يَسْتَرِدُّهَا مَعَ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ الْمُوَقَّعُ كَأَنَّ الْقَابِضَ لَمْ يَمْلِكْهُ فِي الْحَقِيقَةِ. أَمَّا الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ كَالسَّمْنِ وَالْكِبَرِ فَتَتْبَعُ الْأَصْلَ فَيَسْتَرِدُّهُ مَعَهَا
(وَتَأْخِيرُ الزَّكَاةِ) أَيْ أَدَائِهَا (بَعْدَ التَّمَكُّنِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ (يُوجِبُ الضَّمَانَ) لَهَا (إنْ تَلِفَ الْمَالُ) الْمُزَكَّى لِتَقْصِيرِهِ بِحَبْسِ الْحَقِّ عَنْ مُسْتَحِقِّهِ (وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ) بَعْدَ الْحَوْلِ (فَلَا) ضَمَانَ لِانْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ (وَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ) قَبْلَ التَّمَكُّنِ وَبَقِيَ بَعْضُهُ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَغْرَمُ قِسْطَ مَا بَقِيَ) وَالثَّانِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّمَكُّنَ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ، فَإِذَا تَلِفَ وَاحِدٌ مِنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَفِي الْبَاقِي أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الثَّانِي (وَإِنْ أَتْلَفَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ) لِتَقْصِيرِهِ بِإِتْلَافِهِ
(وَهِيَ) أَيْ الزَّكَاةُ (تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ) الَّذِي تَجِبُ فِي عَيْنِهِ (تَعَلُّقَ الشَّرِكَةِ) بِقَدْرِهَا (وَفِي قَوْلٍ تَعَلُّقَ الرَّهْنِ) بِقَدْرِهَا مِنْهُ وَقِيلَ: بِجَمِيعِهِ (وَفِي قَوْلٍ) تَتَعَلَّقُ (بِالذِّمَّةِ) كَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ إخْرَاجِهَا أَخَذَهَا الْإِمَامُ مِنْ مَالِهِ قَهْرًا، كَمَا يَقْسِمُ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ قَهْرًا إذَا امْتَنَعَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ مِنْ قِسْمَتِهِ. وَلِلثَّانِي أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهَا وَلَمْ تُوجَدْ السِّنُّ الْوَاجِبَةُ فِي مَالِهِ كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبِيعَ بَعْضَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي ذَاتِهَا. قَوْلُهُ: (كَالسَّمْنِ) قَالَ شَيْخُنَا وَكَذَا الْحَمْلُ.
قَوْلُهُ: (أَدَائِهَا إلَى إخْرَاجِهَا) فَالْغَايَةُ صَحِيحَةٌ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْحَوْلِ) وَكَذَا قَبْلَهُ بِتَقْصِيرٍ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ) الَّذِي هُوَ الْمَرْجُوحُ. قَوْلُهُ: (وَاحِدٌ مِنْ خَمْسٍ) وَمِثْلُهُ خَمْسٌ مِنْ تِسْعٍ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ أَنَّ الْوَقَصَ عَفْوٌ بِخِلَافِ أَرْبَعٍ مِنْهَا فَيَجِبُ شَاةٌ يُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهَا لِأَنَّهَا قِسْطُ الْخَمْسَةِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ أَتْلَفَهُ) أَيْ الْمَالِكُ، وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ لَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ أَيْضًا لِأَنَّهُ ضَامِنٌ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لَهَا كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْعَبْدُ الْجَانِي الْمَرْهُونَ.
