وَيَشْتَرِيَ السِّنَّ الْوَاجِبَةَ مَا يُبَاعُ الْمَرْهُونُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَلِلثَّالِثِ أَنَّهُ يَجُوزُ إخْرَاجُهَا مِنْ غَيْرِ الْمَالِ، وَاعْتَذَرُوا لِلْأَوَّلِ عَنْ هَذَا بِأَنَّ أَمْرَ الزَّكَاةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ وَالْإِرْفَاقِ فَيُحْتَمَلُ فِيهِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ كَالشَّاةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْإِبِلِ فَقِيلَ لَا يَجْرِي فِيهِ قَوْلُ الشَّرِكَةِ. وَالْأَصَحُّ جَرَيَانُهُ وَتَكُونُ الشَّرِكَةُ بِقَدْرِ قِيمَةِ الشَّاةِ وَهَلْ الْوَاجِبُ عَلَى قَوْلِ الشَّرِكَةِ فِي أَرْبَعِينَ شَاةً مَثَلًا شَاةٌ مُبْهَمَةٌ أَوْ جُزْءٌ مِنْ كُلِّ شَاةٍ، وَجْهَانِ يَأْتِيَانِ عَلَى قَوْلِ تَعَلُّقِ الرَّهْنِ أَيْضًا بِالْبَعْضِ.

وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: أَنَّ الْجُمْهُورَ جَعَلُوا تَعَلُّقَ الرَّهْنِ وَالذِّمَّةِ قَوْلًا وَاحِدًا فَقَالُوا: تَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَالْمَالُ مُرْتَهَنٌ بِهَا وَحِكَايَةُ قَوْلٍ رَابِعٍ أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِهِ تَعَلُّقَ الْأَرْشِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي لِسُقُوطِهَا بِتَلَفِ الْمَالِ، وَالتَّعَلُّقُ بِقَدْرِهَا مِنْهُ، وَقِيلَ: بِجَمِيعِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَأْتِي الْوَجْهَانِ فِي مَسْأَلَةِ الشِّيَاهِ السَّابِقَةِ (فَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْمَالَ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ (قَبْلَ إخْرَاجِهَا فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) أَيْ الْبَيْعِ (فِي قَدْرِهَا وَصِحَّتُهُ فِي الْبَاقِي) وَالثَّانِي بُطْلَانُهُ فِي الْجَمِيعِ، وَالثَّالِثُ صِحَّتُهُ فِي الْجَمِيعِ وَالْأَوَّلَانِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَيَأْتِيَانِ عَلَى تَعَلُّقِ الشَّرِكَةِ، وَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ أَوْ الْأَرْشِ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ. وَيَأْتِي الثَّالِثُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا. وَفِي قَوْلٍ: يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ عَلَى تَعَلُّقِ الشَّرِكَةِ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُسْتَحِقِّينَ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ فِيهِ إذْ لِلْمَالِكِ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِ مَالِهَا، وَعَلَى تَعَلُّقِ الرَّهْنِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ وَلِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَيُسَامَحُ فِيهِ بِمَا لَا يُسَامَحُ بِهِ فِي سَائِرِ الرُّهُونِ، وَعَلَى تَعَلُّقِ الْأَرْشِ يَكُونُ بِالْبَيْعِ مُخْتَارًا لِلْإِخْرَاجِ مِنْ مَالٍ آخَرَ. وَإِذَا صَحَّ فِي قَدْرِهَا فَمَا سِوَاهُ أَوْلَى، وَعَلَى تَعَلُّقِ الذِّمَّةِ يَصِحُّ بَيْعُ الْجَمِيعِ قَطْعًا.

وَلَوْ بَاعَ بَعْضَ الْمَالِ وَلَمْ يَبْقَ قَدْرُ الزَّكَاةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ الْجَمِيعَ. وَإِنْ أَبْقَى قَدْرَهَا بِنِيَّةِ الصَّرْفِ فِيهَا أَوْ بِلَا نِيَّةٍ فَعَلَى تَعَلُّقِ الشَّرِكَةِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: أَقْيَسُهُمَا الْبُطْلَانُ لِأَنَّ حَقَّ الْمُسْتَحِقِّينَ شَائِعٌ فَأَيُّ قَدْرٍ بَاعَهُ كَانَ حَقَّهُ وَحَقَّهُمْ وَالْأَوَّلُ قَالَ: مَا بَاعَهُ حَقُّهُ وَعَلَى تَعَلُّقِ الرَّهْنِ أَوْ الْأَرْشِ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ يَصِحُّ الْبَيْعُ. أَمَّا بَيْعُ مَالِ التِّجَارَةِ قَبْلَ إخْرَاجِ زَكَاتِهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSلَمْ يُشَارِكْ الْمُسْتَحِقُّ الْمَالِكَ فِيمَا حَدَثَ بَعْدَ الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ جَرَيَانُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ) أَيْ بِجُزْءٍ مِنْ الْإِبِلِ بِقَدْرِ إلَخْ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ: وَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ الثَّانِي مِنْ الْإِخْرَاجِ إذَا كَانَ نِصَابًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ مَكَثَ عِنْدَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ عَامَيْنِ لَزِمَهُ زَكَاةُ عَامٍ وَاحِدٍ وَقَدْ مَرَّ مَا يُفِيدُهُ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا الثَّانِي وَقُيِّدَ بِالْحَيَوَانِ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ بِالْجُزْءِ الشَّائِعِ فِي غَيْرِهِ لَا خِلَافَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ فِي قَدْرِهَا) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَيَبْطُلُ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ جُزْءٌ بِقَدْرِ قِيمَةِ الشَّاةِ لِمَا مَرَّ. وَشَيْخُنَا خَالَفَ فِي هَذِهِ وَأَبْطَلَهَا فِي الْجَمِيعِ، وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَيْهِ وَلَا يَنْقَلِبُ الْعَقْدُ فِيهِ صَحِيحًا لَوْ أَخْرَجَ الْوَاجِبَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَوْ رَدَّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ قَدْرَ الزَّكَاةِ فَإِنْ كَانَ مَيَّزَهُ الْبَائِعُ لَهَا أَوْ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ امْتَنَعَ تَعَلُّقُ السَّاعِي بِمَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَا.

فَرْعٌ: لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَالِ قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ تَعَيَّنَ لِكَفَّارَةٍ سَقَطَتْ زَكَاةُ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَيُزَكِّي الْبَاقِيَ إنْ بَلَغَ نِصَابًا أَوْ بَعْدَ الْحَوْلِ لَمْ يَسْقُطْ مِنْ الزَّكَاةِ شَيْءٌ. قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ الصَّرْفِ فِيهَا إلَخْ) خَرَجَ بِالنِّيَّةِ مَا لَوْ قَالَ بِاللَّفْظِ: بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْبَعِينَ شَاةً إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ لِلزَّكَاةِ أَوْ: بِعْتُك هَذَا الْحَبَّ إلَّا هَذَا الْإِرْدَبَّ مَثَلًا لِلزَّكَاةِ، أَوْ: بِعْتُك هَذَا إلَّا الْعُشْرَ أَوْ: إلَّا نِصْفَ الْعُشْرِ لِلزَّكَاةِ فَيَصِحُّ قَطْعًا.

قَوْلُهُ: (أَقْيَسُهُمَا الْبُطْلَانُ) أَيْ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِالْبَيْعِ) خَرَجَ بِهِ الْهِبَةُ مِنْهَا وَعِتْقُ رَقِيقِهَا وَالْمُحَابَاةُ فِي بَيْعِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَخْ) وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ} [الذاريات: 19] . قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُمَا خَاصَّانِ بِالْمَوَاشِي وَأَمَّا الثِّمَارُ وَالنُّقُودُ وَنَحْوُهُمَا، فَهُوَ شَائِعٌ بِلَا خِلَافٍ صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْإِطْلَاقَ. قَوْلُهُ: (وَتَعَلَّقَ الرَّهْنُ أَوْ الْأَرْشُ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْأَرْجَحَ عَلَيْهِمَا الصِّحَّةُ فِيمَا عَدَا قَدْرَ الزَّكَاةِ، وَجَعَلَ الْإِسْنَوِيُّ الْأَرْجَحَ هُوَ الصِّحَّةُ فِي الْجَمِيعِ عَلَى قَوْلِ تَعَلَّقَ الرَّهْنُ وَالْأَرْشُ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ السُّبْكِيّ، بَلْ وَفِي الرَّافِعِيِّ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ يَخْتَارُ قَوْلَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيِّ مِنْ الْبُطْلَانِ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ عَلَى تَعَلُّقِ الرَّهْنِ وَالْأَرْشِ فَيَكُونُ فِي الْبَاقِي قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ الصِّحَّةُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ عَلَى الْعِلَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ، فَهِيَ فِي غَيْرِ قَدْرِ الزَّكَاةِ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ مَالِهَا) أَيْ ثُمَّ إنْ أَخْرَجَ فَذَاكَ، وَإِلَّا انْتَزَعَ السَّاعِي مِنْ الْمُشْتَرِي قَدْرَهَا. قَوْلُهُ: (فَيُسَامَحُ فِيهِ) أَيْ فَتَصِحُّ مَعَ عَدَمِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ بِالْبَيْعِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَعَلَى تَعَلُّقِ الْأَرْشِ. قَوْلُهُ: (أَقْيَسُهُمَا الْبُطْلَانُ) أَيْ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ مِنْ الْبَيْعِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ التَّعَلُّقَ شَائِعٌ أَوْ مُبْهَمٌ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فِي التَّعْلِيلَيْنِ. قَوْلُهُ: (يَصِحُّ الْبَيْعُ) ظَاهِرُهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي جَمِيعِ الْمَبِيعِ، وَهُوَ يُخَالِفُ مَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015