بَيْنَهُمَا بِالنَّارِ قَالَ فِي الْبَسِيطِ: وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِسَبْكِ قَدْرِ يَسِيرٍ إذَا تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ
(وَيُزَكِّي الْمُحْرِمُ مِنْ حُلِيٍّ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ جَمْعُ حُلِيٍّ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ (وَغَيْرِهِ) بِالْجَرِّ (لَا الْمُبَاحِ فِي الْأَظْهَرِ) الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ فِي النَّقْدِ لِجَوْهَرِهِ أَوْ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ، فَتَجِبُ فِي الْمُبَاحِ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (فَمِنْ الْمُحَرَّمِ الْإِنَاءُ) مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ لِعَيْنِهِ (وَالسِّوَارُ وَالْخَلْخَالُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ (لِلُبْسِ الرَّجُلِ) بِأَنْ يَقْصِدَهُ بِاتِّخَاذِهِمَا فَهُمَا مُحَرَّمَانِ بِالْقَصْدِ (فَلَوْ اتَّخَذَ سِوَارًا) مَثَلًا (بِلَا قَصْدٍ أَوْ بِقَصْدِ إجَارَتِهِ لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ فَلَا زَكَاةَ) فِيهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ الْمُحَرَّمِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ فِي الْأُولَى إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ لُبْسُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ إلَى أَنَّهُ مُعَدٌّ لِلنَّمَاءِ، وَلَوْ اتَّخَذَهُ لِيُعِيرَهُ فَلَا زَكَاةَ جَزْمًا وَلَوْ قَصَدَ كَنْزَهُ فَفِيهِ الزَّكَاةُ جَزْمًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَحَكَى الْإِمَامُ فِيهِ خِلَافًا. (وَكَذَا لَوْ انْكَسَرَ الْحُلِيُّ) لِمَنْ لَهُ لُبْسُهُ بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ الِاسْتِعْمَالُ (وَقَصَدَ إصْلَاحَهُ) لَا زَكَاةَ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ لِدَوَامِ صُورَتِهِ وَقَصْدِ إصْلَاحِهِ. وَالثَّانِي فِي الزَّكَاةِ لِتَعَذُّرِ اسْتِعْمَالِهِ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْإِصْلَاحَ بِأَنْ احْتَاجَ فِي اسْتِعْمَالِهِ إلَى سَبْكٍ وَصَوْغٍ فَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَأَوَّلُ الْحَوْلِ وَقْتُ الِانْكِسَارِ. وَكَذَا لَوْ قَبْلَ الْإِصْلَاحِ وَقَصَدَ كَنْزَهُ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَوَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ أَرْجَحُهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (بِالنَّارِ) وَيَجُوزُ بِالْمَاءِ كَأَنْ يَضَعَ فِيهِ أَلْفًا ذَهَبًا وَيَعْلَمُ ارْتِفَاعَهُ ثُمَّ فِضَّةً، وَيُعْلَمُ كَذَلِكَ ثُمَّ يَضَعُ الْمَخْلُوطَ فَالْأَقْرَبُ إلَى إحْدَى الْعَلَامَتَيْنِ هُوَ الْأَكْثَرُ، وَهَذَا الطَّرِيقُ مُمْكِنٌ فِيمَا إذَا جَهِلَ فِيهِ وُزِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَفِي الْمَعْلُومِ طَرِيقٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَضَعَ فِي الْمَاءِ سِتَّمِائَةٍ ذَهَبًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ فِضَّةً، وَيَعْلَمُ ارْتِفَاعَهُ ثُمَّ يَعْكِسُ ذَلِكَ وَيَعْلَمُهُ ثُمَّ يَضَعُ الْمَخْلُوطَ فَأَيُّ الْعَلَامَتَيْنِ وَصَلَ إلَيْهَا فَالْأَكْثَرُ مِنْهُ.
وَهَذَا أَضْبَطُ وَلَوْ تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ مَعَ الِاحْتِيَاطِ وَلَمْ يُؤَخَّرْ لِوُجُوبِ الْإِخْرَاجِ عَلَى الْفَوْرِ، وَيُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ لِوُجُودِ آلَةِ السَّبْكِ إذَا لَمْ تَتَعَذَّرْ، وَمُؤْنَةُ السَّبْكِ وَنَحْوِهِ عَلَى الْمَالِكِ.
قَوْلُهُ: (بِالْجَرِّ) فَضَمِيرُهُ رَاجِعٌ لِلْحُلِيِّ دَفَعَ بِذَلِكَ إرَادَةَ الْمَكْرُوهِ اللَّازِمِ عَلَيْهَا الْقَطْعُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ مَعَ أَنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ، الْأَصَحُّ مِنْهُمَا الْوُجُوبُ. كَذَا قَالُوا، وَيُمْكِنُ دَفْعُ ذَلِكَ بِأَنْ يَقْرَأُ بِالرَّفْعِ وَيَرْجِعُ الْخِلَافُ بِقَوْلِهِ فِي الْأَظْهَرِ إلَيْهِ كَالْمُبَاحِ وَكَوْنُهُ فِيهِ تَغْلِيبُ الْأَظْهَرِ عَلَى الْأَصَحِّ أَقَلَّ إيهَامًا مِنْ دُخُولِ الْمَكْرُوهِ فِي الْمُبَاحِ لِمُقَابَلَتِهِ بِالْحَرَامِ أَوْ مِنْ سُكُوتِ الْمُصَنِّفِ عَنْ ذِكْرِهِ فَتَأَمَّلْ. وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ تَبِعَ الشَّارِحَ فَقَالَ: وَذِكْرُ الْمَكْرُوهِ مِنْ زِيَادَتِي. قَوْلُهُ: (لَا الْمُبَاحِ) أَيْ إنْ عَلِمَهُ، فَلَوْ وَرِثَ حُلِيًّا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى مَضَى حَوْلٌ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (الْإِنَاءُ) نَعَمْ لَوْ اشْتَرَاهُ لِيَجْعَلَهُ حُلِيًّا مُبَاحًا ثُمَّ احْتَاجَ إلَى اسْتِعْمَالِهِ فَحَبَسَهُ سَنَةً لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمِنْ الْمُحَرَّمِ التَّصَاوِيرُ الَّتِي تَتَّخِذُهَا الْمَرْأَةُ، وَالْمُزَرْكَشُ فِي غَيْرِ لُبْسِهَا. قَوْلُهُ: (وَالسِّوَارُ إلَخْ) وَالْمُعْتَبَرُ فِي زَكَاةِ كُلِّ مُحَرَّمٍ لِعَيْنِهِ كَالْإِنَاءِ عَيْنُهُ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ فَيُخْرِجُ رُبْعَ عُشْرِهِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ نَوْعِهِ أَوْ مِنْهُ بِكَسْرِهِ أَوْ مُشَاعًا وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمُحَرَّمِ بِالْقَصْدِ كَمَا فِي زَكَاةِ الْحُلِيِّ لِنَحْوِ لُبْسٍ أَوْ كَنْزٍ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَعَيْنِهِ. كَذَا فِي الْعُبَابِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا. وَلَا يُكْسَرُ هُنَا لِأَنَّهُ ضَرَرٌ وَفِي تَسْلِيمِهِ لِلسَّاعِي أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ اتَّخَذَ) أَيْ الرَّجُلُ وَلَوْ حُكْمًا. قَوْلُهُ: (أَوْ بِقَصْدِ إجَارَتِهِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ قَصْدِ لُبْسِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَإِنْ قَصَدَ بِالْإِجَارَةِ التِّجَارَةَ إذْ لَا حُرْمَةَ حِينَئِذٍ فَعُلِمَ أَنَّ الْقَصْدَ يَتَغَيَّرُ مِنْ الْحُرْمَةِ لِلْإِبَاحَةِ وَعَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (لِمَنْ لَهُ لُبْسُهُ) لَوْ قَالَ لِلَّذِي لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ كَنْزَهُ) أَيْ بَعْدَ عِلْمِهِ بِانْكِسَارِهِ، فَلَوْ مَضَى حَوْلٌ بَعْدَ كَسْرِهِ وَقَبْلَ عِلْمِهِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، وَفَارَقَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالطَّبَرِيُّ، وَهُوَ نِصْفُهَا فَجُمِعَا وَقُسِمَا دِرْهَمَيْنِ. قِيلَ: فَعَلَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعَصْرِ عَلَيْهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ، وَهُوَ مُشْكِلٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الدَّرَاهِمَ وَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ، فَكَيْفَ تَنْصَرِفُ إلَى غَيْرِ الْمُتَعَامَلِ بِهِ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَمِنْ الْمُحَرَّمِ) مِنْهُ أَيْضًا التَّصَاوِيرُ الَّتِي تَتَّخِذُهَا الْمَرْأَةُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ اتَّخَذَ) إنْ جَعَلَ فَاعِلَ اتَّخَذَ ضَمِيرَ الرَّجُلِ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا زَكَاةَ عَلَيْهَا قَطْعًا، لِأَنَّ الْقَرِينَةَ تَصْرِفُهُ إلَى الِاسْتِعْمَالِ الْجَائِزِ وَإِنْ جَعَلَ فَاعِلَهُ الشَّخْصَ، أَفَادَ ثُبُوتَ الْخِلَافِ فِيهَا كَالرَّجُلِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ اهـ. أَقُولُ: بَلْ الْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ، لَا جَرَمَ صَرَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالرَّجُلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا زَكَاةَ فِي الْأَصَحِّ) عَلَّلَ ذَلِكَ فِي الْأُولَى بِأَنَّ الزَّكَاةَ، إنَّمَا تَجِبُ فِي الْمَالِ النَّامِي، وَالنَّقْدُ غَيْرُ نَامٍ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا الْتَحَقَ بِالنَّامِيَاتِ لِكَوْنِهِ مُهَيَّأً لِلْإِخْرَاجِ فِيمَا يَعُودُ نَفْعُهُ، وَبِالصِّيَاغَةِ بَطَلَ هَذَا التَّهَيُّؤُ. قَوْلُهُ: (وَأَوَّلُ الْحَوْلِ وَقْتُ الِانْكِسَارِ) هُوَ كَذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدُ. قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: (وَحَرُمَ عَلَى ذُكُورِهَا) وَقِيسَ عَلَيْهِ