قَوْلُهُ: (تَعَلُّقَ الشَّرِكَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ سَوَاءٌ فِي الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (فَيُحْتَمَلُ فِيهِ إلَخْ) وَلِهَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِتَقْصِيرِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا كَمَا لَوْ أَخَّرَ لِانْتِظَارِ قَرِيبٍ، وَأَجَارَ أَوْ لِلشَّكِّ فِي حَالِ الْمُسْتَحِقِّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ تَلِفَ) زَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ خَطَأٌ سَوَاءٌ جَعَلْت يُوجِبُ بِمَعْنَى يَقْتَضِي أَوْ يُكَلِّفُ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي اشْتِرَاكَ مَا بَعْدَ إنْ وَمَا قَبْلَهَا فِي الْحُكْمِ وَيَكُونُ مَا بَعْدَهَا أَوْلَى بِعَدَمِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ التَّلَفَ هُوَ مَحَلُّ الضَّمَانِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَالْوَاجِبُ الْأَدَاءُ، وَثَبَتَ مَعَ ذَلِكَ أَيْضًا دُخُولُهَا فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَغْرَمَ لَوْ تَلِفَ قَالَ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ اهـ. أَقُولُ لَا خَفَاءَ أَنَّ إيجَابَ الضَّمَانِ بِالتَّأْخِيرِ لَهُ ثَمَرَاتٌ، مِنْهَا تَكْلِيفُ الْمَالِكِ الْإِخْرَاجَ عِنْدَ التَّلَفِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ وَمِنْهَا تَكْلِيفُهُ إيَّاهُ لَوْ عَرَضَ لَهُ حَائِلٌ دُونَ الْمَالِ مِنْ غَيْبَةٍ، أَوْ ضَلَالٍ أَوْ يَدٍ عَادِيَةٍ أَوْ إتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ، وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ حَالَةَ تَلَفِهِ بِآفَةٍ الَّتِي هِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ أَوْلَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَتَحَصَّلْ فِيهَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ بِخِلَافِهِ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يَرْجُو الْعَوْدَ وَالْأَجْنَبِيُّ ضَامِنٌ فَهُوَ مُخْطِئٌ فِيمَا خَطَّأَ النَّوَوِيَّ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّمَكُّنَ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ فَقَطْ، وَهُوَ الرَّاجِحُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ الْحَوْلِ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ، وَلَوْلَا الْوُجُوبُ لَسَقَطَتْ، وَاحْتَجَّ كَثِيرُونَ بِأَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ الْإِمْكَانُ مُدَّةً فَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ الثَّانِي مِنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ لَا مِنْ وَقْتِ الْإِمْكَانِ، فَلَوْ كَانَ الْإِمْكَانُ هُوَ وَقْتُ الْوُجُوبِ لَكَانَ بَيْنَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ دُونَ حَوْلٍ اهـ.
وَمَنْ جَعَلَهُ شَرْطًا لِلْوُجُوبِ قَاسَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ قِيَاسُ قَوْلِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ الْحَوْلِ الثَّانِي مِنْ الدَّفْعِ إذَا كَانَ نِصَابًا فَقَطْ اهـ. قُلْت كَأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كَالشَّرِكَةِ الْحَقِيقِيَّةِ بِدَلِيلِ الْفَوْزِ بِالنَّمَاءِ لَمْ يَنْظُرُوا لِذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الزَّرْكَشِيّ مَا يَشْهَدُ لِلْإِسْنَوِيِّ وَهُوَ لَوْ مَكَثَ عِنْدَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ سَنَتَيْنِ لَزِمَهُ زَكَاةُ عَامٍ وَاحِدٍ، لَكِنَّ مَسْأَلَةَ تَلَفِ الْبَعْضِ السَّابِقَةَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَلِذَا قَيَّدَ الشَّارِحُ فِيمَا سَلَفَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ الْحَوْلِ) صَرَّحَ بِهِ هُنَا لِأَنَّ الْحُكْمَ هُنَا عَدَمُ الْإِسْقَاطِ، وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِهِ فِيمَا سَلَفَ، فَإِنَّ الْحُكْمَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَهُوَ جَارٍ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَهُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَهُمَا قَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الثَّانِي
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهِيَ إلَخْ) سُقُوطُ الزَّكَاةِ بِتَلَفِ الْمَالِ بَعْدَ الْحَوْلِ، وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعَيْنِ دُونَ الذِّمَّةِ فَلَمَّا جَرَى ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَسُنَ الْبَحْثُ عَنْ وَجْهِ ذَلِكَ التَّعَلُّقِ. قَوْلُهُ: (بِقَدْرِهَا مِنْهُ) يَعْنِي مِقْدَارَهَا مِنْ الْمَالِ كَالْمَرْهُونِ بِهَا قَوْلُ الْمَتْنِ (وَفِي قَوْلٍ بِالذِّمَّةِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ، وَهُوَ أَضْعَفُهَا وَأَنْكَرَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ. قَوْلُهُ: (وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