنَ الْوَقْتِ بِالْأَدَاءِ أَلْيَقُ، وَهَذَا مَا أَوْرَدَهُ فِي الْكِتَابِ فَقَالَ: إذَا قُلْنَا أَدَاءً تَأَقَّتَ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ انْتَهَى وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّ الرَّمْيَ الْمَتْرُوكَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ لَا يَتَدَارَكُ فِي بَاقِيهَا كَمَا لَا يَتَدَارَكُ بَعْدَهَا. (وَلَا دَمَ) مَعَ التَّدَارُكِ وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ الدَّمُ مَعَهُ كَمَا لَوْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ يَقْضِي وَيَفْدِي (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَدَارَكْ الْمَتْرُوكَ (فَعَلَيْهِ دَمٌ) فِي تَرْكِ رَمْيِ الْيَوْمِ وَكَذَا فِي الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الرَّمْيَ فِيهَا لِشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَفِي قَوْلٍ: يَجِبُ لِتَرْكِ رَمْيِ كُلِّ يَوْمٍ دَمٌ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بِرَأْسِهَا، وَعَلَى قَوْلِ عَدَمِ التَّدَارُكِ يَجِبُ لِكُلِّ يَوْمٍ دَمٌ لِفَوَاتِ رَمْيِهِ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ وَاسْتِقْرَارِ بَدَلِهِ فِي الذِّمَّةِ.

(وَالْمَذْهَبُ تَكْمِيلُ الدَّمِ فِي) تَرْكِ (ثَلَاثِ حَصَيَاتٍ) أَيْضًا كَمَا يُكْمِلُ فِي حَلْقِ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ، وَقِيلَ: إنَّمَا يُكْمِلُ فِي وَظِيفَةِ جَمْرَةٍ كَمَا يُكْمِلُ فِي وَظِيفَةِ جَمْرَةِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَفِي الْحَصَاةِ وَالْحَصَاتَيْنِ عَلَى الطَّرِيقَيْنِ الْأَقْوَالُ فِي حَلْقِ الشَّعْرَةِ وَالشَّعْرَتَيْنِ أَظْهَرُهَا أَنَّ فِي الْحَصَاةِ الْوَاحِدَةِ مُدَّ طَعَامٍ، وَالثَّانِي دِرْهَمًا، وَالثَّالِثُ ثُلُثَ دَمٍ عَلَى الْأَوَّلِ وَسُبْعَهُ عَلَى الثَّانِي، وَفِي الْحَصَاتَيْنِ ضِعْفَ ذَلِكَ.

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (وَيَجِبُ التَّرْتِيبُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَقَعُ مُرَتَّبًا وَإِنْ قُصِدَ خِلَافُهُ وَلَا يُحْسَبُ رَمْيُهُ عَنْ يَوْمِهِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الثَّلَاثِ عَنْ أَمْسِهِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِرَمْيِ الْجَمَرَاتِ أَيْ الْحَصَيَاتِ فِيهَا وَمَسَافَةُ بُعْدِ الْأُولَى عَنْ مَسْجِدِ الْخَيْفِ أَلْفُ ذِرَاعٍ وَمِائَتَا ذِرَاعٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا، وَعَنْ الْوَسَطِيِّ مِائَتَا ذِرَاعٍ وَخَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَبَيْنَ الْوَسَطِ وَجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِائَتَا ذِرَاعٍ وَثَمَانِيَةُ أَذْرُعٍ، وَبَيْنَ هَذِهِ وَبَابِ السَّلَامِ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفِ ذِرَاعٍ وَمِائَتَا ذِرَاعٍ وَأَحَدٌ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا كُلُّ ذَلِكَ بِذِرَاعِ الْيَدِ، وَهُوَ يَنْقُصُ عَنْ الذِّرَاعِ الْمِصْرِيِّ بِنَحْوِ ثُمُنِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْقَضَاءِ لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ) فِيهِ نَظَرٌ مَعَ وُقُوعِ الرَّمْيِ عَنْ الْفَائِتِ قَهْرًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ التَّدَارُكُ بِاللَّيْلِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَكَذَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ. وَكَذَا فِي بَاقِي الْأَيَّامِ. وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ مَعْذُورٍ تَأْخِيرُ رَمْيِ كُلِّ يَوْمٍ عَنْ غُرُوبِهِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ التَّدَارُكَ أَدَاءٌ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ) الْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي الْكِتَابِ) أَيْ الْوَجِيزِ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ أَخَّرَ إلَخْ) وَدُفِعَ بِأَنَّ التَّدَارُكَ هُنَا أَدَاءٌ وَلَوْ فِي اللَّيْلِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ دَمٌ) أَيْ وَإِنْ تَرَكَهُ لِعُذْرٍ كَسَهْوٍ وَنِسْيَانٍ وَغَفْلَةٍ، وَكَذَلِكَ لِشُغْلٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (ثَلَاثِ حَصَيَاتٍ) أَيْ فَأَكْثَرَ قَالَ فِي الْمَنْهَجِ: وَلَوْ مِنْ الْأَيَّامِ الْأَرْبَعَةِ. قَالَ شَيْخُنَا: الْغَايَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ فَأَكْثَرَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ كَتَرْكِ وَاحِدَةٍ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ أَوْ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَمَا بَعْدَهُ أَوْ مِنْ يَوْمِ الْعِيدِ وَمَا بَعْدَهُ، إذْ لَا يُتَصَوَّرُ تَرْكُ عِشْرِينَ رَمْيَةً فَأَقَلَّ فِي أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهَا أَنَّ فِي الْحَصَاةِ الْوَاحِدَةِ مُدُّ طَعَامٍ) وَفِي الِاثْنَيْنِ مُدَّانِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعَلَيْهِ لَوْ عَجَزَ عَنْ الْمُدِّ صَامَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ يُجْبَرُ الْمُنْكَسِرُ. كَذَا قَالَهُ النَّشِيلِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمُدُّ مُقَابِلٌ لِثُلُثِ الْعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَثُلُثُ يَوْمٍ وَذَلِكَ عَشْرُ أَثْلَاثٍ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَعْشَارِهَا فِي الْحَجِّ وَهِيَ يَوْمٌ وَاحِدٌ، وَبَاقِيهِ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ وَهُوَ سَبْعَةُ أَثْلَاثٍ فَهِيَ يَوْمَانِ وَثُلُثُ يَوْمٍ فَيَكْمُلُ الثُّلُثُ يَوْمًا، فَالْجُمْلَةُ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ فَقَطْ، وَلَعَلَّ النَّشِيلِيُّ اعْتَبَرَ أَنَّ ثُلُثَ الْعَشَرَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَثُلُثٌ تَكْمُلُ أَرْبَعَةً وَثُلُثُهَا فِي الْحَجِّ، وَهُوَ يَوْمٌ وَثُلُثٌ فَيَكْمُلُ الثُّلُثُ يَوْمًا فَهِيَ يَوْمَانِ، وَبَاقِيهِ إذَا رَجَعَ وَهُوَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الصَّغِيرِ انْتَهَى، وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ خِلَافُهُ فِي التَّقْدِيمِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الزَّوَالِ) أَيْ وَلَوْ لَيْلًا وَإِنْ لَمْ تُقَدَّمْ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ التَّدَارُكُ بِاللَّيْلِ) سَكَتَ عَنْ قَبْلِ الزَّوَالِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْكَبِيرِ بِالْمَنْعِ عَلَى قَوْلِ الْقَضَاءِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ تَجْوِيزِهِ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْأَدَاءِ، وَأَيْضًا فَالنَّهَارُ مَحَلٌّ لِلرَّمْيِ فِي الْجُمْلَةِ فَكَيْفَ يَمْتَنِعُ فِيهِ وَيَجُوزُ لَيْلًا.

قَوْلُهُ: (كَمَا لَا يَتَدَارَكُ بَعْدَهَا) أَيْ وَكَمَا لَا يَتَدَارَكُ الْوُقُوفُ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ إلَخْ) أَيْ إذَا جَعَلْنَا قَضَاءً. قَوْلُهُ: (وَالثَّلَاثَةُ) مِثْلُهَا الْأَرْبَعَةُ. قَوْلُهُ: (كَمَا يُكَمَّلُ) أَيْ بِالِاتِّفَاقِ قَوْلُهُ: (فِي وَظِيفَةِ جَمْرَةٍ) أَيْ وَهِيَ سَبْعَةٌ وَهَذَا سَاقَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَوْلًا خَامِسًا، وَجُعِلَ الثَّانِي أَنَّ لِوَظِيفَةِ كُلِّ يَوْمٍ دَمًا كَامِلًا، وَالثَّالِثُ لِيَوْمِ النَّحْرِ دَمٌ وَلِلْبَاقِي دَمٌ، وَالرَّابِعُ أَنَّ الثَّلَاثَ جَمَرَاتٍ كَالشَّعَرَاتِ الثَّلَاثِ، فَإِذَا تَرَكَ جَمِيعَهَا مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ كَمَّلَ الدَّمَ، وَفِي الْجَمْرَةِ وَالْجَمْرَتَيْنِ الْأَقْوَالُ فِي الشَّعْرَةِ وَالشَّعْرَتَيْنِ انْتَهَى. وَكُلُّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015