فَصْلٌ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَسَتَأْتِي. (بِإِفْسَادِ صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ أَثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ) فَهَذِهِ خَمْسَةُ قُيُودٍ تَنْتَفِي الْكَفَّارَةُ بِانْتِفَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا كَمَا قَالَ: (فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى نَاسٍ) لِأَنَّ جِمَاعَهُ لَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا تَقَدَّمَ
وَإِنْ قُلْنَا يُفْسِدُهُ فَقِيلَ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِانْتِسَابِهِ إلَى التَّقْصِيرِ، وَالْأَصَحُّ لَا تَجِبُ لِأَنَّهَا تَتْبَعُ الْإِثْمَ (وَلَا مُفْسِدَ غَيْرُ رَمَضَانَ) مِنْ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ كَفَّارَةٍ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي رَمَضَانَ كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِفَضَائِلَ لَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِيهَا.
(أَوْ) مُفْسِدُ رَمَضَانَ. (بِغَيْرِ الْجِمَاعِ) كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالِاسْتِمْنَاءِ وَالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ الْمُفْضِيَةِ إلَى الْإِنْزَالِ، لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي الْجِمَاعِ وَمَا عَدَاهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ. (وَلَا) عَلَى (مُسَافِرٍ) صَائِمٍ (جَامَعَ بِنِيَّةِ التَّرَخُّصِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ بِهِ
(وَكَذَا بِغَيْرِهَا) وَإِنْ قُلْنَا يَأْثَمُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْإِفْطَارَ مُبَاحٌ لَهُ فَيَصِيرُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْكَفَّارَةِ، وَهَذَا دَافِعٌ لِقَوْلِ الثَّانِي تَلْزَمُهُ لِإِثْمِهِ فَإِنَّ الرُّخْصَةَ لَا تُبَاحُ بِدُونِ قَصْدِهَا وَالْمَرِيضُ كَالْمُسَافِرِ فِيمَا ذُكِرَ. (وَلَا عَلَى مَنْ ظَنَّ اللَّيْلَ) وَقْتَ الْجِمَاعِ (فَبَانَ نَهَارًا) لِعَدَمِ إثْمِهِ قَالَ الْإِمَامُ: وَمَنْ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ بِجِمَاعِ النَّاسِي يُوجِبُهَا هُنَا لِلتَّقْصِيرِ فِي الْبَحْثِ، وَلَوْ ظَنَّ غُرُوبَ
فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْكَفَّارَةِ الْعُظْمَى وَكَذَا الْفِطْرُ الَّذِي تَلْزَمُ فِيهِ قَوْلُهُ: (مِنْ رَمَضَانَ) أَيْ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا بِخَبَرِ عَدْلٍ أَوْ خَبَرِ مَنْ وَثِقَ بِهِ أَوْ صَدَّقَهُ كَمَا مَرَّ نَعَمْ لَوْ ظَنَّهُ بِاجْتِهَادٍ أَوْ شَكٍّ هَلْ نَوَى لَيْلًا فَجَامَعَ فَلَا كَفَّارَةَ وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ نَوَى. قَوْلُهُ: (بِجِمَاعٍ) وَلَوْ فِي دُبُرٍ أَوْ لِبَهِيمَةٍ أَوْ لِمَيِّتٍ أَوْ فَرْجٍ مُبَانٍ حَيْثُ بَقِيَ اسْمُهُ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ قَوْلُهُ: (فَهَذِهِ خَمْسَةُ قُيُودٍ) خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِكَوْنِ الْمُصَنِّفِ نَصَّ عَلَى مُحْتَرَزَاتِهَا وَإِلَّا فَهِيَ أَكْثَرُ لِأَنَّهَا عَشَرَةُ قُيُودٍ بَلْ أَحَدَ عَشَرَ إذْ الْإِفْسَادُ قَيْدٌ يَخْرُجُ بِهِ مَا لَوْ عَلَتْ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَنْزَلَ. وَالصَّوْمُ قَيْدٌ يَخْرُجُ بِهِ إفْسَادُ نَحْوِ صَلَاةٍ وَاعْتِكَافٍ وَالْيَوْمُ قَيْدٌ يَخْرُجُ بِهِ بَعْضُ الْيَوْمِ كَمَا سَيَأْتِي وَزَادَ فِي الْمَنْهَجِ ضَمِيرًا مُتَّصِلًا بِصَوْمٍ أَيْ صَوْمِ نَفْسِهِ وَأَخْرَجَ بِهِ مَنْ أَفْسَدَ صَوْمَ غَيْرِهِ كَمُسَافِرٍ مُفْطِرٍ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فَأَفْسَدَ صَوْمَهَا لَكِنْ هَذِهِ قَدْ تُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ. وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الزَّوْجِ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي وَزَادَ أَيْضًا عَدَمَ الشُّبْهَةِ وَأَخْرَجَ بِهِ مَنْ ظَنَّ دُخُولَ اللَّيْلِ بِلَا اجْتِهَادٍ أَوْ شَكٍّ فِيهِ وَجَامَعَ فَبَانَ بَقَاءُ النَّهَارِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْجِمَاعَ بِكَوْنِهِ وَحْدَهُ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ أَفْسَدَهُ بِجِمَاعٍ وَغَيْرِهِ كَأَكْلٍ مَعًا فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ كَمَا فِي خَوْفِ الْحَامِلِ عَلَى نَفْسِهَا مَعَ الْحَمْلِ. قَوْلُهُ: (كَالْأَكْلِ) وَلَوْ مَعَ الْجِمَاعِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (مُبَاحٌ) أَيْ فِي نَفْسِهِ وَإِثْمِهِ إذَا لَمْ يَنْوِ التَّرَخُّصَ لِعَدَمِ النِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَا لِأَجْلِ الصَّوْمِ فَهُوَ مِنْ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ لِلصَّوْمِ كَمَا فَعَلَ فِي الْمَنْهَجِ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ: فَيَصِيرُ شُبْهَةً إلَخْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ هُوَ مُضِرٌّ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرِيضُ كَالْمُسَافِرِ) وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ لِعَدَمِ إثْمِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا عَلَى مَنْ ظَنَّ) أَيْ بِاجْتِهَادٍ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ظَنَّ غُرُوبَ الشَّمْسِ) أَيْ بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ فَالْمُرَادُ مَا يَشْمَلُ الشَّكَّ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا بَعْدَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ إلَخْ أَيْ وَكَذَا التَّعْزِيرُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِإِفْسَادِ صَوْمٍ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ كُلَّ يَوْمٍ تَجِبُ فِيهِ كَفَّارَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِجِمَاعٍ) قَيَّدَهُ الْغَزَالِيُّ بِتَامٍّ لِيُخْرِجَ الْمَرْأَةَ وَرَدَّ بِأَنَّهَا تُفْطِرُ بِبَعْضِ الْحَشَفَةِ وَلَا يُسَمَّى جِمَاعًا قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى نَاسٍ) لَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ فَأَمَرْنَاهُ بِالْإِمْسَاكِ، فَجَامَعَ فَلَا كَفَّارَةَ قَطْعًا لَكِنَّ قِيَاسَ مَنْ قَالَ: الْإِمْسَاكُ صَوْمٌ شَرْعِيٌّ وُجُوبُهَا، وَمِثْلُ النَّاسِي الْمُكْرَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ لَا تَجِبُ) أَيْ فَهُوَ خَارِجٌ بِهَذَا إنْ قُلْنَا يَفْسُدُ وَبِالْأَوَّلِ إنْ قُلْنَا لَا يَفْسُدُ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَضَاءٍ) وَقِيلَ: تَجِبُ فِي هَذَا الْكَفَّارَةُ الصُّغْرَى، وَهُوَ الْمُدُّ لِكُلِّ يَوْمٍ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِفَضَائِلَ) لِأَنَّهُ أَفْضَلُ الشُّهُورِ كَمَا سَلَفَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْإِفْطَارَ مُبَاحٌ لَهُ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ لَا فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْحَالَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الرُّخْصَةَ إلَخْ) وَذَلِكَ يَجْرِي فِي تَأْخِيرِ الظُّهْرِ إلَى الْعَصْرِ بِغَيْرِ نِيَّةِ الْجَمْعِ، فَإِنَّهُ حَرَامٌ وَلَا جَمْعَ بَلْ يَكُونُ قَضَاءً، وَاعْلَمْ أَنَّا إذَا قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ يَكُونُ ذَلِكَ وَارِدًا عَلَى الضَّابِطِ، لَكِنَّ التَّنْصِيصَ عَلَيْهَا سَهْلُ الْإِيرَادِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ ظَنَّ) عِبَارَةُ التَّهْذِيبِ وَلَوْ شَكَّ، وَكَأَنَّ الشَّيْخَيْنِ عَدَلَا عَنْهَا لِقَوْلِهِمْ فَبَانَ خِلَافُهُ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ مُجَرَّدَ الشَّكِّ يُحَرِّمُ الْجِمَاعَ، وَيُفْسِدُ