الْوُجُوبُ وَلَوْ كَانَ الِانْكِسَارُ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِعْمَالَ فَلَا تَأْثِيرَ لَهُ

(يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ حُلِيُّ الذَّهَبِ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» . صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ (إلَّا الْأَنْفُ وَالْأُنْمُلَةُ) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ وَالْهَمْزَةِ (وَالسِّنُّ) فَيَجُوزُ اتِّخَاذُهَا لِمَنْ قُطِعَ أَنْفُهُ أَوْ أُنْمُلَتُهُ أَوْ قُلِعَتْ سِنُّهُ (لَا الْأُصْبُعُ) فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «أَنَّ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ بِضَمِّ الْكَافِ اسْمٌ لِمَاءٍ كَانَتْ الْوَقْعَةُ عِنْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَقِيسَ عَلَى الْأَنْفِ الْأُنْمُلَةُ وَالسِّنُّ وَتَجْوِيزُ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْلَى. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأُنْمُلَةِ وَالْأُصْبُعِ أَنَّهَا تَعْمَلُ بِخِلَافِ الْأُصْبُعِ وَالْيَدِ فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُمَا مِنْ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَجُوزُ (وَيَحْرُمُ سِنُّ الْخَاتَمِ) مِنْ ذَهَبٍ عَلَى الرَّجُلِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَقَالَ الْإِمَامُ لَا يَبْعُدُ تَشْبِيهُ الْقَلِيلِ مِنْهُ بِالضَّبَّةِ الصَّغِيرَةِ فِي الْإِنَاءِ وَعَبَّرَ بِتَطْوِيقِ الْخَاتَمِ بِأَسْنَانِهِ. وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْخَاتَمَ أَلْزَمَ الشَّخْصَ مِنْ الْإِنَاءِ وَاسْتِعْمَالُهُ أَدْوَمُ (وَيَحِلُّ لَهُ مِنْ الْفِضَّةِ الْخَاتَمُ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَحِلْيَةُ آلَاتِ الْحَرْبِ كَالسَّيْفِ وَالرُّمْحِ وَالْمِنْطَقَةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالدِّرْعِ وَالْخُفِّ وَأَطْرَافِ السِّهَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَغِيظُ الْكُفَّارَ (لَا مَا لَا يَلْبَسُهُ كَالسَّرْجِ وَاللِّجَامِ) وَالرِّكَابِ وَالثُّفْرِ وَبُرَّةِ النَّاقَةِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَلْحَقُهُ بِالْأَوَّلِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ تَحْلِيَةُ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ بِالذَّهَبِ (وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ حِلْيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ) بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ، وَلَيْسَ لَهَا التَّشَبُّهُ بِهِمْ وَإِنْ جَازَ لَهَا الْمُحَارَبَةُ بِآلَةِ الْحَرْبِ فِي الْجُمْلَةِ (وَلَهَا لُبْسُ أَنْوَاعِ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) كَالطَّوْقِ وَالْخَتْمِ وَالسِّوَارِ وَالْخَلْخَالِ. وَكَذَا النَّعْلُ وَقِيلَ: لَا لِلسَّرَفِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSهَذَا مَا مَرَّ بِدَوَامِ الْإِبَاحَةِ هُنَا بِخِلَافِ ذَاكَ لِابْتِدَاءِ مِلْكِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَرْجَحُهُمَا الْوُجُوبُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَعَمْ لَوْ قَصَدَ حِينَ عِلْمِهِ إصْلَاحَهُ فَلَا زَكَاةَ، فَالْمُعْتَبَرُ فِي غَيْرِ الِاتِّخَاذِ قَصْدُ الْمُبِيحِ وَفِيهِ عَدَمُ قَصْدِ الْمُحَرَّمِ.

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ) وَمِثْلُهُ الْخُنْثَى.

قَوْلُهُ: (وَالْأُنْمُلَةُ) لَامُهَا لِلْجِنْسِ فَيَشْمَلُ مَا عَدَا الْأَسَافِلَ لِأَنَّهَا لَا تَعْمَلُ، وَلِذَلِكَ يَمْتَنِعُ الْكُلُّ فِي الْأُصْبُعِ الْأَشَلِّ، وَلَامُ السِّنِّ لِلْجِنْسِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لَا الْأُصْبُعُ) أَيْ لِلرَّجُلِ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَصَرِيحُ عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (الْخَاتَمِ) فَيَجُوزُ لُبْسُهُ بَلْ يُسَنُّ وَكَوْنُهُ فِي خِنْصَرِ الْيَمِينِ أَفْضَلُ، وَلَهُ الْخَتْمُ بِهِ لَوْ نَقَشَ عَلَيْهِ اسْمَهُ مَثَلًا، وَلَا كَرَاهَةَ فِي نَقْشِهِ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهِ، وَيُسَنُّ جَعْلُ فَصِّهِ دَاخِلَ الْكَفِّ وَالْعِبْرَةُ فِي قَدْرِهِ وَعَدَدِهِ وَمَحَلِّهِ بِعَادَةِ أَمْثَالِهِ فَفِي الْفَقِيهِ الْخِنْصَرُ وَحْدَهُ، وَفِي الْعَامِّيِّ نَحْوُ الْإِبْهَامِ مَعَهُ. وَخَرَجَ بِهِ الْخَتْمُ فَيَحْرُمُ وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ

كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ: مُحَمَّدٌ سَطْرٌ أَسْفَلُ، وَرَسُولُ سَطْرٌ أَوْسَطُ، وَاَللَّهِ سَطْرٌ أَعْلَى. وَمَتَى خَالَفَ عَادَةَ أَمْثَالِهِ كُرِهَ أَوْ حَرُمَ، وَتَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ فِيهِمَا، وَلَهُ اتِّخَاذُ خَوَاتِمَ مُتَعَدِّدَةٍ لِيَلْبَسَ كُلَّ بَعْضٍ مِنْهَا فِي وَقْتٍ، وَلَا زَكَاةَ فِيهَا حِينَئِذٍ فَإِنْ لَبِسَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ عَادَتِهِ أَوْ قَصَدَ ذَلِكَ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ. وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ غَيْرِ الْفِضَّةِ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَحِلْيَةُ آلَاتِ الْحَرْبِ) تَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ الْفِضَّةِ فَقَطْ وَلَوْ غَيْرَ مُقَاتِلٍ. وَمِنْهَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ السِّهَامُ وَالدِّرْعُ وَالْخُفُّ. وَكَذَا الْخُوذَةُ وَالْبَيْضَةُ وَالْحَرْبَةُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَالتَّحْلِيَةُ قِطَعٌ كَالصَّفَائِحِ تُسَمَّرُ عَلَى الْآلَاتِ غَيْرَ مَضْرُوبَةٍ، وَتَحِلُّ بِالنَّقْدِ الْمَضْرُوبِ إنْ جَعَلَ لَهَا عُرًى، وَإِلَّا فَلَا تَحِلُّ وَتَجِبُ زَكَاتُهَا وَتَحِلُّ بِالتَّمْوِيهِ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ حَصَلَ مِنْهَا شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ. قَوْلُهُ: (وَالْمِنْطَقَةِ) أَيْ تَحِلُّ لِلرَّجُلِ فَقَطْ. وَكَذَا تَحْلِيَةُ التَّاجِ لِلْمَرْأَةِ لَا لِلرَّجُلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَفَارَقَ الْمِنْطَقَةَ لِأَنَّ فِيهَا تَنْشِيطًا وَتَقْوِيَةً لِلْبَدَنِ. نَعَمْ يُرَدُّ حِلُّ الْخُفِّ وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ تَحْلِيَةُ سِكِّينِ الْمِهْنَةِ وَالْمِقْلَمَةِ وَالْمِرْآةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالدَّوَاةِ وَالْمِقْرَاضِ. قَوْلُهُ: (كَالسَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَالرِّكَابِ) وَبُرَّةِ الْبَعِيرِ وَاللَّبَبِ وَالْقِلَادَةِ وَتَعْبِيرُهُ بِالسَّرْجِ يُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْخَيْلِ، بِخِلَافِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ فَيَحْرُمُ جَزْمًا، وَبِهِ صَرَّحَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ. قَوْلُهُ: (وَلَهَا لُبْسُ) أَيْ لَا افْتِرَاشُ وَلَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفِضَّةُ

قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ اتِّخَاذُهَا) يَجُوزُ أَيْضًا شَدُّهَا بِهِ إذَا تَحَرَّكَتْ ثُمَّ كُلُّ مَا جَازَ بِالذَّهَبِ، فَهُوَ بِالْفِضَّةِ أَجْوَزُ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (كَانَتْ الْوَاقِعَةُ عِنْدَهُ) يَعْنِي بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ قَالَ الشَّاعِرُ:

إنَّ الْكِلَابَ مَاؤُنَا فَحَلُّوهُ

قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ) أَشَارَ بِالْفَاءِ إلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مُسْتَفَادٌ مِنْ التَّعْلِيلِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمَسْأَلَةُ الْفِضَّةِ لَا تُؤْخَذُ مِنْ الْكِتَابِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْإِمَامُ) هُوَ مُقَابِلُ الصَّحِيحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحِلُّ لَهُ مِنْ الْفِضَّةِ الْخَاتَمُ) بَلْ هُوَ سُنَّةٌ لِلرَّجُلِ، وَأَنْ يَكُونَ فِي الْيَمِينِ وَأَنْ يُجْعَلَ فَصُّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) يُسْتَثْنَى الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ فَلَا يَجُوزُ تَحْلِيَةُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا خِلَافٌ، لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلْقِتَالِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015