وَالثَّالِثُ بِهِمَا (فَتُخْرَجُ) عَلَى الْأَوَّلِ (عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ الْغُرُوبِ دُونَ مَنْ وُلِدَ) بَعْدَهُ وَلَا تُخْرَجُ عَلَى الْآخَرِينَ عَنْ الْمَيِّتِ، وَتُخْرَجُ عَلَى الثَّانِي عَنْ الْمَوْلُودِ وَيَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ إخْرَاجِهَا عَنْهُ عَلَى الْأَوَّلِ انْتِفَاءُ إخْرَاجِهَا عَنْهُ عَلَى الثَّالِثِ (وَيُسَنُّ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ صَلَاتِهِ) أَيْ الْعِيدِ بِأَنْ تُخْرَجَ قَبْلَهَا فِي يَوْمِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَدَلِيلُهُ مَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ.» (وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْمِهِ) أَيْ الْعِيدِ فَيَجُوزُ إخْرَاجُهَا فِيهِ بَعْدَ صَلَاتِهِ وَإِذَا أُخِّرَتْ عَنْهُ تُقْضَى (وَلَا فِطْرَةَ عَلَى كَافِرٍ) لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (إلَّا فِي عَبْدِ) الْمُسْلِمِ (وَقَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ) فَتَجِبُ عَلَيْهِ عَنْهُمَا (فِي الْأَصَحِّ) الْمَبْنِيُّ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ثُمَّ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْمُؤَدِّي. وَالثَّانِي: وَهُوَ عَدَمُ الْوُجُوبِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدِّي عَنْ غَيْرِهِ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا. وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْإِمَامُ: لَا صَائِرَ إلَى أَنَّ الْمُتَحَمَّلَ عَنْهُ يَنْوِي وَالْكَافِرُ لَا تَصِحُّ مِنْهُ النِّيَّةُ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَمَةَ كَالْعَبْدِ.

وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِالْمُسْتَوْلَدَةِ وَلَوْ أَسْلَمَتْ ذِمِّيَّةٌ تَحْتَ ذِمِّيٍّ وَدَخَلَ وَقْتُ وُجُوبِ الْفِطْرَةِ وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ فِي الْعِدَّةِ فَفِي

ـــــــــــــــــــــــــــــSلِأَنَّهُمَا سَبَبُ الْوُجُوبِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ الْغُرُوبِ) يَقِينًا وَلَوْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِهَا لِتَعَلُّقِهَا بِالذِّمَّةِ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْمَالِ وَخَرَجَ مَنْ مَاتَ مَعَ الْغُرُوبِ لِعَدَمِ إدْرَاكِهِ الْجُزْءَ الثَّانِي، وَمَا لَوْ شَكَّ فِيهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ: (مَنْ وُلِدَ بَعْدَهُ) وَلَوْ احْتِمَالًا وَكَذَا مَعَهُ لِعَدَمِ إدْرَاكِ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ يَقِينًا وَالْعِبْرَةُ بِتَمَامِ الِانْفِصَالِ لَا بِمَا قَبْلَهُ، وَإِنْ سَبَقَ عَلَى الْغُرُوبِ.

فَرْعٌ: لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا مَعَ أَوَّلِ الْغُرُوبِ فَلَا زَكَاةَ عَنْهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَوْ قَبْلَهُ فَعَلَى الْعَتِيقِ، نَعَمْ إنْ أَقَرَّ بَعْدَهُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَهُ فَعَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي نَقْلَهَا وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا. وَلَوْ وَقَعَ بَيْعُ الْعَبْدِ مَعَ الْغُرُوبِ فَلَا زَكَاةَ عَنْهُ عَلَى وَاحِدٍ، وَلَوْ وَقَعَ الْجُزْءَانِ فِي زَمَنِ خِيَارٍ لَهُمَا فَعَلَى مَنْ تَمَّ لَهُ الْمِلْكُ أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَعَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ لَهُ الْمِلْكُ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ صَلَاتِهِ) أَيْ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا الْغَالِبِ وَهُوَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِقَدْرِ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَاتٍ، نَعَمْ يُنْدَبُ تَأْخِيرُهَا عَنْهَا وَلَوْ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ لَا عَنْهُ، لِانْتِظَارِ نَحْوِ قَرِيبٍ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ إخْرَاجَهَا حَالَةَ الصَّلَاةِ وَبَعْدَ الْخُرُوجِ إلَيْهَا وَالدَّلِيلُ الْمَذْكُورُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ لَا يَفِي بِذَلِكَ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ إلَى بِمَعْنَى مِنْ. قَوْلُهُ: (فِي يَوْمِهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ إخْرَاجِهَا لَيْلًا نَعَمْ لَوْ شَهِدُوا بَعْدَ الْغُرُوبِ بِرُؤْيَتِهِ بِالْأَمْسِ فَإِخْرَاجُهَا لَيْلًا أَفْضَلُ، قَالَهُ شَيْخُنَا كَشَيْخِهِ الْبُرُلُّسِيِّ. وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ إخْرَاجِهَا فِيهِ حِينَئِذٍ لَمْ يَبْعُدْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْمِهِ) وَلَوْ لِنَحْوِ قَرِيبٍ.

