الْمَسَائِلُ ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ، وَقَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ أَيْ عَنْ الشَّافِعِيِّ (وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمُدِّ) لِكُلِّ يَوْمٍ. (عَلَى مَنْ أَفْطَرَ) فِي رَمَضَانَ. (لِلْكِبَرِ) بِأَنْ لَمْ يُطِقْ الصَّوْمَ وَكَذَا مَنْ لَا يُطِيقُهُ لِمَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ. قَالَ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] الْمُرَادُ لَا يُطِيقُونَهُ وَالثَّانِي يَقُولُ لَا تَقْدِيرَ لِتَخْيِيرِهِمْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِدْيَةِ، ثُمَّ نُسِخَ بِتَعَيُّنِ الصَّوْمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَعْسَرَ بِالْفِدْيَةِ فَفِي اسْتِقْرَارِهَا فِي ذِمَّتِهِ الْقَوْلَانِ فِي الْكَفَّارَةِ أَظْهَرُهُمَا فِيهَا الِاسْتِقْرَارُ كَمَا سَيَأْتِي. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ يَنْبَغِي هُنَا تَصْحِيحُ السُّقُوطِ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ لَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ جِنَايَةٍ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ
(وَأَمَّا الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ فَإِنْ أَفْطَرَتَا خَوْفًا) مِنْ الصَّوْمِ. (عَلَى نَفْسِهِمَا) وَحْدَهُمَا أَوْ مَعَ وَلَدَيْهِمَا كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَجَبَ) عَلَيْهِمَا (الْقَضَاءُ بِلَا فِدْيَةٍ) كَالْمَرِيضِ. (أَوْ) (عَلَى الْوَلَدِ) أَيْ وَلَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا (لَزِمَتْهُمَا) مَعَ الْقَضَاءِ (الْفِدْيَةُ فِي الْأَظْهَرِ) أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: 184] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنَّهَا بَاقِيَةٌ بِلَا نَسْخٍ فِي حَقِّهِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُمَا كَالْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ، لِأَنَّ الْوَلَدَ جُزْءٌ مِنْهُمَا، وَالثَّالِثُ يَلْزَمُ الْمُرْضِعَ لِانْفِصَالِ الْوَلَدِ عَنْهَا دُونَ الْحَامِلِ، وَسَكَتَ عَنْ إبَاحَةِ الْفِطْرِ لَهُمَا، وَعَنْ الضَّرَرِ الْمَخُوفِ لِلْعِلْمِ بِهِمَا مِنْ الْمَرَضِ، وَهَلْ تُفْطِرُ الْمُسْتَأْجَرَةُ لِإِرْضَاعِ غَيْرِ وَلَدِهَا قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْفَتَاوَى: لَا وَقَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ: نَعَمْ وَتَفْدِي وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْحَقُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSتَقْلِيدُهُ لِأَنَّهُ مِنْ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ نَعَمْ يُصَلِّي أَجِيرًا لِحَجٍّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ. وَكَذَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا أَوْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ مُعْتَكِفًا.
تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يُصَامُ عَنْ حَيٍّ وَإِنْ عَجَزَ لِهَرَمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ وَهَلْ يَتَصَدَّقُ عَنْهُ أَوْ يَعْتِقُ عَنْهُ؟ رَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وُجُوبُ الْمُدِّ) أَيْ لَا عَلَى الْفَوْرِ كَمَا قَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا، قَالَ: فَلَوْ تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ وَصَامَ أَجْزَأَهُ وَلَا فِدْيَةَ وَلِوَلِيِّهِ إذَا مَاتَ أَنْ يَصُومَ وَأَنْ يُطْعِمَ، وَلَوْ قَدَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ عَلَى الصَّوْمِ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ فَالْوَجْهُ تَعَيُّنُ الصَّوْمِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ.
وَقَالَ شَيْخُنَا: يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْإِخْرَاجِ أَوْ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَقَعَ الْمَوْقِعُ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُقَالُ: إنَّ الصَّوْمَ وَاجِبٌ ابْتِدَاءً وَلَا الْفِدْيَةُ كَذَلِكَ، وَإِنْ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِيَ. قَوْلُهُ: (لِكُلِّ يَوْمٍ) وَلَهُ إخْرَاجُهُ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَتِهِ وَلَا يَصِحُّ الْإِخْرَاجُ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ. قَوْلُهُ: (فِي رَمَضَانَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ كَالرَّافِعِيِّ: وَمِثْلُهُ النَّذْرُ وَالْقَضَاءُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ يُطِقْ الصَّوْمَ) أَيْ فِي زَمَنٍ أَصْلًا فَإِنْ أَطَاقَهُ فِي زَمَنٍ وَجَبَ قَدْرَ إطَاقَتِهِ، وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ بِرَمَضَانَ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَغَيْرُهُ مِثْلُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهُمَا فِيهَا الِاسْتِقْرَارُ) وَكَذَا هُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ
. قَوْلُهُ: (الْحَامِلُ) وَلَوْ مِنْ زِنًى أَوْ بِغَيْرِ آدَمِيٍّ. وَكَذَا الْمُرْضِعُ وَلَوْ لِكَلْبٍ مُحْتَرَمٍ. وَفِي كَلَامِهِ تَغْلِيبُ الْوَلَدِ عَلَى الْحَمْلِ وَالْكُلِّيَّةُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ يُرَادُ بِهَا مُقَابَلَةُ الْمُثَنَّى بِالْمُثَنَّى فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (لَزِمَتْهُمَا مَعَ الْقَضَاءِ الْفِدْيَةُ) وَهِيَ مُدٌّ لِكُلِّ يَوْمٍ وَلَا تَتَعَدَّدُ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْوَلَدُ. وَلَا يَصِحُّ الْإِخْرَاجُ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا مَرَّ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَى مُتَحَيِّرَةٍ إلَّا لِزَمَنٍ تَتَحَقَّقُ فِيهِ عَدَمُ الْحَيْضِ كَأَنْ زَادَ فِطْرُهَا عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا فَتَخْرُجُ لِلزَّائِدِ أَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا فِيهِ الطُّهْرَ قَبْلَ التَّحَيُّرِ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَى مُسَافِرَةٍ أَفْطَرَتْ لِلسَّفَرِ لَا لِلْوَلَدِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (فِي حَقِّهِمَا) فَتَقْدِيرُ لَا فِي الْآيَةِ كَمَا سَبَقَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا فَلَا مُنَافَاةَ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِلْعِلْمِ بِهِمَا مِنْ الْمَرَضِ) أَيْ فَيَجِبُ عِنْدَ خَوْفِ ضَرَرٍ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَيَجُوزُ فِي غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ نَعَمْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ بَلْ لَوْ كَانَتْ مُتَبَرِّعَةً وَلَوْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا أَوْ كَانَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يَخْرُجَ فِي الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلرَّافِعِيِّ مِنْ قَوْلِهِ ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمُدِّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فَقِيرًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهَا تَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ. قَوْلُهُ: (فِي رَمَضَانَ) جَعَلَ الْإِسْنَوِيُّ مِثْلَهُ النَّذْرَ وَالْقَضَاءَ وَنَقَلَهُ عَنْ الرَّافِعِيِّ.
قَوْلُهُ: (لِتَخْيِيرِهِمْ) يَرْجِعُ لِلَّذِينَ مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ أَفْطَرَتَا خَوْفًا) الْخَوْفُ هُنَا كَالتَّيَمُّمِ. قَوْلُهُ: (أَيْ وَلَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَ. قَوْلُهُ: (مَعَ الْقَضَاءِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَمَنْ أَفْطَرَ لِلْكِبَرِ حَيْثُ لَا يَجِبُ إلَّا أَمْرٌ وَاحِدٌ الْقَضَاءُ أَوْ الْفِدْيَةُ، أَنَّ هَذَا الْفِطْرَ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ، فَكَذَا وَاجِبُهُ أَمْرَانِ. قَوْلُهُ: (أَخْذًا إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ الِاسْتِدْلَال بِهَذَا فَرْعٌ عَنْ عَدَمِ تَقْدِيرِ لَا، وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَا فِيمَا مَضَى عَلَى وُجُوبِ الْمُدِّ فِي حَقِّ الْكَبِيرِ، وَالْمَرِيضِ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، وَذَلِكَ فَرْعٌ عَنْ تَقْدِيرِ لَا كَمَا سَلَفَ، وَلَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ النَّفْيِ تَارَةً وَالْإِثْبَاتِ أُخْرَى فِي الْآيَةِ الْوَاحِدَةِ. قَوْلُهُ: (وَهَلْ تُفْطِرُ الْمُسْتَأْجَرَةُ إلَخْ) وَكَذَا الْمُتَبَرِّعَةُ بِالْإِرْضَاعِ تُفْطِرُ وَيَلْزَمُهَا الْقَضَاءُ وَالْفِدْيَةُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ إلَخْ) أَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِعَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُسْتَأْجَرَةِ إذَا