(فَيُصَلِّي بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ رَكْعَةً) لِإِتْمَامِهَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» . وَقَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ إلَيْهَا أُخْرَى» . رَوَاهُمَا الْحَاكِمُ وَقَالَ: فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَوْلُهُ: فَلْيُصَلِّ هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ. وَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ أَنَّ مَنْ لَحِقَ الْإِمَامَ الْمُحْدِثَ رَاكِعًا تُحْسَبُ رَكْعَتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ فَاسْتُغْنِيَ بِهِ عَنْ التَّقْيِيدِ هُنَا بِغَيْرِ الْمُحْدِثِ

(وَإِنْ أَدْرَكَهُ) أَيْ الْإِمَامَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ (فَاتَتْهُ) الْجُمُعَةُ لِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ (فَيُتِمُّ بَعْدَ سَلَامِهِ) أَيْ الْإِمَامَ (ظُهْرًا أَرْبَعًا) وَفِيهِ حَدِيثُ: «مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلْيُضِفْ إلَيْهَا أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ الرُّكُوعَ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَلْيُصَلِّ الظُّهْرَ أَرْبَعًا» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْوِي فِي اقْتِدَائِهِ الْجُمُعَةَ) مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ وَالثَّانِي الظُّهْرَ لِأَنَّهَا الَّتِي يَفْعَلُهَا.

(تَتِمَّةٌ) مَنْ صَلَّى الرَّكْعَةَ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ فَارَقَهُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ. وَقُلْنَا بِالرَّاجِحِ أَنَّهُ لَا تَضُرُّ الْمُفَارَقَةُ أَتَمَّهَا جُمُعَةً كَمَا لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي الثَّانِيَةِ

(وَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا) مِنْ الصَّلَوَاتِ (بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَرُعَافٍ (جَازَ) لَهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُصَنِّفِ: أَنَّ الْجُمُعَةَ تَحْصُلُ لَهُ بِتَرْكِ الْفَاتِحَةِ الْمَعْلُومِ انْتِفَاؤُهُ مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (لِإِتْمَامِهَا) وَيَجْهَرُ فِيهَا وَلَوْ اقْتَدَى بِهَذَا الْمَسْبُوقِ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ أَرْبَعُونَ نَاوِينَ الْجُمُعَةَ حَصَلَتْ لَهُمْ الْجُمُعَةُ. كَذَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَأَفْتَى بِانْقِلَابِ صَلَاتِهِمْ ظُهْرًا وَيُتِمُّونَهَا أَرْبَعًا إنْ كَانُوا جَاهِلِينَ وَإِلَّا لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُمْ مِنْ أَصْلِهِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ بَلْ وَأَوْجُهُ مِنْهُ عَدَمُ انْعِقَادِ إحْرَامِهِمْ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ تُحْسَبْ رَكْعَتُهُ) أَيْ إلَّا إنْ كَانَ أَدْرَكَ مَعَهُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فَتُحْسَبُ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَمَّلْ عَنْهُ شَيْئًا وَمِثْلُهُ الْمُتَبَاطِئُ بِأَنْ حَضَرَ إحْرَامَ الْإِمَامِ أَوْ أَوَّلَ قِيَامِ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يُحْرِمْ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ إنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ، وَأَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ وَالْجُمُعَةَ وَإِلَّا فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَحْدَهُ إنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (أَرْبَعًا) تَأْكِيدٌ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْجُمُعَةَ تُسَمَّى ظُهْرًا مَقْصُورَةً، وَلَوْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ جُمُعَةً صَحِيحَةً وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُهَا، وَتَنْقَلِبُ ظُهْرُهُ الْمَذْكُورَةُ نَفْلًا مُطْلَقًا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ) أَيْ بِحَسَبِ مَا هُوَ شَأْنُهُ الْأَصْلِيُّ فَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِالظُّهْرِ بِنَحْوِ سَفَرٍ وَنِيَّةُ الْجُمُعَةِ جَائِزٌ لِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَوَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ. كَذَا قَالُوهُ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَنْ عَلِمَ ضِيقَ الْوَقْتِ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَالْوَجْهُ فِي هَذِهِ وُجُوبُ نِيَّةِ الظُّهْرِ، وَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ الْجُمُعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّ الْيَأْسَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالسَّلَامِ إذْ قَدْ يَتَذَكَّرُ الْإِمَامُ تَرْكَ رُكْنٍ فَيَأْتِيَ بِرَكْعَةِ فَيُدْرِكَ ذَلِكَ الْمَسْبُوقُ الْجُمُعَةَ أَيْ إذَا صَلَّاهَا الْمَسْبُوقُ مَعَهُ وَالْقَوْمُ يَنْتَظِرُونَهُ كَمَا تَقَدَّمَ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، إذْ لَا تُدْرَكُ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ فَتَأَمَّلْ وَقَدْ أَشَارُوا بِهَذَا التَّعْلِيلِ بَعْدَ الْأَوَّلِ إلَى وُجُوبِ نِيَّةِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمَسْبُوقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ نَاوِيًا لَهَا كَمَا مَرَّ.

وَقَدْ عَلِمْت جَوَابَهُ وَأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَيَخْرُجُ عَنْ التَّعْلِيلَيْنِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مَا لَوْ كَانَ الْمَسْبُوقُ وَالْإِمَامُ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ وَقَدْ نَوَى الْإِمَامُ الظُّهْرَ فَلَا يَلْزَمُ الْمَسْبُوقَ نِيَّةُ الْجُمُعَةِ فِي هَذِهِ بِالْأَوْلَى مِمَّا مَرَّ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ إذَا قَامَ الْإِمَامُ الَّذِي نَوَى الظُّهْرَ لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ فَلِلْمَسْبُوقِ الْعَالِمِ بِحَالِهِ أَنْ يَقُومَ مَعَهُ وَيُدْرِكُ الْجُمُعَةَ إنْ أَتَمَّ رَكْعَةً قَبْلَ سَلَامِ الْقَوْمِ، وَتَوَقَّفَ الْيَأْسُ هُنَا عَلَى سَلَامِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِحْرَامُ بِغَيْرِهَا مَعَ إمْكَانِ إدْرَاكِهَا كَمَا مَرَّ. فَلَا تُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ حُصُولِ الْيَأْسِ بِرَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ فِيمَنْ لَا تَلْزَمُهُ مِنْ الْمَعْذُورِينَ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ بِانْتِظَارِهِ إلَى فَرَاغِهَا. قَوْلُهُ: (تَتِمَّةٌ) هِيَ مَفْهُومُ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ مَعَهُ لِمُنَاسَبَةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (كَرُعَافٍ) وَنَجَاسَةٍ وَقَعَتْ عَلَيْهِ وَتَعَذَّرَ دَفْعُهَا حَالًا. وَكَذَا الْإِغْمَاءُ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَدَثِ بِخِلَافِهِ فِي الْخُطْبَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (جَازَ لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَلَا عَلَى الْقَوْمِ فَيُنْدَبُ لَهُمْ إلَّا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّشَهُّدِ فَيُحْتَمَلُ عَدَمُ صِحَّةِ جُمُعَةِ الْمَسْبُوقِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ التَّبَعِيَّةِ لِجُمُعَةِ الْإِمَامِ وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْحَاشِيَةِ الْمَسْطُورَةِ بِذَيْلِ الصَّفْحَةِ أَيْ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ وَهِيَ فِي الصَّفْحَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَوَّلُ كَلَامِ الْمُحَشِّي زَادَ السُّبْكِيُّ فِي قِطْعَتِهِ إنَّ السُّبْكِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَاوَلَ ذَلِكَ حَتَّى فِي حَقِّ مَنْ أَدْرَكَ أَوَّلَ الثَّانِيَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ مُشْكِلٌ فَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: إنَّ مَنْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ اسْتَخْلَفَهُ فَاقْتَدَى بِهِ شَخْصٌ فِيهَا أَتَمَّ الْخَلِيفَةُ الظُّهْرَ وَالْمُقْتَدِي بِهِ الْجُمُعَةَ وَظَاهِرُهُ كَمَا تَرَى أَنَّ الْمُقْتَدَى بِهِ يُتِمُّ الْجُمُعَةَ حَيْثُمَا أَدْرَكَ مَعَهُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، سَوَاءٌ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْخَلِيفَةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا. وَذَلِكَ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى حُصُولِ الْجُمُعَةِ لِلْمَأْمُومِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَلَا يَضُرُّهُ حَدَثُ الْإِمَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيُتِمُّ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى اسْتِئْنَافِ نِيَّةٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَازَ لَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015