وُجُوبِ فِطْرَتِهَا عَلَيْهِ الْوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ مُدَّةِ التَّخَلُّفِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْآتِي فِي بَابِهِ، وَفِي وُجُوبِهَا عَلَى الْمُرْتَدِّ الْأَقْوَالُ فِي بَقَاءِ مِلْكِهِ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ إنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ تَبَيَّنَّا بَقَاءَهُ فَتَجِبُ وَإِلَّا فَلَا. ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَلَا) فِطْرَةَ عَلَى (رَقِيقٍ) أَمَّا غَيْرُ الْمُكَاتَبِ فَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَفِطْرَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ قِنًّا كَانَ أَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُعَلَّقَ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ. وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلِضَعْفِ مِلْكِهِ وَلَا فِطْرَةَ عَلَى سَيِّدِهِ عَنْهُ لِنُزُولِهِ مَعَهُ مَنْزِلَةَ الْأَجْنَبِيِّ. وَقِيلَ: تَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ (وَفِي الْمُكَاتَبِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ وَفِطْرَةُ زَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ فِي كَسْبِهِ كَنَفَقَتِهِمْ (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ يَلْزَمُهُ) مِنْهُ الْفِطْرَةُ (قِسْطُهُ) مِنْ الْحُرِّيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِ بَعْضِهِ مُهَايَأَةٌ. وَكَذَا يَلْزَمُ كُلًّا مِنْ شَرِيكَيْنِ فِي عَبْدٍ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ فَإِنْ كَانَتْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اخْتَصَّتْ الْفِطْرَةُ بِمَنْ وَقَعَ زَمَنُ وُجُوبِهَا فِي نَوْبَتِهِ. وَقِيلَ يُوَزَّعُ بَيْنَهُمَا كَمَا سَبَقَ

(وَلَا) فِطْرَةَ عَلَى (مُعْسِرٍ) وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ (فَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ مَنْ فِي نَفَقَتِهِ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمِهِ شَيْءٌ) يُخْرِجُهُ فِي الْفِطْرَةِ (فَمُعْسِرٌ) بِخِلَافِ مَنْ فَضَلَ عَنْهُ مَا يُخْرِجُهُ فِيهَا مِنْ أَيِّ جِنْسٍ كَانَ مِنْ الْمَالِ فَهُوَ مُوسِرٌ لَكِنْ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ: (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ) أَيْ الْفَاضِلِ عَمَّا ذُكِرَ (فَاضِلًا عَنْ مَسْكَنٍ) يَحْتَاجُ إلَيْهِ (وَخَادِمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) وَهَذَا فِي الِابْتِدَاءِ فَلَوْ ثَبَتَتْ الْفِطْرَةُ فِي ذِمَّةِ إنْسَانٍ بِعْنَا خَادِمَهُ وَمَسْكَنَهُ فِيهَا لِأَنَّهَا بَعْدَ الثُّبُوتِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSبَعْضِهِمْ فِيهِ. وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ لَزِمَهُ فِطْرَةُ أَرْبَعٍ فَقَطْ لِأَنَّ وُجُوبَ نَفَقَةِ مَنْ زَادَ عَلَيْهَا لِحَبْسِهِ لَا لِلزَّوْجِيَّةِ. كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ. وَأَمَّا فِطْرَةُ الْبَاقِيَاتِ مِنْهُنَّ فَعَلَيْهِنَّ وَيَتَمَيَّزْنَ عِنْدَ الِاخْتِيَارِ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الصَّحِيحُ) فَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لُزُومُ الْفِطْرَةِ وَفِي النِّيَّةِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَفِي وُجُوبِهَا عَلَى الْمُرْتَدِّ) عَنْ نَفْسِهِ وَعَمَّنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَفِي وُجُوبِهَا عَنْهُ أَيْضًا أَقْوَالٌ أَصَحُّهَا إنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ تَبَيَّنَ بَقَاءُ مِلْكِهِ وَإِسْلَامُهُ فَتَجِبُ عَلَيْهِ وَعَنْهُ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا وَفِيهِ بَحْثٌ يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِيمَنْ أَسْلَمَ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا حَالَ رِدَّتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ تَبَيَّنَ إجْزَاؤُهَا وَإِلَّا تَبَيَّنَ عَدَمُ إجْزَائِهَا. قَوْلُهُ: (فَلِضَعْفِ مِلْكِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ فَلَا فِطْرَةَ عَلَيْهِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ كَوَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ. وَكَذَا لَا فِطْرَةَ عَلَى سَيِّدِهِ عَنْهُ أَيْ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَإِلَّا وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ جَزْمًا وَلَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ. قَوْلُهُ: (قِسْطُهُ) أَيْ إنْ أَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَزِمَهُ فِطْرَةٌ كَامِلَةٌ عَمَّنْ فِي نَفَقَتِهِ كَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ، وَإِنْ تَعَدَّدَا. قَوْلُهُ: (مِنْ الشَّرِيكَيْنِ) أَوْ الشُّرَكَاءِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ مُهَايَأَةً فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ هُمَا مَسْأَلَةُ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ وَمَسْأَلَةُ الشُّرَكَاءِ. قَوْلُهُ: (اخْتَصَّتْ) أَيْ اخْتَصَّ وُجُوبُهَا بِمَنْ وَقَعَ زَمَنُ وُجُوبِهَا فِي نَوْبَتِهِ، وَزَمَنُ وُجُوبِهَا جُزْءٌ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَجُزْءٌ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ شَوَّالٍ، فَلَوْ كَانَتْ الْمُهَايَأَةُ يَوْمًا وَيَوْمًا أَوْ شَهْرًا وَشَهْرًا فَكَعَدِمِهَا فَتَجِبُ بِالْقِسْطِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ) وَلَوْ فِي لَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ يَوْمِهِ نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ فِي هَذِهِ الْإِخْرَاجِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ: وَيَقَعُ وَاجِبًا كَمَا لَوْ تَكَلَّفَ الْمُعْسِرُ، وَأَخْرَجَ، وَفِيهِ بَحْثٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ مَنْ فِي نَفَقَتِهِ) وَفِي ذِكْرِ مِنْ تَغْلِيبِ الْعَاقِلِ عَلَى غَيْرِهِ لِشُمُولِهِ لِلدَّوَابِّ، وَكَالْقُوتِ دَسْتُ ثَوْبٍ يَلِيقُ بِهِ وَبِمَنْ فِي نَفَقَتِهِ. وَكَذَا مَا اُعْتِيدَ مِنْ نَحْوِ سَمَكٍ وَكَعْكٍ وَنَقْلٍ وَغَيْرِهَا، وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمَالِ) وَمِنْهُ أُجْرَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فِي الْمُؤَجَّرِ وَخَرَجَ بِهِ الْكَسْبُ فَلَا يُعْتَبَرُ وَمِنْ الْمَالِ الْمُؤَجَّرِ وَالْمَرْهُونِ، فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ، وَلَوْ تَوَقَّفَ إخْرَاجُهَا عَنْهُمَا أَوْ عَنْ غَيْرِهِمَا عَلَى بَيْعِ جُزْءٍ مِنْ أَحَدِهِمَا فَهَلْ يُبَاعُ قَهْرًا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ أَوْ تُؤَخَّرُ إلَى زَوَالِ الْحَقِّ وَيُعْذَرُ الْمَالِكُ بِتَأْخِيرِهَا أَوْ يُكَلَّفُ الِاقْتِرَاضَ وَالْإِخْرَاجَ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ. وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ تَيَسَّرَ ذَلِكَ بِلَا مَشَقَّةٍ وَرَضِيَ صَاحِبُ ذَلِكَ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا، رَاجِعْهُ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْمَالُ الْغَائِبُ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَالْمَعْدُومِ لِقَوْلِ الشَّيْخَيْنِ بِجَوَازِ أَخْذِ صَاحِبِهِ مِنْ الزَّكَاةِ وَتَرَدَّدَ فِيهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (يَحْتَاجُ إلَيْهِ) هُوَ قَيْدٌ فِي الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْحَاجَةِ فِي الْمَلْبَسِ أَيْضًا وَشَمِلَتْ الْحَاجَةُ مَا لَوْ كَانَتْ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمُمَوِّنِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْحَاجَةِ فِي الْخَادِمِ أَنْ تَكُونَ لِنَحْوِ زَمَانَةٍ، أَوْ مَنْصِبٍ لَا لِنَحْوِ رَعْيِ مَاشِيَةٍ، وَفِي الْمَسْكَنِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَتْنِ. قَوْلُهُ: (وَلَا فِطْرَةَ عَلَى سَيِّدِهِ) وَلَوْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ فَاسِدَةً وَجَبَ عَلَى السَّيِّدِ فِطْرَتُهُ دُونَ نَفَقَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِطْرَةُ زَوْجَتِهِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِطْرَتُهُ. قَوْلُهُ: (يَلْزَمُهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِمَنْ مِنْ قَوْلِهِ وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ) بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَنْ فِي نَفَقَتِهِ) لَوْ قَالَ الَّذِي بَدَّلَ مَنْ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الدَّوَابَّ، وَقَوْلُهُ لَيْلَةَ الْعِيدِ أَيْ تَفْرِيعًا عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَقْوَالِ الْوُجُوبِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ. نَعَمْ يُتَّجَهُ عَلَيْهِمَا اعْتِبَارُ اللَّيْلَةِ الَّتِي تَلِيهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَنْ مَسْكَنٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015