فَصْلٌ (حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ التَّمْرَةَ فَاخْتَلَطَتْ) بِتَمْرٍ (فَأَكَلَهُ إلَّا تَمْرَةً لَمْ يَحْنَثْ) لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الْمَتْرُوكَةُ هِيَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا. (أَوْ لَيَأْكُلَنَّهَا فَاخْتَلَطَتْ) بِتَمْرٍ (لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِالْجَمِيعِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْمَتْرُوكَةُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا. (أَوْ لَيَأْكُلَنَّ هَذِهِ الرِّمَايَةَ فَإِنَّمَا يَبَرُّ بِجَمِيعِ حَبِّهَا) وَلَوْ قَالَ لَا آكُلُهَا فَتَرَك حَبَّةً لَمْ يَحْنَثْ (أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ بِأَحَدِهِمَا) لِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَيْهِمَا (فَإِنْ لَبِسَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا حَنِثَ أَوْ لَا أَلْبَسُ هَذَا وَلَا هَذَا حَنِثَ بِأَحَدِهِمَا) لِأَنَّهُمَا يَمِينَانِ (أَوْ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَمَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ الْغَدِ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ زَمَنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ (وَإِنْ مَاتَ أَوْ تَلِفَ الطَّعَامُ فِي الْغَدِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ حَنِثَ) لِأَنَّهُ تَمَكَّنَ مِنْ الْبِرِّ (وَقَبْلَهُ) أَيْ التَّمَكُّنِ (قَوْلَانِ كَمُكْرَهٍ) لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَالْأَظْهَرُ فِيهِ عَدَمُ الْحِنْثِ. (وَإِنْ أَتْلَفَهُ بِأَكْلٍ وَغَيْرِهِ قَبْلَ الْغَدِ حَنِثَ) ، لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَهَلْ الْحِنْثُ فِي الْحَالِ لِحُصُولِ الْيَأْسِ عَنْ الْبِرَّ أَوْ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ فِيهِ قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ وَعَلَى أَوَّلِهِمَا لَوْ كَانَتْ كَفَّارَتُهُ بِالصَّوْمِ، جَازَ أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ الْغَدِ عَنْهَا وَعَلَى ثَانِيهِمَا حِنْثُهُ بِمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ الْأَكْلِ مِنْ الْغَدِ أَوْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ الْأَوَّلُ. (وَإِنْ تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) قَبْلَ الْغَدِ (فَكَمُكْرَهٍ) لِمَا تَقَدَّمَ وَالْأَظْهَرُ فِيهِ عَدَمُ الْحِنْثِ. .
(أَوْ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ فَلْيَقْضِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ آخِرَ الشَّهْرَ) ، فَوَقْتُ الْغُرُوبِ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلَةِ الْأُولَى مِنْ الشَّهْرِ. (وَإِنْ قَدَّمَ) الْقَضَاءُ عَلَى الْغُرُوبِ (أَوْ مَضَى بَعْدَ الْغُرُوبِ قَدْرَ إمْكَانِهِ) أَيْ الْقَضَاءِ (حَنِثَ) فَيَنْبَغِي
ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ التَّمْرَةَ فَاخْتَلَطَتْ بِتَمْرٍ فَأَكَلَهُ إلَّا تَمْرَةً]
فَصْلٌ فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ قَوْلُهُ: (التَّمْرَةُ) بِالْمُثَنَّاةِ أَوْ بِالْمُثَلَّثَةِ وَاخْتَلَطَتْ بِجِنْسِهَا وَلَمْ تَتَمَيَّزْ وَأَمْكَنَ اشْتِبَاهُهَا. قَوْلُهُ: (إلَّا تَمْرَةً) أَوْ بَعْضَهَا غَيْرَ مَا يَدِقُّ مَدْرَكُهُ كَمَا يَأْتِي فَإِنْ أَكَلَهُ كُلَّهُ حَنِثَ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ آخِرِ وَاحِدَةٍ فَتَعْتَدُّ فِي الطَّلَاقِ مِنْ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَمِيعِ مَا أَمْكَنَ اخْتِلَاطُهَا بِهِ، فَلَوْ اخْتَلَطَتْ بِجَانِبٍ مِنْ صَبْرِهِ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهِ وَمِثْلُ التَّمْرِ كُلُّ مَا تَمَيَّزَتْ أَفْرَادُهُ، كَرَغِيفٍ وَلَوْ حَلَفَهُ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ أَوْ لَيَأْكُلَنَّ مِنْهُ كَفَاهُ الْبَعْضُ حِنْثًا وَبِرًّا، وَالْمَائِعُ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا، فَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُهُ أَوْ لَيَشْرَبَنَّهُ فَاخْتَلَطَ بِمَائِعِ آخَرَ، وَامْتَزَجَ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْأَوَّلِ وَلَمْ يَبَرَّ فِي الثَّانِي إلَّا بِشُرْبِ الْجَمِيعِ، أَوْ لَيَشْرَبَنَّ مِنْهُ أَوْ لَا يَشْرَبُ مِنْهُ كَفَاهُ شُرْبُ بَعْضِهِ فِيهِمَا بِرًّا وَحِنْثًا. قَوْلُهُ: (فَتَرْكُ حَبَّةٍ) وَبَعْضِ الْحَبَّةِ مِثْلُهَا بِرًّا وَحِنْثًا إلَّا مَا دَقَّ مَدْرَكُهُ كَمَا مَرَّ وَلَا عِبْرَةَ بِشَحْمِهَا وَقِشْرِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَيْنِ) أَوْ هَذَا وَهَذَا قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا يَمِينَانِ) لَا عَادَةَ حَرْفِ النَّفْيِ فَإِنْ لَبِسَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ، وَلَوْ قَالَ لَأَلْبِسَنَّ هَذَيْنِ أَوْ هَذَا وَهَذَا لَمْ يَبَرَّ بِأَحَدِهِمَا أَوْ لَيَلْبَسَنَّ هَذَا فَهَذَا أَوْ هَذَا ثُمَّ هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّرْتِيبِ وَهَلْ يُعْتَبَرُ الْفَوْرُ فِي الْأُولَى وَالْمُهْلَةُ فِي الثَّانِيَةِ وَيَظْهَرُ عَدَمُ اعْتِبَارِهِمَا رَاجِعْهُ:
تَنْبِيهٌ: لَوْ كَرَّرَ الْيَمِينَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ فَسَيَأْتِي فِيهِ مَا فِي الْإِيلَاءِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ وَتَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ تَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (فَمَاتَ) أَيْ لَا بِقَتْلِهِ نَفْسَهُ وَإِلَّا حَنِثَ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (وَإِنْ مَاتَ) أَوْ نَسِيَ حَتَّى تَلِفَ الطَّعَامُ وَسَوَاءٌ تَلِفَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ تَمَكُّنِهِ) بِزَمَنٍ يَسَعُ الْأَكْلَ وَلَا ضَرُورَةَ، فَإِنْ كَانَتْ ضَرُورَةً كَأَنْ لَمْ يَجِدْ مَسَاغًا لِلْأَكْلِ وَلَوْ بِأَكْلِ طَعَامٍ سَابِقٍ عَلَى الْحَلِفِ، لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ حَلَفَ لَيُسَافِرَنَّ غَدًا أَوْ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا فَهُوَ كَالطَّعَامِ الْمَذْكُورِ، وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيُسَافِرَنَّ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَخَالَعَ قَبْلَ فَرَاغِهِ، فَإِنْ مَضَى الشَّهْرُ وَلَمْ يُسَافِرْ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْخُلْعِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ، لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مِنْ أَنَّ الْخُلْعَ لَا يَخْلُصُ فِي الْإِثْبَاتِ الْمُفِيدِ كَمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا، وَغَيْرِهِ كَالْخَطِيبِ وَابْنِ حَجَرٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ يَخْلُصُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَتْ بِتَقْصِيرِهِ حَنِثَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَتْلَفَهُ) أَيْ ذَاكِرًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ التَّمْرَةَ إلَخْ قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْنَثْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَكَلَ الْجَمِيعَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِآخِرِ ثَمَرَةٍ يَأْكُلُهَا، قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْنَثْ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَلْبَسَنَّهُمَا.
فَرْعٌ: قَوْلُهُ لَا أَلْبَسُ هَذَا وَهَذَا مِثْلُ هَذَيْنِ بِخِلَافِ لَأَلْبِسَنَّ هَذَا وَهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْإِثْبَاتَ مَبْنِيٌّ عَلَى النَّفْيِ. أَقُولُ لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ لِعَبْدَيْهِ أَعْتَقْت هَذَا وَهَذَا وَهُمَا ثُلُثَا مَالِهِ عَتَقَ الْأَوَّلُ وَلَا يَقْرَعُ وَهَذَا يُؤَيِّدُ الْفَرْعَ الْمَذْكُورَ، قَوْلُهُ: (حَنِثَ) أَيْ حِينَ التَّلَفِ قَوْلُهُ: (وَقَبْلَهُ) .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْغَدِ مَعَ أَنَّهُ لَا حِنْثَ قَطْعًا. أَقُولُ هَذَا عَجِيبٌ فَإِنَّ هَذِهِ قَدْ سَلَفَتْ فِي الْمَتْنِ. فَلَيْسَتْ مُرَادَةً قَطْعًا، قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْغَدِ حَنِثَ) أَيْ إذَا كَانَ وَقْتُ الْإِتْلَافِ ذَاكِرًا لِلْيَمِينِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ لَا حِنْثَ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنْ لَا يُؤَخِّرَهُ عَنْ الْغَدِ.
قَوْلُهُ: (آخَرَ الشَّهْرِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ الطَّعَامُ لِيَكِيلَهُ لَا يُغْتَفَرُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُ الشُّرُوعِ فِي إحْضَارِ الْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ لَا