الْكَبَائِرِ) أَيْ كُلٍّ مِنْهَا (وَ) اجْتِنَابُ (الْإِصْرَارِ عَلَى صَغِيرَةٍ) فَبِارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ إلَّا أَنْ تَغْلِبَ طَاعَاتُ الْمُصِرِّ عَلَى مَا أَصَرَّ عَلَيْهِ فَلَا تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ عَنْهُ وَمِنْ الْكَبَائِرِ: الْقَتْلُ وَالزِّنَا وَاللِّوَاطُ وَشُرْبُ الْخَمْرِ الْقَدْرِ الْمُسْكِرِ وَغَيْرِهِ، وَالسَّرِقَةُ وَالْقَذْفُ وَشَهَادَةُ الزُّورِ وَمِنْ الصَّغَائِرِ النَّظَرُ إلَى مَا لَا يَجُوزُ وَالْغِيبَةُ وَالسُّكُوتُ عَلَيْهَا وَالْكَذِبُ الَّذِي لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ وَالْإِشْرَافُ عَلَى بُيُوتِ النَّاسِ، وَهَجْرُ الْمُسْلِمِ فَوْقَ ثَلَاثٍ وَالْجُلُوسُ مَعَ الْفُسَّاقِ إينَاسًا لَهُمْ.

(وَيَحْرُمُ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ» أَيْ وَذَلِكَ حَرَامٌ وَالثَّانِي يُكْرَهُ كَالشِّطْرَنْجِ (وَيُكْرَهُ) اللَّعِبُ (بِشِطْرَنْجٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ الْمُعْجَمِ وَالْمُهْمَلِ وَفَتْحِهِ؛ لِأَنَّهُ صَرْفُ الْعُمْرِ إلَى مَا لَا يُجْدِي (فَإِنْ شُرِطَ فِيهِ مَالٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) أَيْ أَنَّ مَنْ غَلَبَ مِنْ اللَّاعِبَيْنِ كَانَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ كَذَا (فَقِمَارٌ) مُحَرَّمٌ فَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ، بِخِلَافِ مَا إذَا شُرِطَ مِنْ جَانِبِ أَحَدِ اللَّاعِبَيْنِ أَيْ إنْ غُلِبَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ بَذَلَهُ لِلْآخَرِ وَإِنْ غَلَبَ أَمْسَكَهُ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ فَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ لَكِنَّهُ عَقْدُ مُسَابَقَةٍ عَلَى غَيْرِ آلَةِ قِتَالٍ فَلَا يَصِحُّ

ـــــــــــــــــــــــــــــSيُنَافِي شَهَادَتَهُ وَظَنَّ صِدْقَهُ اعْتَمَدَهُ وَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ أَوْ حَاكِمًا بِرُجُوعِ الشَّاهِدِ فَكَذَلِكَ وَمَنْ شَهِدَ بِإِقْرَارٍ مَعَ عِلْمِهِ بِخِلَافِهِ بَاطِنًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ بِهِ،.

قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ الْعَدَالَةِ) أَيْ حَالَةَ الْأَدَاءِ مُطْلَقًا إلَّا فِي النِّكَاحِ فَحَالَةَ الْعَقْدِ أَيْضًا وَهِيَ مَلَكَةٌ رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ تَمْنَعُ صَاحِبَهَا مِنْ ارْتِكَابِ مَا يُبْطِلُهَا، وَتَتَحَقَّقُ أَيْ تَظْهَرُ تِلْكَ الْمَلَكَةُ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، قَوْلُهُ: (وَاجْتِنَابُ الْإِصْرَارِ عَلَى صَغِيرَةٍ) بِأَنْ يَعْزِمَ عَلَى التَّرْكِ فَتَرْكُ الْعَزْمِ عَلَيْهِ إصْرَارٌ وَالْعَزْمُ عَلَى الْكَبِيرَةِ صَغِيرَةٌ، نَعَمْ إنْ غَلَبَتْ طَاعَاتُ الْمُصِرِّ عَلَى مَعَاصِيهِ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ، وَمَعْنَى غَلَبَتِهَا مُقَابَلَةُ الْفَرْدِ بِالْفَرْدِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْمُضَاعَفَةِ.

قَالَهُ شَيْخُنَا، وَفِيهِ بَحْثٌ يَقُولُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَرُوِيَ مَرْفُوعًا أَيْضًا «وَيْلٌ لِمَنْ غَلَبَتْ وَحَدَاتُهُ عَلَى عَشَرَاتِهِ» فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. قَوْلُهُ: (مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ) رَاجِعٌ لِلْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْكَبَائِرِ) أَشَارَ إلَى عَدَمِ حَصْرِهَا فِيمَا ذَكَرَهُ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي عَدَدِهَا وَفِي حَدِّهَا وَكُلٌّ مَنْظُورٌ فِيهِ فَقِيلَ فِي عَدَدِهَا سَبْعُونَ وَقِيلَ سَبْعُمِائَةٍ، وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ وَقِيلَ حَدُّهَا أَنَّهَا مَا تُوجِبُ الْحَدَّ وَقِيلَ مَا فِيهَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَمِنْهَا تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى وَقْتِهَا وَتَأْخِيرُهَا عَنْهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ هَذِهِ مِنْ الصَّغَائِرِ وَمِنْهَا تَرْكُ تَعَلُّمِ فَرْضٍ عَيْنِيٍّ فِي بَيْعٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ صَلَاةٍ وَإِنْ صَحَّتْ بِاعْتِقَادِهِ بِأَنْ لَا يَعْتَقِدَ بِفَرْضٍ نَفْلًا أَوْ وُضُوءٍ كَذَلِكَ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ حَيْثُ قَصَّرَ فِيهِ، قَوْلُهُ: (الْقَتْلُ) أَيْ الْعَمْدُ وَلَوْ لِكَافِرٍ أَوْ لِنَفْسِهِ وَلَوْ مُهْدَرًا كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ. قَوْلُهُ: (وَاللِّوَاطُ) ، وَكَذَا إتْيَانُ الْبَهَائِمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (الْقَدْرِ الْمُسْكِرِ وَغَيْرِهِ) أَوْ الْقَدْرِ الْمُسْكِرِ مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ، قَوْلُهُ: (وَالسَّرِقَةُ) أَيْ لِمَا يُقْطَعُ بِهِ وَدُونَهُ صَغِيرَةٌ وَمِثْلُهَا الْغَصْبُ.

وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ كَبِيرَةٌ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (وَالْقَذْفُ) وَلَوْ لِغَيْرِ مُحْصَنٍ خِلَافًا لِلْحَلِيمِيِّ نَعَمْ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَذْفُ الْمُحْصَنِ فِي خَلْوَةٍ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ إلَّا اللَّهُ، وَالْحَفَظَةُ لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْحَدِّ لِانْتِفَاءِ الْمَفْسَدَةِ اهـ.

وَحِينَئِذٍ فَهِيَ مِنْ الصَّغَائِرِ وَعَلَيْهِ فَيَكْفِي فِيهِ الِاسْتِغْفَارُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَبْلُغْ صَاحِبَهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَشَهَادَةُ الزُّورِ) وَلَوْ بِإِثْبَاتِ فَلَسٍ أَوْ نَفْيِهِ إنْ كَانَتْ عِنْدَ حَاكِمٍ وَإِلَّا فَفِي كَوْنِهَا كَبِيرَةً تَرَدُّدٌ وَالتَّزْوِيرُ كَذَلِكَ وَهُوَ مُحَاكَاةُ الْخَطِّ، وَالنَّمِيمَةُ كَبِيرَةٌ مُطْلَقًا وَهِيَ نَقْلُ الْكَلَامِ بَيْنَ النَّاسِ وَلَوْ كُفَّارًا لِلْإِفْسَادِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لِلْإِفْسَادِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْإِفْسَادَ وَالْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ كَبِيرَةٌ إنْ كَانَ فِيهَا اقْتِطَاعُ مَالٍ، وَإِنْ قَلَّ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَصَغِيرَةٌ وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَضَرْبُ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنِسْيَانُ الْقُرْآنِ، قَوْلُهُ: (وَالْغِيبَةُ) بِكَسْرِ أَوَّلِهَا وَهِيَ ذِكْرُ الشَّخْصِ الْمُسْلِمِ بِمَا يَكْرَهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ وَهِيَ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ الْعَامِلِينَ بِهِمَا وَإِلَّا فَصَغِيرَةٌ قَوْلُهُ: (وَالْإِشْرَافُ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نَظَرٌ قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا مِنْ الصَّغَائِرِ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (وَهَجْرُ الْمُسْلِمِ) أَيْ بِلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَإِلَّا فَيَجُوزُ وَلَوْ فِي جَمِيعِ الدَّهْرِ، قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ) أَيْ وَمِنْ الصَّغَائِرِ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ مِمَّا يَأْتِي وَالنَّرْدُ هُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِالطَّوْلَةِ أَوْ الطَّاوِلَةِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ الْمُهْمَلِ فِيهِمَا، وَأُلْحِقَ بِهَا كُلُّ مَا يَعْتَمِدُ الْخَارِجَ كَلَعِبِ الطَّابِ الْمَعْرُوفِ وَتَحْرُمُ الْمِنْقَلَةُ الَّتِي مَعَهُ.

قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَسَيَأْتِي عَنْهُ خِلَافُ هَذَا فَلَعَلَّ هَذَا مَرْجُوحٌ عَنْهُ عِنْدَهُ، قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ اللَّعِبُ بِشِطْرَنْجٍ) إنْ كَانَ مَعَ مَنْ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ وَإِلَّا حَرُمَ لِإِعَانَتِهِ عَلَى مُحَرَّمٍ لَا يُمْكِنُ الِانْفِرَادُ بِهِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ حُرْمَةِ الْكَلَامِ مَعَ الْمَالِكِيِّ فِي وَقْتِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، قَوْلُهُ: (وَفَتْحِهِ) أَيْ أَوَّلِهِ الْمُعْجَمِ وَالْمُهْمَلِ.

قَوْلُهُ: (لَا يُجْدِي) أَيْ لَا يَنْفَعُ، قَوْلُهُ: (فَقِمَارٍ مُحَرَّمٍ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالْمُحَرَّمُ الْعَقْدُ وَأَخْذُ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ غَصْبٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، وَأَمَّا اللَّعِبُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى كَرَاهَتِهِ، إنَّمَا عَزَّرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ الْمُعْتَقِدُ لِلْحُرْمَةِ عَمَلًا بِاعْتِقَادِهِ لَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْهُ حُرْمَةُ الْمِنْقَلَةِ مَعَ الطَّابِ، وَهُوَ يُخَالِفُ هَذَا فَرَاجِعْهُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاسْتِقَامَةُ

[شَرْطُ الْعَدَالَةِ الْمُحَقَّقُ لَهَا]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَشَرْطُ الْعَدَالَةِ) أَيْ فَهِيَ الْمَلَكَةُ وَهَذِهِ شُرُوطُ تَحَقُّقِهَا، قَوْلُهُ: (فَلَا تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ عَنْهُ) ، قَالَ بَعْضُهُمْ بِشَرْطِ أَنْ يُؤْمَنَ اتِّبَاعُهُ لِهَوَاهُ عِنْدَ الْغَضَبِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحْرُمُ اللَّعِبُ إلَخْ) . وَهُوَ صَغِيرَةٌ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُكْرَهُ إلَخْ) ذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ إلَى التَّحْرِيمِ قَوْلُهُ: (فَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ) ظَاهِرُهُ. وَلَوْ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ فَتَكُونُ كَبِيرَةً وَصَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015