قَوْلُهُ: (تُقْضَى) لِأَنَّ زَمَنَهَا الْمُقَدَّرَ لَهَا قَدْ فَاتَ، وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ زَكَاةَ الْمَالِ وَيَجِبُ الْعَزْمُ فِي قَضَائِهَا إنْ لَمْ يُعْذَرْ فِي تَأْخِيرِهَا كَغَيْبَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ غَيْبَةِ مَالِهِ فِي دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لِأَنَّ غَيْبَتَهُ فِيهَا سَقَطَ لَهَا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَلَا فِطْرَةَ عَلَى كَافِرٍ) أَيْ عَنْ كَافِرٍ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ) وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِمَالِهِ، وَيَتَحَمَّلُهَا غَيْرُهُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) فَيَكْفِي عِنْدَهُ الْإِخْرَاجُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْهُ، وَنُقِلَ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وُجُوبُ النِّيَّةِ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهَا لِلتَّمْيِيزِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَالْمُسْتَوْلَدَةُ) أَيْ وَلَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ. قَوْلُهُ: (فِي الْعِدَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِدَخَلَ وَقْتٌ فَيُفِيدُ وُجُوبَهَا عَلَيْهِ عَنْهَا وَإِنْ أَصَرَّ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ، وَلَا نَظَرَ لِمُنَازَعَةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرْضٌ مَعْنَاهُ وَاجِبٌ، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ ذَلِكَ بَعْدُ وَمِنْ مَجِيءِ عَلَى بِمَعْنَى عَنْ، قَوْلُ الشَّاعِرِ:

إذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ) أَيْ لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى الْفِطْرِ مِنْ الْحَدِيثِ، وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهَا قُرْبَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعِيدِ، فَكَانَتْ كَالْأُضْحِيَّةِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ وَقْتَ الْعِيدِ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَا الْفَجْرِ، وَوَجْهُ الثَّالِثِ اعْتِبَارُ الشَّيْئَيْنِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَمْرَيْنِ، وَوَجَّهَهُ الْقَاضِي بِأَنَّ حَقِيقَةَ الْفِطْرِ، إنَّمَا تَحْصُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ إذْ اللَّيْلُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلصَّوْمِ، فَاشْتُرِطَ كِلَا الطَّرَفَيْنِ أَحَدُهُمَا لِدُخُولِ وَقْتِ الْفِطْرِ وَالْآخَرُ لِتَحَقُّقِهِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ الْغُرُوبِ) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْإِخْرَاجِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَ الْمُؤَدِّي مِنْهُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَتَلَفِ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدَ قَبْلَ الْغُرُوبِ بَعْدَ أَنْ زَكَّى عَنْهُ، لَزِمَتْ الْمُشْتَرِيَ وَشَرْطُ الْإِخْرَاجِ عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَقْتَ الْغُرُوبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ صَلَاتِهِ) أَيْ عَنْ أَوَّلِهَا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ تُخْرَجَ قَبْلَهَا فِي يَوْمِهِ) أَيْ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ إخْرَاجِهَا لَيْلًا، لَكِنْ لَوْ شَهِدُوا بَعْدَ الْغُرُوبِ بِرُؤْيَتِهِ فِي الْمَاضِيَةِ فَقَدْ سَلَفَ أَنَّ الْعَبْدَ يُصَلِّي مِنْ الْغَدِ أَدَاءً، فَهَلْ يُقَالُ بِاسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِ الْفِطْرَةِ أَمْ الْمُبَادَرَةِ أَوْلَى الظَّاهِرُ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (أَمْ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا الصَّارِفُ لِهَذَا الْأَمْرِ عَنْ الْوُجُوبِ.

قَوْلُهُ: (الْمُسْلِمِ) يُرِيدُ أَنَّ عِبَارَةَ الْمَتْنِ فِيهَا حَذْفٌ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَسْلَمَتْ ذِمِّيَّةٌ) هِيَ وَارِدَةٌ عَلَى الْحَصْرِ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015