تَدَارُكِهِمَا الْقَوْلَانِ (قُلْت الْقَدِيمُ هُنَا أَظْهَرُ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ وَذَهَبَ إلَى تَصْحِيحِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ تَصْحِيحُ الْجَدِيدِ، وَالْحَدِيثُ الْوَارِدُ بِالْإِطْعَامِ ضَعِيفٌ أَيْ وَهُوَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعِمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ الصَّحِيحُ وَقْفُهُ عَلَى رَاوِيهِ، وَمِنْ أَحَادِيثِ الْقَدِيمِ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَتَأَوَّلَهُ وَنَحْوَهُ الْمُصَحِّحُونَ لِلْجَدِيدِ، بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَفْعَلَ وَلِيُّهُ مَا يَقُومُ مَقَامَ الصِّيَامِ، وَهُوَ الْإِطْعَامُ لِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ فِي الْحَيَاةِ، فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَالصَّلَاةِ. (وَالْوَلِيُّ) الَّذِي يَصُومُ عَلَى الْقَدِيمِ (كُلُّ قَرِيبٍ) أَيُّ قَرِيبٍ كَانَ: (عَلَى الْمُخْتَارِ) مِنْ احْتِمَالَاتٍ لِلْإِمَامِ وَهِيَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْوِلَايَةُ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ أَوْ مُطْلَقُ الْقَرَابَةِ أَوْ بِشَرْطِ الْإِرْثِ أَوْ الْعُصُوبَةِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَإِذَا فَحَصْت عَنْ نَظَائِرِهِ وَجَدْت الْأَشْبَهَ اعْتِبَارُ الْإِرْثِ اهـ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِامْرَأَةٍ قَالَتْ لَهُ: إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا صُومِي عَنْ أُمِّك» ، وَهَذَا يُبْطِلُ احْتِمَالَ وِلَايَةِ الْمَالِ وَالْعُصُوبَةِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.
(وَلَوْ صَامَ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ) عَلَى الْقَدِيمِ (صَحَّ) بِأُجْرَةٍ أَوْ دُونِهَا كَمَا فِي الْحَجِّ. (لَا مُسْتَقِلًّا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ وَالثَّانِي يَصِحُّ كَمَا يُوَفَّى دَيْنُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ
(وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ أَوْ اعْتِكَافٌ لَمْ يَفْعَلْ) ذَلِكَ. (عَنْهُ) وَلِيُّهُ
(وَلَا فِدْيَةَ) لَهُ. (وَفِي الِاعْتِكَافِ قَوْلٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَنَّهُ يَفْعَلُهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَفِي رِوَايَةٍ يُطْعِمُ عَنْهُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ بِلَيْلَتِهِ مُدًّا، وَهَذِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSتَعَيَّنَ الْإِطْعَامُ. قَوْلُهُ: (يَجُوزُ) أَيْ يُنْدَبُ إنْ لَمْ يَكُنْ تَرَكَهُ وَإِلَّا وَجَبَ. قَوْلُهُ: (وَالْكَفَّارَةُ) وَلَوْ عَنْ يَمِينٍ أَوْ تَمَتُّعٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ ظِهَارٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَيَجِبُ مِنْهَا مَا تَمَكَّنَ مِنْهُ فَلَوْ مَاتَ بَعْدَ لُزُومِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا لَزِمَ تَدَارُكُهُ الْعَشَرَةَ دُونَ مَا زَادَ، وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ فِي الصَّوْمِ إتْمَامُ كُلِّ يَوْمٍ شَرَعَ فِيهِ لَا غَيْرِهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّتَابُعُ فِي كَفَّارَةِ ظِهَارٍ مَثَلًا وَلَا فِي نَذْرٍ شَرَطَ الْمَيِّتُ تَتَابُعَهُ لِانْقِطَاعِهِ بِالْمَوْتِ.
قَوْلُهُ: (كُلُّ قَرِيبٍ) أَيْ بَالِغٍ عَاقِلٍ وَلَوْ رَقِيقًا أَوْ بَعِيدًا وَبِلَا إذْنٍ كَالْحَجِّ الْوَاجِبِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَصِحَّ نِيَابَةُ الرَّقِيقِ فِي الْحَجِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ لَمْ يَصُمْ عَنْهُ قَرِيبٌ وُزِّعَتْ التَّرِكَةُ بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَمَنْ خَصَّهُ شَيْءٌ مِنْهَا لَزِمَهُ إخْرَاجُهُ أَوْ الصَّوْمُ بَدَلَهُ بِقَدْرِهِ وَلَا بِبَعْضِ يَوْمٍ صَوْمًا وَلَا إطْعَامًا بَلْ يَجْبُرُ الْمُنْكَسِرَ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْأَقَارِبُ فِي الصَّوْمِ وَالْإِطْعَامِ أُجِيبَ مَنْ طَلَبَ الْإِطْعَامَ كَمَا يُجَابُ مَنْ طَلَبَ الْأُجْرَةَ وَيَصُومُ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ صَامَ) أَيْ أَوْ أُطْعِمَ أَجْنَبِيٌّ أَيْ مُكَلَّفٌ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ أَيْ أَوْ الْمَيِّتِ قَبْلَ مَوْتِهِ صَحَّ وَكَفَى عَنْ الْمَيِّتِ. قَوْلُهُ: (لَا مُسْتَقِلًّا) وَفَارَقَ صِحَّةَ الْحَجِّ الْوَاجِبِ عَنْهُ لِوُجُودِ النِّيَابَةِ فِيهِ فِي الْحَيَاةِ نَعَمْ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَلِيٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا أَوْ لَمْ يَأْذَنْ كَفَى إذْنُ الْحَاكِمِ لِلْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَابْنِ حَجَرٍ.
قَوْلُهُ: (وَفِي الِاعْتِكَافِ قَوْلٌ) وَفِي الصَّلَاةِ قَوْلٌ أَيْضًا وَفِيهَا وَجْهٌ أَنَّهُ يُطْعِمُ عَنْهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ مُدٌّ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَهَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّخْصِ لِنَفْسِهِ فَيَجُوزُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَفْرُوضٌ فِي الْفَائِتِ بِعُذْرٍ لِقَوْلِهِ: وَلَا إثْمَ فَلَا تَشْمَلُ الْعِبَارَةُ الْفَائِتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ هَذَا مُحَصَّلُ إشْكَالِ الْإِسْنَوِيِّ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُقْسَمَ أَعَمُّ، وَلَكِنَّ الْحُكْمَ الَّذِي فِي جَزَاءِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ مُقَيَّدٌ بِحَالَةِ الْعُذْرِ بِدَلَالَةِ نَفْيِ الْإِثْمِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَقْيِيدُ الشَّرْطِ بِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْكَفَّارَةُ) أَيْ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ، لِأَنَّهُ لَا إطْعَامَ فِيهَا بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَوِقَاعِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ بِالْمَوْتِ يَعْجِزُ عَنْ الصِّيَامِ فَيَنْتَقِلُ إلَى إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا مِنْ غَيْرِ صَوْمٍ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَظْهَرُ) نُوزِعَ فِي هَذَا بِأَنَّ الصَّحِيحَ فِي الْمَذْهَبِ مَنْعُ الصِّيَامِ بَلْ الْمَعْرُوفُ الْقَطْعُ بِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ، وُضُوءُ الْمُسْلِمِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ «صُومِي عَنْ أُمِّك» بِمَعْنَى أَطْعِمِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْمُخْتَارِ) وَجْهُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْوَلِيَّ مِنْ الْوَلْيِ، وَهُوَ الْقُرْبُ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى هُنَا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ.
فَرْعٌ: يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ الْبُلُوغُ فِيمَنْ يَصُومُ، قَالُوا فِي الْحَجِّ: لَا يَجُوزُ اسْتِنَابَةُ صَبِيٍّ وَلَا عَبْدٍ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ
قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِإِذْنِ الْوَلِيِّ) الْعِتْقُ وَالصَّدَقَةُ عَنْ الْحَيِّ هَلْ يَجُوزُ كَالْمَيِّتِ أَمْ يَمْتَنِعُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ؟ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا مُسْتَقِلًّا) يُشْكِلُ عَلَيْهِ صِحَّتُهُ فِي الْحَجِّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْحَجَّ عُهِدَ فِيهِ النِّيَابَةُ فِي الْحَيَاةِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ، وَانْظُرْ هَلْ إطْعَامُ الْأَجْنَبِيِّ كَصَوْمِهِ
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي الِاعْتِكَافِ قَوْلٌ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا كَفٌّ. قَوْلُهُ: (عَنْ كُلِّ يَوْمٍ بِلَيْلَتِهِ) كَذَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَاسْتَشْكَلَهُ وَلَدُهُ فَإِنَّ كُلَّ لَحْظَةٍ عِبَادَةٌ تَامَّةٌ، فَإِنْ قِيسَ عَلَى الصَّوْمِ فَاللَّيْلُ خَارِجٌ عَنْ الِاعْتِبَارِ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قِيلَ فِي الِاعْتِكَافِ. قَالَ الْبَغَوِيّ: جَازَ