فِي بَعْضِهِ، فَهُوَ كَالْإِغْمَاءِ فِي بَعْضِ النَّهَارِ؛ قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ.
(وَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْعِيدِ) أَيْ عِيدِ الْفِطْرِ أَوْ الْأَضْحَى «نَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الْأَضْحَى» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَكَذَا التَّشْرِيقُ) أَيْ أَيَّامُهُ الثَّلَاثَةُ بَعْدَ يَوْمِ الْأَضْحَى لَا يَصِحُّ صَوْمُهَا (فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ صِيَامِهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «أَنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» فِي الْقَدِيمِ يَجُوزُ لِلتَّمَتُّعِ الْعَادِمِ الْهَدْيِ صَوْمُهَا عَنْ الثَّلَاثَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْحَجِّ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمْ يُرَخِّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يَضْمَنَ إلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَهَذَا الْقَدِيمُ هُوَ الرَّاجِحُ دَلِيلًا أَيْ نُظِرَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يُرَخِّصْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
(وَلَا يَحِلُّ التَّطَوُّعُ) بِالصَّوْمِ (يَوْمَ الشَّكِّ بِلَا سَبَبٍ) قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.
(فَلَوْ صَامَهُ) تَطَوُّعًا بِلَا سَبَبٍ (لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلصَّوْمِ فِي الْجُمْلَةِ (وَلَهُ صَوْمُهُ عَنْ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ) وَالْكَفَّارَةِ (وَكَذَا لَوْ وَافَقَ عَادَةَ تَطَوُّعِهِ) كَأَنْ اعْتَادَ صَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَوَافَقَ أَحَدَهُمَا فَلَهُ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا لِعَادَتِهِ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُقَدِّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَتَقَدَّمُوا أَصْلَهُ تَتَقَدَّمُوا بِتَاءَيْنِ حُذِفَتْ مِنْهُ إحْدَاهُمَا تَخْفِيفًا. (وَهُوَ) أَيْ يَوْمُ الشَّكِّ. (يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ إذَا تَحَدَّثَ النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ) أَيْ بِأَنَّ الْهِلَالَ رُئِيَ لَيْلَتَهُ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ وَلَمْ يَشْهَدْ بِهَا أَحَدٌ. (أَوْ شَهِدَ بِهَا صِبْيَانٌ أَوْ عَبِيدٌ أَوْ فَسَقَةٌ) وَظُنَّ صِدْقُهُمْ أَوْ عَدْلٌ وَلَمْ نَكْتَفِ بِهِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ، أَوْ قَالَ عَدَدٌ مِنْ النِّسْوَةِ أَوْ الْعَبِيدِ أَوْ الْفُسَّاقِ قَدْ رَأَيْنَاهُ، وَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ عَنْ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ مِنْهُ. نَعَمْ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَ مَنْ قَالَ إنَّهُ رَآهُ مِمَّنْ ذُكِرَ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَغَوِيّ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــSالرَّاجِحُ دَلِيلًا) فَالْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَإِنْ نَفَرَ الْأَوَّلُ وَأَقَامَ بِمَكَّةَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: نَظَرًا إلَخْ إلَى أَنَّ مَحَلَّ رُجْحَانِ الدَّلِيلِ إذَا أُرِيدَ بِهِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي هَذَا الِاحْتِمَالِ إبْطَالٌ لِلرُّجْحَانِ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ عِنْدَ السَّبَبِ، وَمِنْهُ أَمْرُ الْإِمَامِ بِصَوْمِ الِاسْتِسْقَاءِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْقَضَاءِ) وَلَوْ لِنَذْرٍ أَوْ نَفْلٍ. قَوْلُهُ: (وَالنَّذْرِ) أَيْ الْمُطْلَقِ إذْ لَا يَصِحُّ نَذْرُ شَيْءٍ مِنْهُ بِعَيْنِهِ لِمَنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ وَلَا كَرَاهَةَ فِي صَوْمِهِ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، نَعَمْ إنْ تَحَرَّى صَوْمَهُ لِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ. قَوْلُهُ: (لِعَادَتِهِ) وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ بِمَرَّةٍ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا رَجُلٌ إلَخْ) وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ بِجَامِعِ السَّبَبِ. قَوْلُهُ: (وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ) أَيْ لَيْسَتْ مُطَبَّقَةً بِالْغَيْمِ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَظَنَّ صِدْقَهُمْ) أَيْ وَحَالُهُمْ يُشْعِرُ بِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَلَمْ نَكْتَفِ بِهِ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ شَهِدَ بِهَا صِبْيَانٌ إلَخْ) فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَدَدِ فِيهِمْ وَفِيمَنْ بَعْدَهُمْ وَأَقَلُّهُ اثْنَانِ وَمِنْ الْفَسَقَةِ الْكُفَّارِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَثْبُتْ) أَيْ لَا خُصُوصًا وَلَا عُمُومًا.
تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ هُنَا عَدَمُ صِحَّةِ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى. قَوْلُهُ: (يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُخْبَرِ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ. وَكَذَا مَنْ أَخْبَرَهُ أَيْضًا وَهَكَذَا، وَلَا يَخْرُجُ ذَلِكَ الْيَوْمُ عَنْ كَوْنِهِ يَوْمَ الشَّكِّ فِي ذَاتِهِ. قَوْلُهُ:
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَصِحُّ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُسْتَغْرِقِ، وَقَالَ: إنَّهُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ السُّكْرِ، يَعْنِي لِأَنَّ السُّكْرَ حَرَامٌ، وَهَذَا دَوَاءٌ مَأْذُونٌ فِيهِ هَذَا كَلَامٌ حَسَنٌ، إلَّا أَنَّ الْمَبْنِيَّ عَلَيْهِ أَيْضًا هُوَ الْإِغْمَاءُ غَيْرُ الْمُسْتَغْرِقِ، لِأَنَّ الْمُسْتَغْرِقَ لَمْ يَحْكِ الشَّارِحُ فِيهِ وَجْهًا بِصِحَّةِ الصَّوْمِ، ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ حَكَى فِي الْإِغْمَاءِ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا، كَالنَّوْمِ.
تَنْبِيهٌ: لَا يَصِحُّ حَمْلُ مَسْأَلَةِ الدَّوَاءِ عَلَى أَنَّ الْحَاصِلَ بِالنَّهَارِ جُنُونٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْجُنُونُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ مِنْ الشَّخْصِ يَتَرَتَّبُ حُكْمُهُ عَلَى الْإِغْمَاءِ بِالْأَوْلَى، وَلَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (عَنْ الثَّلَاثَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْحَجِّ) لَوْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ هَلْ لَهُ صَوْمُ الثَّالِثِ مِنْ السَّبْعَةِ إذَا أَقَامَ بِمَكَّةَ
. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِلَا سَبَبٍ) أَوْرَدَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى مَفْهُومِ هَذَا عَدَمَ صِحَّةِ صَوْمِهِ احْتِيَاطًا لِرَمَضَانَ. قَالَ: وَالِاحْتِيَاطُ سَبَبٌ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ سَبَبِيَّةَ الِاحْتِيَاطِ هَاهُنَا مَمْنُوعَةٌ شَرْعًا فَكَيْفَ الْإِيرَادُ فَلِذَا نَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، وَفِي نَظَرِهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَنْعَ سَبَبِيَّةِ الِاحْتِيَاطِ هُوَ مَوْضِعُ النِّزَاعِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلصَّوْمِ) أَيْ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَهُ صَوْمُهُ عَنْ الْقَضَاءِ إلَخْ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: