حَلَفَ لَا يَأْكُلُهَا (رُطَبٌ وَعِنَبٌ وَرُمَّانٌ وَأُتْرُجٌّ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ (وَرُطَبٌ وَيَابِسٌ) كَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ (قُلْتُ) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَلَيْمُونٌ وَنَبْقٌ وَكَذَا بِطِّيخٌ) بِكَسْرِ الْبَاءِ فِيهِمَا (وَلُبٌّ فُسْتُقٌ) بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِهَا (وَبُنْدُقٌ وَغَيْرُهُمَا فِي الْأَصَحِّ) فَهُوَ مِنْ يَابِسِ الْفَاكِهَةِ وَالثَّانِي يَنْفِيهَا عَنْهُ وَعَنْ الْبِطِّيخِ (لَا قِثَّاءٌ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمَدِّ (وَخِيَارٌ وَبَاذِنْجَانٌ) ، بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (وَجَزَرٌ) فَلَيْسَتْ مِنْ الْفَاكِهَةِ (وَلَا يَدْخُلُ فِي الثِّمَارِ) بِالْمُثَلَّثَةِ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ (يَابِسٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، وَهِيَ جَمْعُ ثَمَرٍ (وَلَوْ أُطْلِقَ بِطِّيخٌ وَتَمْرٌ وَجَوْزٌ لَمْ يَدْخُلْ هِنْدِيٌّ) ، مِنْ الثَّلَاثَةِ فِيهَا فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُهَا وَالْهِنْدِيُّ مِنْ الْبِطِّيخِ الْأَخْضَرِ. .
(وَالطَّعَامُ) إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ (يَتَنَاوَلُ قُوتًا وَفَاكِهَةً وَأُدُمًا وَحَلْوَاءَ) ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الرِّبَا الدَّوَاءُ وَفِيهِ هُنَا وَجْهَانِ (وَلَوْ قَالَ) فِي حَلِفِهِ (لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الْبَقَرَةِ تَنَاوَلَ لَحْمَهَا) ، فَيَحْنَثُ بِهِ (دُونَ وَلَدٍ) لَهَا (وَلَبَنٍ) مِنْهَا فَلَا يَحْنَثُ بِهِمَا (أَوْ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَثَمَرٌ) يَحْنَثُ بِهِ (دُونَ وَرِقٍ وَطَرَفِ غُصْنٍ) مِنْهَا عَمَلًا فِي الْحِنْثِ بِالْمُتَعَارَفِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمِنْهُ سُكَّرٌ وَضَعَهُ فِي فَمِهِ وَذَابَ بِنَفْسِهِ وَبَلَعَهُ، فَإِنْ أَذَابَهُ حَنِثَ قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَعَلَّهُ إذَا كَسَّرَهُ بِأَسْنَانِهِ لَا إنْ أَدَارَهُ بِلِسَانِهِ حَتَّى ذَابَ كَمَا هُوَ الْوَجْهُ فَرَاجِعْهُ.
فَرْعٌ: لَوْ حَلَفَ لَا يُفْطِرُ حَنِثَ بِكُلِّ مُفْطِرٍ وَلَوْ جِمَاعًا لَا بِرِدَّةٍ وَحَيْضٍ وَجُنُونٍ وَدُخُولِ لَيْلٍ.
قَوْلُهُ: (فَاكِهَةٍ) وَهِيَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِكُلِّ حُلْوٍ لَذِيذِ الطَّعْمِ ذِي شَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَعِنَبٍ وَتِينٍ) وَمِنْهُ الْجُمَّيْزُ الْمَعْرُوفُ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ، وَيُقَالُ لَهُ التِّينُ الْأَحْمَقُ وَتَوَقَّفَ بَعْضُهُمْ فِي الْحِنْثِ بِهِ هُنَا وَفِي دُخُولِهِ فِي التِّينِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الْهَمْزَةِ إلَخْ) وَيُقَالُ أُتْرُنْجٌ وَتُرُنْجٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَرَطْبٌ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَمَحَلُّهُ إنْ بَلَغَ أَوَانَ لَذَاذَتِهِ وَتَمَوُّهِهِ لَا نَحْوُ حِصْرِمِ عِنَبٍ وَرُمَّانٍ. قَوْلُهُ: (وَيَابِسٌ) إنْ بَقِيَ فِيهِ لَذَاذَةٌ، لَا نَحْوُ حَشَفِ تَمْرٍ وَيَابِسِ بِطِّيخٍ وَمُمَلَّحِ لَيْمُونٍ وَحَشَفِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَيْمُونٌ) وَنَارِنْجٌ وَإِثْبَاتُ نُونِ لَيْمُونٍ صَحِيحٌ لُغَةً خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَهُ وَلَا يَحْنَثُ بِالزَّيْتُونِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ وَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا بِطِّيخٌ) وَقَصَبُ سُكَّرٍ وَمَوْزٍ قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْبَاءِ فِيهِمَا) أَيْ النَّبْقُ وَالْبِطِّيخُ وَيَجُوزُ سُكُونُهَا فِي الْأَوَّلِ وَفَتْحُهَا فِي الثَّانِي، وَيُقَالُ فِيهِ طِبِّيخٌ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِهَا وَتَأْخِيرُ الْبَاءِ عَنْهَا وَتَشْدِيدِهَا.
قَوْلُهُ: (وَبُنْدُقٌ) بِالْمُوَحَّدَةِ أَوَّلُهُ وَقَدْ تَبَدَّلَ بِالْفَاءِ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ) أَيْ اللُّبُّ فَعَطْفُهُ تَفْصِيلٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (لَا قِثَّاءٌ) وَمِنْهَا الْفَقُّوسُ الْمَعْرُوفُ. قَوْلُهُ: (وَخِيَارٌ وَبَاذِنْجَانٌ وَجَزَرٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا ثُمَّ زَايٍ ثُمَّ رَاءٍ فَلَيْسَتْ أَيْ الْأَرْبَعَةُ مِنْ الْفَاكِهَةِ وَهِيَ أَجْنَاسٌ فَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا بِغَيْرِهِ مِنْهَا.
قَوْلُهُ: (جَمْعُ ثَمَرٍ) بِفَتْحِ أَوَّلَيْهِ وَهُوَ جَمْعُ ثَمَرَةٍ وَجَمْعُ الثِّمَارِ ثُمُرٌ بِضَمِّ أَوَّلَيْهِ وَجَمْعُهُ أَثْمَارٌ. قَوْلُهُ: (وَالْهِنْدِيُّ مِنْ الْبِطِّيخِ الْأَخْضَرِ) وَهَذَا عُرْفٌ قَدِيمٌ قَدْ انْقَلَبَ الْآنَ فَيَحْنَثُ بِهِ دُونَ الْأَصْفَرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (قُوتًا) مِنْهُ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَاللَّحْمُ وَالْأَوَّلَانِ مِنْ الْفَاكِهَةِ أَيْضًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ وَالثَّلَاثَةُ مِنْ الْأُدُمِ عِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ وَنُوَزِّعُ فِي الثَّلَاثَةِ مِنْهَا فَرَاجِعْهُ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهَا إلَّا إنْ اعْتَادَ التَّقَوُّتَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَأُدُمًا) مِنْهُ الْفُجْلُ وَالشَّمَارُ وَالْبَصَلُ وَالْمِلْحُ وَالْخَلُّ وَالشَّيْرَجُ وَالتَّمْرُ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَنَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (وَحَلْوَاءُ) .
قَالَ الدَّمِيرِيِّ بِالْمَدِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ خِلَافُهُ وَهِيَ مَا يُرَكَّبُ بِصِنَاعَةٍ مِنْ الْحُلْوِ وَغَيْرِهِ بِالنَّارِ كَالنَّشَا مَعَ الْعَسَلِ، وَالْحُلْوُ بِخِلَافِهَا كَالسُّكَّرِ وَالْفَانِيدِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ، وَمِمَّا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ بِشُمُولِ الْفَاكِهَةِ لِلْأُدُمِ وَالْحَلْوَاءِ فِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ.
فَرْعٌ: لَا يَتَنَاوَلُ الْحُلْوَ مِنْهَا حَامِضًا مِنْ جِنْسِهِ كَالرُّمَّانِ وَالْعِنَبِ وَالْإِجَّاصِ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ) أَيْ فِي تَنَاوُلِ الطَّعَامِ هُنَا لِلدَّوَاءِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ هُنَا، وَفَارَقَ الرِّبَا بِوُجُودِ عِلَّةِ الطَّعْمِ فِيهِ: قَوْلُهُ: (لَحْمُهَا) وَكَذَا بَقِيَّةُ أَجْزَائِهَا. قَوْلُهُ: (دُونَ وَلَدٍ) وَكَذَا جَنِينٍ قَوْلُهُ: (وَلَبَنٍ) وَمَا يُتَّخَذُ مِنْهُ كَجُبْنٍ. قَوْلُهُ: (فَثَمَرٌ) وَمِنْهُ الطَّلْعُ وَمِثْلُهُ الْجُمَّارُ فَيَحْنَثُ بِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ، وَلَا يَحْنَثُ بِغَيْرِ مَأْكُولٍ مِنْهَا وَلَا بِصَمْغِهَا وَلَا بِأَكْلِ ثَمَرِ غُصْنِ زَرْعٍ فِيهَا، أَوْ ثَمَرٍ مِنْ غُصْنٍ زُرِعَ مِنْهَا وَأَثْمَرَ كَمَا مَرَّ فِي الْحِنْطَةِ وَالْبَيْضِ. قَوْلُهُ: (وَطَرَفِ غُصْنٍ) أَيْ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ إلَّا إنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَكْلِهِ فَيَحْنَثُ بِهِ.
فَرْعٌ: حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءَ النِّيلِ أَوْ الْبَحْرِ أَوْ الْغَدِيرِ أَوْ الْبِئْرِ وَلَوْ مَعَ الْإِشَارَةِ لَمْ يَحْنَثْ بِالشُّرْبِ مِنْهُ، أَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْهُ حَنِثَ بِشُرْبِهِ مِنْهُ بِيَدٍ أَوْ فَمٍ أَوْ كَرْعٍ أَوْ بِإِنَاءٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ أَرَادَ الْحَالِفُ شَيْئًا مُعَيَّنًا رَجَعَ إلَى مَا أَرَادَهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQرُطَبٌ وَعِنَبٌ وَرُمَّانٌ) خَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ مُتَمَسِّكًا بِالْعَطْفِ فِي قَوْله تَعَالَى {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68] ، وقَوْله تَعَالَى {حَبًّا - وَعِنَبًا} [عبس: 27 - 28] إلَى أَنْ قَالَ {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} [عبس: 31] وَرَدَ بِأَنَّ ذَلِكَ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى {وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ} [البقرة: 98] أَيْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ فَاكِهَةً فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ مَسُوقَةٌ فِي مَقَامِ امْتِنَانٍ فَتَعُمُّ.